IMLebanon

الجمهورية: الحكومة مؤجلة حتى يُحسم شكلها.. بري: لا أحد يقيّدني.. ودياب: لن أرضخ

يبدو انّ الحكومة الجديدة خرجت، أو أُخرجت من غرفة الولادة، بعدما اصطدمت بحاجز صلب من «اللاءات»، وبمجموعة قواعد ومعايير على شكل شروط يجري فرضها على حلبة التأليف، كان من نتيجتها الفورية ترحيل ولادة الحكومة، التي كانت موعودة في هذه الايام، الى أجل غير مسمّى.
 

التوصيف الدقيق لحال التأليف، كما يعكسه معنيون مباشرون به، هو انه يمرّ في قطوع صعب، يلقي علامة استفهام كبرى حول مصيره، وربما مصير التكليف من أساسه، ويطرح سؤالاً مباشراً: هل انّ الطبخة الحكومية قابلة لأن تنضج بالطريقة التي يقارب فيها الطبّاخون هذا الملف؟

 

 

رواية

هذه الاسئلة تجيب عنها رواية استخلصت من مطبخ التأليف، لكل ما حصل منذ تكليف دياب تشكيل الحكومة وحتى الساعات القليلة الماضية، وتفيد بأنه من اللحظة الأولى التي انطلق فيها الرئيس المكلف في مسار التأليف، بَدا انّ كل ما يتصل بهذا المسار ممسوك بكل تفاصيله، وانّ كل ما قد يبرز في طريقه من عقد ومطبّات تحت السيطرة، ومن النوع القابل للحل.

 

وبحسب الرواية فإنّ ثقة زائدة بالنفس عكست نفسها لدى طبّاخي الحكومة، خصوصاً انّ التباين بين مكوّنات فريق التكليف كان مستبعداً، وانّ الجميع تقاطعوا على موقف واحد هو تسهيل تشكيل الحكومة وتوليدها بشكل سريع جداً خلافاً للوقت الذي كان يُضَيّع لأشهر خلال تشكيل الحكومات السابقة. وأوحى ذلك بأنّ تأليف الحكومة سيجري بشكل انسيابي سريع، وانّ ولادتها ستتم خلال فترة لا تتجاوز الاسبوعين، على الرغم من انّ الرئيس المكلف منح لنفسه مهلة ستة اسابيع على الاكثر لتوليد حكومة مختلفة عن سابقاتها، تقنع الحراك الشعبي بها، وتدخل مضمار العمل المنتظر منها ككابح للأزمة الاقتصادية والمالية المتفاقمة.

 

وتضيف الرواية انّ قرار الاستعجال في تشكيل الحكومة بَدا انه صارم، وانه مبني على رغبة فريق التكليف إزالة اي معوقات من شأنها ان تعوق ولادة الحكومة، حتى ولو كانت من لون واحد. واقترن ذلك بوعد من الرئيس المكلف نفسه بأن تضم حكومته مجموعة شخصيات توحي بالثقة والاطمئنان للناس، وتكون على مستوى ثقة الخارج بها، وتعمل انطلاقاً من «اللون الواحد» في خدمة كل ألوان البلد السياسية والشعبية، وتنال رضى المعارضين لها قبل المؤيّدين بمقاربات إنقاذية نوعية للأزمة التي يتخبّط بها البلد.

 

 

 

التحدي

وهنا كان التحدي، على ما تقول الرواية، وصَرّح طبّاخو الحكومة علناً بأنّهم عاقدون العزم على خَوضه، وربحه، فيربح معهم البلد. وبذلك أشعروا اللبنانيين بأنّ القطاف الحكومي هو مسألة ايام معدودة. وانّ الرئيس المكلف ماض في طريق إنقاذي بالتعاون مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسائر مكونات فريق التكليف، وصولاً الى ما ينشده كل اللبنانيين، خصوصاً أولئك الذين عبّروا عن وجعهم في الشارع، وقراره هو «الصمود» في وجه التحرّكات الاحتجاجية «المُفتعلة» والمنظّمة التي تواجهه او وَاجهته، إن على مستوى الحراك الشعبي أو على المستوى السنّي وتيار المستقبل على وجه الخصوص، وصَمّ أذنيه امام الاصوات التي نادت، ولمّا تزل تنادي بـ«الحرم السني»، وروّجت ولمّا تزل تروّج لـ«ميثاقية» مفقودة او مهزوزة في حكومة تتشكل في غياب الاكثرية الساحقة من السنة عنها، وكذلك غياب الاكثرية الساحقة من الدروز ونصف المسيحيين تقريباً.

 

 

 

وعود فارغة

وتضيف الرواية انّ الوقائع التي تكشّفت على خط التأليف منذ انطلاقه وصولاً الى الايام القليلة الماضية، بَيّنت بما لا يقبل ادنى شك انّ هذا التحدي كان مبالغاً فيه، وانّ الوعود التسهيلية التي قطعت غداة التكليف تبيّن انها فارغة، إذ سرعان ما عصفت بالملف الحكومي رياح الحقائب والحصص والاحجام والاكثريات داخل الحكومة والثلث المعطّل، ونوعية الاشخاص المرشحة للتوزير، وحملته الى المربّع الخلافي. وبدل ان تتقدم الامور الى الامام، إنحرفت عقارب ساعة التأليف عن الاندفاعة الحماسية لدى فريق التكليف لتوليد سريع للحكومة، وبدأت تسلك مساراً عكسياً الى الوراء، عاد معه النقاش الى بداياته، ومَحا كل ما حُكي عن إيجابيات أوحت في لحظة معيّنة بأنّ ولادة حكومة حسان دياب باتت وشيكة.

 

والنتيجة الفورية لهذا الانحراف، كما تشير الرواية، هي انّ الحكومة الجديدة المنوي تشكيلها رُكنت لفترة غير محددة زمنياً على رصيف سلبية لا تؤشّر الى انفراج، في انتظار حسم شكل الحكومة الجديدة بين ان تكون حكومة اختصاصيين، او حكومة مختلطة من سياسيين واختصاصيين، وتطوّق هذين الشكلين الحكوميين مجموعة «لاءات» متلاطمة داخل فريق التأليف.

 

 

 

لاءات

فالرئيس المكلف، وعلى ما يؤكد طباخو الحكومة، حدّد «لاءاته»: لا حكومة الّا حكومة اختصاصيين، ويُفضّل ان يكونوا مستقلين. لا لتوزير سياسيين، لا لتوزير شخصيات تحمل بطاقات حزبية، لا توزير لوزراء سابقين، لا لتوزير نواب، ولا حكومة موسّعة، وحكومة 18 وزيراً هي الافضل للمرحلة الراهنة، ولا اعتذار.

 

وفي المقابل، «لاءات» ضمن فريق التأليف: لا لحكومة اختصاصيين، لا لاستبعاد السياسيين، ولا لاستبعاد الوزراء السابقين، لا لاستبعاد النواب، لا اكثرية لأي طرف داخل الحكومة، ولا للأسماء المنفِّرة او المُستفزّة. لا مانع من تشكيل حكومة من 18 وزيراً او حكومة من 24 شرط ان تكون الحكومة تكنو-سياسية.

 

 

 

مطبّان

وتشير الرواية الى انه على الرغم من ذلك، كانت حظوظ حكومة الاختصاصيين ما تزال مرتفعة حتى ما قبل الاشتباك الاميركي – الايراني، الّا انها اخذت بالتراجع مع بدء النقاش الجدي في الحقائب واسماء المرشحين للتوزير. حيث وقعت بداية في مطبّين: الاول، هو توزير السنة، بعدما مورست ضغوط سنية، وتحديداً من قبل اوساط قريبة من تيار المستقبل، وأدى ذلك الى سلسلة اعتذارات من قبل شخصيات طرحها الرئيس المكلف للتوزير، ومع ذلك أمكن تجاوز هذا الامر واختيرت بعض الاسماء التي وصِف أصحابها بـ«المجازفين».

 

امّا المطب الثاني، فهو الاصعب، وتجلّى حينما سلك التأليف مساراً مختلفاً لا ينسجم مع اللاءات المرفوعة، وحتى مع عنوان حكومة اختصاصيين، ذلك انّ بعض طبّاخي الحكومة بدأ يقارب التأليف وفق قاعدة: «أريد لنفسي ما أرفض إعطاءه لغيري»، وترجم ذلك بما يشبه البازار:

– أولاً، على الاحجام داخل الحكومة، وهنا أصرّ التيار الوطني الحر على حصة وازنة وأمكن له ان يحصل مع حليفيه طلال ارسلان والطاشناق، وفق المسودة الحكومية الاخيرة، على 9 وزراء: نائب رئيس الحكومة، ووزراء للخارجية، الدفاع، العدل، البيئة، والاقتصاد والسياحة. وهذا العدد في حكومة 18 وزيراً، يعني انّ التيار تجاوزت حصته الثلث المعطّل في الحكومة وزادت الى النصف. وهو امر محلّ اعتراض من سائر مكونات فريق التأليف، اذ انّ هذه الاكثرية تخوّله التحكم بالحكومة وخصوصاً عبر الثلث المعطّل، فكيف بنصف الحكومة؟ وهذا ما دفع مكونات اخرى ضمن فريق التكليف لأن توجّه رسائل مباشرة في اتجاه الرئيس المكلف وكذلك في اتجاه التيار بأنّ المطلوب هو حكومة لا اكثرية فيها لأيّ طرف، وليس حكومة تضم اكثرية تتحكّم بها. وهذا الموقف يدعمه رئيس مجلس النواب نبيه بري.

– ثانياً، على حجم مشاركة تيار المردة في الحكومة، حيث أصرّ المردة على ان يتمثّل بالحكومة بوزيرين، والّا لن يشارك فيها، وقد ابلغ موقفه هذا الى الرئيس المكلّف.

– ثالثاً، على الحقائب السيادية او الخدماتية. وحتى الأمس القريب كان الصراع محتدماً بين التيار والرئيس المكلف على وزارة الخارجية، حيث كان الرئيس المكلف مصرّاً على اسنادها للوزير السابق ديميانوس قطار، الّا انها عادت وحسمت للتيار في اللقاء الاخير بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، مع توافق على ان تسند لقطّار وزارة الاقتصاد. الّا انّ هذا الامر ليس ثابتاً حتى الآن، في ظل الصراع الدائر على هذه الوزارة، خصوصاً انّ التيار الوطني الحر يصرّ على ان تسند اليه، بذريعة انه يجب ان يكون حاضراً في الوزارات المرتبطة بالشأن المالي والاقتصادي. وما زال الصراع مستمراً، ولم يحسم بعد.

– رابعاً، على الاسماء المطروحة للتوزير، بحيث تبيّن انّ قلة من بينهم هم من الاختصاصيين، اما الآخرون فمعظمهم تابعون لهذا الطرف السياسي او ذاك. علماً انّ الاسماء تحوّلت في بعض مراحل النقاش الى ما يشبه اوراق خريفية سرعان ما تصفَرّ وتسقط، او يتم إسقاطها عن شجرة التأليف. فوزارة الداخلية، وهي من حصة الرئيس المكلف (مع التربية والاتصالات)، طرحت حولها مجموعة اسماء سقطت كلها لترسو في نهاية المطاف على العميد طلال اللاذقي. اضافة الى وزارة الاتصالات التي ثبت فيها لفترة اسم عثمان سلطان، ليسقط ويحل مكانه اسم شخصية من آل حواط، فيما ما يزال اسم طارق المجذوب ثابتاً حتى الآن لوزارة التربية.

– خامساً، على نسف المبدأ الذي رفع في بداية حركة التأليف، القائل بمنع توزير وزراء سابقين في الحكومة. وهنا أخذ على الرئيس المكلف هذا الامر بتسميته الوزير السابق ديميانوس قطار، فضلاً عن اصوات اعتراضية على هذا المبدأ صدرت في بداية التأليف، تشير الى انّ هذا المبدأ من اساسه ليس متيناً، خصوصاً انّ الرئيس المكلف هو في الاصل وزير سابق. علماً انّ اوساط الرئيس المكلف توضح انّ المقصود بعدم توزير وزراء سابقين، هم الوزراء الذين كانوا في حكومة تصريف الاعمال حصراً.

 

 

 

الحكومة تترنّح

كل ذلك، وبحسب ما تفيد الرواية من مطبخ التأليف، جعل الحكومة المنوي تشكيلها تترنّح قبل ان تبصر النور، واعترض الرئيس بري على الطريقة التي تتم فيها عملية التأليف واختيار الشخصيات للتوزير حيث لوحظ انّ صفة الاختصاصيين مُنتفية لدى كثير من الاسماء المطروحة. ويقول صراحة: يبدو اننا الوحيدون الذين تعاطوا بجدية وعن قناعة في موضوع الاختصاصيين، وأنا من جهتي سمّيتُ شخصاً واحداً حتى الآن، هو الدكتور غازي وزني، فهو معروف انه ليس شخصية سياسية بل اختصاصي في المجال الاقتصادي والمالي، وهو لا ينتمي الى حركة أمل، يعني لا صفة سياسية او حزبية له، وهو مستشار منذ 3 سنوات للجنة المال والموازنة النيابية، وليس مستشاري كما روّجوا.

 

وتشير الرواية الى انّ الأمور أخذت تحتدم داخل غرف النقاش حول التأليف، وأرسل رئيس المجلس جملة اقتراحات الى مطبخ التأليف، أوّلها ان يُصار الى تأليف حكومة اقطاب انقاذية على غرار حكومة العشرة التي شكّلت في عهد الرئيس امين الجميّل، ولعلها اهم الحكومات التي شكّلت في لبنان حيث ضَمّت أقطاب السياسة كلهم مع مجموعة اختصاصيين. الّا انّ هذا الاقتراح لم يلق استجابة.

 

هذا الوضع المهتزّ على خط التأليف، وكما تقول الرواية، تفاعَل اكثر في الايام القليلة الماضية. إذ انه بعد الاشتباك الاميركي الايراني الاخير على خلفية الاغتيال الاميركي للقائد الايراني قاسم سليماني، برز تطوّر لافت في موقف رئيس الجمهورية، تجاوز فيه الحديث عن حكومة اختصاصيين وطَرح الذهاب الى حكومة سياسية بالكامل، باعتبارها الوصفة الملائمة والمطلوبة لبنانياً في موازاة التطورات الاقليمية. ويقال انّ «حزب الله» لم يكن بعيداً عن هذا الطرح، علماً انّ الحزب لم يصدر عنه شيء من هذا القبيل.

 

 

 

عون: حكومة سياسية

وقبل ايام قليلة، أوفد رئيس الجمهورية المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الى عين التينة حاملاً الى رئيس المجلس طرحاً بتشكيل حكومة سياسية كاملة. الّا انّ بري لم يحبّذ هذا الامر، بل خَفّف من هذا الطرح مقترحاً تشكيل حكومة تكنو-سياسية، تضم سياسيين واختصاصيين، تملك من جهة قدرة مواجهة الازمة الاقتصادية والمالية التي تتدحرج بشكل شديد الخطورة، ومن جهة ثانية، القدرة على مواجهة التحديات الاقليمية وتداعيات اي توتر يحصل فيه. علماً انّ طرح الحكومة التكنو-سياسية لطالما نادى به برّي منذ ما قبل تكليف حسان دياب تشكيل الحكومة، حيث عرضه مباشرة مع الرئيس سعد الحريري عشيّة الاستشارات النيابية الملزمة رافضاً طرحه تشكيل حكومة اختصاصيين، وكذلك عرضه مع سائر الاسماء التي طرحت لرئاسة الحكومة كبهيج طبارة ومحمد الصفدي وغيرهما.

 

بعد هذا اللقاء عاد ابراهيم بطرح بري الى رئيس الجمهورية، ولم يمانع، فأبلغ بري بذلك، وكذلك تم ابلاغ الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله بهذا التوجّه فوافق، وكذلك الامر بالنسبة الى رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل.

 

 

 

إعتراض

الّا انّ أمراً قد حصل في هذه الاجواء واحدث تغيّراً في الصورة، حيث حمل الرئيس المكلف الى رئيس الجمهورية مسودة حكومة اختصاصيين، من دون سياسيين، وتتضمن اسماء محسوبة على سياسيين، وناقصة فقط اسماء 3 وزراء شيعة، وتتضمن في الوقت نفسه خريطة توزير تظهر احجاماً تفقد التوازن في الحكومة لمصلحة طرف وحيد (التيار الوطني الحر).

 

هذا التوجه، كما تفيد الرواية، هو الذي دفع رئيس المجلس الى رفع الصوت الاعتراضي، والتأكيد صراحة «انّ الحكومة بالصيغة التي يركبونها فيها، لستُ مقتنعاً بها بأي شكل من الاشكال»، وبالتالي الاصرار على حكومة «لَم شَمل» تكنو-سياسية، تُوجِب الاتصال بكل الاطراف للمشاركة فيها، ومن يقرر عدم المشاركة فهذا شأنه، ذلك انّ المطلوب الآن هو حكومة إنقاذية للبلد، وليتمّ الكَف عن إطلاق تسميات للحكومة، المهم انّ البلد يحتاج الى حكومة والازمة تنحدر نزولاً اكثر فأكثر نحو الهاوية.

 

 

 

برّي

الى ذلك، سألت «الجمهورية» الرئيس برّي حول موقفه من الملف الحكومي، فقال: لا اشارك في الحكومة الا اذا اتّبعَت القواعد المعمول بها. واذا ارادوا ان يشكلوا حكومة بالصورة التي يحضرونها، فأنا خارجها. الّا انني لن أعطّل مسار هذه الحكومة، بل اذا شكّلوها سأنزل الى المجلس النيابي وأمنحها الثقة، لأنني مدرك تماماً انني إن لم امنحها الثقة ستسقط.

 

ورداً على سؤال، قال: لا أحد يقيّدني كيف سأسمّي او من سأسمّي، أسمّي شخصية سياسية او اختصاصية هذا شأني وحدي.

 

واستغرب بري وضع فيتو على توزير نواب في الحكومة الجديدة، وقال: هذه استهانة بمجلس النواب الذي انتخب منذ سنة ونصف، والمعلوم انّ الحكومات في معظم دول العالم هي مرآة المجلس النيابي، فلماذا استبعاد النواب وفيهم الكثير من الكفاءات والاختصاصات في كل المجالات؟

 

واستغرب بري ايضاً استبعاد الحراك الشعبي من التوزير، وقال: المطلوب ان يتمثّل الحراك في الحكومة، بوزير او اثنين، حتى ولو اقتضى الامر ان يعتبروا هذا الحراك طائفة جديدة في لبنان.

 

وعمّا يقال انّ موقفه من حكومة تكنو-سياسية يندرج في سياق الرغبة بعودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، قال بري: ابداً، هذا الكلام غير صحيح على الاطلاق، وكلامي واضح لناحية حكومة لَم شَمل برئاسة الرئيس دياب، وهو نفسه كلامي الذي سبق واكدت عليه بعد اللقاء بالرئيس المكلف خلال الاستشارات النيابية التي اجراها في مجلس النواب.

 

 

 

دياب

الى ذلك، لفت امس اعلان الرئيس المكلف انّ الاخبار عن استقالته او اعتذاره ملفّقة وغير صحيحة، وتبع ذلك بيان صدر عنه ليل امس، جاء على شكل «مصارحة للبنانيين» بجردة حساب لفترة ما بعد تكليفه، موضحاً «انّ الكتل النيابية وسائر النواب، سياسيين ومستقلين، قد كلّفوني تشكيل حكومة على قاعدة أنني مستقل ومن فئة التكنوقراط. وقد تم الاتفاق منذ البداية مع الفرقاء كافة على الاطار العام للحكومة، الذي يتضمن حكومة مصغّرة من 18 وزيراً ووزيرة. فصل النيابة عن الوزارة، حكومة اختصاصيين غير حزبيين، مشاركة المرأة بحصّة وازنة، إلغاء منصب وزير دولة، وعدم مشاركة وزراء حكومة تصريف أعمال التي أسقطها الحراك الشعبي.

 

وجاء في بيان دياب: «أجدّد التزامي بالمعايير التي وضعتها لتشكيل الحكومة، لأنني مقتنع بأنها قد تشكّل خشبة خلاص لوقف الانهيار الحاد الذي نشهده على كل المستويات في لبنان. واؤكد انّ الضغوط لن تغيّر من قناعاتي، وأنني لن أرضخ للتهويل».

 

 

 

الموازنة

إقتصادياً، ينتظر ان يحدد رئيس المجلس النيابي جلسة لمناقشة مشروع موازنة السنة الحالية خلال الاسبوع المقبل. الّا انّ ذلك رهن بعودة رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري من سفرته الخارجية الى بيروت.

 

وبحسب المعلومات فإنّ مشروع الموازنة بَدا توزيعه على النواب اعتباراً من اليوم، وان الرئيس بري بصدد الدعوة الى جلسة لمدة 3 ايام بجولات نهارية ومسائية ومنقولة مباشرة على الهواء عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة.

 

وقال الرئيس بري انه تواصل لهذه الغاية مع الرئيس الحريري آملاً عودته سريعاً لعقد جلسة المناقشة بسرعة، فوعد الاخير بأنه سيكون في بيروت ربما اليوم، علماً انّ بري يؤكد انّ ثمة ضرورة ملحّة لإقرار الموازنة قبل نهاية شهر كانون الثاني الحالي، باعتبار انّ هذا الشهر يشكّل آخر المهل القانونية والدستورية لإقرار الموازنة فيه. وفي حال عدم إقرارها ضمن هذا الشهر، سيدخل البلد اعتباراً من أول شباط المقبل في مرحلة الصرف على القاعدة الاثني عشرية.

 

 

 

الوضع المالي

من جهة ثانية، بقي الوضع المالي المقلق مسيطراً على الاجواء، ولم تنعكس اطلالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة امس الاول في محاولة للطمأنة، على سعر الدولار في سوق الصيارفة الذي واصل مسيرته التصاعدية، واقترب من عتبة الـ2500 ليرة. وكان لافتاً انّ سلامة استكمل تحركاته أمس بزيارتين الى قصر بعبدا وبكركي، حيث أطلعَ كلّاً من رئيس البلاد والبطريرك الماروني على حقيقة الوضع المالي في البلد.

 

في الموازاة، لفت استمرار وتكرار الحوادث في الفروع المصرفية، حيث التوتر هو القاسم المشترك بين الجميع. وقد شهد فرع أحد البنوك في منطقة جل الديب أمس مواجهة تطوّرت الى الاشتباك والضرب بالايادي بين مواطنين وموظفين في الفرع، الامر الذي استدعى إصدار بيان إدانة من قبل ادارة هذا المصرف. وتأتي هذه الحادثة لتزيد الضغوطات التي يتخوّف البعض من ان يؤدي استمرارها وتطورها الى اتخاذ قرار بإغلاق المصارف أبوابها، كما سبق وألمح بيان اتحاد موظفي المصارف.

 

 

 

الدولار

الى ذلك، تشهد اسعار السلع ارتفاعات متتالية وفوضوية، بحيث بدأت القدرة الشرائية للمواطن في التراجع الدراماتيكي الى مستويات مقلقة، في غياب أيّ رقابة حقيقية على ما يجري في الاسواق. وهناك من يعتبر انّ التجار يسعّرون البضائع على سعر 3 آلاف ليرة للدولار منذ الآن. بعد الإرتفاع الذي سجّله سعر صرف الدولار في سوق الصيارفة صباح أمس، والذي وصل إلى عتبة 2500 ليرة، تراجع بشكلٍ مفاجئ في الفترة المسائية ليتراوح السعر بين 2200 و2300، فأثار هذا التراجع تساؤلات عدّة.

 

وفَسّرت مصادر هذا التراجع بأنّه «ناتج عن ارتفاع العرض بسبب السعر الذي جذب الناس ودفعهم إلى تصريف كميّات من الدولارات، وبالتّالي أصبح العرض أكثر من الطلب، ما أدّى إلى الإنخفاض».

 

أمّا مصادر أخرى فرأت أنّ «هذا الأمر هو مجرّد وهم، وأنّ لعبة خفض ورفع السعر مجدّداً عادت إلى الأسواق، وهي لعبة قديمة كانت تُمارس لتحقيق أرباح خيالية. وبالتالي حذّرت هذه المصادر الناس من الوقوع في هذا الفخّ، فالسعر المنخفض يستخدمه التجّار لإعادة شراء الدولار بسعر منخفض، ثمّ يرتفع من جديد ليبيعوه مرتفعاً وليحقّقوا بذلك أرباحاً خيالية وغير شرعية.