IMLebanon

الحياة: الحريري يحصد احتضانا لافتا في طرابلس لمناسبة الانتخاب الفرعي

 

شكلت زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى مدينة طرابلس عشية الانتخابات الفرعية لملء المقعد السني الخامس فيها، رافعة للحريرية السياسية فحصد زعيم تيار “المستقبل” شبه إجماع على تأييده من زعامات وفعاليات المدينة، يأمل أن ينسحب على الاقتراع لمرشحته التي أبطل المجلس الدستوري نيابتها، ديما جمالي، بعد طعن منافس لها من قوى 8 آذار بفوزها في الانتخابات العامة في أيار (مايو) العام الماضي.

 

 

ولفتت مصادر طرابلسية لـ”الحياة” إلى أن زيارة الحريري إلى المدينة من أجل الحض على تأييد جمالي وسط قلق من اللامبالاة عند الناس بالانتخاب الفرعي الذي ينافس فيه جمالي 7 مرشحين آخرين، “كانت مناسبة أظهر خلالها معظم فعاليات المدينة تعاطفا مع رئيس الحكومة واحتضانا لمواقفه وتوجهاته”.

 

وقالت المصادر لـ”الحياة” إن “معظم فعاليات المدينة والجمهور الواسع فيها يعتقد بأن الحريري قدم تضحيات في التسويات التي عقدها لمصلحة استقرار البلد، لكنه يتعرض لمظالم وضغوط سياسية وأن ما فرضه الانتخاب الفرعي من الحاجة إلى استنهاض الناخبين، كان فرصة للتعبير عن شعور بالاحتضان لمواقف رئيس الحكومة ولرفض عملية الابتزاز التي يتعرض لها في الحكومة مقابل التوجه الإنقاذي الذي يحمله”.

 

وأوضحت المصادر الطرابلسية لـ”الحياة” أن القيادات التي كانت على تنافس مع الحريري في انتخابات أيار الماضي العامة، وأبرزها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والوزير السابق اللواء أشرف ريفي ورموز أخرى محلية وقفت إلى جانبه في المرحلة الماضية، ومن ثم في الانتخاب الفرعي المنتظر غدا”.

 

وفيما ترى هذه المصادر أن زيارة الحريري كانت ناجحة بهذا المعنى، دعت إلى انتظار نتائج الاقتراع من أجل الحكم على مدى تأثيرها على رفع نسبة الاقتراع، مع ترجيحها أن تحصد جمالي أكثرية الأصوات نظرا إلى التحالف العريض مع الحريري، الذي يؤيدها.

 

ولخصت الزيارات التي قام بها الحريري إلى رموز المدينة السياسية والدينية، شبه الإجماع على دعم مرشحته، فيما تكرر طرح المطالب الإنمائية المزمنة لطرابلس عليه، ومنها إصدار قانون العفو العام عن الموقوفين الإسلاميين وكثر منهم أبناء طرابلس والشمال. وفي المقابل يعمل المرشحون السبعة المنافسون لجمالي على رفع نسبة أصواتهم في معركة إثبات وجود، والبارز بينهم النائب السابق مصباح الأحدب والمرشح الغائب، المعتقل في السجون الإيرانية نزار زكا، في ظل انكفاء مرشح قوى 8 آذار طه ناجي المتحالف مع النائب فيصل كرامي، بينما تغلب على باقي المرشحين صفة المغمورين.

 

وافتتح الحريري زيارته إلى عاصمة الشمال، بلقاء الوزير والنائب السابق محمد الصفدي، ثم النائبين أعضاء كتلته، محمد كبارة وسمير الجسر والنائب السابق أحمد كرامي، وعقد اجتماعا مطولا مع الرئيس ميقاتي الذي أولم على شرفه في منزله.

 

وأوضح ميقاتي أن “الخطوة التي قمت بها، والوحدة التي نراها، قوامها دعم مقام رئاسة الحكومة، من مبدأ حفظ التوازنات في البلد، وفي الوقت نفسه أن تكون طرابلس موجودة في أي برنامج سيوضع في المستقبل لأنها أساس في دعم مقام رئاسة الوزراء، وفي تاريخ لبنان الحديث، كان رئيس الوزراء بحاجة إلى هذه المدينة لتكون إلى جانبه”. وأوضح أن الحريري وعد بأنه سيكون لطرابلس حيز كبير سواء في المشاريع المطروحة حيث اتفقنا على عقد سلسلة من الاجتماعات، لاستدراك أي نقص”. وأشار إلى تجاوب الحريري مع أن يكون للمدينة دور في الإدارة اللبنانية. كما أكد على تشابك أيدينا للمطالبة بكثافة الاقتراع لمصلحة الوحدة”.

 

رد على باسيل

 

وقال الحريري: “خلال السنوات الماضية كانت هناك انقسامات بالسياسة بيني وبين الرئيس ميقاتي، وهذا ما أدى في مكان ما إلى تأخير العديد من الأمور في البلد، إضافة إلى الانقسامات التي كانت حاصلة في كل لبنان. قررنا خلط الأوراق، والمبادرة التي قمت بها، كان أساسها أن ندعم المؤسسات ولبنان بحاجة إلى تعاون كل الأحزاب وعلينا أن نتخذ إجراءات أساسية تقشفية إصلاحية، لكي نشجع العالم على العودة إلى لبنان، وإذا اعتقدنا أن الناس ستأتي وتستثمر في بلدنا بدون إصلاح حقيقي وتقشف فعلي لمنع الهدر والفساد، فإننا مخطئون”. وشدد على أن مشاريع “سيدر” تتناول كل المناطق والشمال. لكن الحريري رد بطريقة غير مباشرة على مطالبة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بإقامة منطقة اقتصادية خاصة في البترون أسوة بطرابلس، فقال: “لا أريد أن أتحدث بمنطق طائفي أو مذهبي. في كل العالم، وفي أي بلد، تكون هناك منطقة اقتصادية واحدة. لا أريد أن أتحدث بمنطق طائفي أو مذهبي. المشكلة اليوم أنه لأن هناك منطقة اقتصادية في طرابلس، نريد أن نقيم منطقة اقتصادية في منطقة أخرى، وبدل أن نعمل خيرا للبلد، ننفق أموالا لا فائدة منها. ليس هناك منطقة في لبنان لن تستفيد من المنطقة الاقتصادية في طرابلس، لذلك، فإن المنطقة الاقتصادية الوحيدة بالنسبة إلي هي تلك التي في طرابلس”. وشدد على أن وحدة الصف التي نسير بها ليست في وجه أحد. ولفت إلى التأخير 9 أشهر في تأليف الحكومة واعدا بالتواجد في طرابلس أكثر وفي سائر المناطق اللبنانية.

 

وتوجه إلى “كل مواطن لبناني وطرابلسي” قائلا: “إذا لم يتمكن سعد الحريري من إنجاز ما وعد به، لا تصوتوا له. لكن انزلوا إلى صناديق الاقتراع، لأن هذا ما يحدث تغييرا في البلد ويحدّث الحياة السياسية”.

 

وعن علاقته مع ميقاتي أوضح أنها مرت بمراحل صعبة لكن الأهم أن تكون لدى المرء الشجاعة أن ينظر إلى مصلحة البلد ومصلحة المواطن. الرئيس ميقاتي لديه طموحه السياسي ، وهذا حقه السياسي وهذه هي الديمقراطية، ولا أستطيع أن أقول له ممنوع أن يكون لديك طموح سياسي، ولا هو يستطيع أن يقول لي أنه ممنوع أن يكون لدي طموح سياسي. لكن عندما نعمل معا ونثبت أنفسنا على أهداف سياسية، إذا أتى سعد أو نجيب أو فلان، على أساس إنماء البلد، فلن نختلف. أنتم ترون عملي كيف كان في السابق وكيف أصبح اليوم، وكذلك عمل الرئيس ميقاتي. كلنا نتغير ونتعلم من أخطائنا، والمهم ألا نعيد أخطائنا”.

 

وكان الصفدي طالب الحريري “الذي ولد صيداويا وتراس الحكومة كبيروتي أن يكون طرابلسيا للسنوات الثلاث المقبلة، لكي يهتم بطرابلس وهو وعد الاهتمام بها ونعتبر الوعد قائما مهما حصل”.

 

وركز الحريري، كما فعل الرئيس ميقاتي ، على تبديد حملة بعض القوى المناهضة له بأن مؤتمر “سيدر” لم يلحظ للمدينة ما يكفي من مشاريع إنمائية فقال: “لدينا مشاريع كبيرة في”سيدر” هلى رغم أن البعض يشكك بحصة الشمال وطرابلس منه. ليتهم يقرأون ما جاء في “سيدر” وكل التنظير والكلام هو من أجل تخريب نوايانا. وما يميّز “سيدر” انه لاول مرة مشروع جدي متوازن لكل المناطق”.

 

أضاف: “طرابلس تألمت خلال السنوات الماضية، وكل لبنان موجوع، ويعاني من الفساد والهدر، لكن لدينا امل كبير جدا بان نأخذ القرارات الصحيحة والتقشفية ومنع الهدر، وسترون ان الموازنة لن يكون فيها هدر وهناك من “سيزعل” لانهم لن يستطيعوا الاستفادة من الهدر”. وحث على التصويت لجمالي

 

ريفي والدويلة وصبر الحريري

 

وزار اللواء ريفي الذي قال: نحن الى جانبك. هذه المدينة وقفت الى جانب الرئيس الشهيد رفيق الحريري في كل المحطات، ووقفت كذلك وراءك والى جانبك في كل المحطات باذن الله”.

 

وتابع ريفي: “التحديات كبيرة، على المستوى الإقليمي او الداخلي، وانت لا تحسد على الوضع الذي انت فيه. في الداخل هناك دويلة تحاول السيطرة على الدولة، وفي المقابل هناك تداعيات لداء السرطان، وهو الفساد وتجاوز القانون والخروج عن السيطرة ومحاولة تقويض الدولة وتحويلها الى دولة فاشلة. لا شك أنه من خلال صبرك وسعة صدرك تتحمل الكثير، انما تأكّد جيدا ان هناك رجال بكل معنى الكلمة يقفون الى جانبك لاجتياز هذه المرحلة، وان شاء الله نتجاوزها نحن واياك”.

 

واعتبر ريفي أن وجود الدويلة كالسرطان وهو الداء الأساسي، وأضاف: “لا نشعر الا بصوتك، فانت حريص جدا سواء على إعداد الموازنة وتقليص العجز فيها وتمرير مشروع الكهرباء. وجميعنا يعلم أن هناك فريقا سياسيا وضع يده على وزارة الطاقة طوال عشر سنوات، ولم يعطنا الا كلاما بكلام، وفي المقابل وجودك يعطينا املا ان تذهب الأمور نحو مسارها الطبيعي.

 

وأكد ريفي أن المنطقة الشمالية ستبذل التضحيات لمساعدة البلد على العبور من الدويلة الى الدولة، الوحيدة القادرة ان تنقذنا، ونؤمن كما انت تؤمن، أن الدولة يجب ان تكون هي السيدة الوحيدة على أراضيها. ولا نعترف باي سلاح غير شرعي، ولا نعترف الا بسلاح الدولة اللبنانية. علينا بصبر وبأناة وبتصميم ان نتابع العمل معك لنلغي وجود الدويلة وننهض كدولة واحدة.

 

ورد الحريري: “عودنا أشرف على صراحته و”الدم ما بيصير ميّ”. مشينا سويا مسارا طويلا، قد نكون اختلفنا في بعض المراحل لكن في نهاية المطاف نعود الى جذورنا. سنسمع دائما كلاما يصدر من الذين لا يملكون مشروعا اقتصاديا فعليا، وليس لديهم أدنى فكرة عن كيفية النهوض باقتصاد البلد. اما نحن فلدينا مشروع للخروج من الأزمة. ما يطمئن أن كل القوى السياسية، متفقة حول وجوب الإصلاحات والتقشف ومحاربة الفساد، والاهم وقف الهدر في الموازنة. يجب ان نشدّ الحزام.

 

وأوضح أن التحديات الأمنية أصبحت وراءنا وانتهينا من المعارك والانقسامات التي كانت تحصل”. وعن العفو العام، أشار إلى أنه أصر على ادراجه في البيان الوزاري، كي لا يشككّ احد، وأخذنا ثقة المجلس على أساسه، والعفو العام سيحصل. وكل القوى السياسية أصبحت مقتنعة بان ظلما قد لحق بالموقوفين الإسلاميين.

 

ورأى أن طرابلس والشمال “مناطق دفعت ثمنا لعدم النمو، وكذلك مناطق بعلبك والهرمل والبقاع كأنها منسيّة تاريخيا من خارطة الوطن. أقرينا خطة الكهرباء ، ونعمل على إقرار الموازنة، ومن ثم سنقرّ كل مشاريع “سيدر”.

 

خلال مؤتمر باريس-٢ الذي ساهم في انعقاده الرئيس الشهيد وتمكن من تحصيل أموال كثيرة للبلد، على أساس ان يترافق ذلك اجراء إصلاحات. أخذوا الأموال ومنعوا رفيق الحريري من الإصلاح، ووصلنا الى ما نحن عليه اليوم”.

 

وختم: “سنكمل المسيرة مع بعضنا اخي أشرف، ومشروعنا واضح فنحن نريد الدولة لنكون جميعا تحت رايتها، الدولة التي أرادها بها الرئيس رفيق الحريري، واغتيل من اجلها. فهو طوّر البلد في حين أن هناك من يريد اعادته الى الوراء، ولكننا مصرون على المضي قدما، ولن ننسى ولن نسامح، ولكن في الوقت نفسه هناك مصلحة المواطن اللبناني التي يجب علينا ان نعمل من اجلها”.

 

وأدى الحريري صلاة الجمعة ظهرا في مسجد السلام في طرابلس الى جانب اللواء ريفي وعدد من نواب طرابلس والشمال وحشد من المواطنين.

 

وعند زيارة النائب السابق أحمد كرامي قال الأخير: نحن نحمل الرئيس الحريري موضوع الموقوفين الإسلاميين، فأكتافه عريضة، وهو جبل لا تهزه الرياح، ولكن علينا ان نقف الى جانبه خاصة وإننا لم نتمكن من القيام بأي شيء حيال هذه المواضيع. نحن نحمل المسؤولية كاملة للذي يتولى الحكم، في حين عندما كنا نحن في الحكم، لم نقم باي شيء”.

 

ورد الحريري: وخلال المراحل السابقة ، كانت هناك الكثير من الخلافات السياسية بين الافرقاء السياسيين في طرابلس وخارجها. وتمنى تنفيذ كل المشاريع التي خصصناها في “سيدر” للمدينة وللشمال.

 

وختم قائلا: الاحد يوم انتخابات وديما جمالي مرشحتنا، وآمل ان يشارك اهل طرابلس ويمارسوا حقهم في صناديق الاقتراع.

 

ثم زار مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار في دارته، بحضور المطارنة جورج أبو جودة، أدوار ضاهر وجوزيف نافع والشخصيات وفعاليات المدينة. وطالبه المطران أبو جودة بالاهتمام بعكار.

 

وأشاد الشعار بخطوات الحريري “الجريئة من أجل البلد. كثر لم يكونوا معه، لكنها كانت موفقة. صحيح أنه شاب ولكنه أمير وحكيم، ورث من أبيه بعد النظر ورصانة الموقف، لم يأت ليأخذ، بل جاء ليعطي لبنان. وآمل أن يكون لقاؤنا المقبل، وقد أخذت المشاريع طريقها نحو التنفيذ.

 

 

وقال الحريري: لا شك أن طرابلس مرت في مرحلة صعبة، والاعتدال نفسه مر بمراحل صعبة، فكان الناس يتجهون إلى اهتمامات غربية، ولو دخل لبنان في هذا النفق لكان مصيرنا كمصير الدول المجاورة. صحيح أني وقفت مواقف صعبة، وخسرت في أماكن ما. المفتي الشعار كان أيضا من الرجال الذين خسروا في مكان ما لأنهم وقفوا في وجه التطرف والتعنت. والمواقف التي اتخذتها لم تكن لمصلحة سعد الحريري بل لمصلحة إسلام الاعتدال، ورفيق الحريري قال أن المسيحي المعتدل أقرب إليه من المسلم المتطرف… الوقت الآن للبناء والعمل، أبعدنا فيها الخلافات السياسية في طرابلس وكل لبنان، وبلدنا مقبل على مرحلة جديدة، مليئة بالانفتاح والنمو الاقتصادي، وبتنا نعرف ما الذي يجب أن نقوم به، ومتأكدين من أن الوحدة الوطنية، مع بعض مشاكلها والخلافات الإقليمية، هي الأساس في استقرار وأمن البلد. واثق أننا على الطريق الصحيح، والعقبات صعبة، لكن كلما كنا يدا واحدة وصفا واحدا، كلما تمكنا من تخطيها.

 

وزار الحريري النائب السابق مصطفى علوش الذي قال إن الخيارات التي اتخذها (الحريري) كانت دائما أهون الشرور، وهي ليست تراجعا ولا تنازلا، بل فضل الذهاب إلى منطق الدولة والعدالة والترفع عن التناحر والخطابات النارية”.

 

ثم زار الحريرين ترافقه المرشحة ديما جمالي، السيد معن كرامي، عم النائب فيصل كرامي.