IMLebanon

الجمهورية: الغرب مصدوم: ستخسرون بلدكم … وتأجــيل ثان يهدّد الاستشارات

في مثل هذا اليوم قبل سنة من الآن، انطلقت «انتفاضة 17 تشرين»، عبرت كلّ الطوائف والمناطق، وصدحت بصوت واحد: لا لسلطة الوقاحة والقهر ومُفلسي الدولة والقابضين على البلد وخادعي الشعب اللبناني بشعارات وعناوين زائفة.

في مثل هذا اليوم، ظَهّر اللبنانيون الوجه الحقيقي لسلطة عدوّة لشعبها، وأسقطوا آخر ورقة توت كانت تستر فيها عوراتها وموبقاتها وفضائحها.
واليوم، نتذكّر صور الغاضبين والجائعين والمقهورين الذين نزلوا الى الشارع وراهنوا على تغيير وإنزال الطبقة الحاكمة عن عروشها المستولية عليها رغماً عن ارادة كل اللبنانيين، وما تزال ماضية في سلوكها بكلّ صلافة ووقاحة، وفي سعيها الى الإطباق على البقية الباقية من هذا البلد.
نتذكّر لقمة الناس، التي أكلها أصحاب الجيوب المنتفخة بثرواتٍ جَنوها بالصفقات والسمسرات، ومحميّات الفساد التي ما زالت معشّشة في كل مفاصل الدولة.
نتذكر الليرة التي ذابت أمام الدولار ولصوص السوق السوداء.
نتذكر مافيا التجار المحمية من هذه السلطة، التي أهلكت المواطن برفع الاسعار الى حدود فلكية.
نتذكر سياسة الافقار التي أعدمت الطبقة الوسطى بالكامل، وجعلت ثلاثة أرباع اللبنانيين تحت خط الفقر.
نتذكر ودائع اللبنانيين وجنى العمر المسروقة، وتحوّل اصحابها الى متسوّلين امام المصارف، وضحايا التعاميم والاجراءات العشوائية التي تمنع عنهم حقوقهم وتحبسها في مغاور المجهول!
لا يختلف اثنان من اللبنانيين على أنّ السلطة التي تحكمهم مُفلسة من كلّ شيء، الّا من نهج البلع والسَطو على خيرات البلد، ونهب مال الخزينة وتهريبها إلى خزائن المال في الخارج.
سلطة وقحة، لا يرفّ لها جفن امام وجع الناس، وبإفلاسها من المسؤولية، وبنهجها هذا، أطاحت عنصر الأمان للبنان، والذي صار حلماً صعب المنال، بالنسبة الى كل لبناني:
– الأمان السياسي، مهتزّ بإرباكات وافتعالات وبمصالح الاقارب والازلام، جعلت هذا البلد مَضْرب مَثل أمام كل العالم بأنّه دولة تتربّع على قمة التخلّف، مُعتلّة بطاقم نادر من المتسلطين والمتحكمين، لا يحسن سوى اغتيالها ودكّ أسّسها ونسف دعائمها. وها هو هذا الطاقم اليوم منغمس حتى نخاعه في المنحى الشعبوي المقيت، وصراع نفوذ المصالح والمكاسب كرمى لعين القريب والتابع، من دون أي اكتراث بشعبٍ فقدَ حتى قدرة الصراخ من الوجع والفقر.
– الأمان الاقتصادي والمالي، فُقِد بالكامل ولم يعد له وجود، ويبدو أنّه انتهى الى غير رجعة.
– الأمان الصحي، انهار الى القعر، وصار رهينة بيد لصوص الدواء ومافيات التخزين.
– الامان الاجتماعي والمعيشي والغذائي، أطاحته عصابات الاحتكار والتهريب.

 

المشهد بالارقام
باختصار، المشهد شبيه بالجحيم، ومع مقارنة الوضع بين 17 تشرين الاول 2019 و17 تشرين الاول 2020، يمكن القول انّ البلد انتقل من إفلاس غير مُعلن، الى افلاس مُعلن وثابت ومعه الذل للمواطنين:
– زادت نسبة الفقراء من 28 % الى 55 %. ومع المؤشرات المتوفرة، سيواصل عدد الفقراء في النمو باضطراد في الاشهر القليلة المقبلة.
– إنخفض حجم الاحتياطي في مصرف لبنان من 30 مليار دولار الى حوالى 18 مليار دولار.
– إنكمش حجم الناتج المحلي من 55 مليار دولار الى حوالى 31 مليار دولار.
– ارتفع سعر صرف الدولار الى 8 آلاف ليرة حاليّاً والحبل على الجرّار.
– توقفت المصارف عن دفع أي دولار، وتحولت الودائع إلى «لولار».
– وصل معدل التضخّم الى حوالى 100 %، وهو مرشح للارتفاع بسرعة أكبر اذا رفع الدعم.
– ارتفع عدد العاطلين عن العمل حوالى 150 الف موظف سابق. وأغلقت 20 % من المؤسسات ابوابها، ومع قرار تقييد السحوبات بالليرة سيرتفع عدد المؤسسات التي ستنهار، وسيزيد عدد العاطلين عن العمل.
– وصل الضمان الاجتماعي الى مرحلة خطيرة، واقترب من موعد العجز عن القيام بواجبه بسبب تقاعس الدولة عن دفع مستحقاتها.

 

سلطة ميتة
مع هذه السلطة الميتة – الفاقدة أبسط شعور وحسّ بالمسؤولية، ولم تسجّل لها ولو خطوة صحيحة ومسؤولة في اي مجال ومكان- لن يكون مفيداً على الاطلاق التوجّه اليها ومطالبتها بما لم تقم به أصلاً، فلقد بلغ لبنان خط النهاية وصار على وشك أن يسقط في المصير الأسود.
ولو أنّ هذه السلطة، كل السلطة، تملك ذرّة من كرامة، ولو كان المتربّع على عرش المسؤولية فيها مسؤولاً بالفعل، لكانت شعرت بوجع الناس، وقامت بما هو واجب عليها لوقف المسار الانهياري الذي تسببت به، وأوقفت تدحرج صخرة الأزمة على رؤوس اللبنانيين. وليس أن تبقى كما هي اليوم؛ فلبنان يقترب من نهايته الكارثية، فيما هذه السلطة، بالرؤوس الحامية التي تديرها، عاكفة على صَبّ الزيت على نار الازمة، وتؤسّس لما هو أفظع، بنصب المتاريس السياسية والطائفية والمذهبية مقابل بعضها البعض، ومانعة لإعادة بناء السلطة التنفيذية الممنوحة لها فرصة دولية لإنقاذ ما تبقى من البلد. وأم الفضائح في هذا المجال، تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس الحكومة الجديد.
مع فقدان الأمل والرجاء بهذه السلطة، ما على اللبنانيّين سوى تسليم أمرهم إلى خالقهم. وانتظار لحظة الفرج التي لا بد أنّها ستأتي في يوم من الايام.

 

الخطر الكوروني
صحيّاً، وهو الجانب الآخر، والأخطر من الازمة التي تعصف ببلدنا، فقد صار التحدي كبيراً جداً امام اللبنانيين، والواجب والمسؤولية يقتضيان التوجّه الى المواطن اللبناني الآن وفي كلّ لحظة، وتكرار التنبيه الى أنّ إجراءات السلطة التي سَمّتها وقائيّة، وأقامت الاحتفاليات لها، لم تكن سوى خطوات – غبيّة وعشوائية لا بل خادعة – فشلت فشلاً ذريعاً في احتواء الهجوم القاتل الذي يتعرّض له البلد من فيروس كورونا، منذ شباط الماضي.
صار على المواطن اللبناني أن يَعي بأنّ المزاح مع هذا الفيروس، او العناد امامه، او التعالي عليه كما هو حاصل في كثير من المناطق اللبنانية، هو اخطر من الفيروس نفسه. صار عل المواطن أن يدرك أنّ المستشفيات طافت بالمصابين ولم تعد هناك أسرّة فيها للحالات الخطيرة، وهي لا تحصى، وأعداد الاصابات اليومية قفزت فوق مستوى الخطر، وبالأمس تجاوزنا الـ1500 إصابة، وكل المؤسسات الصحية الدولية دقت اجراس الخطر الشديد، بأنّ لبنان اصبح في رأس قائمة الدول المنكوبة بهذا الوباء، والاكثر عجزاً من بين دول العالم على فِعل شيء أمامه بعدما أفلت من يدها.
كل المؤشرات تحذّر من أنّ لبنان مقبل على «كارثة كورونية»، ومسؤولية المواطن صارت مضاعفة أن يحمي نفسه بنفسه، ويؤمّن سبل حمايته وتحصين مجتمعه. وأقل المسؤولية هنا هو اعلان الانتفاضة على الذات، ووقف جريمة «الانتحار الجماعي» وسلاحها القاتل هو «الاستهتار العمد» وعدم الالتزام بالحد الادنى من الإجراءات الوقائية الذاتية، الذي جعل مصير كل اللبنانيين على كفّ «كورونا»، هذا العفريت القاتل، الذي يهمّ بالدخول الى كلّ بيت. ألم يحن الأوان لكي ندرك ما نحن فيه، وما يتهدّدنا ويتهدّد أهلنا ومجتمعاتنا، ونحتكم الى العقل قبل أن يفتك بنا الفيروس الخبيث؟!

 

إنعدام توازن
سياسياً، لا يختلف اثنان من اللبنانيين على أنّ المشهد الداخلي يعاني اعلى درجات انعدام التوازن، وأنّ الأمر الوحيد المشترك بين الأطراف السياسيّة هو أنّها جميعها ومن دون استثناء أيّ طرف منها، مأزومة حتى العظم، وتأسر البلد في أزماتها بسياسة العناد وتصفية الحسابات التي صارت عنوان المشهد السياسي.

 

تقويم سلبي
هذه الصورة المُربكة، يُضاف اليها تأجيل الاستشارات النيابيّة الملزمة، وبحسب معلومات موثوقة لـ»الجمهورية»، كانت محل تقويم شديد السلبيّة من قبل مستويات ديبلوماسية أوروبيّة.
ونقلَ ديبلوماسيون من العاصمة الفرنسية «أنّ باريس غاضبة، والايليزيه مصدوم من عرقلة تكليف رئيس الحكومة»، والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وفق مقرّبين من الرئاسة الفرنسية، «عَبّر عن استياء بالغ من المماطلة السائدة في لبنان، وعدم إثبات بعض المسؤولين اللبنانيين جِدّيتهم في سلوك خريطة طريق الانقاذ للبنان».
وعكسَ الديبلوماسيون أجواء مماثلة في وزارة الخارجية الفرنسية، تفيد بأنّ اللبنانيين لم يدركوا بعد مخاطر تأخّرهم في وضع المبادرة الفرنسية موضع التنفيذ السريع، وهذا يوجِب مرة جديدة أن نحذّرهم من أنّ تأخير تشكيل الحكومة سيزيد من المصاعب عليهم، وعلى وضع بلدهم الذي سبق وأكّدنا لهم انه وضعٌ يقترب من أن يصبح ميؤوساً منه، ومأساوياً اكثر مما هو عليه».

 

أنتم ستخسرون بلدكم!
وفي هذا السياق علمت «الجمهورية» أنّ احد كبار السفراء الغربيّين، الذي يُمثّل دولة غربية كبرى على علاقة صداقة وثيقة جداً بالولايات المتحدة الاميركية، نقل إلى مستويات لبنانيّة سياسيّة ورسميّة في الساعات القليلة الماضية ما حَرفيّته: «لقد فوجئنا بقرار تأجيل الإستشارات لاختيار رئيس حكومتكم، ولم نفهم السبب الدافع الى هذه الخطوة التي لا نرى أنّها تخدم المبادرة الفرنسيّة. إنّ موقف بلادي يتلخّص بأنكم ارتكبتم خطأ جسيماً بهذه الرسالة السلبيّة التي وَجّهتموها الى المجتمع الدولي، هذا إجراء غير مشجّع ولا يبعث على الإطمئنان».
وأضاف الديبلوماسي عينه: « لفرنسيون وَفّروا لكم فرصة لإنقاذ بلدكم، مؤيّدة بغطاء دولي واسع من واشنطن والاتحاد الاوروبي، وبريطانيا. وأنا شخصياً تَداولتُ في ما استجَدّ عندكم مع الفرنسيين وغير الفرنسيين، وأؤكد لكم أنّهم غاضبون. كل العالم يريد أن يرى حكومة في لبنان تشكّل سريعاً بالنظر الى عمق أزمتكم، وأنتم وعدتم بذلك، ولكنكم سرعان ما عبّرتم عن سلبيتكم، وهذا أمر يثير العجب والاستغراب في آن معاً، لسنا نفهم ماذا تريدون ولماذا تهدرون الوقت؟! يؤسفني أن أقول أنتم وحدكم ستخسرون في نهاية الأمر، ويؤسفني أكثر أن اقول لكم ايضاً: أنتم، بِمضِيّكُم على هذا المنحى، ستخسرون بلدكم».

 

لا جديد
الى ذلك، لم تحمل الساعات الماضية أيّ جديد على حلبة الاشتباك الذي استجدّ حول التأجيل الرئاسي للاستشارات النيابية الملزمة، والصعوبات التي قال بيان التأجيل الرئاسي للاستشارات إنّها «تستوجب العمل على حلّها» ظلّت مجهولة، إذ لم يتقدّم أيّ طرف رئاسي أو غير رئاسي بأيّ مبادرة في هذا الاتجاه، او على الاقل تحديد نوع هذه الصعوبات وماهيتها وأين تقع، وهل هي من النوع المُستعصي على الحل، أو أنّها قابلة لأن تُحلّ؟
وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ «أجواء القوى السياسية المعنية بالإستشارات تعكس ما يفيد بـ»أنّ كرة الخطوة التالية في ملعب رئيس الجمهورية ليُحدّد آلية العمل على حلّ تلك الصعوبات، فكونه هو صاحب بيان التأجيل، من الواضح أنه هو وحده يعرف ما هي هذه الصعوبات؟ وبالتالي، فإنّ المبادرة في اتجاه حلحلتها، هي في يده».

 

سعد وجبران
في السياق نفسه، أبلغ مرجع سياسي مؤيّد لتسمية الحريري لرئاسة الحكومة، الى «الجمهورية»، أنّ الصعوبات التي أشار اليها رئيس الجمهورية لا تحتاج الى ذكاء لمعرفة ماهيتها، فهي محصورة بين الرئيس سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل».
ورداً على سؤال عمّا اذا كانت حلحلة هذه الصعوبات بين الحريري وباسيل، إن تَمّت سريعاً وقبل نهاية الاسبوع، قد تدفع رئيس الجمهورية الى تقريب موعد الاستشارات من الخميس الى الاثنين كما تردد في بعض الاوساط السياسية؟ أجاب المرجع: «أولاً، رئيس الجمهورية لم يَستشِر أحداً حينما حدد موعد الاستشارات اول مرة الخميس الماضي (امس الاول)، كما لم يستشر احداً عندما اتخذ قراراً بتأجيلها. هذه صلاحياته وقد مارسها، ولا نقاش في هذه الصلاحية الدستورية. لكنّ الصعوبات التي تحدث عنها الرئيس ليست وليد اليوم، بل تعود ما قبل تحديده للاستشارات اوّل مرة».
أضاف: «امّا في الجانب الآخر، فأنا شخصياً، وبناءً لما هو سائد بين الحريري وباسيل، لا أرى إمكانية لتذليل هذه الصعوبات، فالمسألة ليست سهلة على الاطلاق، هناك فجوة عميقة جداً بينهما، لا يخفيها الطرفان».
وسُئل المرجع: هل انّ المخرج لهذه العقدة يحسمه لقاء بين الحريري وباسيل؟ فقال: المسألة عميقة كما قلت، فالحريري، وبحسب المعطيات، ليس في وارد التراجع، واعتقد انه قرّر أن ينتظر الموعد المقبل للاستشارات، وكذلك الأمر بالنسبة الى باسيل الذي قال صراحة إنّ تأجيل الاستشارات لن يغيّر موقفه. وبالتالي، الفجوة بينهما لا تُسدّ بمجرّد لقاء بينهما، حتى الآن هذا الامر ليس مطروحاً، فضلاً عن انّ الطرفين ليسا متحمّسين له».
وحينما سُئل: ولكن ماذا لو بقيت الصعوبات على حالها، فهل قد يدفع ذلك الى تأجيل ثانٍ للاستشارات المحددة الخميس المقبل؟ إكتفى المرجع بالقول: «كلّ الاحتمالات واردة، وفي النهاية العِلم عند رئيس الجمهورية».

 

سيناريو
في هذا الوقت، مضى يومان من المهلة الفاصلة عن استشارات الخميس، في غياب أيّ محاولة من أيّ طرف لِفتح كوّة في الجدار الفاصل بين الحريري وباسيل. وبحسب معلومات «الجمهورية»، لم يعبّر أي طرف عن رغبة في الدخول كوسيط بينهما. فيما أجواء تيار «المستقبل» و»التيار الوطني الحر»، تعكس تصَلّباً لهذه الناحية وعدم الرغبة في إتمام هذا اللقاء، أو على الاقل حصول تواصل هاتفي او عبر وسطاء بينهما.
وفيما تحدثت معلومات غير مؤكدة عن مَساع فرنسيّة تُبذَل لإجراء اتصال بين الحريري وباسيل، اكدت اوساط بين الوسط «أنّ الحريري لن يتصل بباسيل»، لافتة في الوقت نفسه إلى أن «لا نية لديه بالاعتذار عن الترشّح».
وفي المقابل نُقل عن أوساط مقرّبة من «التيار الوطني الحر» قولها «انّ باسيل لا ينتظر اتصالاً من الحريري، وحتى ولو حصل الاتصال فباسيل لن يغيّر رأيه في الحكومة ولن يسمّيه، ولا يريد مشاركته فيها، وليس هناك من أبعاد شخصية خلافية».
وفي هذا السياق، قالت مصادر سياسية لـ»الجمهورية»: انّ الطرفين يُحاذران الاقدام على اي خطوة قد تُفسَّر على أنها تراجعية امام الطرف الآخر. وبالتالي، فإنّ الطرفين لا يريدان أن يظهر أيّ منهما مكسوراً، لا معنويّاً ولا أمام جمهوره. وعليه، لا باسيل سيتراجع، ولا الحريري سيتراجع بل حالياً هو أكثر إصراراً على المضي في ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة، ولن ينسحب من هذه المعركة».
ولفتت المصادر الى «أنّ المرجّح في هذا الوضع هو بقاء الحال على ما هو عليه من تَباعد حتى موعد استشارات الخميس، ما يعني في هذه الحال أنّ كلّ الإحتمالات تبقى واردة، ومن بينها مبادرة رئيس الجمهورية الى تأجيل الاستشارات مرة ثانية، تحت الاسباب التي حَملته الى التأجيل الأول، خصوصاً انّ هناك من يقول إن رئيس الجمهورية يربط تحديد موعد الاستشارات بالتفاهم بين الحريري وباسيل، مع الاشارة هنا الى انّ مصادر بعبدا لم تؤكد هذا الكلام».
على انّ المصادر ذاتها تؤكد في الوقت نفسه أنّ إبقاء الاستشارات في موعدها الخميس من دون أي تعديل أو تأجيل هو احتمال قائم ايضاً، وفي حال إجرائها سيتم تكليف الحريري تشكيل الحكومة بأكثرية نيابية مريحة ومن دون أصوات تكتل «لبنان القوي»، وكذلك بلا أصوات تكتل «الجمهورية القوية». في هذه الحال قد تتعالى أصواتٌ تُشَكّك بميثاقية التسمية، في مقابل أصوات أخرى تشكّك بهذا التشكيك، من خلال التأكيد انّ الميثاقية متوفرة بأصوات النواب المسيحيين في كتلة الرئيس نبيه بري (2 نواب)، وكتلة المردة (4)، والكتلة القومية (3)، وكتلة الرئيس نجيب ميقاتي (2)، وكتلة تيارالمستقبل (3)، وكتلة اللقاء الديموقراطي (1)، إضافة الى المسيحيين المستقلين الذين سيسمّون الحريري».
وفي رأي المصادر أنّه لو مَرّ قطوع التكليف الخميس المقبل، فستعود الأمور وتعلق عند قطوع التأليف، حتى ولو قرّر «التيار الوطني الحر» ان يذهب الى المعارضة، وهو ما أشار اليه غير مرة رئيس التيار جبران باسيل. حيث أنّ رئيس الجمهوريّة قد يُصبح اكثر تشدداً في هذه الحال، ولا يُسَهّل على الحريري تشكيل الحكومة التي يريدها. وبالتالي، ما كان سيطالب به التيار للمشاركة في الحكومة سيطلبه رئيس الجمهورية من ضمن الحصة الرئاسية في الحكومة.

 

شينكر
من جهة ثانية، برزت أمس الحركة السياسية المكثّفة لمساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد شينكر، حيث التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي، وزار رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في معراب، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية.

 

إلتباس
وفيما أفيد بأنّ اللقاء بين الحريري وشينكر تناولَ موضوع ترسيم الحدود، اضافة الى موضوع تشكيل الحكومة من دون الغَوص في تفاصيله، كان اللافت للانتباه في هذا السياق هو الالتباس الذي رافَقَ زيارة شينكر الى الرئيس عون، حيث أشارت المعلومات الموزّعة من القصر الجمهوري الى أنّ عون أكد لشينكر «انّ لبنان يعوّل كثيراً على الدور الأميركي الوسيط للوصول الى حلول عادلة خلال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية»، معتبراً انّ هذا «الدور يمكن ان يساعد في تذليل الصعوبات التي قد تعترض عملية التفاوض». فأكد شينكر «استمرار الدور المسهّل والوسيط الذي تؤديه بلاده في المفاوضات»، متمنياً «العمل على إنجازها في اسرع وقت ممكن والوصول الى نتائج إيجابية».
وبحسب المعلومات، فإنّ عون أكّد للموفد الاميركي «انّ العمل يجري حالياً من اجل قيام حكومة نظيفة تركّز على تحقيق الإصلاحات الضرورية للنهوض بالبلاد من الأوضاع الاقتصادية والمالية المتردية التي تمر بها»، وبدوره «نَوّه شينكر بالدور الايجابي الذي يؤديه الرئيس عون في قيادة مسيرة مكافحة الفساد وتغيير النهج الذي كان سائداً في السابق»، معتبراً انّ «الإصلاحات في لبنان أساسية لا سيما ان لا فرق بين السياسة والاقتصاد». وأعربَ عن امله في ان «يتم تشكيل حكومة منتجة تعنى بتحقيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية».

 

السفارة
إلّا أنّ المتحدثة باسم السفارة الأميركية كايسي بونفيلد، عادت وقالت في تصريح توضيحي: «لاحَظ شينكر نَقشاً على السيف المُعلّق في مكتب الرئيس عون، الذي ينص على أنّ «الشفافية هي السيف الذي يقهر الفساد». وفي تعليقه، بشكل إيجابي على هذه الرسالة، شدّد شينكر على أنّه «يتعيّن على الرئيس أن يحمل (مجازاً) سيف الشفافية هذا، وأن يغيّر نموذج الحكم».