IMLebanon

الجمهورية: الراعي يسعى لجَمع عون والحريري.. ومفاوضات الترسيم تستأنف الإثنين

 

يدخل لبنان اليوم في إجازة طويلة نسبياً مع الجمعة العظيمة والفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية التي تتّبع التقويم الشرقي، وما بينهما عيد العمال الذين أصبحوا بلا عمل، وقد تكون مناسبة هذه السنة من أسوأ ما شهده العمال في تاريخهم، ولكن تزامن العيد مع قيامة السيّد المسيح يضفي الأمل على اليأس والإحباط، ويجعلهم يتحلّون بالإيمان بأن القيامة آتية لا محالة مهما طال أمد الجلجلة.

 

 

تراجعت السخونة السياسية وهدأت الجبهات وحلّت مكانهما المعالجة الهادئة للعلاقة مع المملكة العربية السعودية في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات في ظل إبداء المسؤولين اللبنانيين حَزماً في مقاربة هذه القضية، كما تركزّت الأنظار على موسكو التي استقبلت رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بعد استقبالها الرئيس المكلف سعد الحريري وقبله وفد “حزب الله” برئاسة رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، بالإضافة إلى لقاءات أخرى مرتقبة وقد تمّت جدولتها ومن المتوقع حصولها قريباً، ما يؤشر إلى الدور الذي تلعبه روسيا لبنانياً، وكأن المبادرة انتقلت إليها مع العتب الفرنسي على عدم تجاوب القوى المعنية بالتأليف مع مبادرتها ومساعيها.

 

 

لكنّ الحرص الروسي على تأليف الحكومة سريعاً وبرئاسة الحريري، لم يفلح حتى اللحظة في ترجمة الرغبة الروسية في إخراج الحكومة من عنق العقد والفراغ، وذلك على رغم فتح أبوابها للقاء المسؤولين اللبنانيين والاستماع إلى وجهات نظرهم وتشجيعهم على المضي قدماً في التأليف وتجاوز الاعتبارات الشخصية في الوقت الذي يواصل لبنان انهياره.

 

 

وما هو ظاهر للعيان انّ موسكو تقدمت لبنانياً، وهذا لا يعني تراجع أدوار الدول الأخرى وفي طليعتهم الولايات المتحدة الاميركية التي يبقى لها وحتى إشعار آخر الكلمة الفصل، ولا يبدو انّ واشنطن مهتمة بالتأليف بقدر اهتمامها بالترسيم في ظل معلومات عن استئناف مفاوضات الترسيم من دون ان يعرف بعد القواعد التي سيرتكز عليها هذا الاستئناف الذي سيشغل الرأي العام اللبناني ويعيد الاهتمام والأولوية إلى هذا الملف الحيوي.

 

 

وبالتوازي مع الدور الروسي الساعي إلى إخراج لبنان من الفراغ الحكومي، تَتكتّم الأوساط المتابعة على خلفية الزيارة الاخيرة التي قام بها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى القصر الجمهوري واجتماعه الطويل مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إذ كان الراعي قد دأبَ على زيارة عون عشيّة سفره إلى الخارج والتي تدخل في إطار الزيارات البروتوكولية، إلا ان الزيارة الأخيرة جاءت خارج السياق البروتوكولي، وقد وضعتها الأوساط المتابعة ضمن احتمالين:

 

– الاحتمال الأول ان يقطع البطريرك الطريق على التأويلات عن سوء العلاقة وتَردّيها بين بكركي وبعبدا، خصوصا لجهة الحملات التي يشنها “التيار الوطني الحر” على خلفية مواقفه، وتحديداً انتقاده العنيف لتصرُّف المدعي العام لجبل لبنان القاضية غادة عون، واتهامه بأنه أقرب إلى وجهة نظر الحريري من وجهة نظر العهد. وبالتالي، رغبَ البطريرك في هذه الزيارة التي حصلت بعد أيام على زيارة باسيل للصرح البطريركي من أجل ان يبرِّد المواجهة ضده.

 

– الاحتمال الثاني، وهو الأرجح، ان يكون البطريرك أراد إحياء وساطته بين عون والحريري، وبالتالي إعادة تقريب وجهات النظر بينهما، والدفع نحو لقاء جديد يجمعهما، لأنه لا يمكن ان تتألف الحكومة سوى بالتفاهم بينهما، ولكنه يحاول هذه المرة ان يهيّئ ظروف هذا اللقاء بعيداً من الأضواء ومن خلال حصر التباينات والخلافات والتمهيد للقاء مثمر وناجح.

وفي هذا السياق سألت اوساط مطلعة عبر “الجمهورية”: هل ستنجح موسكو بعدما فشلت باريس؟ وهل الوساطة المتجددة للراعي، في حال صحّت المعلومات، سيختلف مصيرها هذه المرة عن الوساطة السابقة؟ وهل الأمل في ولادة الحكومة ما زال ممكناً؟ وهل ستحمل عطلة العيد إلى جانب الدعوات بالقيامة الحقيقية للبنان لقاءات تُفضي إلى ولادة الحكومة؟ أم ان هذا الملف وضع على الرف ومن الصعوبة بمكان ان تتألف الحكومة في ظل أزمة ثقة لا توصف بين عون والحريري؟

 

إجراءات فرنسية

في ظل هذه التساؤلات، اكد وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان، في مؤتمر صحافي عقده أمس مع نظيره المالطي افاريست بارتولو، ووزّعت السفارة الفرنسية نصه، وتطرّق فيه الى الوضع اللبناني “ان الاوضاع في لبنان مسألة اقليمية ومتوسطية ومسألة للأوروبيين. وان تردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية فيه، هو نتيجة استمرار المسؤولين السياسيين في عرقلة تشكيل حكومة كفوءة والقيام بإلاصلاحات في البلاد”. واضاف: “أكرر هنا ما قلته خلال زيارتي في تموز 2020 عندما عدت من لبنان حيث أدليتُ بتصريحات جادة. واكرر اليوم أن المسؤولين عن العرقلة يجب ان يفهموا اننا لن نكون مكتوفين، لقد بدأنا مع شركائنا الاوروبيين العمل على الخطوات التنفيذية للضغط عليهم، وبدأنا في فرنسا بإجراءات لمنع الدخول الى الأراضي الفرنسية، لشخصيات نعتبرها معرقلة للعملية السياسية وضالعة في الفساد”.

وختم: “نحن نحتفظ بإمكانية تبنّي خطوات اضافية ضد كل من يعوق الخروج من الأزمة، وسنقوم بذلك بالتنسيق مع شركائنا الدوليين”.

وكان لودريان قد قال الشهر الفائت إن بلاده ستتخذ إجراءات في حق من عرقلوا حل الأزمة في لبنان، مشيراً إلى أن “الأيام المقبلة ستكون مصيرية”. وأوضح يومذاك أنّ “التعامي الذي يمارسه المسؤولون اللبنانيون ورفضهم الاتفاق على تشكيل الحكومة هو جريمة”، مشيراً إلى أنه “في حال لم يتحمّل بعض المسؤولين اللبنانيين مسؤوليتهم.. ستتحمل فرنسا مسؤوليتها”.

 

باسيل في موسكو

وعلى صعيد الاستحقاق الحكومي لم يسجل اي جديد امس، فيما أعلن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، خلال مؤتمر صحافي عقب لقائه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في موسكو، أنه طلب اليه “لعب الدور اللازم لحَضّ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على إنهاء ملف التأليف، وعقد مؤتمر في لبنان لتشجيع عودة النازحين”. وأكد أنّ “روسيا لا تتدخّل في الشؤون الداخلية للدول لكنّنا شجعناها على القيام بدور تحفيزي للأفرقاء للإسراع في التأليف، لأنّه يوجد تقصير في إنجازه”.

ولفت باسيل الى أنّ “لبنان انهار الآن نتيجة الضغوط عليه والفساد في داخله، وتلزمه إصلاحات جذرية وبنيوية لإنهاضه، وهذا يتطلّب قراراً سياسياً لبنانياً غير مكتملة عناصره، ويلزمه حكومة من الاختصاصيين تكون مدعومة من القوى السياسية والبرلمانية الأساسية لكي تتمكّن من تحقيق هذه الإصلاحات، من دون أن تكون فيها القدرة لأحد على السيطرة عليها وعلى منع هذه الإصلاحات من التحقق”. وقال: “إذا كان لبنان متوجهاً الى اعتماد خيار صندوق النقد الدولي فهذه الإصلاحات معروفة، وعلى رأسها التدقيق الجنائي، إضافةً الى ضبط التحويلات الى الخارج وإعادة الأموال المحوَّلة الى الخارج وغيرها”. ورأى أنه “لا يُمكن إجراء الإصلاح وإعادة بعض الحقوق للبنانيين من دون ذلك، حتى ولو تَوجّه لبنان الى الشرق بدلاً من الغرب، أو إذا بقي متوسطاً بين الشرق والغرب. فلا يُمكن إنهاض لبنان من دون إصلاحه”.

وكان باسيل قد استهلّ زيارته لموسكو، أمس، بلقائه نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، ثم لبّى بعدها دعوة لافروف الى الغداء.

 

مفاوضات الترسيم

وتزامناً مع الحديث المتجدد عن إمكان استئناف المفاوضات لترسيم للخط البحري في 3 ايار المقبل، قالت مصادر الوفد اللبناني الى هذه المفاوضات لـ”الجمهورية” ان “لا موعدا رسميا بعد وان لبنان ينتظر دعوة رسمية من الجانب الاميركي الذي يرعى ويسهل المفاوضات لم تصل بعد، وانّ ما حصل كان مجرد استمزاج رأي لمدى استعداداتنا للمشاركة في الجلسة الخامسة التي علّقت منذ 2 كانون الاول العام الماضي”.

وكشفت مصادر معنية بالمفاوضات لـ”الجمهورية” ان رئيس الوفد الاميركي جون دو روشيه سيصل الى بيروت بعد غد الأحد يرافقه اثنان من مساعديه، وهو سيحمل معه الدعوة الرسمية الى استئناف المفاوضات الاثنين المقبل.

 

نقطة الاستئناف

وفي المعلومات ايضاً ان الجانب الاميركي نال موافقة اسرائيل على استئناف المفاوضات في هذا الموعد المحدد. وقالت مصادر الوفد لـ”الجمهورية” انه “من الطبيعي ان تستأنف المفاوضات في جلستها الخامسة المؤجلة من حيث انتهت في الجلسة الرابعة منها في 29 تشرين الثاني من العام الماضي، فالجانب الإسرائيلي رفض الطرح اللبناني المتصل بالخط 29، ونحن ما زلنا متمسكين به في انتظار ما سيكون عليه موقف الجانبين الاميركي والاسرائيلي”.

 

خط إسرائيلي وهمي

اما بالنسبة الى الخط الاسرائيلي الجديد الذي سمّي الخط 321 فهو ما زال خطا وهميا تحدث عنه الجانب الاسرائيلي عند البدء بالمفاوضات، وتحديداً قبَيل استئناف المفاوضات في الجلسة الاولى البروتوكولية التي عقدت في 14 تشرين الأول الماضي، وهو خط سبقَ للبنان ان أعطى رأيه فيه واعتبره مجرد رأي ولا سند قانونياً له في اي من المعايير التي يحددها قانون البحار، وسبق لهم ان تحدثوا عنه في وسائل الاعلام ولم يحمله الوفد يوماً الى طاولة المفاوضات غير المباشرة طوال الجلسات الاربع الماضية.

 

بعبدا تنتظر

وفي هذه الاجواء كشفت مصادر قريبة من قصر بعبدا ان رئيس الجمهورية ينتظر الدعوة الاميركية الى المفاوضات، ولفتت الى ان الوفد اللبناني جاهز لاستئنافها من حيث انتهت ولا دخل لها بمصير تعديل المرسوم 6433. واكدت ان أمر تعديل هذا المرسوم طوي نهائياً، وهو امر لا علاقة له بمصير المفاوضات الجارية، فالوفد اللبناني حمل طروحاته إلى المفاوضات وسيبقى من ضمن سقوفها ولن يطرأ اي تعديل وان كان البعض ينتظره عليه ان يَعي هذه الحقيقة الناجزة.

وفي غضون ذلك، اعلن مكتب وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز أمس أن الجانب الإسرائيلي “يدرس إمكانية استئناف التفاوض على أساس المنطقة المتنازَع عليها المعروفة”.

وعلى صعيد الازمة مع المملكة العربية السعودية التي نتجت من تهريب الرمان المخدر والقرار السعودي بوقف اسيتراد المنتوجات الزراعية والفواكه اللبنانية، وفيما تواصلت التحقيقات والاجراءات لكشف ملابسات ما حصل، توجّه وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي في بيان له “بالشكر والامتنان الى الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الامير محمد بن سلمان ونظيره وزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف على المبادرة الانسانية الطيبة، للسماح للبضائع اللبنانية العالقة على الحدود السعودية وفي ميناء جدة بالدخول الى المملكة”. وأكد انه “على يقين في أنّ مملكة الخير لن تألو جهداً لإعادة النظر بموقفها الأخير، وخصوصاً في المرحلة الدقيقة التي يمر فيها لبنان وشعبه”.

وفي اطار الاجراءات المتخذة لمكافحة التهريب أعطى وزير المال غازي وزني، بعد اجتماع مع رئيس المجلس الأعلى للجمارك أسعد الطفيلي والمدير العام للجمارك بالتكليف ريمون خوري ومدير دائرة المناقصات جان علية، توجيهاته بمتابعة تطبيق المرسوم 6748 الذي يتعلق بنظام السكانر. وشدّد وزني على ضرورة الإسراع في موضوع الاستشارات الفنية لإنجاز دفتر الشروط لإطلاق مناقصة السكانر نظراً لأهمية وضرورة مكافحة التهريب.

 

حفظ شكوى

ومن جهة ثانية، أصدر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات قراراً قضى بحفظ الشكوى التي قدّمها ميشال مكتف ضد الخبراء الأربعة الذين رافقوا النائبة العامة الإستئنافية القاضية غادة عون الى “شركة مكتف” في منطقة عوكر، وهم: دافيد سلوم، إيدي عازار، جوزف خوري وفيكتور صوما، وذلك بجرم انتحال صفة خبير وقدح وذم وخرق سرية مصرفية والدخول عنوة الى حرم مؤسسة خاصة.

واعتبر عويدات في قراره أنه “سنداً لأحكام المادة 185 عقوبات، لا يعد جريمة الفعل المرتكب إنفاذاً لأمر شرعي صادر عن السلطة، لأن أي مأمور من قاض خلال تنفيذ أمر تفتيش، لا يملك حق التحقق من مشروعية الأمر المعطى له، بغض النظر عن مشروعية الإجراءات التي اعتمدت”.

 

كورونا

صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 1336 إصابة جديدة (1319 محلية و17 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 525577. كذلك سجلت 25 حالة وفاة جديدة ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات الى 7249 منذ تفشي الوباء في شباط 2020.