IMLebanon

الجمهورية : إنتخابات طرابلس تُعرِّي السياسيِّين.. وأســـبوع كهربائي ومالي بإمتياز 

أسبوع مالي كهربائي بامتياز تشهده البلاد مودّعاً أسبوعاً انتخابياً انطوى على رسائل سياسية لأكثر من جهة ولكل من يهمه الأمر، ولم تأت نتائجه بمقدار آمال المعنيين بالاستحقاق الانتخابي الفرعي لدائرة طرابلس. بحيث ستكون خطة الكهرباء على مشرحة المجلس النيابي بعد غد الاربعاء، فيما الموازنة العامة لسنة 2019 يفترض ان تكون على طاولة مجلس الوزراء ابتداء من الخميس المقبل إن صدقت الوعود الحكومية في هذا الصدد.
إزدحمت أمس صناديق الاقتراع في طرابلس بالرسائل السياسية والشعبية، فيما كادت تخلو من أصوات الناخبين الذين انخفضت نسبة مشاركتهم في الانتخابات الفرعية الى حد غير مسبوق تقريباً، ما أكد المؤكد مجدداً، وهو انّ الناس في وادٍ وأهل السلطة في وادٍ آخر، ما طرح السؤال عما إذا كان القابضون على الدولة والمصائر سيلتقطون دلالات هذا الانكفاء الاحتجاجي أم سيتجاهلون جرس الانذار مرة أخرى.

وعلى رغم من محاولات معظم أقطاب عاصمة الشمال تحفيز الناخبين وحَضّهم على الاقتراع، إلّا انّ الصناديق بقيت «جافة» في ظل ضحالة المشاركة، وذلك لأسباب عدة يمكن تعدادها كالآتي:

– إنعدام ثقة المواطنين في سلوك الطبقة السياسية ووعودها بعدما تكررت تجاربهم المرّة معها.

– إستغراق الناس في همومهم الاقتصادية والمعيشية وتراجع قدرة الخطاب السياسي التعبوي على استقطابهم، خصوصاً انّ وطأة الحرمان والاهمال في طرابلس تكاد تكون الأشد والاقسى على مستوى لبنان.

– غياب المنافسة الحقيقية، مع ما يرتّبه ذلك من تراخ في «العصب» الانتخابي.

– ضعف الاقتناع بصوابية ترشيح ديما جمالي، حتى في أوساط المتحالفين مع الرئيس سعد الحريري، الذين لم يكن في مصلحتهم تأمين فوز قوي لمرشحة تيار «المستقبل» ربطاً بالحسابات المتصلة بتوازنات المدينة.

– قرار فريق سياسي وازن في المدينة بمقاطعة الانتخابات.

فمثلما كان متوقعاً، جرت الانتخابات الفرعية في طرابلس وسط مشاركة خجولة من الطرابلسيين وشبه مقاطعة من أبناء جبل محسن. ومرّ اليوم الانتخابي الطويل بهدوء وسلاسة ومن دون أي مشكلات أمنية تذكر نظراً الى غياب المنافسة، إضافة الى المقاطعة في مشهد ذكّر بانتخابات عام 1992.

وفي التفاصيل، فقد اقفلت عند السابعة مساء الابواب الخارجية لاقلام الاقتراع الـ416 المعتمدة للانتخابات الفرعية في طرابلس، وتوقف الاقتراع الذي تفاوتت نسبته بين مركز وآخر وتراوحت بين 10 و12 في المئة في المراكز العادية، في حين ارتفعت بنسبة بسيطة في منطقتي القبة والتبانة لتلامس 14 في المئة و29 في المئة في القلمون.

وبعد فرز الأصوات، تبيّن فوز مرشحة «المستقبل» ديما جمالي بنيلها 19398 صوتاً، وعودتها الى ساحة النجمة.

مالياً

وعلى الصعيد المالي، علمت «الجمهورية» انّ اجتماعاً انعقد في «بيت الوسط» مساء أمس بدعوة من الحريري، خصّص للبحث في موضوع الموازنة ولتأمين تغطية القوى السياسية الكبرى لِما يمكن ان يتخذ من قرارات كان الحريري قد وصفها بـ»الموجعة وغير الشعبية»، لتأمين وفر في الموازنة، وخفض نسبة العجز.

وقد حضر هذا الاجتماع كل من وزير المال علي حسن خليل عن حركة «أمل»، ووزير الخارجية جبران باسيل عن «التيار الوطني الحر»، والمعاون السياسي للامين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل، والنائب جورج عدوان عن حزب «القوات اللبنانية»، وتردّد حضور وزير العمل كميل ابو سليمان أيضاً.

وتوقفت مصادر وزارية عند ما طرحه الوزير جبران باسيل قبل يومين لناحية التوجّه الى خفض في الانفاق يطاول رواتب الموظفين، وقالت لـ«الجمهورية»: «يستطيع الوزير باسيل ان يقول ما يشاء، إلّا انّ الكلمة الفصل في النهاية هي للحكومة عموماً ولمجلس النواب في نهاية المطاف، وايّ كلام يصدر عن اي وزير لا يلزم الحكومة ولا مجلس النواب».

بدوره، علّق رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط على موقف باسيل، فقال لـ«الجمهورية» انّ ما يدعو اليه باسيل «يشكل خطوة ناقصة»، لافتاً الى «انّ هناك مرافق كثيرة تنطوي على هدر وفساد يمكن الاقتراب منها».

وأضاف جازماً: «عندنا مئة محل يمكن ندقّ فيه، إلا رواتب هؤلاء الموظفين».

بري وجنبلاط

على انّ الموازنة حازت حيّزاً كبيراً من البحث في لقاء عين التينة مساء أمس بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وجنبلاط الذي زاره يرافقه الوزير السابق غازي العريضي، وشارك في اللقاء وزير المال علي حسن خليل.

وقال جنبلاط بعد الاجتماع: «الموضوع الأساس هو سبل الخروج من المأزق الاقتصادي، وكما فهمت من الوزير علي حسن خليل، بتوجيهات من الرئيس بري، أنّ كل الجهد سيوضع من أجل تحقيق الموازنة، وفي الوقت نفسه وضع الخطى الأساسية لترشيد الإنفاق، أي خفض الإنفاق. وهذه الفرصة قد تكون الأخيرة المطلوبة، من أجل الانطلاق نحو طمأنة اللبنانيين، ووضع الأمور في سياقها الطبيعي».

وأضاف جنبلاط: «كذلك تناولنا أموراً أخرى، ووضعني دولته في أجواء جولته التاريخية في العراق، ولا شك في أننا نتمنى لهذا البلد الوفاق والخروج من أزماته الداخلية والعودة إلى الحظيرة العربية. ونعلم أنّ الرئيس بري لعب دوراً في هذا المجال، وهكذا فهمت في ما جرى من تبادل زيارات بين رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الذي ذهب إلى مصر، والتقى الرئيس السيسي والملك عبدالله. هذه خطوة، لكن لا شك أنّ الجهد الذي بذله الرئيس بري هو جهد ممتاز في هذا السياق. ولا بد للعراق، في يوم ما، أن يكون له الدور الكبير في منطقة الشرق العربي».

خطة الكهرباء

في هذا الوقت، تنعقد في المجلس النيابي اليوم لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه، في جلسة للبحث في خطة الكهرباء المحالة من الحكومة.

وبحسب الاجواء عشيّة الجلسة، فإنّ الامور تتجه الى درس معمّق لمشروع القانون المعجل، خصوصاً انّ هناك توجهاً لدى النواب لتنقية هذا المشروع من اي ثغرات قانونية، مع التشديد، كما قالت مصادر نيابية بارزة لـ«الجمهورية»، على دور إدارة المناقصات في ما يتعلق بالصفقات التي تعقد، وكذلك في دفتر الشروط. وعلى نحو يُبقي الأمور ضمن نطاق الأصول القانونية والإدارية.

وقالت مصادر قانونية لـ«الجمهورية» ان بعض أعضاء لجنة الأشغال تلقّوا ملاحظات من مراجع معنية بهذا الملف، تلفت الانتباه الى ضرورة إخضاع الخطة للقانون، وليس لإرادة اي من الوزراء او الوزارات.

وتشير هذه الملاحظات الى انّ قانون المحاسبة العمومية هو من الركائز التي تحمي المال العام وتضبط إنفاقه، وأي خروج عن قواعد التلزيم المنصوص عنها في القانون ستؤدي الى تفرّد الوزارات بإعداد دفاتر شروط، قد تكون مفصّلة على قياس شركات معنية.

وبحسب الملاحظات ايضاً، فإنه لا يوجد أي مبرر موضوعي او علمي لإخراج صفقات الـ BOT من آليّات وإجراءات التلزيم المنصوص عنها في قانون المحاسبة العمومية، لا بل انّ هذا النوع من الصفقات تكون المخاطر المالية فيه أكثر، وبالتالي تزداد ضرورة تطبيق مبادئ المحاسبة العمومية، خصوصاً لجهة العلنية والمنافسة والمساواة.

كذلك تشير الملاحظات الى أنّ القول انّ دور إدارة المناقصات يقتصر على الناحية الادارية يلغي مبرّر وجود هذه الادارة وهو حماية المال العام والمنافسة، فغالباً ما تُدرَج الشروط الاحتكارية ضمن الشروط التقنية.

مجلس الدفاع

وقبل ايام على الجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء المقررة في بعبدا لبدء البحث في مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2019 المرجّح ان تدرج على جدول اعمالها، دعا رئيس الجمهورية اعضاء المجلس الاعلى للدفاع الى اجتماع يعقد الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في القصر الجمهوري يحضره رئيس الحكومة والاعضاء الحُكميون وزراء الخارجية والداخلية والاقتصاد والعدل والمال والدفاع إضافة الى قادة عسكريين وأمنيين وقضائيين.

التدبير «الرقم 3»

وقالت مصادر اطّلعت على التحضيرات الجارية لعقد هذا الإجتماع لـ«الجمهورية»، انّ جدول أعماله حافل، ويتناوَل، الى الوضع الأمني في البلاد والترتيبات الخاصة بعيد الفصح المجيد والوضع على الحدود الجنوبية، مشروعاً لإعادة النظر في التعويضات المادية للعسكريين المكتسبة بموجب التدبير «الرقم 3» الذي يعمل به بنسبة عالية في حياة العسكريين اليومية، بُغية إعادة تصنيف المستفيدين منه ما بين القوى العملانية وتلك الإدارية خصوصاً، توصّلاً الى صيغة تخفّف من الأعباء المالية المترتبة على الخزينة العامة.

وقالت هذه المصادر انّ إعادة النظر هذه لن تمس أُسس رواتب العسكريين ولا مكتسباتهم المادية والإجتماعية والطبية والتربوية، ولا التعويضات الخاصة بنهاية الخدمة والمتقاعدين، ولا بما يستحق لهم من تعويضات بموجب التدبيرين «الرقم1» و«الرقم 2».

على انّ مصادر متابعة قالت لـ«الجمهورية» انّ الغاية من هذا الاجتماع، ليست البحث في طارئ أمني، إنما قد يكون متمحوراً حول مسألتين أساسيتين: الاولى لها علاقة بما يُثار حول التوقيفات والتي تحصل في بعض القطاعات، والتضارب في صلاحيات بعض الاجهزة مع الاجهزة القضائية. والثانية، حول ما يُثار حول خطوات يمكن اتخاذها في الموازنة، وتطاول قطاعات إدارية وأمنية وعسكرية.

غسل القلوب

على صعيد آخر، علمت «الجمهورية» انّ خلافاً على مكان التئام لقاء «غسيل القلوب» بين «حزب الله» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» لا يزال يؤخّر حصوله.

وقال جنبلاط لـ«الجمهورية»: «كنّا قد اتفقنا على عقد لقاء مشترك بين الحزبين هذا الاسبوع، لكننا اختلفنا على مكان انعقاده، وأنا فهمت من وائل (ابو فاعور) انّ الحاج حسين خليل طلب ان يتم اللقاء في حارة حريك، وأنا بصراحة رفضت الاقتراح، لأنّ «الحزب» هو الذي يجب ان يبادر الى زيارتنا هذه المرة، في اعتبار انّ تلك الزيارة كانت مقررة مسبقاً، قبل ان يَعدل الحزب عنها. وأكد انّ «ما من بديل عن خيار تنظيم الخلاف الذي يجب أن نعيد تفعيله بعد تبادل التفسيرات والتوضيحات لمكامن الالتباس والتباين في الفترة السابقة».

مصادر كنسية

وفي وقت احتفلت الطوائف المسيحية التي تتّبع التقويم الغربي بأحد الشعانين، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي: «عندما ننادي النازحين واللاجئين للعودة إلى أرضهم، على رغم من عدم تشجيعهم من قبل الأسرة الدولية لأغراض سياسية، إنما لكي لا يكونوا مع وطنهم ضحية حربين: الأولى، حرب الأسلحة التي دمّرت الحجر. والثانية، حرب السياسة وعدم العودة التي تدمّر الهوية والثقافة والتاريخ الحي. الحجر يعوّض أمّا الهوية فلا».

وأوضحت مصادر كنسية لـ«الجمهورية» أنّ موقف الراعي «يأتي في سياقه الطبيعي، وهو يدعو الى عودة كل إنسان الى أرضه ووطنه».

وأشارت الى أنّ بكركي ترى «انّ المجتمع الدولي متخاذل عن حل أزمتي اللجوء الفلسطيني والنزوح السوري، ويترك لبنان يتخبّط فيهما، وهذا الأمر يدفع البطريركية الى رفع نبرة صوتها، والمطالبة بإنقاذ لبنان مما يعانيه. كذلك، إنقاذ عودة الفلسطيني والسوري الى أرضه، لأنّ هذا الامر هو حقه الانساني والوطني».