IMLebanon

تجدُّد الحرب على أرمن ناغورني قره باخ … برّي: لن نقبل إلّا بالنسبيّة

بدأت الاهتمامات تنصبّ على الانتخابات البلدية والاختيارية التي ستتوالى جولاتها تباعاً الشهرَ المقبل، على وقعِ الأمل بدنوّ موعد انتخاب رئيس الجمهورية العتيد، خصوصاً إذا بَرزت تطورات إقليمية مساعدة في هذا الاتّجاه. ولكن في انتظار ذلك تستمرّ المعضلة الرئاسية على غاربها ويظلّ الأفق مسدوداً أمام التوافق على الرئيس العتيد، رغم إعلان رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية من طرابلس أنّه مع أيّ شخص يتمّ التوافق عليه، محذّراً من أنّ الأقوى في الطائفة يمكن أن يكون خطيراً على لبنان والمسيحيين في المرحلة المقبلة، في انتظار جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل والتي ستَحضر فيها الملفّات الساخنة، كملفّ جهاز أمن الدولة وتجهيزات المطار. أما دولياً، فقد عادت مجدداً منطقة ناغورني قره باخ، ذات الغالبية الأرمنية، إلى الواجهة نتيجة تعرّضها لإعتداءات جمهوريّة أذربيجيان المدعومة تركياً، وذلك في مشهد يذكّر بالإضطهاد الذي كان تعرّض له الأرمن تاريخياً.

بدأ الانشغال بالتحضيرات للانتخابات البلدية التي انطلق قطارها أمس مع تذكير وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بمواعيد انتخابات بيروت والبقاع وبعلبك- الهرمل الأحد 8 أيار المقبل، وانتخابات جبل لبنان الأحد 15 أيار، وإصداره قرار دعوة الهيئات الناخبة في محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية الأحد 22 أيار المقبل، وفي محافظتي لبنان الشمالي وعكار الأحد 29 أيار المقبل، في وقتٍ نفى الرئيس سعد الحريري عبر مكتبه الإعلامي أن يكون قد طلب من رئيس المجلس النيابي نبيه بري تأجيل الانتخابات البلدية، مؤكداً أنّ موقفه الثابت هو موقفه المعلن مراراً وتكراراً بضرورة إجراء هذه الانتخابات في موعدها.

بينما أعلن «حزب الله» بلسان النائب علي فياض أنّه سيخوض هذه الانتخابات وحركة «أمل» «وفقَ الأسُس والقواعد التي تمّ التوافق عليها في الدورات السابقة».

برّي إلى القاهرة

وفي الأفق إطلالتان لبنانيتان على الخارج بفارق أيام قليلة. فرئيس مجلس النواب نبيه بري يستعد لزيارة رسمية لمصر الأسبوع المقبل يلتقي خلالها المسؤولين الكبار وفي مقدّمهم الرئيس عبد الفتّاح السيسي، على أن تليَه مشاركة رئيس الحكومة تمام سلام في مؤتمر القمّة الإسلامية في دورتها الرابعة عشرة في إسطنبول في الأسبوع الذي يليه.

وقال بري أمس أمام زوّاره «إنّ هناك كمَّاً من مشاريع القوانين الضرورية والملِحّة، وأنّه عازم على الدعوة الى جلسة تشريعية، بل الى جلسات. وردّ على القائلين بضرورة توافر الميثاقية لعقدِ الجلسة، قائلاً: «إنّ الميثاقية يجب ان تتوافر أوّلاً عند الشعب اللبناني.

عند وجود قوانين سأطرحها وأدعو الى الجلسة، وليتحمّل كلّ طرف المسؤولية في الحضور أو عدم الحضور، أوليسَت مصالح اللبنانيين وقضاياهم ميثاقية؟». وأضاف: «يريدون قانون الانتخاب الذي يناسبهم ويؤمّن لهم نوّابهم والأكثرية، ونحن لن نقبل إلّا بالنسبية التي لن يتحمّلوها ولن يَقبلوا بها».

وعن قضية مديرية أمن الدولة قال برّي: «لقد طلبتُ من الرئيس تمام سلام استبدالَ المدير العام لأمن الدولة ونائبه، فالمسألة هي أنّهما لم يتّفقا على إدارة هذه المؤسسة والضجّة التي تُثار في هذا المجال، ولقد تكلمتُ في الموضوع مع البطريرك لحّام، وكذلك مع الوزير ميشال فرعون على هامش طاولة الحوار، وطلبتُ من البطريرك تسمية مدير آخر لأمن الدولة وحتى تسميةَ نائبه الشيعي من دون الرجوع إليّ، والموضوع هو في عهدة الرئيس سلام».

وتساءلَ برّي: «لماذا لا يتطلّعون إلى ما يحصل في التفتيش المركزي، وهو أهمّ مِن مديرية أمن الدولة؟ فليَعترفوا بنا على الأقلّ أنّنا طائفة ولسنا «بويجيّة» ولسنا مواطنين من الدرجة الثانية والثالثة، إذا استمرّت هذه الممارسات ينبغي تغيير هذا النظام الطائفي، فأنا على السكّين في مواجهة كلّ مَن هو طائفي».

سلام أمام زوّاره

وكان سلام قد تحدّث أمس أمام مجموعة من الصحافيين على هامش لقاءاته في دارته في المصيطبة، فقال إنّ ملفّ المديرية العامة لأمن الدولة مطروح على جلسة الحكومة المقبلة، لافتاً إلى أنّها قضية أخَذت أبعاداً وأحجاماً أكثر ممّا تستأهل، متمنّياً أن لا تأخذ الأبعاد السياسية ولا الطائفية.

وقال: «لقد سبقَ لنا وحذّرنا من مخاطر استمرار الشغور الرئاسي وتراكم آثاره السلبية التي تسرّبت الى المؤسسات الدستورية التشريعية والتنفيذية». وأضاف: «نحن حكومة ائتلافية تضمّ الجميع ولا تسأل عن أسباب العرقلة كمجموعة بل البعض الذي يمتهنها».

وقال سلام غامزاً من قناة المواقف التي رافقَت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى بيروت والحديث عن التوطين السوري: «كيف يُعقل أن نتّهم مَن يقصدنا لمساعدتنا على تجاوُز المصاعب وعرض خدماته علينا بأنّه يسعى الى توريطنا وفرضِ ما هو مرفوض لدينا جميعاً؟

وهل يَعتقد البعض أنّنا غير واعين لهذه الأمور والأخطار؟ فلسنا على أبواب انتخابات نيابية غداً، ولا حاجة لحشد الغرائز. فالانتخابات البلدية والإختيارية في مواعيدها المعلنة ولا تحتاج الى هذا التحشيد».

وتعليقاً على ما رافقَ نشرَ جريدة «الشرق الأوسط» كاريكاتوراً مهيناً بحق العَلم اللبناني ولبنان، قال سلام: «لقد شهدنا ردّات فعل أثارَتها رسوم كاريكاتورية سابقة قادت الى ثورات وردّات فعل دموية، وهو أمر يُجبر وسائل الإعلام على الاعتناء بما تنشره لئلّا تستدرج ردّات فعل طبيعية عندما يتمّ التطاول على دولة أو رمز وبُعد وطني كالعلم اللبناني».

وعن إقفال مكتب قناة «العربية» في بيروت، قال سلام: «إنّ حال التشنّج الإقليمية تشهد على أشكال مختلفة من النزاع، ونأمل في ان يدرك الجميع اهمّية تجاوز هذه المرحلة، فلبنان بلد مناخُه الحرية، وعلى الجميع احتضان الوضع ومنعُ استغلاله».

وحول احتمال عَقد لقاء بينه وبين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز على هامش مؤتمر اسطمبول أوضَح سلام انّه ليس هناك ما هو مقرّر سلفاً.

وعمّا يقال عن وجود نصيحة بتأجيل زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للبنان، قال سلام: «حسب معلوماتنا فإنّ الزيارة قائمة، وهو آتٍ في موعدها».

الحريري إلى الرياض

وفي انتظار ظهور مفاعيل زيارة الرئيس سعد الحريري الاخيرة لموسكو وقراءة نتائج لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أوضَحت مصادر في تيار «المستقبل» لـ«الجمهورية» أنّ الحريري غادرَ موسكو يوم الجمعة الماضي متوجّهاً إلى الرياض، فيما عاد الوفد المرافق الى بيروت في ساعة متقدّمة من ليل الجمعة الماضي، علماً أنّ مستشاره النائب السابق غطاس خوري قد توجّه الى باريس قبل انعقاد اللقاء بين بوتين والحريري.

وأكدت المصادر نفسُها أنّ نتائج اللقاء مع بوتين «لن تظهر في ساعات أو أيام قليلة، فالتطورات متلاحقة وملفّ لبنان بات على أجندة الرئيس الروسي بما يتصل بالوضعين السياسي والعسكري – الأمني، وقد أظهر بوتين اهتماماً خاصاً بالشقّين الأمني والسياسي ودخل بنفسه في تفاصيل كثيرة على مدى الساعة التي استغرقَها اللقاء، وتوغّلَ في الأسئلة عن مواقف الأطراف كافة، من موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية والأسباب التي دفعَت إلى تعثّر المساعي الهادفة لإنجاز هذا الاستحقاق ومخاطره على الوضع في لبنان. وردّ الحريري بتقديم قراءة للأسباب التي حالت دون ذلك إلى الآن».

وأضافت المصادر: «في الشقّ العسكري، عبّرَ بوتين عن استعداد بلاده لدعم القوى العسكرية اللبنانية والأمنية، ولا سيّما منها تلك التي تخوض أصعبَ مواجهة مع الإرهاب. وهو أمرٌ اختبَره على مدى الأشهر الستّة في سوريا، وإنّ الصورة متشابهة على الساحيتن السورية واللبنانية الى حدّ بعيد ما دام المتورّطون في الأزمة السوريّة هم أنفسهم من يهدّدون الأراضي اللبنانية من بوّابة الحدود اللبنانية ـ السورية الشرقية والشمالية ـ الشرقية وفي الداخل اللبناني حيث عبرَت المجموعات الإرهابية إليها».

لقاء روحي مسيحي

وفي هذه الأجواء، تشخص الأنظار اليوم الى بكركي التي تستضيف بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لقاءً روحياً مسيحياً يُعقد عند الثانية عشرة إلّا ربعاً ظهراً.

وقالت مصادر واكبَت التحضير لهذا اللقاء لـ»الجمهورية» إنّ «اللقاء التشاوري بين رؤساء الكنائس الشرقية في لبنان يهدف الى التشاور في الملفات الراهنة، وفي القيَم الدينية وتعزيز الوحدة والمواطنة، والوجود المسيحي في الشرق، إضافة الى المواضيع التي يمكن ان يطرحَها الحاضرون».

وأضافت: «هناك توافُق اليوم على اعتبار أنّ تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية هو من أهمّ المشكلات التي تواجه المجتمع اللبناني، على اعتبار أنّ هذا التعطيل انسحبَ سلباً على كلّ مؤسسات الدولة، في الوقت الذي نرى انّ الحرائق تشتعل من حولنا وعلى أبوابنا، وبالتالي لا يجوز ان تكون مؤسساتنا منقوصة، الأمر الذي يعطّل إمكانات المجابهة».

وأكّدت المصادر «أنّ كلّ لقاء تشاوري هو خير، لأنّه بمقدار ما تتوحّد المواقف حتى داخل الصف الواحد، بمقدار ما يَسهل التعاون مع الآخرين. فلقاءات كهذه تَهدف الى توحيد الصف بغية تسهيل التعاطي مع غير فئات، وهذا ليس لقاءً فيه اصطفاف، بل لقاء تشاوريّ تمهيداً للقاءات أخرى قد تُعقد مع المسلمين».

ناغورني قره باخ

دولياً، عادت مجدداً منطقة ناغورني قره باخ، ذات الغالبية الأرمنية، إلى الواجهة نتيجة تعرّضها لإعتداءات جمهوريّة أذربيجيان المدعومة تركياً، وذلك في مشهد يذكّر بالإضطهاد الذي كان تعرّض له الأرمن تاريخياً، خصوصاً أنّ هذه الاعتداءات تأتي قبل أسابيع على إحياء ذكرى المجازر الأرمنيّة. في حين لم تتوقّف أعمال أذربيجيان في محاولة للسيطرة على تلك المنطقة التي يؤكّد الأرمن أنها جمهوريّة مستقلّة ولا تخضع للسيادة الأذربيجانيّة.

وقد أوقعَت المعارك العنيفة التي بدأت ليل الجمعة – السبت وتواصلت السبت، 18 شهيداً من الجنود الأرمينيين. ونفت يريفان توقّف القتال بعدما أعلنت اذربيجيان هذا الخبر، قائلةً: «إنّ المعارك مستمرّة على حدود ناغورني قره باخ، على رغم دعوات روسيا والغرب إلى التهدئة.

وأعلنَت سلطات ناغورني قره باخ أنّها «مستعدّة لمناقشة اقتراح هدنة، شرط استعادة المواقع التي خسرَتها». واعتبَر رئيس أرمينيا سيرج سركيسيان الاشتباكات بأنّها الأعمال الحربية الأكبر منذ أن أنهَت هدنة العام 1994 الحرب بين البلدين.

من جهتها، دانت اللجنة المركزية لحزب «الطاشناق»، في بيان، «بشدّة، الهجمات العسكرية العدوانية التي شنّتها القوات المسلحة الأذربيجانية على طول خط التماس مع كاراباخ واستهدفَت مناطق سكنية ابتداءً مِن فجر الثاني من نيسان الجاري».

ولفتَت إلى أنّ «هذه الاعتداءات العسكرية هي الأولى من حيث شدّتها وعنفها التي تشنّها القوات العسكرية الأذربيجانية، بعد هدنة أيار عام 1994، إثر المعارك التي بدأت عام 1988، حيث انتفض الأرمن الذين كانوا يتعرّضون لكلّ أنواع الاضطهاد من السلطات الأذرية المحتلة القسم الأكبر من كاراباخ، من دون ذِكر آلاف الخروق التي سُجّلت خلال الفترة الممتدة من العام 1994 لتاريخ الثاني من نيسان الحالي».

واعتبرَت أنّ «الهجمات الأخيرة تدلّ مرّة أخرى على أنّ أذربيجان، وبدعم تركي صريح، تنسف كلّ الخيارات السلمية ودعوات المجتمع الدولي لإيجاد سُبل تفاوضية لحلّ المشكلة القائمة، وهي وحدها تتحمّل المسؤولية الكاملة لكلّ التطورات والتداعيات.

في حين أنّ السلطات في أرمينيا وكاراباخ كانت، وما زالت، تدعو إلى مزيد من التفاوض واللجوء إلى الخيارات السلمية لإيجاد حلّ للأزمة، فيما خطوة أذربيجان الجديدة تدلّ على أنّها ماضية في اتّجاه تصعيد الوضع نظراً إلى حجم العمليات والعتاد العسكري المستعملين».

و«نظراً إلى خطورة العدوان الأذربيجاني»، دعت اللجنة المركزية لحزب «الطاشناق»، المجتمع الدولي إلى «التدخّل بحزم، لوقفِ العمليات العسكرية، والمضيّ في إيجاد الحلول المناسبة لحلّ هذا النزاع بالطرق السلمية والديبلوماسية، بما تُمليه المواثيق الدولية في حقّ الشعوب بتقرير مصيرها».

ودان وزير الخارجية الأميركية جون كيري «بأشد العبارات» المعارك بين القوات الأرمنية والأذربيجانية، داعياً الطرفين الى «الاحترام الصارم لوقف إطلاق النار وإلى «البدء فوراً بمفاوضات برعاية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.