IMLebanon

بعبدا وبيت الوسط: تفاؤل.. بري: أصبحنا عــلى بعد خطوتين.. «التشاوري»: هذا شرطنا!

جرعة تفاؤل زائدة ضربت الملف الحكومي في الساعات الماضية، وأوحَت بأنّ قطار التأليف قد وُضع فعلاً على السكّة، وانطلق سريعاً ليبلغ هدفه في القريب العاجل. وتبدو أطراف التأليف جميعها متأثرة الى الحد الاقصى بمفعول هذه الجرعة، فبدأت تحضيراتها واستعداداتها لمرحلة ما بعد الولادة. ويبرز في هذا السياق التفاؤل الزائد الذي عبّر عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري من خلال تأكيده لـ«الجمهورية»: انّ الامور جيدة، وماشية في الاتجاه الصحيح، إن شاء الله «قربِت تِنحَل»، ويمكن القول إنها أصبحت على بعد خطوتين». وأوحى بري، إذا سارت الامور نحو التأليف السريع، أن لا شيء يمنع من أن تُعقد جلسة الثقة بالحكومة قبل آخر السنة.
من الواضح انّ البلد قد وقع فعلاً تحت تأثير هذا المناخ التفاؤلي، الذي تنقصه الترجمة الجدية التي تصبح معها الحكومة أمراً واقعاً ومرئياً، لا أن تبقى كما هي حالياً في مدار التمنيات والتوقعات، حتى ولو كان منسوبها أكثر إيجابية من أي وقت مضى.

أسئلة

واذا كان التفاؤل ممكناً، تَماشياً مع هذا المناخ، الّا انّ التجارب السابقة والمماثلة، التي وصلت فيها اللقمة الحكومية الى الفم وسرعان ما نزعت منه في آخر لحظة، لا تشجّع على الافراط في التفاؤل، بل توجِب البحث عن أجوبة على مجموعة من الاسئلة التي تتردّد على كل لسان:

– هل انّ التفاؤل مجرّد فقّاعة هوائية فارغة من اي مضمون، ام انّ «كلمة سر» جاءت من مكان ما وألزمت بالتوجّه نحو تأليف الحكومة؟

– هل وافق رئيس الجمهورية على التخلي عن الوزير السنّي ومنحه لنواب سنّة 8 آذار؟ وإذا صَحّت هذه الموافقة، فلماذا الآن، وليس قبل اسبوع او شهر أو عند بروز عقدة تمثيل سنّة 8 آذار؟

– ما الذي أوجَب موافقة رئيس الجمهورية ومن خلفه «التيار الوطني الحر» على تخفيض حصتهما من 11 وزيراً الى 10 وزراء، اي دون ما يسمّى الثلث المعطّل؟ مع انّ وزير الخارجية جبران باسيل صَرّح برفض التنازل قبل أيام من لندن؟

– هل وافق الرئيس المكلف على تمثيل نواب سنّة 8 آذار في الحكومة؟ إذا صَح ذلك، ما الذي حمله على التراجع؟

– هل تراجع اللقاء التشاوري فعلاً عن قراره بالتمثيل بنائب منه في الحكومة؟

– ما هو دور «حزب الله» في كل ما جرى؟ وإن صحّ ذلك، لماذا لم يبادر قبل الآن؟ ألم يكن ليوفّر عليه اتهامه من قبل بعض القوى السياسية بأنه يعطّل الحكومة؟

المشاورات

جرعة التفاؤل المستجدة، إذا ترجمت فعلاً، تطوي 7 أشهر من التعطيل تأرجح فيها البلد ضمن اتجاهات مختلفة. وما يعزّز هذه الجرعة، الأجواء الايجابية االسائدة في القصر الجمهوري حول قرب الانفراج الحكومي، وكذلك التفاؤل الزائد في عين التينة، والأمر نفسه في «بيت الوسط»، حيث لفتَ الانتباه ما بَثّته «قناة المستقبل» حول انّ طريق تأليف الحكومة باتت سالكة وبنسبة كبيرة، ومراسيم التشكيل على قاب قوسين او ادنى من الصدور في الايام المقبلة، ما لم تَطلّ من إحدى الزوايا عقدة مخفية.

«تفاصيل صغيرة»!

على أنّ اكتمال هذه الايجابية ينتظر حَسم ما وصفت «بعض التفاصيل الصغيرة التي تحتاج الى حل وتوضيح»، وهو أمر شَجّع المتفائلين على الشروع في تحديد تواريخ لولادة الحكومة، مع حسم أن يتم ذلك قبل عيد رأس السنة. وإذا سارت الأمور كما هو مرسوم لها، فثمة احتمال قويّ في أن تُبصر الحكومة النور قبل عيد الميلاد او بين العيدين على أبعد تقدير.

وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ التفاؤل صاغَته مشاورات مكثفة جرت بعيداً عن الانظار خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، وتمحورت بين القصر الجمهوري وبيت الوسط وعين التينة وحارة حريك، أسند خلالها دور بارز للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، بهدف تقريب المسافات بين القوى المتصلّبة على خط التأليف، وبناء مساحات مشتركة في ما بينهم تفك عقدة تمثيل نواب اللقاء التشاوري.

وتضيف المعلومات انّ حركة اللواء ابراهيم ارتكزت الى مبادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وحصل تواصل مباشر بينه وبين رئيس الجمهورية، وكذلك تواصل مع الرئيس المكلّف سعد الحريري وأيضاً مع «حزب الله». واستكمل دوره أمس بزيارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي تلقّى بدوره اتصالاً من الوزير باسيل، وكانت أجواؤه مشجعة، على حد تأكيد مصادر الرئيس بري.

ليونة رئاسية

وما رَشح عن حركة الاتصالات هذه، عكسَ ليونة جدية لدى رئيس الجمهورية أفضَت الى مخرج حل، هو الذي يعمل على إنضاجه بالكامل، ويقوم على أساس انّ رئيس الجمهورية حسمَ تنازله عن الوزير السنّي من الحصة الرئاسية لمصلحة اللقاء التشاوري، على ان يسمّي اللقاء وزيراً يمثّله من خارج النواب الستة.

وتشير المعلومات الى ليونة جدية حيال هذا الطرح عبّر عنها الرئيس المكلف، فيما برزت ليونة مماثلة من قبل اللقاء التشاوري، الذي بَدا من خلال البيان الصادر بعد اجتماعه أمس، مؤكداً على جانب أساس يتعلق بالاقرار في حقه بالتمثيل من دون ان يُصرّ على ان يحصر هذا التمثيل بواحد من النواب الستة.

علماً انّ موقف اللقاء النهائي سيتبلور اليوم بشكل نهائي في لقاء الغداء، بين النواب الستة واللواء ابراهيم، في دارة النائب عبد الرحيم مراد. حيث أكدت اوساط اللقاء لـ«الجمهورية» انّ في حوزة النواب جملة أسئلة تتطلب إجابات واضحة، ومنها:

هل سيقرّ الرئيس المكلف عَلناً بحق اللقاء التشاوري بالتمثيل في الحكومة؟ واذا كانت قد تمّت الموافقة على تمثيل اللقاء، فهل بوزير دولة كما يروّج البعض؟ إذ إنّ وزير الدولة معناه تمثيل ناقص للقاء التشاوري وللشريحة الشعبية التي يمثلها، والتي توجب أن تسند إليه حقيبة يتابع من خلالها شؤونهم ويؤمّن مصالحهم.

أين سيعقد اللقاء؟

ويأتي هذا اللقاء، كما تفيد المعلومات، توطئة للتحضير للاجتماع بين الرئيس الحريري ونواب اللقاء التشاوري، وهو أمر يعمل على إنضاجه في الفترة الحالية، بعد بروز إشارات عن عدم ممانعة الحريري اللقاء بهم، نَقَلها العاملون على خط إنضاج الحل.

الّا انّ اللافت للانتباه هو استبعاد عقد هذا اللقاء في «بيت الوسط» بعد رفض نواب اللقاء التشاوري زيارة الحريري هناك، مع موافقتهم – إذا بقيت الامور سائرة في المنحى الايجابي – على أن يزوروا الحريري في السراي الحكومي، فيما باتَ من المرجّح أن يتم اللقاء بين الرئيس المكلف ونواب سنّة 8 آذار في القصر الجمهوري، برعاية رئيس الجمهورية وحضوره.

ساعات حاسمة

وقالت مصادر مواكبة لحركة الاتصالات لـ«الجمهورية» انّ الساعات المقبلة ستحمل الاجابات الحاسمة، لاسيما بعد الاجتماع المرتقب اليوم بين اللواء ابراهيم، ونواب «اللقاء التشاوري»، الذي تُلمح أوساطه الى إمكان استمرار الازمة ما لم تتمّ تلبية مطلبه. والى انّ اللقاء على استعداد لتليين موقفه والموافقة على تسمية ممثّل عنه في الحكومة، شرط أن يبادر الحريري بدوره الى الاعتراف بحيثيتهم السياسية، وبحقهم المبدئي في ان يتمثّلوا بوزير.

مراد لـ«الجمهورية»

وأبلغ عضو اللقاء النائب عبد الرحيم مراد «الجمهورية» قوله: هناك حلحلة استَجدّت على العقدة الحكومية، وانّ الجهات المعنية بات لديها قابلية لإبداء مرونة في التعاطي. والوسطاء، وفي طليعتهم الرئيس عون، تمنّوا علينا أن نكون «أم الصبي».

ويشير الى «أنّ عون طَرح علينا ان نقدّم تنازلاً معيناً، يُقابله تنازل مماثل من قبل الحريري. ويبدو انّ الرئيس المكلف، كما تَسرّب إلينا، أصبح مستعداً للقبول بأن نتمثّل بوزير نتولّى نحن تسميته، ولا يكون من صفوفنا مباشرة، والأرجح اننا نتجه نحو القبول بهذه الصيغة». لافتاً الى انه «إذا تم الاتفاق النهائي على هذا الحل، فسنرفع اسماً او اكثر الى رئيس الجمهورية ليختار الوزير السنّي»، موضحاً انّ «اسم ابنه حسن قد يكون واردا ضمن الاقتراحات».

التشاوري

وفي سياق متصل، قال مصدر آخر في «اللقاء التشاوري» لـ«الجمهورية»: انّ أيّ بحث معنا في تسويات او تسهيلات ينبغي أن يسبقه إقرار علني بحقّنا في المشاركة في الحكومة، «وإذا لم يحصل هذا الإقرار العلني، فإننا لن نتزحزح عن مطالبتنا بتوزير أحد النواب الستة». مشيراً الى انّ أحد المخارج هو صدور إقرار علني بوجوب مشاركتنا، عن الرئيس عون أو مكتبه الاعلامي.

«اللقاء» و«الوفاء»

من جهة ثانية، إستقبل أمس رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» مع أعضائها وفداً من «اللقاء الديمقراطي» والحزب التقدمي الإشتراكي ضم النائب هادي أبو الحسن، والنائب هنري الحلو، والنائب فيصل الصايغ، وظافر ناصر، والدكتور محمد بصبوص.

وعرض «اللقاء» الورقة الإقتصادية التي أعدها الحزب» وأثنى رعد على «المبادرة»، معتبراً «أن مساحة التقاطع واسعة ويمكن أن يبنى عليها للانقاذ».

وأكد «تسهيل «حزب الله» لكل ما يسرع في تشكيل الحكومة»، معتبراً «أنه قام بما عليه في هذا الاتجاه منتظراً الخطوات الايجابية من الرئيس المكلف».