IMLebanon

مانشيت: التأليف ينتظر لقاءً رئاسياً ثلاثياً … والتشكيلة دخلت اللمسات الأخيرة

 

 

فيما عاد رئيس مجلس النواب نبيه بري ليل أمس من جنيف، تتجّه الانظار بدءاً من اليوم الى القصر الجمهوري، ترقّباً لاجتماع رئاسي ثلاثي ينعقد في أي وقت بين اليوم والغد وبعد غد حداً أقصى، وتصدر بعده مراسيم تأليف «حكومة الوحدة الوطنية» الجديدة، التي دخلت عملية تأليفها والمفاوضات على توزيع بعض الحقائب الوزارية فيها في مرحلتها النهائية، على رغم من أنّ البعض لم يسقط من الحسبان تأخّر معالجة ما تبقّى من معوقات ضئيلة بعض الوقت. ولفتَ المراقبين ما قاله رئيس تيار «المردة» النائب والوزير السابق سليمان فرنجية من أنّ «هناك تفاؤلاً في ملف تشكيل الحكومة عند الرئيس الحريري وفي الإعلام، أمّا الواقع فإنّ غالبية العقد ما زالت على حالها تقريباً». وشكّك في تأليف الحكومة من دون تمثيل السُنّة المستقلين. وشدّد على انّ معايير تأليف الحكومة لا يضعها وزير بل الرؤساء الثلاثة أو أحدهم. قائلاً: «لكننا اليوم نخضع لسلطة وزير يقرّر عن رئيس الجمهورية والحكومة كلّ شيء». وأعلن «انّ وزارة الاشغال ستكون للتكتّل الوطني ولستُ ضدّ أن يتولّاها وزير سنيّ»، وقال: «نريد الأشغال، والوزير يوسف فنيانوس نجح فيها، لكنّ تسمية الوزير المقبل تعود الى التكتل الوطني».

قبل أيام من دخول تكليف الرئيس سعد الحريري شهره الخامس، سجلت عملية التأليف الحكومي تقدماً ملموساً، ودخلت مرحلة وضع اللمسات الاخيرة على التشكيلة الوزارية العتيدة. فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون قال لدى تنزّهه في حديقة قصر بعبدا، إنّ ولادة الحكومة باتت «قاب قوسين أو أدنى». فيما قالت مصادر واسعة الإطلاع لـ»الجمهورية» انّ الولادة الحكومية كانت مرهونة بعودة بري من جنيف، ليتم تحديد موعدها، ولكن بعد أن عاد ليل أمس، فإنّ مراسيم التأليف بات متوقعاً صدورها بين مساء اليوم وغداً، بعد اجتماع رئاسي ثلاثي في قصر بعبدا يبدأ ثنائيّاً بين عون والحريري، ويتحوّل ثلاثياً بانضمام بري إليه دستورياً بناء على دعوة رئيس الجمهورية. ونُقل عن الحريري تأكيده، في دردشة مع الاعلاميين أمس، «انّ الحكومة ستولد هذا الأسبوع وتحديداً قبل نهايته، وفي حضور الجميع ومشاركتهم».

وعندما سئل عمّا يحول دون البَتّ بحصّة «القوات اللبنانية»؟ أجاب: «هناك بعض التفاصيل الصغيرة العالقة، والحكومة ستضمّ الجميع، وطبعاً «ما بزَعّل القوّات». وتمنى على الإعلام ان يساعده ويتوقف عن نقل الأمور بين فريق وآخر بالنسبة الى الحقائب الوزارية.

صعوبة العودة
وفي هذا السياق، قال مراقبون سياسيون إنّ الحكومة دخلت مرحلة صعوبة العودة عن تأليفها، لأنّ القرار بهذا التأليف قد اتخذ، خارجياً وداخلياً، والعقبات الداخلية المتبقية يفترض ان تكون قابلة للحل.

وعَزا المراقبون «تأخير إعلان التشكيلة الوزارية الجديدة الى أنّ نوعيتها قد بلغت مسامع دول مؤثرة في لبنان ويهمّها التوازن، فسارَعت الى لفت أنظار المرجعيات المعنية بالتأليف، وخصوصاً الرئيس المكلف، الى ضرورة ان تكون الحكومة متوازنة لأنّ الدول المانحة ستكون على خط التعاطي المباشر مع الحكومة الجديدة، أقلّه بملفين: الأول مؤتمر «سيدر» والثاني ملف النازحين السوريين. وقد أبلغت هذه الدول الى الحريري ضرورة عدم تأليف حكومة لا تُعبّر عن مختلف الحساسيات السياسية، وهذه من بين الأسباب التي أخّرت عقد اجتماع حاسم بين الحريري ورئيس الجمهورية لإعلان الحكومة».

وما يؤكد هذا الأمر، وفق المراقبين أنفسهم، الاجتماع الذي عقده الرئيس المكلف مساء أمس في «بيت الوسط» مع سفراء وممثلي مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان. وهذا الاجتماع، على أهميته وإيجابيته، كان اللافت فيه انه انعقد قبل تأليف الحكومة، في حين يفترض أن ينعقد بعد تأليفها، ويكون شرارة انطلاق «سيدر» ودعم لبنان، ما يعني انّ هذه الدول لم تتبلّغ فقط، وإنما بلّغت أيضاً».

وقد شدّد سفراء المجموعة وممثلوها، خلال هذا اللقاء، على أهمية استقرار لبنان الاقتصادي في المرحلة المقبلة. وأطلع الحريري الحاضرين على آخر التطورات الاقتصادية والسياسية، ولاسيما منها نتائج زيارة الموفد الفرنسي السفير بيار دوكان الأخيرة للبنان. كما أطلعهم على آخر تطورات ملف تشكيل الحكومة اللبنانية، منذ انعقاد مؤتمر «سيدر» وحتى الآن، بما في ذلك القوانين التي أقرّت خلال الجلسة التشريعية الأخيرة وتقدّم سَير العمل على هذا الصعيد.

حركة مكوكية
وكانت المشاورات لتأليف الحكومة قد بلغت ذروتها، وبرزت أمس وحتى ساعات متقدمة من الليل، حركة مكوكية لوضع الولادة على نار حامية.
وعرض الحريري مع الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس آخر التطورات المتعلقة بالتأليف.

واستمرت الاتصالات أمس لحسم مصير حقيبتي وزارتي «الاشغال» و»العدل»، وسط تضارب المعلومات حول مصير «العدل». ففي الوقت الذي رجّحت مرجعيات معنية بالتأليف أن تؤول هذه الحقيبة الى «القوات اللبنانية»، أعلنت مصادر أخرى قريبة من بعبدا و»التيار الوطني الحر» أنها تفضّل بقاءها كما هي حالياً، أي من حصة «التيار».

وفي هذا السياق، قالت مصادر مواكبة التأليف لـ»الجمهورية» انّه على رغم من التقدّم الكبير الحاصل على هذا المسار، يبقى موقف «القوات» الذي أصرّ على نيابة رئاسة الحكومة أولاً، وهي كانت طوال فترة التفاوض من الثوابت العونية والرئاسية التي لا تقبل المساومة، فتعود «القوات» اليوم بعدما حصلت عليها، لتطالب بحقيبة تخصّ رئيس الجمهورية، أي وزارة العدل، وذلك على رغم من تثبيت حقائب «الاشغال» و»المال» و»الداخلية» للأطراف الذين كانت معهم سابقاً». وأشارت المصادر الى «انّ هذا الامر يشكل عقدة جديدة يعمل الرئيس المكلف على حلها مع «القوات» لأنه، وبحسب مصادر «بيت الوسط»، لا يجوز تحميل موقع الرئاسة أكثر من ذلك بعد كل التنازلات التي قدّمها فريقه».

«التيار»
من جهتها، تساءلت مصادر «التيار الوطني الحر» عمّا قصده رئيس «القوات» سمير جعجع بقوله أمس «يضحك كثيراً مَن يضحك أخيراً» ؟ وقالت: هل يأتي موقفه هذا بعد مطالبته بحقيبة وزارة العدل وهي حق لرئيس الجمهورية، بعدما أخذ منصب نيابة رئاسة الحكومة وهو أيضاً حق للرئيس؟
وسبق موقف «التيار» هذا تأكيد مصادر رئيسه الوزير جبران باسيل «أنّ «التيار» مع حكومة وحدة وطنية وقد بذل كل جهد لذلك، وقدّم التضحيات ويقدّم كل التنازلات الممكنة من جانبه لكي لا تستثني الحكومة أحداً، وخصوصاً «القوات اللبنانية».

جعجع
وكان جعجع قال إنّ «القوّات» هي «زينة الحكومة، وبالتالي سنستمر في المشاورات بغية تذليل النقاط التي لا تزال عالقة للوصول إلى تأليف الحكومة بأقرب وقت ممكن». وأكّد وجود نقاط لم يتم التوصّل إلى حل نهائي في شأنها «إلّا أننا نستمر في العمل مع الرئيس المكلف بغية حلّها». ولفت الى أنّ أكثريّة الأفرقاء على الساحة اللبنانيّة لديهم رغبة في أن تشارك «القوّات» في الحكومة، إلّا أنّ هناك بعض الوجوه الصفر التي لا ترغب بذلك، وهذه التمنيات عائدة لهم ونحن لا دخل لنا فيها». ولفتَ إلى «أنّ «القوات» أخذت حجمها من أصوات الناس في الانتخابات النيابية»، مُستنكراً «الحملة التي تقوم بها الصحافة الصفراء»، قائلاً: «يضحك كثيراً مَن يضحك أخيراً».

«القوات»
الى ذلك، قالت مصادر «القوات» لـ»الجمهورية»: «انّ معراب تحوّلت خلية نحل، وفتحت خطوط التواصل مع معظم القوى السياسية، ونشطت الاتصالات وعملية تبادل الافكار». وتكتّمت المصادر على نتائج هذه الاتصالات «حرصاً على سرية المفاوضات، وكذلك حرصاً على ولادة الحكومة في أسرع وقت ممكن، من أجل نقل البلاد الى ورشة حقيقية تحتاجها في المرحلة المقبلة».

وأوضحت المصادر «انّ التفاوض مستمر بروحية إيجابية للغاية»، وأكدت «حرص الرئيس المكلف على التوَصّل الى حكومة متوازنة وطنياً. وبالتالي، كل من يراهن على أنه يستطيع من خلال الاندفاعة في التأليف أن يضرب حسن التمثيل هو مخطىء جداً. فحسن التمثيل، الذي لم يتأثّر طيلة المرحلة الماضية في ظل الاصرار على تأليف حكومة متوازنة، لن يتأثّر في ربع الساعة الأخير، بل على العكس هذه الاندفاعة ستأخذ في الاعتبار الهدف الرئيسي لها وهو ولادة حكومة متوازنة، والمفاوضات التي تدور خلال ساعات ما قبل الولادة، غايتها التوَصّل الى التشكيلة الوزارية التي تعكس نتائج الانتخابات النيابية وتوحي بالثقة للناس لكي تتمكن من ممارسة عملها على أفضل نحو ممكن».

عقدة أرمنية
على صعيد آخر، إستغربت أوساط قريبة من «بيت الوسط» الحديث عن «عقدة أرمنية»، وقالت لـ«الجمهورية» انّ وزيرين أرمنيين سيكونان من أعضاء الحكومة العتيدة، وهما: جان أوغاسبيان لوزارة الدولة لشؤون المرأة، وافيديس كيدانيان للسياحة.

وكانت الطائفة الأرمنيّة قد اعترضت على حرمانها من حقّها بالتمثّل بوزيرين. وأكدت الاحزاب الارمنية الثلاثة (الطاشناق، الهنشاك، الرامغافار) بعد اجتماع طارىء عقدته، تمسّكها بـ»حق الطائفة بالتمثيل بوزيرين يؤمّنان حسن تمثيل الطائفة»، مُعربة عن «دعمها المطلق تمثيل الأقليات في الحكومة بوزير لا يكون على حساب الطائفة الارمنية ولا من حصتها، التي كما هو معلوم محددة بوزيرين أرمنيين أرثوذكسيين في حكومة من 30 وزيراً».