IMLebanon

حكومة استعادة الثقة الى العبور السلس

«لأن الثقة هي أغلى ما يمكن ان يملكه بلدنا»، اطلق رئيس الحكومة سعد الحريري عنوان «استعادة الثقة» على حكومته الثانية، فأكد في كلمة قبيل تلاوته نص البيان الوزاري «ان عملية استعادة الثقة تبدأ بالاتفاق على الواقع الذي نحن فيه، لافتاً الى ان نسبة الفقر في بلدنا تخطت الثلاثين في المائة ونسبة البطالة وصلت الى 25 % والى 35% بين الشباب، فيما النمو الاقتصادي لهذه السنة سيكون اقل من 2%. كل هذا فيما بلدنا يستضيف مليون ونصف المليون من إخواننا النازحين الهاربين من جحيم النار…» واعتبر ان «كلما ارتفع منسوب الثقة لدى المجتمعات، كان الازدهار والاستقرار والنجاح، وعندما تبدأ الثقة بالتراجع يكون الواقع في طريقه نحو الفشل».

استعلاء وتكبر

اتسمت المداخلات النيابية  بالايجابية والهدوء، فمنح الرئيس تمام سلام ثقته لحكومة الحريري داعيا الى التمسك بدستور الطائف واحترامه نصا وروحا والسعي لتطبيق جميع بنوده، الا ان  مداخلتي النائبين خالد الضاهر وعلي عمار خرقتا هذا المناخ، اذ حجب الاول ثقته معتبراً»ان البيان الوزاري «فيه الكثير من الكلام الانشائي غير محدد الاهداف وفيه تناقضات وتنازل عن السيادة في كثير من الاحيان بل فيه ابتعاد عن محيطنا العربي، «ومؤكدا اننا امام سياسة او حرب مقصودة علينا في مناطق عكار»، اما الثاني فبدأ بايجابية لافتا الى ان «الحياة السياسية أمطرت شيئاً من الفائض في الخير، فانتخبنا رئيساً للجمهورية يمكن أن يعول عليه في معركة استعادة الجمهورية وتم تأليف حكومة وحدة وطنية» الا ان مداخلته لم تخلُ من منطق التحدي بقوله «من نساجله يكبر ومن يساجلنا يصغر» ، في موقف رأت فيه مصادر سياسية مطلعة استعلاء وترجمة لفائض القوة الذي يستخدمه حزب الله في تعاطيه مع اللبنانيين.

غياب استعراضي

وغابت «كتلة التضامن» التي تضم الرئيس نجيب ميقاتي والنائب أحمد كرامي عن الجلسة وعللت غيابها ببيان اعتبرت فيه «ان ما يجري هو صفقة سياسية بدأت مع انتخاب فخامة الرئيس ميشال عون وإستمرت بتشكيل حكومة العهد الاولى، في حين كان المطلوب تسوية وطنية جامعة تنتج عن حوار وطني جاد وصريح وبنّاء بين كل القوى السياسية، يزيل الهواجس ويحصّن الوطن في هذا الظرف الدقيق، لا ان تُخفى الخلافات تحت سجادة التسويات الانية».

تحرير القضاء

الى ذلك، شدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على ضرورة تحرير القضاء من التبعية السياسية، وطالب القضاة برفع صوتهم في وجه من يضغط عليهم، مؤكداً وقوفه الى جانبهم لحمايتهم من أي ضغط. واشار خلال استقباله، في حضور وزير العدل سليم جريصاتي، رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد وأعضاء المجلس الذين اقسم سبعة منهم اليمين امام رئيس الجمهورية، كونهم عيّنوا في العامين 2014 و2015 في ظل الشغور الرئاسي، الى ان العدالة المتأخرة ليست بعدالة، داعياً الى الاسراع في اصدار الاحكام، ومشدداً على ضرورة تعديل قانون اصول المحاكمات على نحو يساعد في تقليل عدد الدعاوى التي لا تزال عالقة لدى المحاكم.

منتصف كانون الثاني

وتترقب الاوساط السياسية انتهاء «حقبة الثقة» ليطل العهد الجديد خارجياً، مع الزيارة المرتقب ان يقوم بها الرئيس عون الى المملكة العربية السعودية، والمرجح كما تقول مصادر متابعة ان تتم في منتصف شهر كانون الثاني المقبل. ويعّلق هؤلاء اهمية كبيرة على نتائجها، نسبة لما يمكن ان تفضي اليه على مستوى اعادة مياه العلاقات الخليجية- اللبنانية الى مجاريها، واستعادة ثقة الخليجيين بلبنان واعادة رفده بالاستثمارات التي من شأنها ان تسهم في نهوضه اقتصادياً.

نجم المرحلة قانون الانتخاب

وعقب اجتياز الحكومة الحريرية امتحان نيل الثقة بنجاح في اليومين المقبلين، يُتوقع ان يستأثر قانون الانتخاب العتيد بالحركة السياسية المحلية مطلع العام. ووسط تباعد وجهات النظر بين الاقطاب السياسيين في شأنه، اشارت مصادر سياسية الى ان شهر كانون الثاني سيكون مفصليا في ملف القانون، لكنها استبعدت أي خرق ايجابي متوقعة اجراء الانتخابات النيابية على أساس «الستين» مع ادخال بعض التعديلات اليه و»لمرّة أخيرة». فـ»النسبية» الكاملة مرفوضة وأبرز رافضيها رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، كما أن «المختلط» يبدو متعثرا بعد تصويب رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل سهامه نحوه، معتبرا انه لا يراعي وحدة المعايير. واذا كانت المصادر تركت الباب مفتوحا امام المفاجآت السارة وامكانية التوصل الى اقرار قانون جديد وربما اجراء الانتخابات عقب تأجيل تقني، فانها في المقابل، رأت ان هذا المخاض سيتسبب بخلط لأوراق التحالفات السياسية، يطاول حتى تلك التي قامت بعد الانتخابات الرئاسية، اذ قد يلتقي خصوم الامس وأبرزهم التيار الوطني وأمل ويبتعد آخرون كالتيار والمستقبل.