IMLebanon

لبنان على ساعة “وحدة الساحات”

 

 

الواقع ناطق بلغة لا مجال فيها للغموض: اذا كانت إيران هي الأكثر تأثيراً في قرار «حماس»، فإن لبنان هو الأكثر تأثراً بما بعد عمليتها الهائلة التي زعزعت إسرائيل. وليس ولا حتى كان في لبنان سلطة لها مجرد دور إستشاري في قرار الحرب والسلم الذي يمسك به «حزب الله». فالوطن الصغير بالنسبة الى «محور المقاومة» الذي تقوده طهران هو أكثر من «غزة أخرى». ودفعه او عدم دفعه الى فتح جبهة مع جبهة غزة يتوقف على حدود اللعبة الجيوسياسية والإستراتيجية حالياً في حسابات صاحب القرار. والسؤال هو: هل هناك فرصة لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا بعملية كبيرة تستطيع «المقاومة الإسلامية» القيام بها؟ والجواب الذي يقدمه التبادل المحسوب للقصف هو، حتى إشعار آخر، إن الموضوع ليس على جدول الأعمال حالياً.

 

ذلك أن الإنطباع السائد هنا كما في عواصم المنطقة والعالم هو أن تغيير الأولويات والمعادلات الذي فرضته عملية «حماس» المهمة جداً يخدم من بين أهداف عدة هدفاً إستراتيجياً هو تعطيل عمليات التطبيع التي تعمل لها أميركا بين السعودية وإسرائيل ضمن سلسلة «إتفاقات أبراهام». والكل أعاد التذكير بالتشابه بين مفاجأة مصر وسوريا لإسرائيل يوم 6 تشرين الأول 1973 ومفاجأة «حماس» يوم 7 تشرين بعد خمسين عاماً. وفي الحالتين تلعب أميركا ما هو أكثر من مد إسرائيل بسلاح إضافي سريعاً. لكن المقارنة بين الحدثين تتوقف هنا. خلال حرب تشرين كان المناخ العربي رسمياً وشعبياً حماسياً في دعم مصر وسوريا بالمشاركة في القتال واستخدام سلاح النفط. وكانت إيران في مكان آخر. وما فعلته أميركا هو مساعدة مصر والأردن في إتفاقي سلام مع إسرائيل ومساعدة منظمة التحرير في «اتفاق أوسلو» وقادت سوريا وإسرائيل الى حافة السلام قبل التراجع. أما زلزال «حماس»، فإنه خطوة كبيرة على طريق طويل إسمه تحرير فلسطين من البحر الى النهر. خطوة ليس سببها أن الأفق السياسي مغلق امام التسوية. وما قاد اليها مستمر، ولو تمكنت أميركا ومعها المطالبات العربية والأوروبية من فتح الأفق السياسي على مفاوضات للتسوية. لا بل إن العمليات مرشحة لأن تصبح اكبر وأكثر كثافة لسد الطريق على أية تسوية توصف بأنها «تصفية للقضية الفلسطينية». أليس ما ساهم في تعثر أوسلو هو أفعال ثلاثة: تعنت إسرائيل، إنفصال غزة، وفساد السلطة الفلسطينية؟

 

لا معنى للتساؤل إن كانت طهران وراء القرار في عملية «طوفان الأقصى» أم مجرد داعم لما سماه الرئيس إبراهيم رئيسي «الدفاع المشروع للأمة الفلسطينية» مع دعوة «الحكومات المسلمة للإنضمام الى المجتمع المسلم لدعم الأمة الفلسطينية». السؤال هو: هل دقت او متى تدق ساعة «وحدة الساحات»؟ الجواب حتى الآن هو أن استراتيجية «وحدة الساحات» ليست من اجل غزة بمقدار ما هي من اجل ايران ومشروعها الإقليمي. ولا أحد يعرف إن كان الجواب سيتغير بعد اجتياح إسرائيل لغزة. لكن الكل يعرف أن تحرير فلسطين يصطدم، لا فقط بإسرائيل بل أيضاً بأميركا وأوروبا وحتى بروسيا والصين.

 

أميركا حاولت ألا تقرأ وعملت عكس قول البروفسورين جون ميرشيمر وستيفن والت في كتاب «اللوبي الإسرائيلي»: الدعم الأميركي لإسرائيل يؤذي أميركا والدعم الأعمى يؤذي إسرائيل».