IMLebanon

الأخبار: عودة «سيدر»… بشروط صندوق النقد

 

 

عادت قروض «سيدر» الى الحياة، بالتزامن مع انطلاق التفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي يتشارك والمؤتمر الشروط ذاتها، وتحديداً لجهة بيع مقدرات الدولة الى القطاع الخاص. على أن الفرنسيين فرضوا شرطاً جديداً يوم أمس، يتمثل في إقرار التشريعات المطلوبة – تحت عنوان «الإصلاح» – في مجلس النواب دفعة واحدة

 

قبيل شهر أو أكثر، كانت مقررات مؤتمر الدول المانحة «سيدر» في طيّ النسيان. فالشروط القاسية التي وضعتها هذه الدول مقابل مجموعة من القروض بقيمة 11 مليار دولار تتمحور غالبيتها حول خصخصة قطاعات الخدمات (كهرباء وماء ونقل) وفرض ضرائب إضافية على المواطنين ودعم بقاء النازحين السوريين، لم تكن قابلة للتطبيق لبنانياً. لكن قرار الحكومة الأخير بالاستعانة بصندوق النقد بدّل نظرة الدول المعنية بالمؤتمر، وأبرزها راعيته فرنسا، بشأن «الثقة» بلبنان، فأعيد إحياء «سيدر» على عجل. ويبدو أن باريس الساعية الى الإبقاء على نفوذ لها في لبنان، سارعت الى إبداء إيجابية «مفاجئة» في ما يخص القروض التي تم الاتفاق عليها منذ نحو عامين. المفتاح الى ذلك كله، هو بدء الحكومة اللبنانية أخيراً بالتفاوض مع صندوق النقد ضمن خطة مالية تراعي شروطه التي تتشابه الى حدّ بعيد وشروط «سيدر»، من ناحية بيع مقدرات الدولة الى القطاع الخاص.

 

التفاوض مع الصندوق شهد أمس الجولة الثانية، بمشاركة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي تشاور معه وزير المال قبل الجلسة، للاتفاق على «توحيد الموقف اللبناني». وبحسب ما تسرّب من جلسة التفاوض، فإن سلامة اكتفى بعرض ما يقوم به مصرف لبنان حالياً، وما قام به سابقاً، من دون تكرار الموقف الذي قاله موفدوه في جلسة التفاوض السابقة، لجهة التشكيك في الأرقام التي وردت في خطة «التعافي المالي» عن خسائر مصرف لبنان والقطاع المصرفي.

بالعودة إلى «سيدر»، البارز أمس تمثّل في حديث المبعوث الفرنسي المكلّف بمتابعة تنفيذ مقرّرات المؤتمر، السفير بيار دوكان، الذي أكد أن «سيدر لا يزال ملائماً والتمويل متوفّر لتُنفَّذ المشاريع وتَنجح الإصلاحات». غير أنه ربط هذا النجاح بشرط جديد يقوم على «ضرورة التنسيق مع مجلس النواب للموافقة على المشاريع، ولكن ليس كلّ واحد على حدة، بل يجب أن تكون موافقة جماعيّة»، أي إن على مجلس النواب اللبناني أن يقرّ كل التشريعات المطلوبة دفعة واحدة من دون قدرته على الاعتراض على أيّ منها أو إسقاطها. وهذه المشاريع عبارة عن شروط طرحتها كل دولة من الدول المُقرِضة، مقابل الديون التي ستقدّمها. كذلك ركّز دوكان خلال الاجتماع التنسيقي الأول لـ»سيدر» في السراي الحكومي على ثلاث نقاط أساسية: 1- المطالبة بدقة أكثر في الجداول الزمنية لتنفيذ الاصلاحات، وأولها في قطاع الكهرباء. 2- الشفافية والمباشرة بالعمل على صعيد مكافحة الفساد والإثراء غير المشروع. 3- ضرورة الاستثمار في لبنان وقيام الأطراف الدوليين بالمساعدة من خلال توفير التمويل وإظهار الشفافية المطلقة في الأداء. ولفت الى ضرورة «استكمال التدابير التي تضمن الشراكة بين القطاعَين العام والخاص. فلبنان بحاجة إلى استثمارات، ولا سيما في البنى التحتية، ما سيسمح بإنعاش مستدام للاقتصاد اللبناني، والاستثمارات بحاجة إلى طاقة كهربائية، ويجب أن تكون مؤمّنة بشكل متواصل». الكلام الأوضح حول ربط سيدر بصندوق النقد جاء على لسان السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه. فقد قال الأخير بما لا لبس فيه إن «الالتزامات لم تُنفَّذ بسبب عدم تنفيذ الإصلاحات»، لكن اليوم «الخطّة الماليّة والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي خطوتان أساسيّتان في الاتجاه الصحيح». وقال إن «الاجتماع هو فرصة لإقناع المشاركين قدر الإمكان، والأولويّة هي تقدُّم المفاوضات مع صندوق النقد في شكل سريع. فالأسابيع المقبلة ستكون مهمّة لمواصلة النقاشات في الخطّة والأمور الماليّة».

 

ربط السفير الفرنسي ما بين سيدر وتقدم المفاوضات مع صندوق النقد

 

 

من جهته، تحدث رئيس الحكومة حسان دياب عن «مكافحة الفساد ووضع خطة إنقاذ مالية ورؤية للتوصل إلى اقتصاد صحيح». وقال: «نحن نريد أن نطبّق ما جاء في سيدر وسنتمكن من ذلك». تخللت الاجتماع مداخلات لمجموعة من السفراء، تلاها تقديم وزير الطاقة والمياه ريمون غجر عرضاً تقنياً عن واقع قطاع الكهرباء والخطة المعدة لاحقاً، مورداً الخسائر الكبيرة التي تكبّدها البلد، والتي تكمن بشكل كبير في انخفاض التعرفة الموضوعة في عام ١٩٩٤. وشدد غجر على ضرورة إيصال نفط رخيص ونظيف وعلى رفع التعرفة بما يتناسب مع واقع الحال لسدّ العجز في الطاقة. وأكد ضرورة تعيين مجلس إدارة جديد لشركة الكهرباء بشكل شفاف لاختيار الأفضل بين المرشحين، ليقدّم بعدها شرحاً بشأن المواقع الثلاثة لمعامل توليد الطاقة في الزهراني ودير عمار ثم سلعاتا.

في سياق آخر، تطرق وزير الاقتصاد راوول نعمة، خلال مقابلة مع التلفزيون العربي، الى النقاشات الحاصلة بين الحكومة اللبنانية من جهة وصندوق النقد الدولي من جهة أخرى. فأكد أن «أرقام الحكومة عن الخسائر أدق من أرقام مصرف لبنان، وعندما التقيت بالحاكم أكد لي رغبته في التعاون مع مجلس الوزراء بالمفاوضات، والتدقيق في الأرقام سيظهر كل الحقائق». ولفت الى أن «تعويم الليرة اللبنانية غير وارد قبل الاتفاق مع الصندوق الدولي ومعرفة حجم التمويل الذي قد نحصل عليه، وعندها نبني على هذا الأمر». وبحسب نعمة، «سبب ارتفاع الأسعار يعود إلى ارتفاع سعر صرف الدولار من 1500 ليرة الى 4300 ليرة، إضافة الى ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية عالمياً بسبب التوقف عن التصدير بعد انتشار وباء كورونا، والسبب الثالث هو جشع واستغلال بعض التجار والصناعيين والزراعيين للأزمة». وأكد أن الحكومة ستبدأ، «قبل نهاية هذا الشهر بدعم سلة غذائية مع مصرف لبنان عبر تأمين الدولار لاستيراد السلع الأساسية».