IMLebanon

مانشيت “الجمهورية”: حراك الحكومة قبل الأعياد… والنواب الستة في بعبدا اليوم

رَشح من أوساط سياسية عدة انّ المعنيين بالاستحقاق الحكومي يدفعون في اتجاه إنجازه لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة، تأسيساً على المشاورات التي بدأها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في الوقت الذي شاع أنه يقود مبادرة تهدف الى تذليل العقد والتوافق على الحكومة العتيدة. لكنّ مطّلعين على أجواء المشاورات الجارية أكدوا انها لم تحقق أي نتائج ملموسة، وأنّ ما تشهده هو بمثابة عصف أفكار لم يسفر بعد عن أي قرار.
وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» انّ اللقاء الذي انعقد في بعبدا أمس الأول، بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وضعَ المداميك الاساسية لتسوية يتولّى رئيس الجمهورية تسويقها في مشاوراته مع مختلف الافرقاء، من شأنها، إذا نجحت، ان تُفضي تلقائياً الى ولادة حكومة ترضي الجميع.

وأكدت هذه المصادر انّ المواقف والافكار التي اقترحها بري فتحت الآفاق أمام التوَصّل الى هذه «التسوية الحكومية»، إذا جاز التعبير. إذ انّ بري اقترحَ على رئيس الجمعورية صَرف النظر عن توجيه رسالة الى مجلس النواب تتعلّق بمصير تكليف الرئيس سعد الحريري نتيجة التأخير الحاصل في تشكيل الحكومة.

وحذّر بري من أنّ إثارة هذا الموضوع برسالة الى المجلس النيابي من شأنها إحداث فتنة مسيحية ـ سنية وسنية ـ شيعية تؤديان الى خراب البلد.

وأبلغ بري الى عون صراحة أنه لن يدعو الى جلسة نيابية لا تتوافر فيها عناصرها الميثاقية، فغياب أي مكوّن ميثاقي عن هذه الجلسة، وهو غياب يمكن الجزم بحصوله منذ الآن، سيؤدي حتماً الى عدم انعقاد الجلسة، بل الى عدم الدعوة إليها في الاساس.

وأكدت المصادر انّ بري أيّد اقتراح الوزير جبران باسيل تأليف حكومة من 32 وزيراً بدلاً من حكومة الـ30، بحيث يحتسب الوزير العلوي من حصة رئيس الجمهورية بدلاً من الوزير السنّي الذي كان سيتبادله مع الحريري في الحكومة الثلاثينية، على أن يُعطى هذا الوزير السني لـ«اللقاء التشاوري» فيما يحتسب وزير الاقليات من حصة الحريري، وعندها يصبح في إمكانه توزير النائب السابق باسم الشاب.

وعلمت «الجمهورية» انّ بري شَدّد على ضرورة ان يقدّم الجميع تنازلات وتضحيات، لأنّ البلاد لا تستطيع الاستمرار على ما هي عليه من انحدار سياسي يهدد بانهيار اقتصادي خطير جداً.

العقل الخلّاق

وسُئل بري أمس عمّا اذا كانت مبادرة رئيس الجمهورية هي الفرصة الاخيرة، فأجاب: «لا شيء إسمه فرَص أخيرة، العقل اللبناني دائماً خلّاق وفي الامكان إن شاء الله أن يتوَصّل فخامة الرئيس الى حلول سريعة. وقد تبادلنا أمس افكاراً متعددة، حتى اذا لم تنجح فكرة تنجح الثانية، واذا لم تنجح الثانية تنجح الثالثة».

وأبدى اعتقاده أنّ عون «بالمشاورات التي أجراها، إستغنى عن فكرة إرسال رسالة إلى المجلس النيابي».

المشاورات

وكانت وقائع المشهد السياسي قد توزعت أمس بين الجنوب، في ضوء التصعيد المستمر ضد الأنفاق على الحدود الجنوبية واعلان اسرائيل اكتشاف نفق ثالث يمتد الى اراضيها، بعد تأكيد قوات حفظ السلام الدولية «اليونيفيل» وجود نفقٍ ثانٍ قرب الخط الأزرق، وبين قصر بعبدا حيث واصَل رئيس الجمهورية لقاءاته مع المعنيين بالتأليف الحكومي في إطار مبادرته مشدداً على وجوب نجاحها والّا سنكون أمام كارثة، وبين لندن التي وصل إليها الحريري ليرأس وفد لبنان الى منتدى الاعمال والاستثمار اللبناني البريطاني الذي يفتتح أعماله اليوم.

مشاورات بعبدا

وكان رئيس الجمهورية واصلَ مشاوراته لإنهاء أزمة التأليف، وأوضح أنه بعد «العجز عن معالجة المسألة الحكومية بالطريقة التقليدية بين رئيس الحكومة وبقية الاطراف، رأينا انّ من الواجب أخذ المبادرة للتوفيق بين الجميع لتشكيل الحكومة، لأنّ الاخطار أكبر من قدرتنا على تحمّلها». وشدّد على وجوب نجاح المبادرة، «وإلّا سنكون أمام كارثة، ونحن نملك رأياً للتوفيق بين كل الاطراف».

وبعد لقائه بري والحريري أمس الاول، إلتقى عون أمس وفداً من «حزب الله»، ضَمّ رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد والمعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل.

وقال رعد بعد اللقاء: «ثمّة أفكار تطرح هنا وهناك، وكانت جَوجلة فيها للبحث عن المخارج والحلول النافعة من أجل مصلحة البلد». وأشار الى «أنّ هناك أفكاراً قابلة للدرس وأفكاراً مستبعدة». وقال: «انّ الجلسة كانت عَصف أفكار بصوت عال بيننا وبين فخامة الرئيس، وللبحث صلة».

وقالت مصادر مطّلعة انّ عون عرض مع وفد «حزب الله» لمجموعة من الأفكار من شأنها تسهيل تأليف الحكومة، وسط إجماع ما زال قائماً على دور الرئيس المكلّف في هذا الصدد.

وأشارت الى انّ البحث تطرّق الى التطورات الإقليمية والمحلية. كذلك عرض الجانبان لبعض الأرقام الاقتصادية المُقلقة، والاحتمالات السلبية الناجمة من التأخير في تشكيل الحكومة، وتمّ التشديد على ضرورة مواجهة التهديدات الإسرائيلية الناجمة من عملية «درع الشمال».

النواب الستة

وسيلتقي عون بعد ظهر اليوم النواب السنّة الستة المستقلين. وعشيّة هذا اللقاء، أكد أحد هؤلاء النواب لـ»الجمهورية» انهم لا يزالون على موقفهم.

وشدّد وفد «حزب الله» أمام عون على ضرورة حصر الإتصالات بهؤلاء النواب، في شأن تمثيلهم في الحكومة. وأكد «أنّ مثل هذا الحوار والاعتراف بهذا الحق يشكّلان أكثر من نصف الطريق الى الحل، لِما يشكّلانه من مفتاح للخروج من النفق الذي دخلته الأزمة، وانّ أي اتفاق يتم التوصّل اليه سيكون مقبولاً لدى الحزب».

عون والمبادرة

وقال زوّار بعبدا لـ«الجمهورية» انّ عون يقود المبادرة وحيداً، وهو وضع خريطة طريق قضَت بمِثل هذه المشاورات الى المرحلة التي يمكنه أن يقترح حلولاً عملية قابلة للتطبيق، وانّ الأيام المقبلة ستشهد مشاورات بعيدة من الأضواء، بعد أن يطرح رئيس الجمهورية الخطوات الممكنة في لقاء اليوم مع النواب الستة.

«المستقبل»

الى ذلك إعتبرت كتلة «المستقبل» النيابية انّ مبادرة عون «خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، تطوي ما سبقها من دعوات وفتاوى دستورية، وتعيد الحوار السياسي الى جادة الصواب المطلوب الذي لا بديل عنه للوصول الى المخارج الممكنة».

وأكدت «في هذا المجال انّ صلاحيات الرئيس المكلف غير قابلة للمساومة والمساس تحت أي ظرف من الظروف، وأنّ كافة المحاولات التي تجري في هذا الشأن، سواء من خلال إمّا ابتداع أعرافٍ جديدة أو عبر فرض شروط سياسية على عملية تأليف الحكومة، ستؤول حكماً الى الفشل بحُكم الدستور، الذي ينصّ على استشارات نيابية ملزمة غير قابلة للنقض والتراجع، لأيّ سبب من الاسباب».

«الجمهورية القوية»

من جهته، كرّر تكتل «الجمهورية القوية» الدعوة إلى «ضرورة تأليف الحكومة فوراً، وإذا تعذّر ذلك تفعيل حكومة تصريف الأعمال على قاعدة اجتماعات الضرورة ووفق جدول أعمالٍ محدد، بهدف انتشال البلاد من التردي الاقتصادي الذي لم يعد محمولاً ويستدعي معالجات سريعة».

واعتبر التكتل «أنّ العودة إلى الدستور والمؤسسات يجب أن يكون الفيصل في كل الاستحقاقات والملفات، وبالتالي من حق رئيس الجمهورية البديهي توجيه رسالة إلى مجلس النواب، ومن الأنسَب والأجدى أن يكون النقاش داخل المؤسسات وليس في الشارع، كما أنّ الدستور يحدّد بلا لبس آليّة تشكيل الحكومة، والتي يحصرها بالرئيس المكلف بالتفاهم مع رئيس الجمهورية، ومن دون أن يقيّده بأي مهلة زمنية للتشكيل، ويؤكّد التكتل في المناسبة دعمه للرئيس المكلّف».

الجنوب

وعلى جبهة الحدود الجنوبية، واصلت اسرائيل أعمال الحفر والبحث عن أنفاق على الحدود مع لبنان، وأعلنت اكتشاف نفق آخر في مناطق الشمال، قالت إنه «مليء بالمواد المتفجرة والمعدات العسكرية».

وحذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «حزب الله» من أنه يُعرّض نفسه لـ»رَد لا يمكنه تَخيّله» إذا شَنّ هجوماً على إسرائيل. وقال: «سنستمر في هذه العملية طالما بقي تهديد أنفاق «حزب الله» ماثلاً».

وأضاف: «إذا ارتكبَ «حزب الله» الخطأ الفادح بمهاجمتنا أو معارضة ما نفعله الآن، فسيتلقّى رداً لا يمكنه أن يتخيّله».

وأشار إلى زيارة وفد عسكري إسرائيلي رفيع المستوى لموسكو «لشرح العملية، مع التذكير بأكبر مقدار ممكن من الوضوح أنّ لإسرائيل الحق والواجب في مكافحة الوجود العسكري الإيراني والتحرك ضد محاولة «حزب الله» شَن عدوان عبر الأنفاق».

إلى ذلك، نشرَ المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، تغريدة على موقع «تويتر» إتّهم فيها عون والحريري وقائد الجيش العماد جوزف عون، بـ«التَستّر على الإرهاب».

وقال: «المُتَستِّر على الإرهاب كفاعله، والعونَان والحريري يغضّون الطرف». وأضاف: «انّ نصرالله يبني أنفاقه الإرهابية، ويخرق القرار 1701 خرقاً فادحاً، وعلى قادة لبنان منع هذا الخرق فوراً لأنّ «حزب الله» الإرهابي لا يُعِر القوانين الدولية أيّ اهتمام».

«اليونيفيل»: نفق 2

من جهته، أطلع رئيس بعثة «اليونيفيل» وقائدها العام، ستيفاني دل كول، عون وبري على التطورات المتعلقة بالأنفاق على طول الخط الأزرق. واوضح انه أطلعهما على زيارته الأخيرة إلى موقع قرب المطلة «حيث أجرى خبراء تقنيون من «اليونيفيل» عملية تفتيش للموقع للتأكّد من وجود نفق، وأمس (أمس الاول) تحقق فريق تقني تابع لليونيفيل بقيادة نائب القائد العام من وجود نفق ثانٍ شمال النفق السابق في محيط المنطقة نفسها، وتُواصِل اليونيفيل متابعة هذه المسألة بالتنسيق الوثيق مع القوات المسلحة اللبنانية».

في غضون ذلك، قال عون انّ إسرائيل «أبلغتنا، عبر الولايات المتحدة، ان ليس هناك من نيّات عدوانية في أعمالها الاخيرة على الحدود، وستستمر في العمل من داخل الاراضي التي تحتلّها. ونحن أيضاً لا نيّات عدوانية لدينا، وبالتالي لا خطر على السلام، إنما يجب اخذ بعض التدابير لإزالة سبب الخلاف، ونحن مستعدون للعمل في هذا المجال ولكن بعد الحصول على التقرير النهائي وتحديد المواضيع التي يجب معالجتها».

بدوره، كرّر بري «اننا لا زلنا ننتظر أن يعطونا إحداثيّات. حتى الآن لا يوجد إحداثيات، والاسرائليون يعملون في المنطقة المحتلة. وبالنسبة لنا في لبنان لم نتسلّم أي إحداثيات بالنسبة لهذا الموضوع، وفي الوقت نفسه ايضاً نحن مصرّون على تنفيذ القرار 1701، والذي ينصّ على عدم إحداث خرق من طرف ضد الآخر، بينما هناك 150 أو 160 خرقاً إسرائيلياً شهرياً ضد لبنان ولا أحد يقول: تعالوا لنبحث هذا الموضوع. بينما عندما يحصل أي شيء يندرج في إطار الاتهامات ضد لبنان «هَاتو بَيت الله لَنهِدّو».

إيطاليا

من جهته، أكد وزير الداخلية الإيطالي نائب رئيس الوزراء، ماتيو سالفيني، أنّ «للكتيبة الإيطالية في جنوب لبنان أداء جيداً، ويجب أن يستمر». معلناً أنه «ضد تقليص عدد أفرادها الذين يساهمون في تحقيق الاستقرار، ويساعدون السكان المحليين».

فوشيه

وكانت الاوضاع على الحدود ومسألة الانفاق محور زيارة السفير الفرنسي برونو فوشيه أمس الى قصر بعبدا وعين التينة، حيث عرض مع عون وبري أيضاً التطورات الراهنة في لبنان والمنطقة، والعلاقات الثنائية بين البلدين. كما تناول البحث الوضع الحكومي والعلاقات اللبنانية – الفرنسية وسبل تطويرها.

قتلى وجرحى فرنسيون

دولياً، ما تزال فرنسا تسرق الأضواء عالمياً بفِعل تظاهرات الاحتجاج، ومن ثمّ الإضطرابات الأمنية والخطر الإرهابي.

وفي السياق، سقط أمس قتلى وجرحى من المواطنين، وفق معلومات أولية، في إطلاق نار قرب سوق عيد الميلاد في مدينة ستراسبورغ شرق فرنسا، وفق بيان للشرطة التي أكدت فرار مُطلق النار.

وذكرت وزارة الداخلية الفرنسية، في تغريدة، انّه يوجد «حدث أمني خطير في ستراسبورغ. ويُطلب من السكان البقاء في منازلهم».

وقال مراسل فرانس برس انّ البرلمان الاوروبي، الذي يتخذ من ستراسبورغ مقراً له، تمّ إغلاقه بعد تقارير عن إطلاق النار مع عدم تَمكّن أعضاء البرلمان الاوروبي والموظفين والصحافيين من مغادرة المبنى. علماً أنّ البرلمان مُنعقد في دورته العادية حالياً، بوجود مئات من النواب الأوروبيين والمسؤولين الذين يقومون بالزيارة الشهرية إلى ستراسبورغ من بروكسل.