IMLebanon

“الجمهورية”: باريس قلقة من إنسداد الأفق والإستحقاق الرئاسي ينتظر المبادرات

فيما الحراك على جبهة الاستحقاق الرئاسي يدور في غير اتجاه ويتصاعد حيناً ويخبو احياناً، ومع اشتداد وطأة الازمات الاقتصادية والمالية والمعيشية، بدأت تتجه الانظار الى باريس التي ستشهد اجتماعاً عربياً دولياً خماسياً الاثنين المقبل يَهدف الى تشجيع السياسيين اللبنانيين على ايجاد مخرج للازمة. ويعوّل المراقبون ان تشهد الايام المقبلة مزيداً من التحركات الداخلية لملاقاة نتائج هذا الاجتماع لعلّه يساهم في الدفع قدماً في اتجاه إنجاز الاستحقاق الرئاسي باعتباره المعبر الالزامي الى اعادة تكوين السلطة اللبنانية الجديدة التي سيقع على عاتقها اتخاذ الخطوات العملية والاصلاحية لتفريج الازمات ووضع حد للانهيار المتمادي منذ العام 2019.

أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، امس، أنّ «باريس ستستضيف الإثنين (المقبل) اجتماعاً مخصّصاً للبنان يضمّ ممثّلين عن كلّ من فرنسا والولايات المتّحدة والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر، في محاولة لتشجيع السياسيين اللبنانيين على إيجاد مخرج للأزمة التي يتخبّط فيها بلدهم».

ad
وعبّرت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، الموجودة حالياً في السعودية، عن «قلقها البالغ إزاء انسداد الافق في لبنان من الناحية السياسية»، على حدّ ما قالت المتحدثة باسم الوزارة آن – كلير ليجاندر خلال مؤتمر صحافي. وأضافت أنّ فرنسا بحثت مع المسؤولين السعوديين وبقية شركائها في المنطقة في سُبل «تشجيع الطبقة السياسية اللبنانية على تحمّل مسؤولياتها وإيجاد مخرج للأزمة».

 

وأوضحت أن «هذا النهج سيكون موضوع اجتماع متابعة الإثنين مع الإدارات الفرنسية والأميركية والسعودية والقطرية والمصرية لمواصلة التنسيق مع شركائنا وإيجاد سبل للمضيّ قدماً». واكدت انّ الهدف من هذا الاجتماع هو «تشجيع الطبقة السياسية اللبنانية على الخروج من الطريق المسدود».

 

دوكان

 

في غضون ذلك، بدأ السفير المكلّف تنسيق الدعم الدولي للبنان بيار دوكان زيارة للبنان آتياً من مصر والاردن وسيُنهيها اليوم، وأعلنت السفارة الفرنسية في بيان، أن هذه الزيارة تندرج «في إطار مهمة تتعلق بدعم فرنسا للنهوض بقطاع الطاقة في لبنان، وسيقوم في هذه المناسبة بتقييم الوضع بالنسبة الى ما يخص مشروع شبكات الربط البيني في مجال الطاقة، لا سيما منها استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن».

 

وأكد دوكان خلال اجتماعه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي انه «يزور لبنان في اطار جولةٍ قادَته الى مصر والاردن في اطار السعي لدعم لبنان في مجال الطاقة». وشدد على انه «سيزور الولايات المتحدة الاميركية في خلال اسبوعين للبحث مع المسؤولين الاميركيين في السبل الآيلة الى تحييد ملف الكهرباء عن «قانون قيصر» بما يتيح مساعدة لبنان في حل أزمة الطاقة». ولفت «الى ضرورة تنفيذ الشرطين اللذين طلبهما البنك الدولي للمساعدة في قطاع الطاقة، وهما التدقيق في حسابات كهرباء لبنان والبدء بتشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء، وفق القانون الساري المفعول».

 

وشدد دوكان «على وجوب استكمال الخطوات المطلوبة لتوقيع الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي الذي يمثّل بالنسبة لفرنسا وللمجتمع الدولي الممر الاساسي لإعادة التعافي الى الاقتصاد اللبناني، والحصول على مساعدات تتعدى ما هو متوقع الحصول عليه من صندوق النقد. هذا الاتفاق يعزّز الثقة الدولية بلبنان وبمؤسساته وبالعمل الحكومي».

 

الاستحقاق الرئاسي

 

لم يسجل امس أي تطور ملموس على جبهة الاستحقاق الرئاسي، لكن الاتصالات ناشطة وتتمحور حول الحراك الذي يقوم به رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والبطريركية المارونية التي تستعد لتلبية دعوة القمة الروحية المسيحية الى حوار مسيحي من اجل الدفع باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية.

 

وفي الوقت الذي تفاعلت فيه المواقف مع دعوة القمة الروحية المسيحية أمس الأول في بكركي «المجلس النيابي الاسراع في القيام بواجبه الوطني وانتخاب رئيس للجمهورية»، لم تسجّل اي حركة من الجانب الروحي في اي اتجاه انتظاراً لإنجاز التحضيرات الواجب اتخاذها من جانب المكلفين تنفيذ ما تقرر في القمة، لا سيما منها طريقة تنفيذ ما ائتمَنته الخطوة للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي للتعاون مع من يراه مناسبًا تحقيقًا للمضمون أعلاه بما في ذلك دعوة النواب المسيحيين إلى اللقاء في بكركي، وحَثّهم على المبادرة معاً، مع النواب المسلمين، وفي أسرع وقت ممكن، لانتخاب رئيس للجمهورية.

 

وقالت مصادر معنية لـ»الجمهورية» انّ اي خطوة تنفيذية لم تتخَذ بعد، ولم تتقرر الصيغة الواجب اعتمادها لترجمة مضمون بيان القمة وما قصَدته، لأنّ المسؤولية لا تتوقف على حراك النواب المسيحيين ومواقفهم وانّ الدعوة الأبلغ من القمة كانت للمجلس النيابي بكل أعضائه.

 

والى المناشدة التي وجّهها المجلس التنفيذي للرابطة المارونية امس الى «النواب المسيحيين التجاوب مع الدعوة التي أطلقها رؤساء الطوائف المسيحية في لبنان في اجتماعهم المُنعقد في الصرح البطريركي في بكركي»، عَمّم مُناشدته لتشمل ايضاً «رئيس مجلس النواب» وطالبه بـ»دعوة الهيئة العامة الى عقد جلسة للمسارعة الى انتخاب رئيس للجمهورية بما يقتضيه الدستور، وإبقاء الجلسات مفتوحة حتى انتخاب رئيس جديد للبنان». فقد سجّلت بعض المواقف المبدئية منها، فرحّب الأمين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان بالفكرة، وأبدى استعداده للمشاركة في أي لقاء توجّه اليه الدعوة من بكركي، كما كانت مواقف أخرى دعت الى التريّث في انتظار توجيه الدعوة الرسمية لبناء موقفٍ منها.

 

مجلس الوزراء

 

من جهة ثانية، علمت «الجمهورية» ان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي زار أمس رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، بعيداً من الأضواء، حيث بحث معه في الاستعدادات لعقد جلسة قريبة لمجلس الوزراء. وعُلم انّ جدول أعمال الجلسة التي ستنعقد خلال أسبوع، سيتضمن نحو 10 بنود مُلحّة، من بينها الملف التربوي.

 

واكدت اوساط السرايا الحكومية لـ»الجمهورية» ان ميقاتي لا يزال عند قراره بالدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء تُخصّص لملف المدارس والجامعة اللبنانية، فور تسلّمه التقرير الذي تعدّه وزارة المال حول سُبل تأمين الاموال اللازمة لتغطية المستحقات والزيادات.

 

وكشفت هذه الاوساط انّ هَم ميقاتي حالياً هو الانتهاء فوراً من معالجة الملف وعودة الطلاب الى المقاعد الدراسية، وسيدعو الى الجلسة ويضع الجميع امام مسؤولياتهم وليتحمّل مَن يُطيّر نصاب الجلسة المسؤولية عن تعطيل العام الدراسي. واشارت الى انّ وضع القطاع التربوي بات ضاغطاً جداً والمطلوب من الجميع التعاون.

 

ولدى السؤال اذا كان «حزب الله» سيحضر الجلسة؟ قالت اوساط السرايا الحكومية انّ ميقاتي لم يتبلّغ منه اي موقف «ولَنوصَل لَيها مِنصلّي عليها». ولكن بحسب التجربة فإنّ الحزب يُبدي دائماً تعاونه في الملفات الحساسة التي تخدم الناس.

 

موقف «الثنائي»

 

وقالت مصادر الثنائي الشيعي لـ«الجمهورية» انّ «الموقف من الجلسة سيكون واحداً وليس اثنين، واذا ذهب الوزراء الى الجلسة سيذهبون معاً من دون مقاطعة ولا مواربة». واضافت: «اذا كان من ملف مهم لا يحتمل الانتظار فموقفنا مبدئي وثابت بحضور الجلسة، كما اننا نعلم جيداً انّ الرئيس ميقاتي لا يزال على موقفه المبدئي من انه لن يدعو الى جلسة الّا عند الضرورة القصوى. وبالتالي، ما بعد الجلسة الكهربائية جلسة تربوية ضرورية». وختمت المصادر: «ان قرار الثنائي هو قرار واحد «الى أبد الابدين آمين».

 

عون و«الوفاء للمقاومة»

 

وفي هذه الاجواء، زار أمس وفد من كتلة «الوفاء للمقاومة» برئاسة رئيسها النائب محمد رعد الرئيس ميشال عون في دارته في الرابية، وتناول البحث المستجدات السياسية والوضع العام في لبنان. وشدد عون خلال اللقاء على «أهمية الشراكة الوطنية واستكمال مشروع بناء الدولة ومكافحة الفساد وصَون حقوق المواطنين».

 

ووصف النائب رعد اللقاء بـ»الودي جداً». وقال: «نقلنا إلى الرئيس ميشال عون تحيّات حارّة وسلام من الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله واخوانه في القيادة، وأعربنا خلال اللقاء مجدداً عن تقديرنا الكبير للعلاقة الثابتة الوازِنة فيما بيننا».

 

وأشار الى «أنّ هذه العلاقة التشاركية وفّرت مناخاً مؤاتياً لبناء مشروع الدولة وفق ما نصّت عليه وثيقة الوفاق الوطني، والتي لم ترق لِكُثر». وأكد «عزمنا وحرصنا على مواصلة هذه العلاقة مع التيار الوطني الحر وفق الاسس التي ساهم الرئيس العماد ميشال عون في إرسائها». وقال رعد «انّ بلدنا اليوم بحاجة الى تضافر جهود الجميع وفق هذه الاسس للنهوض من الازمة الراهنة، واستئناف مسيرة بناء الدولة لوطن حر سيد مستقل مُنفتح على العالم على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة».

 

وقال مصدر شاركَ في اللقاء لـ«الجمهورية» ان «هذا اللقاء كان مُقرراً انعقاده بعد مغادرة الرئيس عون القصر الجمهوري، وذلك للتأكيد على استمرار التواصل والتأكيد انّ العلاقة معه ليست مرتبطة بالعهد الرئاسي وإنما بالتزام العلاقة الثنائية التشاركية التي بَنيناها من خلال النقاط التي اتفقنا عليها، وقد تأخّرنا في زيارته الى هذا الحين لإعطائه وقتاً للراحة والنقاهة بعد انتهاء ولايته الرئاسية».

 

واضاف المصدر: «يندرج هذا اللقاء في إطار تأكيد التواصل على قاعدة ما تم الاتفاق عليه في كنيسة مار مخايل في 6 شباط من العام 2006، واننا عازمون على المضي فيه وفق الروحية والأسس التي اتفق عليها الرئيس عون والامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، وهي تقوم على الصدق في التعاطي والوضوح والحوار حول ما يُختَلَف عليه حتى يحصل الاتفاق والتفاهم من دون ضوضاء وضجيج، فهذا الاسلوب كفيل بمعالجة كل النقاط التي يحصل تباين حولها حالياً وفي أي مرحلة».

 

واكد المصدر «انّ اللقاء لم يتطرق الى الاستحقاق الرئاسي والمواقف منه، وان وفد «حزب الله» أراد ان ينقل سلام السيّد نصرالله للرئيس عون ومن ثم الاستماع الى ما لديه، حيث عَبّر عن كثير من الود الذي يكنّه للسيد نصرالله».