IMLebanon

«الجمهورية»: الموازنة: «الدخان الأبيض» الإثنين.. الحريري: فليتوقف الدوران حول الأرقام

الدخان الأبيض الذي كان منتظراً تصاعده من السراي الحكومي إيذاناً بانتهاء درس مشروع موازنة العام 2019 لم يتصاعد، بل ظل عالقاً في فوّهة المدخنة الحكومية المسدودة بالمشاحنات والمزايدات الوزارية. ولكن يمكن القول انّ المشروع قد أصبح على باب القصر الجمهوري، في انتظار ان يحدد موعد الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء لبَت صيغتها النهائية وإحالتها الى مجلس النواب لإقرارها. وذلك لن يكون قبل النصف الثاني من شهر تموز المقبل، خصوصاً انّ دراسة المشروع في اللجنة النيابية للمال والموازنة سيتطلّب بالحد الأدنى 40 يوماً بمعدّل جلسة او جلستين يومياً، بحسب توقعات الدوائر المعنية في مجلس النواب.
شهدت فترة ما بعد جلسة مجلس الوزراء، أمس، مشاورات على الخطوط الرئاسية للتقريب في موعد الجلسة، وبادَر إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري في اتصال مع رئيس الحكومة سعد الحريري مساء أمس، مشدداً على ضرورة الاستفادة من الوقت، وعقد الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء للانتهاء من الموازنة وإحالتها الى مجلس النواب، لأنها على الاقل ستحتاج الى شهر و5 أيام للانتهاء منها في اللجنة المالية. وبناء على هذه الاتصالات تقرّر عقد الجلسة في الحادية عشرة والنصف قبل ظهر الاثنين في القصر الجمهوري.

والدافع الى هذا الاستعجال هو سفر رئيس الحكومة الى السعودية مطلع الاسبوع المقبل للمشاركة في القمة العربية التي ستعقد في السعودية في 30 من الشهر الجاري، بالتوازي مع قمة خليجية ستعقد في الوقت نفسه في المملكة للبحث في الاوضاع القائمة في المنطقة بعد الاعتداءات التي شهدتها منطقة الخليج في الآونة الاخيرة، ولاسيما عمليات التخريب التي تعرّضت لها بعض السفن في الفجيرة، والاعتداءات التي قام بها الحوثيون ضد المنشآت النفطية السعودية.

بري
الى ذلك، قال رئيس مجلس النواب لـ«الجمهورية»، رداً على سؤال عمّا اذا كانت الموازنة قد انتهت: بناء على ما سمعته، يمكن القول انّ الموازنة انتهت مبدئياً. ويفترض ان تعقد جلسة أخيرة في القصر الجمهوري. ونحن ننتظر.

الحريري
وكان مجلس الوزراء قد عقد أمس جلسته الـ19 في إطار درس مشروع الموازنة، وقال رئيس الحكومة سعد الحريري في مستهلّها، بحسب ما نقل وزير الاعلام جمال الجرّاح: هناك كلام انّ مشروع الموازنة لا يتضمن رؤية اقتصادية، هذا الأمر مجرّد حكي، لأنّ الرؤية الاقتصادية والانمائية والاستثمارية موجودة في البيان الوزاري وفي مؤتمر سيدر وخطة ماكينزي، والتصحيح المالي.

أضاف الحريري: علينا الخروج من هذا الكلام، ونركّز على شغلنا وعلى انهاء العمل بالموازنة والانتقال فيها لمجلس النواب.

كما ليس صحيحاً انه لم يكن هناك كلفة للتأخير، أساساً الكلفة حصلت من اول السنة، ومن التأخير بتشكيل الحكومة، وهي مستمرة مع التأخير غير المبرر بإعداد الموازنة. اذا اردتم ان نكمل هكذا ليس لديّ مانع، وارى اننا أصبحنا على ابواب إعداد موازنة 2020، وانا لدي ايضاً سلة اقتراحات. فإذا كان المطلوب ان نبقى ندور ونغرق بأرقام 2019، ليس هناك من مانع ولكن يجب ان تعرف الناس انّ نسبة العجز التي وصلنا اليها مهمة جداً بالنسبة للتخفيض من 11,5% الى 7,5% وهذا الامر ليس عادياً. علينا الاتّكال على الله للانتهاء من موازنة 2019.

لزوم ما لا يلزم
ووصفت مصادر وزارية الجلسة بأنها كانت لزوم ما لا يلزم، لم تقدم اي اضافات نوعية او جوهرية على المشروع، سوى رفع الضريبة على البحص والرمل من 1000 ليرة الى 1500 وإعادة ادخال الرسوم على المغادرة.

وكما بَدا واضحاً، فإنّ الاجواء كانت مكهربة بين الوزراء وخصوصاً على خط الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل، ولكن من دون ان تصل الى مناوشات مباشرة في ما بينهم، في وقت برز تحفّظ قواتي على بعض الطروحات. وانتهى الامر الى مبادرة رئيس الحكومة الى رفع الجلسة، على ان يبتّ الامر نهائياً في الجلسة العشرين التي ستعقد في بعبدا.

جدل بيزنطي
الى ذلك، أبلغت مصادر وزارية «الجمهورية» انّ الانتقال بالجلسة الى بعبدا، كان خطوة لا بد منها لوقف «الجدل البيزنطي» الذي حكم الجلسات السابقة التي سادها «حوار طرشان» يبدأ ولا ينتهي.

وعلمت «الجمهورية» انّ الوزير خليل ردّ على مقترحات باسيل، وقال: الاصلاح هو في ان تضع أرقاماً فتأتي نفقاتنا أقل، وايراداتنا أعلى وهذا هو الأهم. وليس رمي أرقام او استحضار اقتراحات كلما طرأت على رأسنا فكرة.

الّا انّ موقف باسيل ووزراء التيار «الوطني الحر» ضغط في اتجاه الايحاء بأنّ الموازنة تحسم وتقرّ في قصر بعبدا، مع ترك الباب مفتوحاً أمام ملاحظات ونقاط قالوا انها ستحسم في بعبدا.

وأمام هذه النقاشات قرّر الحريري رفع الجلسة، وخاطب الوزراء باستياء مؤكداً انّ الموازنة انتهت، سأرفع الجلسة «عندي موعد». وأتبع ذلك بإلغاء مؤتمره الصحافي الذي كان مقرراً بعد الجلسة.

وقبل رفعها قال باسيل: طالما لم نبتّ الأمر بالتدبير رقم 3، سنعيد طرحه في القصر الجمهوري لحسمه مع رئيس الجمهورية.

ثم قال الوزير وائل ابو فاعور: المواطن قدّم مساهمته بالتقشّف والناس تحملوا الكثير من الاجراءات، ضرائب وتخفيضات ولكن المصداقية الآن أن نتحمّل معهم المسؤولية ونقدّم مساهمتنا بالتقشف. واقترح إعادة النظر برواتب السلطات العامة – الوزراء والنواب ومطالباً بتخفيضها فتكون بمثابة رسالة إيجابية تجاه الرأي العام كما طلب ابو فاعور باسم «التقدمي الاشتراكي»، تأجيل قوانين البرامج والمقدّر لها مبلغ 190 مليار ليرة. وقال: صحيح إنها إنمائية لكنها ايضاً مناطقية وسياسية لكنّ طلبه رفض، فاقترح مجدداً تخفيض الأملاك البحرية الى النصف بسبب ما تمثّله من شبهة على كل السياسيين، أيضاً رفض. فاستبدله بطلب رفع التخمينات على الاملاك بنسبة معينة.

وختم أبو فاعور: لا يجوز أن نأخذ من المواطن ولا يطال المعتدي على المال العام، هناك إجراءات تحتاج الى إعادة نقاش كضريبة الدخل على المتقاعدين، وإذا لم نفعل كل هذا لن تكون الحكومة في موقع مقبول للرأي العام، فطلب منه الحريري تدوين الملاحظات وطرحها مجدداً في القصر الجمهوري.
وكشفت مصادر وزارية انّ الحريري بعد رفعه الجلسة خرج ممتعضاً، إذ انه وصل الى وضع لم يعد يحتمل، فأقفل النقاش حول أي افكار جديدة، وما كان عليه الّا ان يرفع الجلسة والتوجّه الى مكتبه. ونقل بعض الوزراء الذين لحقوا به الى مكتبه انه عبّر عن استيائه الشديد حيال الاجواء التي سادت والطروحات المتتالية التي يجري تقديمها.

«القوات»
وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ وزراء «القوات اللبنانية» أبدوا تحفّظاً بعد الإعلان المفاجىء وفي اللحظات الأخيرة للجلسة، عن انخفاض التحويلات من الاتّصالات بحيثُ كان يطمح وزراء «القوّات» إلى زيادة العائدات وليس خفضها، كما قدّم وزراء الحزب سلسلة نقاط تؤدّي إلى زيادة الإيرادات فلم تلقَ جواباً. ووضع مصدر وزاري تحفّظ «القوات» في المسار الإيجابي الذي اعتمدته معراب منذ تشكيل الحكومة، بحيثُ لم يعمد ممثلوها في الحكومة إلى عرقلة البتّ بالموازنة، بل ربطوا تحفّظهم بتنفيذ كافّة الإلتزامات على أرض الواقع.

وقالت مصادر القوات لـ«الجمهورية»: نحن لسنا ضد إقرار الموازنة، وتداركاً للوقت وعدم إطالة النقاش، نحن نتّجه الى تسجيل تحفظ لأنّ بعض النقاط لا تلتقي مع تطلعاتنا، وهناك بعض الامور ما زالت تعدّل حتى اللحظة الأخيرة، فضلاً عن أنّ أكثر ما تخشاه «القوات» هو أن تبقى الأمور مجرّد وعود بعيداً عن الترجمة المطلوبة، على غرار ما كان يحصل عندما كان يخفض العجز نظرياً، فيما على أرض الواقع كان العجز في ارتفاع مستمر.