IMLebanon

مانشيت: عراقيل التأليف مستمرّة.. والراعي: لحكومة لا تناقض فصل السلطات

 

تستمرّ أزمة تأليف الحكومة على غاربها، ولم يسجَّل بعد حتى الآن أيُّ خرقٍ جدّي يؤسس لاكتساح العراقيل التي تعوق إنجاز هذا الاستحقاق الدستوري، بل إنّ هذه العراقيل تستولد أخرى ويغذّيها التجاذب اليومي المتواصل بين الأفرقاء السياسيين حول الحصص الوزارية، وكذلك أسفارُ المعنيين بالتأليف التي تكشف عن أنّ كلّ ما بذلوه حتى الآن قد باءَ بالفشل. وهذا الواقع دفعَ بقطبٍ نيابيّ بارز إلى القول لـ«الجمهورية» إنّ «ولادة الحكومة ماضية إلى مزيد من التأخير نتيجة تمترسِ المعنيين بتأليفها بمواقفَ ومطالب تتّصل بحصصهم من المقاعد الوزارية ورفضِهم توزيرَ آخرين يستحقّون التمثيل قياساً على حجمهم النيابي والسياسي داخل البيئات التي ينتمون إليها». ولكنّ هذا لقطب توقّعَ أن يقرَّ المعنيون بالتأليف في لحظةٍ ما بالواقع التمثيلي الذي أنتجَته الانتخابات، مشيراً إلى أنّهم ما زالوا يستأخِرون هذا الموقف لرِهانهم، في ما يبدو، على تبلوُر ظروفٍ مِن شأنها أن تُمكّنهم من تحسين شروطهم التمثيلية، أو تحدَّ من حجم تنازلاتٍ مطلوبة منهم وضرورية لتأليف حكومة وحدة وطنية. ويرى القطب نفسُه أنّ الرئيس المكلف سعد الحريري «يدرك هذا الواقع جيّداً ويُفترض أن يبادر في وقتٍ ليس ببعيد إلى تأليف حكومة وحدة وطنية، لأنّ تأخّرَها بدأ يؤثّر عليه معنوياً وسياسياً وعلى مجمل الأوضاع العامة في البلاد».

وصَل الحريري مساء أمس إلى مدريد في زيارة عملٍ تدوم يوماً ويلتقي خلالها نظيرَه الاسباني بيدرو سانشيز بيريز كاستيخون، ثمّ يَرعى الاحتفال بتخريج طلّاب جامعة الـ«IE» لإدارة الأعمال ويلقي كلمةً في المناسبة. على أن ينتقل من مدريد الى لندن في زيارة خاصة. وفي المقابل يستعدّ رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل للسفر الى واشنطن الاسبوع المقبل في زيارةٍ تستمر أسبوعاً.

وعلّق مراقبون على هذه الأسفار مؤكّدين أنّها تشير في وضوح إلى أنّ كلّ الجهود المبذولة حتى الآن لتأليف الحكومة ما تزال قاصرة عن اختراق الجدار المسدود، وهي دخلت مجدداً في إجازة انتظاراً لعودة المسافرين.

إلّا أنّ مصادر «بيت الوسط» قالت لـ«الجمهورية» إنّ «الاتصالات لتسهيل ولادةِ الحكومة العتيدة ليست في إجازة، وإنّ فريق العمل يواصل سعيَه لفكفكةِ العقدِ المانعة الاتفاقَ على الحكومة الجديدة.

وقالت هذه المصادر تعليقاً على الحملات الإعلامية المتبادلة بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، والتي ارتفع منسوبها أمس، إنّ الحريري «لم يَحِد عن هدفه الذي اعلنَ عنه منذ تكليفِه. فهو يريد تأليفَ «حكومة توافُق وطني» وليس من أهدافه الدخول في أيّ مناكفات سياسية».

إلى ذلك كشَفت مصادر مطّلعة على أجواء التأليف لـ«الجمهورية» أنّ سبب عدم اجتماع الحريري وباسيل في «بيت الوسط» هو أنّ الاخير ابلغَ الى الرئيس المكلف أنه لن يتدخّل بعد اليوم في عملية التأليف وأنّ الموضوع ليس عنده وأنّه يَسمع كلاماً مفادُه أنه هو من يعطّل التأليف «في حين أنّ القرار هو في يد الرئيس المكلف».

وقالت: «لا شكّ في انّ موضوع تأليف الحكومة بات يرتبط بمقدار كبير بأطراف خارجية، وأصبح واضحاً أنّ أحد الاطراف الاقليميين يَهدف الى تأمين «الثلث المعطل» أو «العُشر المعطّل» داخل الحكومة بغية إحداثِ توازنٍ بين ما أفرزَته الانتخابات النيابية وبين القرار داخلَ الحكومة اللبنانية». وأضافت: «أنّ الرئيس المكلف الواقعَ بين سندانين، ربّما يلجأ الى طرفٍ دولي ويطلب منه التدخّلَ لدى ذلك الطرف الإقليمي من أجلِ مساعدته على حلّ هذا الأمر».

وأشارت المصادر إلى «أنّ الثلث المعطل يعتمد على حصّة «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدّمي الاشتراكي» معطوفةً على حصّة «المستقبل»، ويشترط أن يكون الوزراء الدروز الثلاثة من حصّة وليد جنبلاط لتوحيدِ موقفِهم وقرارهم، وهو ما يُعدّ سابقةً، إذ لم ينفرد جنبلاط على مرِّ الحكومات بالتمثيل الوزاري الدرزي الكامل». وكشَفت أنّ الحريري «عندما أسرَّ في جلسات خاصة بهذا الشأن كان مقتنعاً بأنّه لا يحتاج الى ثلثٍ معطّل كونه رئيسَ حكومة وفي يدِه صلاحيات الدعوة الى مجلس وزراء ورفعِ الجلسة وعدم إدراج أيّ بندٍ خِلافي. كذلك فإنّ رئيس الجمهورية لا يحتاج الى هذا الثلث، وبالتالي فهو مقتنع بأنّ حكومة الوفاق الوطني التي يعمل على تأليفها لا يَحكمها مفهوم الثلث الضامن».

ميقاتي

في هذا الوقت دعا الرئيس نجيب ميقاتي جميعَ الأطراف إلى تسهيل مهمّة الرئيس المكلف «لأنّ كلّ تأخير يدفع ثمنَه البلد من استقراره واقتصاده، ويؤخّر إطلاق الإصلاحات الضرورية لمعالجة الأزمات الكثيرة، وأبرزُها المديونية العامة». وقال لـ«الجمهورية»: «نحن مع العجَلة ولكنّنا ضد أيّ محاولة لفرض شروطٍ على الرئيس المكلف أو محاولة تثبيت أعراف جديدة في التأليف، فالدستور واضح، وقد أناط مهمّة التأليف بالرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية. المطلوب، من أجل التوصّل الى حلّ، هو العودة الى «اتفاق الطائف» وروحيتِه بدل التوغّل اكثر فأكثر في المنحى الطائفي والمذهبي في كلّ شيء، خصوصاً في عملية التأليف وتوزيع الحقائب الوزارية. فبدل الخروج تدريجاً من الطائفية نجد أنّنا نغرق اكثر فأكثر في وحولِ المذهبية، وهذا المنحى غير سليم أبداً».

وعن تأخير التأليف قال ميقاتي: «ليست المرّةَ الأولى التي يستغرق فيها تشكيل الحكومة وقتاً، عِلماً أنّنا لا نزال ضِمن المهلة المقبولة للتأليف، لكن المطلوب هو كسرُ حلقة المراوحة والتوقّفُ عن فرض الشروط والشروط المضادة والتهويل بخطوات غير دستورية وغير قانونية وتسهيل مهمّة الرئيس الحريري، علما أنّني أخشى أن يكون هناك أيضاً سجال ونقاش في شأن البيان الوزاري للحكومة العتيدة. ومن شأن هذا المنحى إدخال لبنان مجدّداً في نزاعات لا طائل له منها أبداً».

وعن الموقف الذي نُقل عن رئيس الجمهورية في شأن سعيِه لتسهيل مهمّة الحريري، قال ميقاتي: «إنّنا نثمِّن هذا الموقف الصادر عن فخامة الرئيس والذي حسَم بوضوح ما تمّ تداوُله في الأوساط السياسية والإعلامية عن خطوةٍ يُزمع القيام بها. ولا ننسى أنّ مِن مصلحة جميع الأطراف بما فيها الفريق التابع لفخامة الرئيس والداعم له الإسراع في تأليف الحكومة وعدم البقاء في دائرة المراوحة القاتلة للبلد اقتصادياً ومالياً على وجهِ الخصوص».

فتفت لـ«الجمهورية»

وأكّد عضو كتلة «المستقبل» النائب سامي فتفت لـ«الجمهورية» أنّ الحريري «لن يستسلم وأن لا حكومة من دونه ولا مهلة دستورية أمامه، وأنّ اللعب بهذه المسألة خطير، فإزاحتُه معناها إزاحة طائفة برُمّتها». وأيّد الاتّجاه الى عقدِ جلسة نيابية تشاورية، ولم يرَ فيها ضغطاً على الرئيس المكلّف، وقال: «على العكس ليُعلن الرئيس الحريري أمام الجميع من يُعرقل».

الراعي

وكانت بكركي قد انتقدت المماطلة في تأليف الحكومة، وقال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي إنّ «تأليف الحكومة من ممثّلي الكتل النيابية فقط لا يعني تكوينَ سلطة إجرائية، بل تكوين مجلس نيابي مصغَّر، الأمر الذي يناقض فصلَ السلطات». وقال خلال زيارة المجلس الاقتصادي والاجتماعي إنه ينبغي أن تتعاون الحكومة معه بإرسال الطلبات لإبداء الرأي والاستشارة والاستماع إليه في المواضيع ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي. وطالبَ بالسعي مع القطاع الرّسمي إلى عدم التفريط بالموارد المهمّة الموجودة في لبنان وتوظيفها في سبيل تقدّمِه وازدهاره. مذكّراً بأنّ «السببَ الأكبر لهذا الجمود هو تفشّي الفساد في الوزارات والإدارات العامّة، وهدرُ المال العام، وحشرُ الموظفين بلا حاجة وكفاية، بغية الاستفادة فقط من مال الدولة».

نوّاب كسروان

على صعيد آخر، تتكثّف اللقاءات بين نواب دائرة كسروان – جبيل تحت عنوان إنمائي يَهدف إلى معالجة القضايا التي تعني المنطقة بمعزلٍ عن الخصومات السياسية التي تُبعد بينهم. وقد انطلقَ هذا المسار منذ زيارة النائبَين فريد الخازن ومصطفى الحسيني للبطريرك الراعي بعد انتخابهما، حيث طلبا منه رعاية لقاءٍ موسّع يضمّ جميعَ نواب المنطقة لكي يوحّدوا الجهود ويتمكّنوا من معالجة الشؤون الإنمائية التي تهمّ كسروان وجبيل.

 

وعلمت «الجمهورية» أنّ الراعي دعا بالفعل إلى لقاءٍ جامع، وتمّ تأجيله لتزامنِه مع الخلوة التي عَقدها تكتل «لبنان القوي». لكنّ النواب الثمانية يلتقون بين الحين والآخر وحين تستدعي الحاجة، وآخرُها كان لقاء لمعالجةِ قضيّة «لاسا».

تشريع الحشيشة

على صعيدٍ آخَر، برَزت أمس خطوة جديدة لرئيس مجلس النواب نبيه بري في شأن تشريع زراعة الحشيشة، إذ كلّفَ لجنةً من المتخصّصين إعدادَ صيغةٍ لاقتراح القانون المتعلق بها، في وقتٍ أثارت هذه الخطوة جدلاً.

المقداد لـ«الجمهورية»

وأوضَح عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي المقداد لـ«الجمهورية»: «لا جواب عندنا بعدُ حول موضوع تشريع زراعة الحشيشة، فنحن لا نزال ندرسه، إذ لم نبحث فيه مرّةً رسمياً، لأنّ الحديث عنه لم يمضِ وقتٌ طويل عليه».

«القوات»

وعلمت «الجمهورية» أنّ عضو تكتّل «الجمهورية القوية» النائب أنطوان حبشي سيطلِق في مؤتمر صحافي يَعقده عند الحادية عشرة قبل ظهر الاثنين المقبل في مجلس النواب مشروعاً متكاملاً لحلّ ملفّ زراعة الحشيشة، حيث سيتناول اقتراح القانون المعجّل المكرّر الذي سيتقدّم به لتعديل بعض مواد القانون 673 الهادف إلى تشريع زراعة النباتات الممنوعة لأغراضٍ طبّية وعِلمية.

«الاشتراكي»

وذكّرَت مصادر «الاشتراكي» عبر «الجمهورية» أنّ رئيس الحزب وليد جنبلاط عندما اقترَح تشريعَ زراعة الحشيشة استهجَنت قوى كثيرة موقفَه ودخلت في حفلةِ مزايدات شعبوية، بينما اليوم الجميعُ يؤيّد صوابية موقفِه، وها هي الخطوات التنفيذية تتلاحق لتشريعِها، وهذه خطوة مهمّة مع التشديد على ضرورة أن يلحظ القانون ضوابط محدّدة لتحقيق الاستفادة القصوى منه وتلافي أيّ تداعيات سلبية يمكن أن تنجم عن هذه الخطوة».

«المستقبل»

وقال النائب سامي فتفت لـ«الجمهورية» «إنّ تيار «المستقبل» يؤيّد زراعة الحشيشة، إنّما لأسباب طبّية ولزيادة مداخيل الدولة، وبشرط أن تُنظَّم بطريقة عِلمية ولا تلحِق أيَّ ضررٍ بالمجتمع اللبناني».

النازحون

في مجالٍ آخر، تستعدّ دفعة جديدة من النازحين السوريين في القاع وعرسال، للعودة إلى بلادها خلال أيام، على ما كشَف المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم على هامش تدشينه المبنى الجديد للأمن العام في بعلبك أمس. وسيتجاوز عدد هذه الدفعةِ ألفَ نازح يعودون إلى مناطق مختلفة داخل سوريا.

وكشَف مسؤول ملفَّ النازحين في «حزب الله» النائب نوّار الساحلي لـ«الجمهورية» عن «تعبئة عددٍ لا بأس به من طلبات العودة في المراكز التِسعة المنشَأة لهذا الغرض والمنتشِرة في الجنوب والبقاع وبيروت، وهناك اتّصالات بدأها نازحون سوريون الى الشمال ومناطق أخرى يسألون ويستفسرون عن آلية التسجيل تمهيداً للعودة».

وأكّد «أنّ النازحين هم مِن مختلف المناطق السورية ومِن مشارب سياسية مختلفة، وهذا الأمر يتمّ بالتنسيق مع الأمن العام اللبناني والجهات المختصة في سوريا، وفور انتهاءِ الإجراءات اللوجستية ستنتقل الدفعة الأولى عن طريق «حزب الله» الى سوريا، والمتوقَّعة خلال أسابيع»

وعن اتّهام الحزب بأنّه «يأخذ دورَ الدولة» في هذا المجال، قال الساحلي: «إنتظرنا كثيراً ولكنْ لا حياة لمن تنادي، وعندما تستيعد الدولة دورَها الفِعلي في هذا الملف، سنكون في خدمتها».