IMLebanon

الشرق: دياب ينتظر فتح الأبواب ليبدأ جولته الخارجية  

 

 

في مفارقة لافتة، تتّجه حكومة الرئيس حسان دياب الى «تبنّي» الموازنة التي وضعتها وزارةٌ، أسقطها الشارع الذي انفجر «غضبا» ضد سياساتها المالية الفاشلة وتوجهاتها ورؤاها الاقتصادية الخاطئة، في 17 تشرين، في ثورة لم تهدأ منذ ذلك التاريخ!

 

واليوم  تفتح أوراق المشروع الذي وضعه الوزير السابق علي حسن خليل، على «مشرحة» المجلس النيابي لمناقشتها. ومشاركة الحكومة الوليدة – قبل نيلها الثقة النيابية- في جلسات درس المشروع (بغض النظر عن دستوريتها او لا)، تعني «نظريا» انها تُباركه وتحتضنه، وانها ستسير في الفترة المقبلة على النهج المالي-الاقتصادي العام عينه، الذي اوصل البلاد الى شفا الانهيار.. الا اذا فاجأ دياب في مستهل الجلسة، الجميع، وطالب باسترجاع وزارته الموازنة لاعادة درسها. فهل يفعلها؟

 

الامر مستبعد حتى اللحظة، الا انه لا يزال يخضع للدرس في دوائر السراي، وفق ما تقول مصادر مطّلعة ، علما ان دياب كان زار مساء الجمعة الماضي عين التينة، وفق ما تردد، حيث ناقش القضية مع رئيس مجلس النواب نبيه بري… واذا كان الثوار أكدوا منذ لحظة اعلان التركيبة الوزارية، رفضهم لها، خاصة وانها لا تلبي ايا من مطالبهم، كونها أتت نتاج محاصصة سياسية واضحة بين فريق سياسي من لون واحد، ولا تضمّ «وزراء مستقلين» بل مستشارين ومعاونين للقوى السياسية التي اقترحت توزيرهم، فإن المنتفضين يتجهون الى تصعيد تحركاتهم على الارض، لمنع نيلها الثقة، علما ان التحالف الحاكم بدأ منذ ايام يتحضر لمواجهة المحتجّين، وقد تحوّل محيط مجلس النواب قلعة أمنية، وزُنّر بجدران عالية ومكعبات اسمنتية تعزل البرلمان عن الناس، في صورة كفيلة وحدها، بتظهير افتقاد السلطة كلّها، للثقة الشعبية، وهنا تصبح الثقة «البرلمانية» مجرد تفصيل لا قيمة فعلية له!

 

وردا على محاولات الثوار اقتحام السراي الحكومي حيث يقطن دياب ، عملت القوى الامنية على سد كل المداخل وخصوصا من جهة ساحة رياض الصلح بجدار اسمنتي.

 

وعشية انطلاق جلسة مناقشة موازنة 2020، اليوم بدا ان الرئيس بري يعطي الاولوية لاقرارها. وبعدها، فلتتفرغ الحكومة الجديدة للاجراءات والخطوات الاصلاحية التي تنوي اتخاذها. وفي دليل واضح الى رغبة عين التينة باعتماد هذا التوجّه ورفضها اي اقتراح لاسترداد المشروع، قال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم «ترتفع وتيرة الاجتهادات الدستورية لدى البعض إزاء القضايا والاستحقاقات وأحيانا تكون غب الطلب. أما وأننا مع موضوع الموازنة، فالتزام المهل الدستورية وفي ظل حكومة تصريف أعمال حتى الان، فإن الامر لا يحتاج الى تنظير وتنجيم فالمصلحة الوطنية لانتظام المالية قبل نهاية كانون هو التزام وطني ودستوري والابتعاد عن تسجيل المواقف وابتداع الأفكار لاهداف وغايات سياسية لا يخدم الوطن ومصالحه، فالتعاطي بحكمة مع الكثير من الطروحات والقضايا لتسيير أمور الدولة والناس، وهذه هي الأولوية».

 

في المقابل، لفت مصدر مقرب من الرئيس دياب ، الى ثلاثة خيارات : الأول يقول باحتمال استرداد الموازنة من المجلس النيابي وهو امر لم تدم مناقشته كثيرا، فالحكومة التي لم تنل ثقة المجلس النيابي بعد، لا يمكنها ان تسترجع المشروع المطروح. الثاني، ان تطلب الحكومة الجديدة من مجلس النواب تجميد تعاطيه مع مشروع القانون الى حين نيلها الثقة لتستعيد المشروع وتناقشه من جديد، وهو امر يبقى متاحا حتى انعقاد الجلسة، فيقدم رئيس الحكومة الجديدة على طلب استردادها ما يؤدي حتما الى وقف البحث فيها. وهو امر سيؤدي الى انشغال الحكومة بها فور نيلها الثقة وربما امتد الأمر الى مرحلة طويلة الأمد. والخيار الثالث وهو الأقرب الى ان يعتمد، ويقول بان تترك العمل كما هو جار في المجلس النيابي والمشاركة في جلسة الإثنين على اساس انها حكومة تصريف اعمال، وهو الخيار الاقل كلفة.

 

في المقابل، تتجه القوات الى حجب الثقة عن الموازنة. فقد قال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب فادي سعد عبر «تويتر»: «المطلوب اليوم من رئيس الحكومة، استرداد مشروع الموازنة الموروث عن حكومات أثبتت فشلها. وما نتمناه على هذه الحكومة التي نتحفظ على لونها السياسي وطريقة اختيار وزرائها أن تعطينا ولو بصيص نور بموازنة إصلاحية إستثنائية فتخرج ونحن معها من دوامة الفشل وسوء استعمال السلطة». والقوات لن تمنح الحكومة ايضا الثقة، وفق ما اعلن امين سر التكتل فادي كرم.

 

في الاثناء، واصلت اللجنة الوزارية المكلفة اعداد البيان الوزاري جلساتها اول امس في السراي، برئاسة دياب.

 

وفيما لا يعير المجتمع الدولي أهمية كبرى لما سيتضمنه البيان الوزاري بقدر ما يتطلع الى التنفيذ الفعلي لما ستتعهد به الحكومة من اصلاحات وحياد ونأي بالنفس، قال مُساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر في مقابلة تلفزيونية إن الولايات المتحدة ستتابع عن كثب إن كانت الحكومة الجديدة ملتزمة بمحاربة الفساد وإخراج لبنان من أزمته المالية… في الاثناء، التقى وزير المال غازي وزني نائب مدير المكتب التنفيذي للدول العربية في صندوق النقد الدولي سامي جدع الذي هنأه بتشكيل الحكومة، وكان بحث في الأوضاع العامة.

 

أما خارج الـ»أسوار» العالية التي بنتها السلطة حول نفسها، ورغم الاعتداءات الكثيرة التي يتعرضون لها وكان آخرها  في الجناح والنبطية، فيواصل الثوار تحركاتهم على الارض مؤكدين عدم اعترافهم بالحكومة. وفي السياق، شهد يومي السبت والاحد تجمعات ومسيرات احتجاجية عدة، انطلقت من اكثر من منطقةوصبت كلها كلّها امام مقر جمعية المصارف وساحة الشهداء ومجلس النواب والسراي الحكومي.

 

والى الـ»لا» التي يرفعها الثوار في وجه دياب وحكومته، يبدو ان «الممانعة السنية» له على حالها. فقد اوضحت مصادر اسلامية متابعة «ان الاجواء غير مؤاتية في دار الفتوى لاستقبال دياب على رغم قوله ان زيارته للدار ستأتي في الوقت المناسب». وشددت على «ان الاجواء لم تتوفّر حتى الان للقاء». وفي حين يعمل رئيس الحكومة على تحديد موعد للقاء مفتي الجمهورية في دار الفتوى عبر «وسيط» من قبله  لفتت المصادر الى «ان صمت المفتي دريان وعدم اطلاقه مواقف من الاستحقاق الحكومي منذ تكليف الرئيس دياب وحتى الان ابلغ «ردّ» على محاولات الرئيس دياب، فصمته هو موقف بحدّ ذاته». واوضحت «ان دار الفتوى في مرحلة ترقّب ومتابعة لما ستقوم به الحكومة وكيفية تعاطيها مع مطالب الناس».