IMLebanon

مانشيت- تقاذف كرة التعطيل.. والمطارنة: لتفعيل الحكومة المستقيلة

 

تركزت الاهتمامات الداخلية، أمس، على العقوبات الاميركية الجديدة التي بدأ تطبيقها على إيران و»حزب الله» وانعكاساتها على لبنان، كما تركزت على نتائج الانتخابات الاميركية النصفية وما سيكون لها من تداعيات على مستقبل إدارة الرئيس دونالد ترامب وسياسته الخارجية. ولكنّ هذين الحدثين لم يحجبا الرؤية عمّا بلغه الاستحقاق الحكومي في ظل التعقيدات التي تعوق إنجازه، إذ لم تتوافر المعالجات الناجعة لها، وبات ينطبق عليه مقولة «كلما داويت جرحاً سال جرح»، حيث أنه ومنذ التكليف كان هذا الاستحقاق ولا يزال يتنقّل بين عقدة وأخرى على وَقع نزاع إقليمي ـ دولي ليس في الأفق ما يشير الى إمكان توقّفه.

لم يسجّل أمس أي جديد على جبهة التأليف الحكومي، فمواقف الاطراف المتنازعة على هذا الاستحقاق استمرّت هي هي، في غياب الرئيس المكلف سعد الحريري وعلى ألسنة أصحابها.

وساد في قصر بعبدا أمس جمود وصمت، فلا حراك ولا مواقف ولا اقتراحات جديدة. واكتفت اوساطه بالتأكيد انّ «الرئيس ميشال عون ينتظر ما وعِد به من اقتراحات يمكن ان تطرح في أي لحظة، وخصوصاً تلك التي سبق له أن اطّلع عليها واستشير بها».

واكتفت الدوائر المعنية بالإشارة، عبر «الجمهورية»، الى انّ الإتصالات ما زالت مستمرة من دون تحقيق نتيجة فعلية او عملية. فلا اقتراحات يمكن تسجيلها في لائحة المخارج التي يمكن البناء والرهان عليها الى اليوم.

 

وقالت انّ رئيس الجمهورية «مُصرّ على علاقاته بالجميع، وحريص على الاحتفاظ بمواقع القوى لدى المرجعيات لإدارة المرحلة المقبلة بنجاح».

وعمّا يتردد عن احتمال زيارة وفد أو مسؤولين من «حزب الله» لعون، نَفت مصادر بعبدا وجود اي موعد لأيّ مسؤول او وفد من الحزب على جدول مواعيد اليوم.

 

وعمّا هو منتظر من خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله بعد غد، إكتفت المصادر بالقول: «ننتظر جميعاً ايّ جديد، وإن شاء الله يكون خيراً».

 

المواقف على حالها

في المقابل، لم يسجل في «بيت الوسط» أي جديد في انتظار عودة الحريري من باريس. وقالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» ان ليس هناك اي موعد محدد لعودته يمكن الحديث عنه قبل مشاركته الأحد المقبل الى جانب عشرات رؤساء الدول والحكومات في الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى في باريس، التي ستكون مدينة مقفلة الأحد المقبل. وأضافت: «في اختصار شديد، المواقف في موضوع التأليف ما تزال على حالها لدى كل الجهات المعنية بالأزمة».

 

ترابط متين

على انّ استمرار تعثّر تأليف الحكومة دفع إحدى المرجعيات السياسية الى تأكيد وجود ترابط متين بين مصير التأليف والقوى المتنازعة على الساحتين الاقليمية والدولية، مُستغربة كيف انّ عقدة تمثيل النواب السنّة المستقلين برزت فجأة مُطيحة كل التفاؤل بل التحضيرات النهائية لإعلان التشكيلة الوزارية، خصوصاً انّ غالبية القوى السياسية التي تقرر إشراكها في الحكومة سَلّمت أسماء وزرائها الى الرئيس المكلف.

 

وقالت هذه المرجعية لـ«الجمهورية» انّ «كرة التأليف هي الآن في ملعب «حزب الله»، كونه هو الذي استحضر موضوع تمثيل النواب السنّة المستقلين».

لكنّ الحزب يؤكد، في المقابل، انّ هذا الموضوع كان قد أُثير مع الرئيس المكلف منذ بدايات استشارات التأليف، وليس صحيحاً انّ طرح هذا الملف كان فجائياً لأنّ الرئيس المكلف لم يرد منذ البداية ايجاباً على هذا الموضوع، بل تجاهله مركّزاً على تمثيل بقية الافرقاء في الحكومة.

 

لكنّ هذه المرجعية تتخوّف من أن يؤدي ربط الاستحقاق الحكومي بما يجري دولياً وفي الاقليم الى إطالة عمر حكومة تصريف الاعمال أكثر فأكثر، ويعوق الجهود المبذولة والمشاريع المقترحة لتفريج الأزمة على كل مستوياتها السياسية والاقتصادية والمالية، وحتى المعيشية. ودعت الافرقاء السياسيين وجميع المعنيين بالتأليف الى الفصل بين مصلحة البلد في ان تكون له حكومة تعالج شؤونه على كل المستويات وبين مصالحهم السياسية الخاصة.

 

وأكدت المرجعية نفسها «انّ المخاوف التي يثيرها البعض حيال الوضعين الاقتصادي والمالي هي مخاوف جدية، لأنّ البلد في حاجة الى حكومة تتصدى لهذه الأزمات وتُمكّن لبنان من تأمين متطلبات مؤتمر «سيدر»، لأنه اتخذ قرارات ستساعد، في حال تنفيذها، على التخفيف من عبء الدين العام الذي يخشى وصوله الى مئة مليار دولار في حال عدم تطبيق مقررات «سيدر».

 

وفي غياب الحكومة الدستورية الموعودة، إستحضر رئيس مجلس النواب نبيه بري التشريع للمرة الثانية، لعله يساهم في تحريك جمود التأليف

 

«المستقبل»

وأكدت أوساط الرئيس المكلف لـ«الجمهورية» ان لا جديد على خط تأليف الحكومة، وأنه ما يزال ينتظر تَسلّم أسماء الوزراء الناقصة ليكتمل مشهد التأليف على الفور. وأشارت الى ثبات الحريري على موقفه الرافض تمثيل سنّة 8 آذار.

 

لن يمل الانتظار

وما لم تقله مصادر «المستقبل»، قاله تلفزيونه، إذ أكّد في مقدمة نشرته الإخبارية المسائية الآتي:

«مَن يَتمترَس وراء من؟ هل يتمترس النواب الستة وراء «حزب الله»، ويتخذونه سلاحاً للاستقواء على الرئيس المكلف؟ أم أنّ «حزب الله» يتمترس وراء النواب الستة، ويستخدمهم أداةً للضغط على الرئيس المكلف، وتأليف حكومة بشروط الحزب؟

 

في الحالتين النتيجة واحدة؛ وهي تعطيل تأليف الحكومة والعودة إلى منطق التعطيل والعرقلة في مقاربة القضايا الوطنية والسياسية. والرئيس المكلف حيال ذلك يبقى حيث هو، في المكان الذي يحمي دور رئيس الحكومة في تأليف الحكومات، ويرفض أيّ شكل من أشكال مَد اليد على صلاحياته الدستورية، أو على مكانته السياسية، وهو لن يملّ الانتظار في سبيل العودة إلى جَادة الصواب، والتزام الأصول بتحرير التشكيلة الحكومية من أسر العقدة المُستجدة.

 

والرئيس المكلف الذي يتابع تصريف الأعمال، عائد حُكماً الى بيروت للوقوف على المستجدات، والتعامل معها، وقد كان في الساعات الماضية على تواصل دائم مع المعنيين في الوزارات المختصة بمعالجة أزمة الكهرباء، وملاحقة أصحاب المولدات الذين يشاركون في تفاقم الازمة، والضغط على المواطنين».

 

الى ذلك رَدّ مصدر في تيار «المستقبل» على ما قيل عن انّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري لم يسمع من الحريري رفضه توزير أحد النواب السنّة الستة، قائلاً: «تعليقاً على ما ورد على لسان أحد المُستوزرين من سنّة «حزب الله» والنظام السوري، من أنه سمع من الرئيس نبيه بري أمس، أنه لم يسمع من الرئيس المكلف سعد الحريري رفضه تمثيل توزير أحد النواب الستة، انّ هذا الادعاء لا يَمتّ الى الحقيقة بصِلة، والرئيس المكلف كان حاسماً بقطع الطريق على الموضوع مع الرئيس بري ومع سواه».

 

سيّد نفسه

وفي غياب الحكومة الدستورية الموعودة، إستحضر بري التشريع للمرة الثانية في جلسة يعقدها مجلس النواب يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين، لعله يساهم في تحريك جمود التأليف.

 

وقال بري خلال «لقاء الأربعاء النيابي» أمس: «إنّ الوضع الحكومي ما زال على حاله، ولم يطرأ أي جديد في شأنه». وعن الجلسة التشريعية، كرّر بري: «إننا في عقد عادي وإن التشريع ضرورة، بل أكثر من ضرورة، وإنّ المجلس سيّد نفسه، ومن الطبيعي ايضاً أن يقوم بمسؤولياته الوطنية وواجبه وعمله».

 

واضاف: «اذا كان المطلوب لدى البعض تعطيل البلد فإننا لا ولن نسمح بذلك، وسنقوم بواجبنا والتزاماتنا الدستورية والوطنية في كل المجالات». وشَدّد على أهمية إنشاء وزارة التخطيط، واصفاً إيّاها بأنها «هي الوزارة السيادية الحقيقية وهي أم كل الوزارات ومنبعها».

 

سعد

من جهته، تمنى عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب فادي سعد أن لا تؤثّر العقوبات الإيرانية على لبنان. وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ العقوبات لا تشمل إيران فقط، بل كل من تتّهمهم واشنطن بأنهم منظمات إرهابية، ومن ضمنها «حزب الله». لذلك، فإنّ الحذر واجب في هذه الفترة».

 

ودعا سعد إلى «أن يكون تعامل المسؤولين اللبنانيين على مقدار واسع من المسؤولية، لا أن يجرّوا لبنان الى الهاوية وسط العاصفة التي تضرب المنطقة»، متمنياً «أن يكونوا قد تعلّموا من الأخطاء الماضية، وعدم تكرارها في هذه المرحلة الدقيقة».

 

وأكّد سعد «انّ الجميع بات يعلم أنّ عقدة عدم تأليف الحكومة لم تكن مسيحيّة وعند «القوات»، وهذا ما عبّر عنه صراحة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي من بعبدا». ودعا الى «تأليف الحكومة سريعاً، لأن وضع البلد لم يعد يتحمّل التأجيل».

 

مجلس المطارنة

ودعا مجلس المطارنة الموارنة، في اجتماعه الشهري، الى «إزالة العراقيل الطارئة من أمام إعلان الحكومة»، وطالب بفريق عمل حكومي متجانس «فلا يتفرّد كلّ وزير بوزارته، ولا يطلق العنان للنافذين لتعطيل القانون».

 

وقال: «الى أن يفك أسر الحكومة الجديدة، نطالب بتفعيل عمل حكومة تصريف الاعمال حتى تنتظم شؤون الدولة والمواطنين. فتصريف الاعمال لا يعني إغفال الرقابة ولا الإحجام عن المشاركة في أعمال اللجان النيابية».