IMLebanon

الجمهورية: لبنان ردّ على الخريطة الفرنسية .. وخليل لـ”الجمهورية”: باب الحل تطبيق الـ1701

 

 

في خضم ارتفاع وتيرة التفاوض غير المباشر الجاري بين حركة «حماس» واسرائيل عبر الاميركيين والقطريين والمصريين من اجل التوصل الى وقف اطلاق النار في غزة، سلّم رئيس مجلس النواب نبيه بري بالتنسيق مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي و»حزب الله» الى الجانب الفرنسي رد لبنان على «خريطة الطريق الفرنسية» لتنفيذ القرار الدولي 1701، وجاء هذا الرد متمسّكاً بكل مندرجات هذا القرار الذي يشكل المدخل الى الحل، ومطالباً فرنسا والمجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل لالتزامه ووقف انتهاكاتها واعتداءاتها اليومية والمتمادية على سيادة لبنان.

في زحمة الأحداث، وحاملاً معه ثقل ملفات ألقيت على عاتقه، ومهمات يكاد بعضها ان يكون مستحيلا، وجدَ المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل مساحة حوار خَص بها «الجمهورية» التي زار مكاتبها في العمارة مُستهلاً لقاءه أسرة التحرير فيها باعتبار نفسه «ابن مؤسسة «الجمهورية» بتوجهّها الوطني الذي أثبتَ نفسه، إذ إنه على رغم من كل الظروف التي مر بها قطاع الإعلام المكتوب حافظت «الجمهورية» على مستواها ومسارها في المقدار الممكن الذي يسمح به وضع البلد، وبقيت تعكس الصورة التي ارادتها في بلد معقّد وصعب».

الرد على الورقة الفرنسية

 

وفي مستهل حديثه الى اسرة «الجمهورية» كشف خليل ان الجانب الفرنسي تسلّم الرد على الورقة الفرنسية التي حملت عنوان «خريطة طريق للتنفيذ القرار 1701» من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وذلك عبر السفارة الفرنسية. وقال: «إننا تعاطينا مع الورقة بطريقة ايجابية، على رغم من بعض التحفظات التي دوّنت على بعض النقاط والمصطلحات، وقد انطلق الرد من انّ تطبيق القرار ١٧٠١ بكل مندرجاته هو مدخل الحل في الجنوب».

 

ورأى «ان الورقة الفرنسية تشكل قاعدة نقاش جيدة ومتطورة عن الطرح الفرنسي الأول، بحيث أنها لا تتحدث عن ترتيبات إنما عن خريطة طريق لتطبيق القرار ١٧٠١. صحيح أنها تتضمن فجوات لكن الصحيح ايضاً ان الفرنسي اعتبرها مسودة قابلة للأخذ والرد، هناك أمور جوهرية تخرج القرار ١٧٠١ من روحيته وهذا الأمر رفضناه رفضا قاطعا، وهناك نقاط يمكن ان يحصل بعض التفاوض عليها وقابلة للحل. وغير صحيح ان الورقة تحدثت عن ترتيبات بل عن بعض الإجراءات. لكن مفتاح الحل يبقى وقف إطلاق النار في غزة التي سينسحب على الجنوب، ويمكن الحديث عن تطبيق الـ ١٧٠١ إذا التزم الاسرائيلي بهذا الأمر».

واكد خليل ان «لا مشكلة لدى لبنان في زيادة عديد قوات اليونيفيل، إنما أبدَينا ملاحظة على عدم ذكر جملة أنها «تتحرّك بالتنسيق» مع الجيش اللبناني الواردة في متن القرار 1701».

 

الاستحقاق الرئاسي

 

حول أزمة الرئاسة، جزم خليل ان «لا قرار لدى اي جهة من الأطراف السياسية بربط الاستحقاق الرئاسي بالحرب الدائرة في الجنوب أو في غزة، لكن الواقعية تقول ان الأولويات اختلفت عند القوى السياسية نفسها المهتمة بالرئاسة. وهذا الواقع فرض نفسه، والدول الكبرى المعنية بمساعدة لبنان تدرك هذا الأمر». واعتبر «ان المجموعة الخماسية العربية الدولية «تبقى صيغة للمساعدة في حل أزمة الرئاسة فكل دولة فيها تحجز دورها وموقعها، لكن في النهاية لا بد للملف الرئاسي ان يتحرك من مكان ما أو من طرف مؤثر».

 

واكد «ان الموفد الاميركي آموس هوكشتاين لا يتعاطى بملف الرئاسة وقد عبّر بنفسه عن هذا الأمر». وقال ان مرشح الثنائي الشيعي كان لا يزال رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، وأكد انّ «الاهم الذي يجب ان نركّز عليه هو الدور الذي سيؤديه الرئيس في المرحلة المقبلة وقدرته على وضع البلاد على سكة الحل، وهذه السكة تستوجب انتخاب رئيس قادر على التسامح والانفتاح على الآخر في الداخل والخارج، وان يكون على علاقة طيبة مع الدول العربية وان لا تكون لديه اي عقدة في التعاطي مع ايّ شقيق عربي ومع اي صديق للبنان لأننا في مرحلة نحتاج فيها إلى العمل، ولأنّ معالجة الازمة تفرض تحقيق النمو في الاقتصاد ولا يراهنّن احد على انّ البعض جاهز لوضع مال في خزينتنا، وفي احسن الحالات فإنّ الدول ستتحدث معنا في الاستثمار، ولن ينتظرنا احد في اجواء المتغيّرات التي تحصل في المنطقة، ومسؤوليتنا يجب ان تكون كيف نعيد وضع لبنان على سكة أولويات الدول الشقيقة والصديقة».

 

الازمة الاقتصادية

 

ومن عمق الازمة السياسية مَرّ خليل على بعض جوانب الأزمة الاقتصادية المستفحلة وتراكماتها، فقال: «يجب ان لا ننسى أننا في حفرة عميقة في الاقتصاد والمال والنقد، وحتى الآن لا يزال البلد في أزمة حقيقية، على رغم من انه استطاع أن يقيم بعض التوازن لنفسه بحُكم طبيعة تَكيّف اللبناني السريع مع الوضع القائم و تنظيم عملية «دولرة» معينة، لكن في الحقيقة لا نزال نعاني المشكلات التي أسست للانهيار، وخللاً كبيراً جداً لا يمكن الاستمرار فيه على المدى البعيد، ويجب أن تكون لدينا جميعاً كمجموعة سياسية الجرأة لتحمّل المسؤولية، فعندما نصبح في عمق أزمة على مستوى تهديد الوطن لا يمكن ان نصنّف أنفسنا موالاة أو معارضة، وإلا هذا يسمى هروباً من المسؤولية. علينا الجلوس إلى الطاولة والتحدث من منطلق وطني لرسم معالجات لأزمتنا، وهذا ما فشلنا في تحقيقه منذ خمس سنوات. للأسف نحن نخسر الفرصة تلو الأخرى، وعندما طرح الرئيس نبيه بري الحوار لم يكن لديه نيّات لا للتسويف ولا لتعقيد الأمور أو المماطلة أو شراء الوقت، كان الهدف الجلوس بعضنا مع بعض ولم يكن هناك بعد أسماء مرشحة لرئاسة الجمهورية، وقد أضعنا هذه الفرصة لنجد أنفسنا اليوم ربما في حاجة إلى راع جديد شبيه بما حصل قبل اتفاق «الدوحة» لحل الأزمة. والسؤال الذي يطرح كل يوم: لماذا البعض يرفض الحوار؟ وتاريخياً كل ازماتنا لم تحل إلا بالحوار. والتشبّث والتعنّت لا يولدان إلا الانسداد. وإذا لم نتحاور بعضنا مع بعض كيف سنخرج من هذه الحفرة التي وقعنا فيها؟».

 

النزوح

 

وفي ملف النزوح السوري استغرب خليل «كيف انقلب النقاش في لحظة من أزمة بحجم النزوح السوري إلى تفصيل يتعلق بالمليار يورو الذي يدفعه الاتحاد الاوروبي أصلاً للنازحين منذ العام 2020 عن طريق منظمات دولية وجمعيات. وقد تلهّينا بهذا الأمر بدلاً من البحث عن ضرورة ايجاد خطة جدية لمعالجة وضع النزوح السوري الشرعي وغير الشرعي والاجراءات الواجب اتخاذها والتواصل مع الحكومة السورية لتتحمّل مسؤوليتها في هذا المجال، ليدور النقاش في قانونية المليار يورو من عدمها وعدم اتخاذ الحكومة قراراً في شأنها، ولهذا طلب الرئيس ميقاتي عقد جلسة نيابية لهذه الغاية واستجاب الرئيس بري ودعا الى هذه الجلسة في 15 من الشهر الجاري. والخوف الآن ان تبدأ المزايدات والاتهامات التي يمكن ان تحصل قُبَيل الجلسة، ولذلك الآن لدينا فرصة حل ويجب ان لا نضيعها مثل بقية الفرص التي أضعناها».

 

النازحون على «طاولة بكركي»

 

الى ذلك وفي عطلة الاعياد، بقي ملف النازحين السوريين في مقدم الأحداث مترافقاً مع ردات الفعل على «هِبة المليار يورو» من الإتحاد الأوروبي، وفق ما قالت به المبادرة القبرصية. بالتزامن مع دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة لمناقشة الهبة الأوروبية قبل ظهر الاربعاء المقبل. وكشفت مصادر كنسية وقانونية لـ«الجمهورية» عن طاولة مستديرة تستضيفها بكركي عند الثالثة بعد ظهر غد يشارك فيها اعضاء اللجان الاستشارية القانونية والدستورية في الصرح البطريركي دُعي إليها الوزراء المعنيون بالملف، ومن بينهم وزراء الخارجية والشؤون الاجتماعية والعدل وعدد من المتخصصين في شؤون الهجرة، للبحث في ما آل إليه ملف النازحين السوريين في ضوء التطورات التي تَصَدّرتها هذه الهبة ومسلسل الأحداث الأمنية التي تسبب بها نازحون في أكثر من منطقة لبنانية، منذ مقتل منسق «القوات اللبنانية» في جبيل باسكال سليمان وصولاً الى جريمة قتل الشابة زيني معتوق في الروشة والمناقشات الدائرة في الدوائر الحكومية.

 

ولفتت المصادر إلى ان عددا من المشاركين في الطاولة سيحمل إليها قراءات قانونية تتناول ملف النازحين وتحدد مسؤوليات المؤسسات الأممية والمخاطر المترتبة على مظاهر الخروج على القوانين اللبنانية وتجاوزها لبعض الاتفاقيات السابقة المعقودة في ما بينها وبين الحكومة اللبنانية، لا سيما منها اتفاقية 2003 المعقودة بين مفوضية شؤون اللاجئين «UNHCR» والمديرية العامة للامن العام والمحاولات الجارية للتنصّل منها، ورفض تطبيق ما قالت به لجهة مصير النازحين في لبنان بعد عام على دخول أي منهم إليه. وتتناول الدراسات تحديداً ما سَمّته «الرعاية الحكومية» لبعض الخطوات، والتخلي عما قالت به في ظل التفرد في التعاطي بالملف من دون العودة الى المؤسسات الدستورية والوزارات المختصة في البلاد، لا سيما الأجواء التي سبقت دعوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لرئيس مجلس النواب لتحديد جلسة لمناقشة موضوع الهبة الأوروبية لوقف «الاستغلال السياسي» للقضية.

 

تحركات باتجاه مؤسسات أممية

 

الى هذه التحركات، تتجه بعض القوى السياسية والحزبية للتحرك في اتجاه المؤسسات الاممية بعدما كثفت «القوات اللبنانية» ومعها «التيار الوطني الحر» تحرّكهما في هذا الاطار. فإلى التحرك الذي بدأه تكتل «لبنان القوي»، يتجه وفد من كتلة «الجمهورية القوية» الى زيارة مفوضية شؤون اللاجئين في الامم المتحدة «UNHCR» غداً، في اطار سلسلة تحركات ضاغطة بدأتها للمطالبة بإعادة السوريين الى بلادهم «لأنّ لبنان ليس بلد لجوء، وهي ستشمل ايضا الوزارات المعنية وصولا الى تحركات شعبية».

المفوضية السامية

 

وكان ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان إيفو فرايسن قد شَن حملة اعلامية، مؤكداً في سلسلة من المقابلات والتصريحات لمواقع ومؤسسات اعلامية محلية وعربية أنَّه «لا توجد مؤامرة دولية لإبقاء اللاجئين السوريين في لبنان، كما أنَّه لا توجد أجندة خفية في هذا الشأن». وكشف أن المفوضية ستدعو خلال مؤتمر بروكسل في 27 أيار الحالي الى «زيادة الدعم للنازحين داخل سوريا، وكذلك في البلدان المجاورة». وشدَّد على «أنَّ الحل لأزمة النازحين هو داخل سوريا»، معتبراً أنَّه «إذا أرادت سوريا والمجتمع الدولي عودة مزيد من اللاجئين إلى بلادهم، فيجب تهيئة ظروف العودة بمقدار أكبر. وهذه مسؤولية تقع على عاتق السلطات السورية».

 

ودعا فرايسن «المجتمعات اللبنانية» إلى «الامتناع عن إلقاء اللوم بنحوٍ جماعي وظالم على الأفراد السوريين، وحمايتهم من الاستهداف بجرائم لم يرتكبوها».