IMLebanon

مانشيت: بكركي لجبهة ضغط مارونية للتأليف… وبرِّي: الحكومة «في خبر كان»  

تصدرت العاصفة «نورما» بموجاتها والاضرار التي تتسبّب بها الاهتمامات الداخلية، وغاب معها ملف التأليف الكحومي حيث لم يسجل في شأنه اي تطور او مسعى جديد، ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى اختصار المشهد قائلاً: «ما زالت في خبر كان». في الوقت الذي بدأت البطريركية المارونية تحرّكاً لتشكيل جبهة ضغط مارونية لتأليف الحكومة تنبثق من اجتماع سيرعاه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي، يجمع المرجعيات السياسية والقوى والأحزاب المارونية.
لا صوت يعلو هذه الأيام سوى صوت العاصفة بأعاصيرها ورياحها وامطارها وثلوجها التي تلفّ لبنان من أقصاه الى أقصاه مخلفة أضراراً جسيمة في الممتلكات العامة والخاصة، وكاشفة وجهاً آخر من وجوه الفساد برز من البنى التحتية الهشّة التي جرفتها السيول. ما دفع بعض المراقبين الى القول انّ الازمة الحكومية المتمادية تكشف هشاشة الوحدة الوطنية، امّا العاصفة فقد كشفت هشاشة البنى التحتية وتقصير الدولة.
ومع انّ إدارات الرصد الجوي ووسائل الاعلام كانت قد نبّهت منذ اسبوع الى شدة العاصفة الآتية، فإنّ الطوفان الذي أحدثته في بيروت وبعض المناطق كشف سوء ورداءة نوعية البنى التحتية التي كبّدت البلاد مئات الملايين بل المليارات من الدولارات وذهبت الى جيوب كثير من النافذين والمستفيدين من صرف النفوذ. كذلك كشفت العاصفة تقصير الدولة في مكافحة البناء غير الشرعي حول الشواطىء والأنهر.
ميدانياً، بَدا انّ ما جرى ليس طبيعياً، إذ كان يُتوقع ان تتسبّب العاصفة بأضرار في المناطق الجبيلة، فإذ بها تُلبِس هذه المناطق الثوب الابيض، لتصبّ جام غضب الطبيعة على المناطق الساحلية والسهلية التي كان ينتظر ان تمرّ العاصفة فيها «مرور الكرام»، فلحقت بهذه المناطق أضرار فادحة بسبب هشاشة البنى التحتية. فتحوّلت طرق المناطق الساحلية والأوتوسترادات مستنقعات كبيرة لمياه الامطار الغزيرة، وخصوصاً اوتوستراد ضبية، حيث احتجز المواطنون داخل سياراتهم، ما استدعى الاستعانة بزوارق لإنقاذهم.
وينتظر أن تتكشّف الاضرار والخسائر التي حصلت بعد انحسار العاصفة المتوقّع خلال الساعات المقبلة.

حكومياً
ومع اشتداد العاصفة الطبيعية إنعدمت الحرارة في خطوط التواصل والتشاور في شأن الاستحقاق الحكومي، إذ سيطرت البرودة على المناخ السياسي ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى القول، ردّاً على سؤال «إنّ الحكومة ما زالت في خبر كان».

عون
وفيما لم يصدر عن بعبدا أمس أي موقف جديد حول الشأن الحكومي، وخصوصاً في موضوع حل عقدة تمثيل «اللقاء التشاوري» السني، علم أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيتحدث قبل ظهر اليوم أمام أعضاء السلك الديبلوماسي العربي والأجنبي في اللقاء السنوي التقليدي معهم لمناسبة حلول السنة الجديدة. وعلمت «الجمهورية» انّ كلمته تحمل عنوانين أساسيين: العنوان الاول داخلي يتناول مختلف الإستحقاقات الداخلية والمساعي المبذولة لتشكيل الحكومة والتطورات الأمنية والإقتصادية، وغيرها من الاستحقاقات التي شهدتها البلاد وتلك التي يجري التحضير لها.
أمّا العنوان الثاني فيتناول الشق الخارجي حيث يركّز في كلمته على موقف لبنان الثابت من مختلف التطورات الدولية والإقليمية، ويتوقف امام تداعيات الأزمة السورية وملف النازحين السوريين ويحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته، مستغرباً عدم وجود أي تحرك جدي للتخفيف من مأساتهم والمشاركة في كلفة الإعباء الملقاة على عاتق اللبنانيين في مختلف المجالات الإقتصادية والإجتماعية والصحية والتربوية، وما يعيشونه في المخيمات العشوائية في الظروف المناخية الراهنة، مشدداً على أهمية الفصل بين عودة النازحين والحل السياسي في سوريا.

بكركي
في هذا الوقت، يستعد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لزيارة الولايات المتحدة الاميركية أواسط الشهر الجاري. وتحدثت معلومات عن وجود فرصة كبيرة لحصول لقاء بينه وبين الرئيس الاميركي دونالد ترامب لسببين: الاول، هو وجود لوبي لبناني مسيحي كبير يعمل لتحقيق هذا اللقاء في واشنطن، وهذا اللوبي لديه علاقات مباشرة مع الرئيس الاميركي والمحيطين به.
والسبب الثاني يتمثّل في انّ البيت الابيض قد يعتبر انّ استقبال الراعي هو بمثابة تعويض عن عدم شمول جولة وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو ومستشار الامن القومي حون بولتون لبنان.
ولفت أمس الحراك على خط بكركي التي زارها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم والتقى الراعي، حيث عرضا لأبرز «المحطات والمبادرات التي واكبت ولا تزال عملية تأليف الحكومة والعقبات التي تواجهها، وشدّدا على ضرورة إيجاد حل سريع للأزمة الحكومية لأنّ التأخير في التأليف سيؤدي الى تفاقم الأزمات على مختلف الأصعدة».
كذلك زار رئيس حركة «الاستقلال» النائب ميشال معوض بكركي، وتحدث عن وجود اتجاه لدى البطريرك الى دعوة القيادات المسيحية المارونية الى الاجتماع في بكركي للضغط من أجل تشكيل الحكومة. وكشف معوّض لـ»الجمهورية» أنّ «الراعي غاضب من المسار الذي يسلكه ملفّ تأليف الحكومة، ومن الاستهتار الذي يُبديه بعض المسؤولين خصوصاً لجهة عدم تقدير الخطر الاقتصادي الذي تمرّ به البلاد وعدم القدرة على الإستفادة من الفرَص الدولية، وأبرزها مؤتمر «سيدر». ولذلك، فإنه يريد تفعيل حركته من أجل الضغط باتجاه التأليف».
ونقل معوض عن البطريرك نيّته جمع القادة الموارنة في بكركي قبل سفره الى أميركا هذا الشهر، «وقد دعاني الى حضور هذا اللقاء، وإنّ الدعوات ستقتصر على رؤساء الأحزاب والتيارات المارونية، أي رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، رئيس «التيار الوطني الحرّ» الوزير جبران باسيل، ورئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل، وأنا بصفتي نائباً ورئيساً لحركة «الإستقلال». وهذا الأمر لا يعني أنه لن يكون هناك لقاءات عدة بعد عودته من السفر تشمل كل الأفرقاء المسيحيين، وتتوسّع لتشمل غير الموارنة».
كذلك نقل معوّض عن الراعي قوله انّ هدفه هو «تشكيل جبهة ضغط مارونية من أجل تأليف الحكومة، فوحدة الموقف الماروني ستؤدّي حكماً الى التأثير على مجريات الأمور»، معتبراً أنّ «هدف اللقاء هو وطني وليس مسيحياً لأنّ كل لبنان يريد تأليف الحكومة اليوم قبل الغد».
من جهته، زار الوزير يوسف فنيانوس بكركي واعتبر «انّ موضوع تشكيل الحكومة داخلي، ويحتاج الى نوع من التواضع لدى فئة من الناس لكي تتألف».
الى ذلك، يترأس الراعي صباح اليوم الاجتماع الدوري الشهري لمجلس المطارنة الموارنة، وعلى جدول أعماله شؤون كنسية ووطنية. ويتوقّع أن يطلق المجلس مواقف تحضّ الأطراف السياسية كافة على استعجال التأليف وعدم إهدار الفرص والوقت.

«المستقبل»
وفي المواقف، اعتبرت كتلة «المستقبل» أنّ المحاولات المتجددة لرَمي المسؤولية على الرئيس المكلّف، وتحميله تَبعات التأخير في تشكيل الحكومة لن تنفع معها. ورأت في «التصريحات التي صدرت في هذا الشأن محاولة مكشوفة لحرف الانظار عن المكامن الحقيقية للأزمة الحكومية، بهدف نقل الاشتباك من معسكر سياسي الى آخر، وتسويق اقتراحات يدرك أصحابها سلفاً أنها منتهية الصلاحية منذ الايام الاولى للتكليف».
وأكدت «المسؤولية الدستورية المشتركة» بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف في إصدار مراسيم تشكيل الحكومة، وقالت: «أيّ أعراف يعمل على إسقاطها خلاف ذلك تقع في خانة البدع السياسية التي لا وظيفة لها سوى مخالفة الدستور وتعطيل المسار الطبيعي للحياة السياسية والآليّات المحددة في اتفاق الطائف».

«لبنان القوي»
وبدوره، كرّر تكتل «لبنان القوي» تأكيد «السعي الى حل الأزمة إن من خلال مبادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المستمرة او الأفكار التي طرحها الوزير جبران باسيل، والتي لا تزال قيد التداول». وشدد على انّ «المطلوب حركة جدّية وفعّالة، والبحث في الطروحات إيجاباً». وأكد انه «اذا استمر الوضع بلا سقف فسيكون لنا موقف آخر، ولن نتفرّج على أخذ البلاد واللبنانيين الى مصير مجهول، بات معلوماً لدى البعض».

«التشاوري»: بدعة جديدة
في هذا الوقت، تمسّك «اللقاء التشاوري» السني بحقه في التمثيل، مُحمّلاً الرئيس المكلف مسؤولية التأليف. وتساءل عضو «اللقاء» النائب فيصل كرامي عن الأسباب التي تحول دون قبول المعنيين بالأسماء الثلاثة التي اقترحها اللقاء، واكد انّ فرض أسماء عليه «كما حصل سابقاً هو من رابع المستحيلات».
وأسِف كرامي لتعاطي الحريري مع ما يجري من حوله، «حيث أضحى أنّ هناك رئيساً مكلفاً ووزيراً مؤلِفاً، من دون أن يثير هذا الوضع الغيارى على موقع رئاسة الحكومة، من رؤساء حكومات سابقين ودار فتوى ومشايخ، الذين رفعوا الصوت عالياً إزاء مطالبتنا بأحقية التمثيل في الحكومة، فيما تراهم يغضّون الطرف على «الإعتداء» الحاصل على هذا الموقع حين يقوم وزير بمهمة التأليف والحل والربط. ولا يتورّع رئيس حزب عن تسمية وزرائه والحقائب التي يرغبها لهم، وإصرار آخر على نَيل ما يريده من الحصة الوزارية».

سيناريو أقلق اللبنانيين
مالياً، وفي ظل وجود إجماع على الاعتراف بصعوبة ودقة الوضعين الاقتصادي والمالي، نتيجة استمرار الجمود المريب في ملف تشكيل الحكومة، فإنّ ممارسة البعض لعبة صَب الزيت على النار لا تساهم سوى في تأجيج الأزمة المالية والدفع بها نحو منزلقات خطيرة، لبنان في غنى عنها.
وقد أدّى نشر تقرير أصدره مصرف «غولدمان ساكس» الاميركي الى حال من الهلع في بيروت بسبب ما ورد في مضمونه لجهة احتمال إقدام الدولة اللبنانية على إعادة جدولة ديونها، وتعريض حاملي السندات اللبنانية الى خسائر جسيمة.
وقد تبيّن لاحقاً، انّ ما أُطلق عليه تسمية تقرير لا يعدو كونه مجرد سيناريو افتراضي على طريقة الحرب من خلال المحاكاة. ولا يستند هذا السيناريو الافتراضي، وفق خبراء المال والاقتصاد الذين تحدثت اليهم «الجمهورية»، الى أيّ معطيات او حقائق مستجدة تستوجب اعتباره قابلاً للحصول. وما يزيد في اليقين في شأن عدم أهمية هذا السيناريو الوهمي وخطورته، انّ تقرير «غولدمان ساكس» نفسه، يطرح الفرضية، ويجيب عنها في متنه بأنها مُستبعدة الحدوث. (تفاصيل ص 11).