IMLebanon

الجمهورية”: برّي مكرراً: المشكلة داخلية.. ونصرالله: سنستورد الفيول الإيراني.. وليمنعونا

لم يسجّل أمس أي تطور ملموس على جبهة التأليف الحكومي، وظل الغموض يلف المساعي الجارية لاستيلاد الحكومة تأسيساً على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما يستمر الانهيار في الاوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية على وقع عودة سعر الدولار الى الارتفاع أمس متخطياً عتبة الـ14 الف ليرة، بينما يتصرف المسؤولون ومعهم المعنيين بتأليف الحكومة كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال غير غابئين بمعاناة اللبنانيين اليومية ولا بالخطر الكبير الذي يهدد البلاد بالزوال.

خرج زوّار مرجع كبير أمس بانطباعات قاتمة ومتشائمة حول احتمال تشكيل الحكومة قريباً، مشيرين الى انّ هذا المرجع لمّح الى ان ليس هناك من جديد نوعي في هذا الشأن، مع تأكيده انّ المساعي ستستمر لحلحلة العقد لأن لا خيار سوى تكرار المحاولات.

 

واشار هؤلاء الى انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري و«حزب الله» بذلا، ولا يزالان، اقصى الجهود الممكنة لدى طرفي النزاع الحكومي لدفعهما الى تبادل التنازلات والالتقاء في الوسط، إنما لا نتيجة حاسمة حتى الآن، وهما مصممان على متابعة هذا المسعى الذي يرجّح انه قاد الخليلين والحاج وفيق صفا الى لقاء جديد مع رئيس «التيار الوطني الحر النائب» جبران باسيل.

 

وانطلاقاً من هذه الوقائع، تبدي اوساط اقتصادية تخوفها مما سيؤول اليه الوضع الاقتصادي والواقع الاجتماعي قريباً مع فرض ترشيد او رفع الدعم كأمر واقع من دون أن تكون البدائل جاهزة. واعربت هذه الاوساط عن قلقها من تداعيات تعميم مصرف لبنان الاخير (المتعلق بتسديد دفعات للمودعين بالليرة وفق سعر المنصة) على سقف الدولار.

 

لقاء البياضة

 

وفي مستجدات ملف التأليف الحكومي وفي موازاة المواقف التي اطلقها كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، علمت «الجمهورية» انّ اجتماعاً ثانياً عقد مساء امس بين معاونيهما السياسيين النائب علي حسن خليل والحاج حسن خليل وبين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل في منزل الاخير في البياضة واستمر حتى ساعة متأخرة من الليل، تم خلاله استكمال البحث في النقاط العالقة ولا سيما منها التفاوض حول مرجعية تسمية الوزيرين المسيحيين في حكومة الـ24 وزيراً المطروحة.

 

وقالت مصادر عاملة على ملف التأليف الحكومي لـ«الجمهورية» ان طلب باسيل أن لا يسمّي هو ولا الحريري هذين الوزيرين المسيحيين رفضه الرئيس المكلّف واعتبره اعتداء فاقعاً على صلاحياته، لأنه هو من يؤلف الحكومة وهو يقترح الاسماء ويحق لرئيس الجمهورية قبولها او رفضها كونه شريكاً في عملية التأليف، أما ان يُملى عليه ماذا يفعل ويُمنع من تسمية هذا او ذاك فهذا الامر مرفوض ولا يمكن تكريسه في عمليات التأليف.

 

وعن منح الثقة من عدمها للحكومة في مجلس النواب، قالت المصادر نفسها انّ هذه النقطة لا تزال عالقة ولكن متى تحلحلت في موضوع تسمية الويزيرين المسيحيين يمكن ان يشملها الحل.

 

وفي الوقت الذي احتفظت اوساط «بيت الوسط» بكثير من الصمت تجاه ما يحصل، قالت لـ«الجمهورية» انّ الحريري ابلغ الى بري في آخر لقاء جمعه بموفده علي حسن خليل قبل نهاية عطلة الاسبوع الماضي بموقفه النهائي بما هو مطروح، وهو ينتظر ردة فعل باسيل من الصيغة النهائية التي بقيت ملكاً للرئيس بري وموفديه.

 

وعليه، اكتسب الاجتماع الذي جمع الخليلين ووفيق صفا ليل امس بُعداً مهماً سواء ان تبلّغ الخليلان موقف باسيل مما هو مطروح قبولاً أو رفضاً.

 

وفي بعبدا ساد صمت واكتفت مصادرمطلعة على اجوائها لـ»الجمهورية» بالقول انها تنتظر نتائج المساعي المبذولة على أكثر من مستوى، وخصوصاً بين باسيل وموفدي بري و»حزب الله».

 

بري

 

وكان نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي نقل عن بري قوله أمس انه «من المفترض ان يكون هذا الاسبوع حاسماً لأن لبنان لم يعد في إمكانه التحمّل، وان نظرة واحدة الى الشارع والى العائلات والخدمات تعطينا العبَر»، مشيراً الى انّ «هناك اتصالات حثيثة تجري لتذليل العقبة او العقبتين المتبقيتين وليس أكثر».

 

وكرّر بري التأكيد «أنّ مشكلة لبنان داخلية مئة في المئة، وأكثر من ذلك يؤسفني القول انّ الجو الدولي والعربي والعالم كله رحيم بلبنان اكثر من اللبنانيين انفسهم، فإذا لم تقدم المساعدة لنفسك لا تستطيع ان تطلب المساعدة من الغير، وأكبر دليل المسعى الفرنسي».

 

نصرالله

 

وفي غضون ذلك اطلّ السيد نصرالله عبر شاشة قناة «المنار» في الذكرى الـ30 لتأسيسها، وبدا في صحة جيدة داحضاً كل ما أشيع حول تدهور في صحته إثر الوعكة الصحية التي بَدت عليه في اطلالته لمناسبة عيد المقاومة والتحرير في 25 ايار المنصرم.

 

وأشار نصرالله إلى «مواصلة السعي لتأليف الحكومة وعدم اليأس»، مشدداً على «مساعدة رئيس مجلس النواب نبيه بري في مبادرته». ودعا المعنيين بتأليف الحكومة الى أن «يسمعوا أوجاع الناس ويشاهدوا القلق في عيونهم، وأن يضعوا المشهد الإنساني أولاً قبل اعتباراتهم».

 

وأوضح أنّ «تراكم الأزمات أوصَل البلد إلى ما نحن عليه اليوم»، مشيراً إلى أنّ «اتهام «حزب الله» بأنه سبب الأزمة وتجاهل الأسباب الحقيقية هو خطاب أميركي واسرائيلي».

 

ووصف الأداء الرسمي الحالي بالضعيف، وشدد على «وجوب معالجته لا سيما أنّ أزمة الحكومة طالت وقد تطول أكثر».

 

وعن الانتخابات النيابية قال نصرالله: «لم يخطر في بالنا تأجيل الانتخابات النيابية ولم نناقش هذا الأمر مع أحد من حلفائنا. ما زلنا ضد الانتخابات النيابية المبكرة واللجوء إليها مضيعة للوقت فماذا سيتغير في المشهد السياسي؟ وهي إلهاء للناس عن الاستحقاقات التي تشغلهم ليلاً ونهاراً، وبدل أن تتحدث القوى السياسية عن إجراء انتخابات نيابية مبكرة فلتتفضّل وتشكل حكومة، الذين يقررون مقاطعة الحكومة وعدم المشاركة فيها بدل أن يتحدثوا عن انتخابات نيابية مبكرة فليتفضلوا ويتحمّلوا المسؤولية ويشاركوا في الحكومة».

 

واشار نصرالله الى انّ «الأداء الرسمي ضعيف في كل الملفات ما يزيد من المعاناة، وعلى الحكومة ان تتحمل المسؤولية». ولفت الى انّ «المحتكرين يسرحون ويمرحون وهم معروفون ويحظون بالتغطية السياسية وهم محميّون من القوى السياسية ومرجعيات دينية طائفية ومن جهات في الدولة». وشدد على انه «على الحكومة الحالية والوزارات المعنية ان تعلن الحرب على الاحتكار والمحتكرين وهذا جزء من المعالجة». وقال: «إذا بقيت الدولة على تقاعسها سنذهب الى ايران ونتفاوض ونشتري بواخر بنزين ومازوت ونأتي بها الى ميناء بيروت، وليتفضّل أي أحد على مَنعنا من إدخال تلك المواد». وأشار إلى أن «إيران مستعدة لتسليم لبنان المازوت والبنزين وبالليرة اللبنانية (…) فليوافق لبنان على مساعدة إيران وستَرون بواخر المحروقات انطلقت إلينا».

 

«لبنان القوي»

 

من جهته تكتل «لبنان القوي» قال، إثر اجتماعه الدوري إلكترونياً أمس برئاسة باسيل، انّ «اللبنانيين ما زالوا ينتظرون نتائج ايجابية لمسعى رئيس مجلس النواب وتجاوب الرئيس المكلّف معه». ورأى أن «على رئيس الحكومة المكلّف حسم قراره بالتأليف أو عدمه، وعلى جميع المعنيين تحمّل مسؤولياتهم لناحية إظهار الحقائق دفعاً للتأليف لأنّ التغاضي عنها او تحويرها يسمح بمزيد من اضاعة الوقت الثمين». واذ اعتبر انّ «المعالجات الجزئية لأزمة دعم المواد الأساسية غير كافية»، طالبَ مجلس النواب بأن «يتحمّل مسؤولياته بالبَت سريعاً بالبطاقة التمويلية وترشيد الدعم، بما يحلّ مشكلات الكهرباء والدواء والمواد الغذائية والمشتقات النفطية. وأيّ تقصير يؤدي الى اضطرابات اجتماعية، ستقع حتماً، يتحمّل مسؤوليته المتقاعسون».

 

وثَمّن التكتل «إقرار اقتراح قانون الكابيتال كونترول في لجنة المال والموازنة»، وطالب «مصرف لبنان بإحالة المعطيات المالية والأرقام المطلوبة للبت بالبنود المالية في اقرب وقت في الهيئة العامة».

 

حزب الكتائب

 

وبدوره، توقف المكتب السياسي الكتائبي، خلال اجتماعه أمس برئاسة رئيس الحزب سامي الجميّل، عند ما سمّاه «البهلوانيات والمناورات المالية التي تمارس»، مؤكداً انها « لم تعد تقنع احداً، فالكابيتال كونترول صدر بتأخير 19 شهراً لقوننة اموال مهرّبة أصلاً، يقابله تدبير آخر مقنّع من إنتاج مصرف لبنان حول اللبنانيين كرة يتمّ تقاذفها فيما المشكلة الحقيقية تكمن في فقدان الثقة الداخلية والخارجية بالحكام ومن يقف وراءهم». واكد انّ «البلاد لا يمكن ان تبقى رهينة فريقين يتنازعان على السلطة ويدوران بالبلد في حلقة مفرغة من المطالب والمطالب المضادة تحت ستار حقوق الطوائف ودستورية المواقع». ولاحظ انّ «المشهد اللبناني الذي يزداد قتامة لن يتغير الّا برحيل هذه المنظومة عبر الانتخابات التي اقترب موعدها».

 

تسديد الودائع

 

مالياً، وبعد تأخير 24 ساعة عن الموعد المحدّد، صدر التعميم المتعلق بالتسديد التدريجي للودائع بالعملات الاجنبية، وفق التسمية التي أطلقها مصرف لبنان عليه. وسيبدأ العمل بهذا التعميم بدءاً من نهاية حزيران الجاري.

 

لم يتضمن نصّ التعميم أي عناصر جديدة عن تلك التي سبق وأعلنت. وهو في عنوانه العريض ينصّ على تحديد مبلغ 50 الف دولار مخصّصة للإعادة الى اصحابها، على ان تُقسم الى قسمين 25 الف دولار نقداً، و25 ألف دولار بالليرة على سعر المنصة (12 الف ليرة للدولار).

 

واللافت في التفاصيل انّ هذا المبلغ مقسّم على 5 سنوات، وهو بالهيكلية والتسمية لا يمكن اعتباره رديفاً لقانون «الكابيتال كونترول»، اذ انّ القانون يحدد سقوفاً للسحب لجميع المودعين ولا يشترط فترة زمنية محددة لفتح الحساب، او طريقة تحريك الاموال فيه. وبالتالي، يبقى السؤال هل سيصدر لاحقاً قانون الكابيتال كونترول؟ وهل سيتم العمل بالقانون والتعميم معاً، في اعتبار انّ التوصيف الوظيفي لكل منهما يختلف عن الآخر؟ واذا كان ذلك غير ممكن، وصدور القانون سيُلغي مفاعيل التعميم، من حق المواطن ان يسأل عن جدوى صدور التعميم بعد إنجاز الصيغة النهائية لاقتراح قانون الكابيتال كونترول وإحالته الى اللجان؟

 

هذه الالغاز لا تعكس سوى حال التخبّط التي تسود في كل مراكز القرار، بحيث يبدو المشهد وكأنّ كل مؤسسة تعمل منفردة وبمعزل عمّا تنجزه المؤسسة الاخرى، على رغم علمهما المسبق بعُقم العمل وفق هذا الاسلوب.