IMLebanon

مانشيت: الأعياد «تلتهم» فرص التأليف… وسجال على «التطبيع» يُعمِّق المأزق

 

ما كان ينقص مسار التأليف الحكومي ما يعانيه من عقد وتعقيدات تُمعن في تأخير إنجازه، حتى برزت أمس في وجهه عقدة جديدة تمثّلت في تأكيد الرئيس المكلّف سعد الحريري أنّ الحكومة لن تؤلّف إذا اشترط البعض تضمين بيانها الوزاري مطلب تطبيع العلاقات اللبنانية – السورية، ليردّ عليه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله من دون أن يسمّيه بقوله: «أنصح بعض القيادات التي نحن على خلاف معها مع شأن العلاقة مع سوريا ألّا يلزموا أنفسهم بمواقف قد يتراجعون عنها». وقد دفع التطور المراقبين إلى الاستنتاج بأنّ تأليف الحكومة كلّما ازداد تأخّراً، كلّما ازداد تعقيداً، خصوصاً أنّ بعض الأفرقاء عادوا يراهنون أكثر فأكثر على متغيّرات إقليمية لا يملك أحد منهم تحديد موعدها ومستقرها، مفضّلين عدم الدخول في تسويات تسهّل ولادة الحكومة على متغيرات مفترضة تحسّن حصصهم الوزارية والشروط.

مع دخول البلاد في إجازة طويلة، بدءاً من عطلة عيد انتقال السيدة العذراء اليوم مروراً بنهاية الاسبوع وصولاً الى عطلة عيد الاضحى التي تمتد لثلاثة ايام، تنعدم المعطيات عن حل قريب للعقد وتتبخّر الآمال بولادة حكومية قريبة خلافاً للاجواء التي سادت أخيراً. وفي هذا السياق أكد معنيون بالاستحقاق الحكومي ان لا شيء ملموساً ويتوقع حصوله في خلال ما تبقى من ايام هذا الشهر على صعيد الولادة الحكومية نظراً لحلول بعض الاعياد والمناسبات، فاليوم يحلّ عيد انتقال السيدة العذراء ويوم الاربعاء المقبل يحلّ عيد الاضحى المبارك، وفي نهاية الشهر الجاري تحلّ ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه والتي ستحييها حركة «أمل» في مدينة بعلبك هذه السنة، وسيطلق خلالها رئيس مجلس النواب نبيه بري جملة مواقف تتصل بكل القضايا المطروحة داخلياً وإقليمياً ودولياً.

وقد نقل زوّار بري عنه قوله أمس انه ينتظر استكمال الرئيس المكلف سعد الحريري الاتصالات التي بدأها أخيراً، وذلك لكي يتابع هو في ضوء نتائجها اتصالاته بالمعنيين للمساعدة في تذليل بعض العقد التي يرى انها ما زالت عقداً داخلية حتى الآن وتتعلق بالحصص وتوزيعها. وأضاف: «على رغم الاجواء الايجابية التي سادت واستمرار الاتصالات لم يتحقق أي شيء ملموس حتى الآن، ولكن هذه الاتصالات متواصلة وهناك انتظار لأجوبة بعض القوى السياسية فضلاً عن ضرورة استكمال الرئيس المكلف خطواته».

الحريري

كذلك فإنّ ما عزّز الانطباع بتلاشي الآمال بولادة الحكومة قريباً، تأكيد الحريري «أن لا تقدّم حتى الآن، وأنّ هناك حاجة لبعض الوقت للتوصّل الى صيغة نهائية»، مشدداً على أنّ عدم تأليف الحكومة حتى الآن «هو فشل لبناني بحت»، نافياً أن يكون للعامل الإقليمي أي تأثير على مسار التأليف. مشيراً الى انه سيزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عندما يتكوّن لديه شيء ملموس.

وقال الحريري في دردشة مع الصحافيين أمس قبَيل ترؤسه الاجتماع الاسبوعي لكتلة «المستقبل»: «اليوم نشهد تنازلات طفيفة من جميع الأطراف، وربما لا زلنا في حاجة إلى قليل من الوقت للتوصّل إلى صيغة نهائية. هناك بعض التقدم في موضوع الحقائب والأعداد، والأمر في حاجة إلى القليل من الوقت».

واعتبر الحريري «انّ «القوات اللبنانية» تريد إمّا منصب نائب رئيس الحكومة وإمّا حقيبة سيادية، وقد رفضت عرض (إعطائها) 4 وزارات أساسية». نافياً أن يكون الوزير جبران باسيل قد طلب منه إعطاءها حقيبة سيادية من حصته. واشار الى انّ موضوع الحقيبة السيادية «يحتاج إلى بعض الوقت الإضافي».

 

وشدد على «انّ المطلوب إيجاد المخرج الذي يجعل من الجميع رابحاً من تأليف الحكومة. أمّا إذا أوحت تركيبة الحكومة بأنّ هناك خاسراً ورابحاً، فإنّ ذلك سيشكل عقبة في عملها». وقال: «أريد أن أشكّل حكومة يشعر فيها الجميع أنهم حصلوا على الحصة التي يستحقونها».

ورأى الحريري انّ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط «مكوّن سياسي أساسي في البلد، ولا يمكننا إنكار وجوده. هو ربح الانتخابات في مناطقه، وعلى جميع الأطراف أن يهدأوا».

وأعلن عدم موافقته على عودة العلاقات اللبنانية – السورية، وقال عن مطالبة البعض بتضمين البيان الوزاري مطلب عودة هذه العلاقات شرطاً لتأليف الحكومة: «عندها لا تتشكّل الحكومة، وهذا هو الأمر بكل صراحة». وكرر تأكيده حرص المملكة العربية السعودية «على أن نؤلّف حكومة في أسرع وقت ممكن».

«التيار»

وفي حين غاب اجتماع تكتل «لبنان القوي» امس، رفضت مصادر «التيار الوطني الحر» التعليق على كل ما يشاع عن قبول «التيار» بـ10 وزراء له ولرئيس الجمهورية، وقالت: «لا نعلّق على هذا الكلام لأنّ الموضوع ليس بالعدد ولا بثلث معطِّل، خصوصاً انّ رئيس الجمهورية ليس في حاجة الى ثلث معطِّل». وشددت على «ان الموضوع يتعلق بحقوق التمثيل سواء بالنسبة الى تكتل «لبنان القوي» او الى رئيس الجمهورية، وإن «التيار» غير مستعد للتنازل عن هذه الحقوق».

«القوات»

في المقابل، شبّه مصدر بارز في «القوات» سلوك بعض قياديي «التيار الوطني الحر» بـ«سلوك بعض القوى الشيعية في العراق»، «بينما يتمايز شيعة لبنان في إدارة شؤونهم بحكمة وحنكة».

ورأى المصدر انّ «التيار» لو يحترم المعايير المتوافق عليها في توزيع الحقائب الوزارية، لأمكن صنع توازن تام في السلطة مع المكونات الاخرى»، مشيراً الى «انّ تفاهم معراب نجح خلال فترته الذهبية القصيرة في تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية على ارض الواقع، من دون الحاجة الى تعديل النص، «الّا انّ المؤسف هو انّ «القوات» التي تملك مقاربة استراتيجية للأمور اصطدمت لاحقاً بعقلية «الدكنجي» لدى مسؤولين محددين في «التيار»، من دون ان يعني ذلك اننا سنتخلى عن العمق الاستراتيجي للمصالحة المسيحية». (راجع ص 4)

نصرالله

وفي غمرة التعقيدات والمعوقات المتعددة التي تعوق ولادة الحكومة العتيدة، أمل الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله في «الذكرى 12 لانتصار تموز» في «ان يؤدي الحوار الى تشكيل الحكومة»، وشدد على تَجنّب الشارع والحرص على الامن والامان في لبنان، وقال: «اذا كان هناك ايّ احد يراهن على متغيرات إقليمية تؤثر على تشكيل الحكومة فهو مشتبه، نحن منذ البداية كنا متواضعين في مطالبنا وما زلنا، ولكن إذا ثبت انّ البعض يراهن على متغيرات اقليمية فإنّ من حقنا ان نعيد النظر في مطالبنا»، ونَصح «بعض القيادات التي نحن على خلاف معها بشأن العلاقة مع سوريا ألّا يلزموا أنفسهم بمواقف قد يتراجعون عنها». واعتبر أنّ «العقوبات الأميركية على إيران و«حزب الله» ستؤثر، لكنّها لن تمس من قوتنا وتأثيرنا». وقال: «كل ما قاموا به ضد إيران جعلها أقوى والعقوبات لن تمس عزيمتها وقوتها وثباتها». وشدد على أنّ «المقاومة اليوم في لبنان، بما تمتلك من سلاح وإمكانات وخبرات وتجارب وإيمان وعزم وشجاعة، هي أقوى من أي زمن مضى منذ انطلاقتها في هذه المنطقة»، واكد «انّ «حزب الله» والمقاومة في لبنان اليوم أقوى من الجيش الاسرائيلي».

النازحون

وعلى صعيد ملف عودة النازحين السوريين الى بلادهم، قال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف انّ موقف الغرب من هؤلاء النازحين فاجأ موسكو، وأكد أنّ الظروف قائمة لبدء عودتهم إلى ديارهم.

وقال لافروف في مؤتمر صحافي مع نظيره التركي مولود جاويش اوغلو في انقرة: «تمّ إخلاء جزء كبير من سوريا من الإرهابيين، وحان الوقت لإعادة بناء البنية التحتية وكل ضرورات الحياة لبدء عودة اللاجئين من تركيا ولبنان والأردن ومن أوروبا إلى ديارهم».

والى ذلك حضرت المبادرة الروسية في شأن عودة النازحين في لقاء مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا ميخائيل بوغدانوف مع السفير السوري في موسكو رياض حداد، وكذلك مع رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» الوزير طلال أرسلان.

وأفاد بيان لوزارة الخارجية الروسية انه «جرى تبادل الآراء بنحو مفصّل حول تطورات الوضع في لبنان وما حوله، وأكد الجانب الروسي موقفه الثابت الذي يدعم استقلال الجمهورية اللبنانية وسيادتها ووحدة أراضيها، وعزمه مواصلة علاقات الصداقة التقليدية بين روسيا والشعب اللبناني المتعدد الطوائف وتطويرها وتعزيزها». وأضاف البيان أنّ الطرفين بحثا في موسكو «قضايا تسوية الأزمة السورية، بما في ذلك حزمة المسائل المرتبطة بعودة اللاجئين السوريين الموجودين في الأراضي اللبنانية إلى وطنهم».

في هذا الوقت أعلن نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين أنّ وزارة الدفاع الروسية تتعاون بنشاط مع سلطات الدول المجاورة لسوريا في شأن عودة اللاجئين إلى بلادهم، وأنها «نظّمت تعاوناً نشطاً مع قيادات سوريا وتركيا والأردن ولبنان والعراق ودول أخرى في المنطقة، وأقيمت اتصالات مع الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ومع الولايات المتحدة لمنع الحوادث وضمان أمن الطيران». وأشار إلى أنّ نحو 7 ملايين لاجئ من سوريا مُجبرون حالياً على اللجوء إلى 45 دولة حول العالم. العدد الرئيسي للاجئين (نحو مليونين) موجودون في أراضي الأردن المجاورة، وأكثر من مليون في لبنان.

 

وتعتبر عملية عودة اللاجئين السوريين، التي أطلقت بمشاركة وزارة الدفاع الروسية مباشرة، خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار في الموقف».

الخارجية وغراندي

وفي لبنان، وغداة إعلان مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي معارضته «عودة اللاجئين السوريين الى بلادهم في الظروف الحالية»، أعلنت وزارة الخارجية اللبنانية عدم موافقتها على كلامه «لأنها على العكس من ذلك، تعتبر انّ العودة الجزئية والمُمرحلة هي ممكنة وظروفها متوافرة». وإذ ثمّنت كلامه «حول استعداد الامم المتحدة لمساعدة من يريد العودة»، ذكّرت بمطالبتها مفوضية اللاجئين «منذ فترة بوضع برنامج لهذه العودة»، آملة في أن تساعد زيارته لسوريا «على تحقيق ذلك»، ودَعته الى «تقييم الوضع الأمني بطريقة موضوعية والاعتماد على التقارير الأمنية الواردة من معظم الأجهزة الأمنية العالمية، والتي تقاطعت بمعظمها على أنّ الوضع الأمني في سوريا أصبح مستقراً في كثير من المدن والمحافظات السورية».

 

وأكدت «أنّ شروط عودة النازحين السوريين الآمنة والكريمة قد توافرت اكثر من أي وقت مضى»، وانها «تتطلّع للعمل مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لوضع ملف عودة النازحين على طريق الحل النهائي والمستدام».

تأثيرات الأزمة التركية

على صعيد آخر، بدأ الكلام يتكاثر في بيروت في شأن التداعيات المحتملة لانهيار العملة التركية على الوضع الاقتصادي في لبنان، والذي لا تنقصه تعقيدات إضافية بسبب المرحلة الدقيقة التي يمر بها. ويظهر من مواقف الخبراء اليوم، انّ لبنان سيتأثر حتماً بما يجري في تركيا، لكنّ درجة التأثير تتفاوت وفق القطاعات، وحسب التطورات اللاحقة. وكشف مصدر مصرفي لـ«الجمهورية» انّ المصارف اللبنانية تراقب عن كثب ما يجري في تركيا لتبني على الشيء مقتضاه، وأنّ مصرف لبنان يتابع الوضع بدقة، عبر جمعية المصارف لتجنّب اي تأثير لهذه الأزمة، عَدا عن انّ مصارف لبنان تلتزم المعايير الدولية وفق معايير بازل.

كذلك أشار مصدر صناعي لـ«الجمهورية» الى انّ الصناعة اللبنانية قد تتضرر جرّاء المنافسة التركية التي باتت اسعارها متدنية، فضلاً عن أنّ التصدير الى تركيا بات أصعب. (تفاصيل ص 11)

هجوم إرهابي

دوليّاً، صدمت سيارة الحواجز الأمنيّة أمام مقر مجلس العموم البريطاني أمس، في هجوم يشتبه بأنّه إرهابيّ، تسبّب بإصابة «عدد من المارّة» بجروح، على بُعد أمتار من المكان الذي قُتل فيه 5 أشخاص العام الماضي. وتمّ توقيف سائق السيارة وهو في العشرينات من عمره، للاشتباه بارتكابه أعمالاً إرهابية. وقالت شرطة لندن «اسكوتلنديارد» انّه: «في هذا المرحلة، نعتبر الحادثة عملاً إرهابياً»، مضيفة أنّ أيّاً من الجرحى «ليس في حال الخطر». وكشفت انّ السيارة، وهي من نوع فورد فييستا، دهست عند الصباح عدداً من الدرّاجين والمارّة قبل ان تصدم الحواجز أمام البرلمان».