IMLebanon

مانشيت:إطلاق العدّ العكسي للإنتخابات… وآخر جلسة للحكومة في 2017 الثلثاء

دخلَ لبنان أسبوع الأعياد، على وقع استمرار مدنِه وبلداته في ارتداء زينة الميلاد، في وقتٍ أضاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مساء أمس، شجرة الميلاد في بكركي، مصَلّياً لكي يتراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قرار الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، ومشدّداً على وجوب إعطاء الرجاء للناس بالأفعال والمبادرات.
بعدما استراح أهل الحكم مِن همّ ترميم التسوية الحكومية التي أفرَجت أخيراً عن ملف التنقيب عن النفط واستخراجه، وبارَك رئيس الحكومة سعد الحريري للبنان واللبنانيين في أنّ لبنان بات بلداً نفطياً، اصبَحت الاوّلية لدى الجميع انتخابية بامتياز، حيث انطلق قطار الانتخابات النيابية المقررة في 6 ايار المقبل بعد توقيع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق امس مشروع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للبنانيين المقيمين والمنتشرين وأحاله إلى رئاسة مجلس الوزراء، على أن يقترع الناخبون المغتربون في اربعين دولة في 22 و28 نيسان المقبل.

مجلس وزراء

وتمهيداً لإقفال ما تبَقّى من ملفات السَنة الجارية، دعيَ مجلس الوزراء الى الانعقاد استثنائياً قبل ظهر الثلثاء المقبل في السراي الحكومي، ليبتَّ بالبنود المتبقية من جلسة الخميس الماضي بحيث تكون جلسة الثلثاء آخِر جلسة في 2017.

وقالت مصادر وزارية إنّه إذا ما لم يضَف الى جدول الاعمال أيّ بنود طارئة، فإنّ المجلس سيناقش 67 بنداً معظمها عادي ولا يحتوي قضايا متصلة بالتعيينات المتبقّية في وزارة الإعلام و«تلفزيون لبنان» التي رحّلت الى السنة المقبلة في انتظار توافقٍ مفقود بين معراب من جهة وبعبدا والسراي الحكومي من جهة أخرى.

أوّل موقف سعودي

وإلى ذلك سُجّل أمس اوّل تعليق سعودي على عودة الحريري عن استقالته، إذ قال وزير الخارجية عادل الجبير، في حديث لـ«فرانس 24»: «دعمنا الحريري عندما كان رئيساً للوزراء يوم شكّل أوّل حكومة تحت رئاسة (رئيس الجمهورية) العماد ميشال عون، ودعمنا برنامجَه السياسي».

ولفت إلى أنَّ «كلّاً من الرئيس عون و«حزب الله» لم يَسمحا للحريري في الحكم ولم يعطياه الهامشَ السياسي، واستَخدماه واجهةً لتغيير القانون الانتخابي، ومن هنا قرّر الحريري الاستقالة لإحداثِ صدمة إيجابية». ونفى أن تكون المملكة العربية السعودية قد مارسَت أيّ ضغوط عليه.

وأضاف الجبير أنّ «الحريري عاد إلى لبنان من أجل تقديم الاستقالة رسمياً ولكنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي وعده بأنّ لبنان سيكون حيادياً في شأن ما يحدث في العالم العربي وبأنّه سيُعطى الهامشَ السياسي للعمل، ولذلك سننتظر ونرى، ونحن دعمنا ذلك وسنرى».

ونفى أن تكون عودة الحريري عن استقالته «شكّلت إخفاقاً للسعودية»، وقال: «نحن نريد لبنان مستقرّاً ومزدهراً، وإن لم يكن لبنان موجوداً لكان ينبغي ابتكاره واختراعه، فهناك أكثر من 17 طائفة تعيش فيه بتجانس وهذا نموذج. وإذا خسرناه سنخسر كلّ الأقليات وسنَخسر هذه الثروة لثقافتنا».

عون

إلى ذلك، أكّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال استقباله نقيب المحامين الجديد في بيروت أندريه الشدياق مع أعضاء مجلس النقابة والنقباء السابقين أنّ لبنان نجَح في تجاوزِ الأزمة التي نتجَت عن إعلان الحريري الاستقالة من الخارج، «بفضلِ الوحدة الوطنية التي تجلّت بأبهى مظاهرها، ما حافَظ على الاستقرار الأمني والاقتصادي والمالي، وظلَّ رأس لبنان خلال الأزمة مرفوعاً لأنّنا لم نَخضع للضغط من أيّ جهة أتى».

الحريري

وفي الحراك، عرَض الحريري مع السفير الفرنسي برونو فوشيه، آخر التطوّرات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية. وعلمت «الجمهورية» انّ اللقاء خُصّص لتقويم نتائج مؤتمر مجموعة الدولية لدعم لبنان الذي إنعقَد في باريس أخيراً، وتناوَل التحضيرات الواجب توفيرُها لترتيب الأجواء الفضلى لعقدِ مؤتمرات «باريس «4 للدعم الإقتصادي والمالي و«روما 2» لدعم الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الأخرى و»بروكسل 2» لمواكبة ازمة النازحين السوريين.

الانتخابات

إنتخابياً، أعطى المشنوق إشارةَ انطلاقِ العدّ العكسي للانتخابات النيابية المقبلة، بتوقيعه مشروع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للبنانيين المقيمين في لبنان وللمنتشرين في 40 دولة وأحاله على الامانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء، على أن تُجرى الانتخابات يوم الأحد في 6 أيار 2018 في كلّ لبنان.

أمّا في دول الانتشار فستتمّ خلال يومين مختلفين، يوم الأحد في 22 نيسان في عدد من الدول ويوم الجمعة في 28 نيسان في دول أخرى، بالاستناد الى العطل الرسمية في هذه البلدان.

النفط

وغداة إقرار مجلس الوزراء تراخيصَ التنقيب عن النفط والغاز واستخراجه في البلوكين 4 و 9، اعلنَ وزير الطاقة سيزار ابي خليل انّ الوزارة وهيئة البترول حدّدتا هدفين لإطلاق دورة التراخيص وقد تمّ تحقيقهما».

واضاف: «دعيتُ الشركات إلى التفاوض على العروض التقنية ضمن صلاحياتي وحصَلنا على الالتزام بحفر البئر الخامسة، وبدءِ الحفر سنة 2019، وبالتالي ستكون سنة 2018 مخصّصة للتحضير».

وأكد أنّ «الأهمية لمنحِ هذه التراخيص تكمن في أنّ الفائدة الاقتصادية لهذه الأنشطة البترولية ستكون كبيرة للبلد بفعل خلقِ فرصِ عملٍ جديدة وتعاملٍ تفضيلي للموردين اللبنانيين كذلك لتأمين مصدرٍ محلّي للطاقة أقلّ كلفةً وتلويثاً».

وفي المواقف، رحّب النائب آلان عون بتوقيع المشنوق مرسومَ دعوة الهيئات الناخبة»، وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ هذه الخطوة هي بمثابة إشارة كبيرة الى حتميةِ حصول الانتخابات، وجوابٌ حازم الى كلّ من لا يزال يشكّك في إجرائها.

فقطار الانتخابات انطلق والتحضيرات ستتسارع ولبنان سيشهد للمرة الاولى انتخابات بنظام نسبي، ما سيشكّل نقلة نوعية في الحياة السياسية وقد ينطوي على مفاجآت كثيرة ليست في حسبان أحدٍ حتى الآن».

على صعيد آخر، اعتبَر عون «أنّ إقرار مراسيم تلزيم النفط هو خطوة نوعية كبيرة تنقل لبنان إلى نادي الدول النفطية إذا تحقّقت التوقّعات، وهو يَحمل آمالاً كبيرة ستنعكس إيجاباً على الوضع الاقتصادي من جهة لناحية الاسثمارات وفرصِ العمل التي ستواكب هذه العملية، وعلى الوضع المالي من جهة أخرى بدءاً بتحسين تصنيف لبنان وانعكاس ذلك إيجاباً على خدمة الدين، ولاحقاً مع إيرادات مالية كبيرة للدولة اللبنانية».

«الكتائب» لـ«الجمهورية»

وعلى المقلب الكتائبي، علمت «الجمهورية» أنّ رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل غادر الى باريس لعقدِ اجتماعات رسمية رفيعة المستوى في وزارة الخارجية ومجلس النواب الفرنسيين، فضلاً عن عقد لقاءات حزبية كتائبية في العاصمة الفرنسية.

وقبَيل سفره، ترأسَ الجميّل اجتماعاً استثنائيا طويلاً للمكتب السياسي الكتائبي، شكّل اشارةَ انطلاق للانتخابات النيابية حيث وضِعت خريطة طريق وأقِرّت الآليات الحزبية التي ستُعتمد تحضيراً لهذه الانتخابات لجهة بناءِ التحالفات والترشيحات وعملِ الماكينة الانتخابية.

وفي المعلومات انّ الاجتماعات الاستثنائية للمكتب السياسي واللجان المتخصّصة المنبثقة عنه، ستتكثّف في غضون الايام والاسابيع القليلة المقبلة لوضعِ التفاصيل المتعلقة بخريطة الطريق الانتخابية.

وقال مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية» تعليقاً على تلزيم الملف النفطي: «إنّ إدارة الملف منذ بدايتها تثير الشبهات لغياب الشفافية وهروبِ ٩٥ في المئة من الشركات المؤهّلة وانحصار العروض بعرضٍ واحد، وبالتالي انعدام المنافسة.

ونحن متخوّفون من ان تكون للمصالح الخاصة تأثيرات كبيرة على مسار التلزيم. إنّ السلطة التي تُراكم الفضائح وتَعجز عن معالجة ملفّ كالنفايات لا تؤتمَن على ثروة لبنان النفطية التي هي ملكُ الأجيال المقبلة».

«القوات»

ومِن جهتها «القوات اللبنانية» أكّدت «أنّ العنوان الاوّل سيصبح عنواناً انتخابياً بامتياز، وتحدّثت عن مزيد من المفاجآت على مستوى الدوائر الانتخابية في المرحلة المقبلة، علماً انّ مِن المبكر الحديث عن التحالفات الآن.

وقالت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية»: «أعطى اجتماع الحكومة الاخير إشارةَ العودة الى الاولويات الحياتية بعد نحو شهرٍ ونِصف شهر من الخلافات العميقة التي استعاد فيها لبنان الانقسامَ العمودي، وهذه العودة حصَلت بعد اعادةِ تركيز التسوية الحكومية على اسسٍ اكثر ثباتاً، وبالتالي فإنّ الوضع يختلف في هذه المرحلة عن سابقتها، لأنّ المرحلة الحالية محكومة عملياً بثلاثة سقوف:

ـ السقف الاوّل، سقف النأي بالنفس ويَسهر عليه المجتمع الدولي والعربي من جهة والحكومة من جهة ثانية، وتحديداً رئيسها و»القوات اللبنانية»، لأنّ ايّ إخلال فيه يُدخِل البلاد في ازمةٍ سياسية على غرار الأزمة التي شهدناها اخيراً.

ـ السقف الثاني، هو سقف بدءِ العدّ العكسي لانتهاء ولاية الحكومة، وبالتالي هي مضطرّة للذهاب اكثر فأكثر الى مزيد من الاولويات الحياتية لكي تستطيعَ الخروج بإنجازات سياسية وتدخل الى الانتخابات النيابية بشكل تكون قد حقّقت كمّاً كبيراً في هذه الإنجازات، ويأتي إنجاز ملف النفط في هذا السياق.

والسقف الثالث، العدّ العكسي للانتخابات النيابية، وهو من طبيعتين: طبيعة إدارية اطلقَها الوزير المشنوق، وطبيعة وطنية سياسية مع دخول البلاد في تهدئة وطنية سياسية. ولذلك انكبابُ القوى السياسية اصبَح عملياً على الملف الانتخابي، و الانطلاقة الفعلية ستكون مطلعَ السنة المقبلة. ومع معاودة الحكومة اجتماعاتها استأنفَت «القوات» إطلاقَ مرشّحيها، ولديها سلسلةُ ترشيحات ستُعلنها في السنة الجديدة.

لذلك عملياً نحن ذاهبون في هذه المرحلة الى السهر على تطبيق سياسة «النأي بالنفس»، والى تحقيق اقصى ما يمكن من اولويات حياتية، وبدء كلّ القوى السياسية التحضيرَ للانتخابات إيذاناً بإجرائها في الربيع المقبل. إذن، الوضع مرشّح لمزيد من التهدئة السياسية إذا التزَم «حزب الله» السياسة القائمة ولم يَخرق «النأي بالنفس».

المعارضة

وقالت مصادر سياسية معارضة لـ«الجمهورية»: «إنّ التسوية الاولى قبل سنة أنتجَت المحاصضصة الرئاسية والحكومية وقانونَ الانتخابات بشروط «حزب الله» وسَمحت بتهريب مراسيم النفط في مقابل التخلّي عن سيادة الدولة وإلحاقها بالمحور الايراني، وجاء تعويم التسوية ليكرّسَ محاصصةً نيابية تنتجها انتخابات يسعى «الحزب» من خلالها الى إحكامِ سيطرته على مفاصل الدولة اللبنانية من خلال السلطة التشريعية في مقابل تلزيمٍ مشبوه لملفّ النفط».

وسألت: «فبماذا تفسّر السلطة الحاكمة للّبنانيين دعوةَ الهيئات الناخبة وتحديد موعد الانتخابات، في وقتٍ يَعرف الجميع أنّ آخِر اجتماع للّجنة الوزارية المخوّلة تطبيق قانون الانتخاب انفضّ قبل استقالة الحكومة على خلافات عميقة؟ وكيف حُلّت هذه المشكلات والعُقد والخلافات فجأةً من دون ايّ اجتماع جديد للّجنة؟».

وأضافت: «لبنان يسير نحو تكرار تجربة انتخابات ١٩٩٢ بالشروط السورية التي أنتجَت مجلساً نيابياً وحكومة أقرّت اتفاقات «الأخوّة والتعاون» التي جعلت من لبنان ملحقاً بسوريا، عبر انتخابات يسعى من خلالها «حزب الله» إلى إلحاق لبنان بالسياسة الإيرانية».

وخَتمت: «كما واجَه اللبنانيون الأحرار مجلسَ ١٩٩٢ وما تلاه من «مجالس سوريّة» وصولاً إلى إسقاط الاحتلال السوري، هكذا سيواجهون «المجلس الايراني» المقبل وإفرازاته حتى رفعِ الوصاية الإيرانية عن لبنان».