IMLebanon

عون يُصعّد والحريري يُبشّر: الرئيس أقــرب ممّا نتصور… وقهوجي يُطمئن

ما كادت تفتح كوّة صغيرة في جدار الأزمة بين السعودية ولبنان تمثّلت بلقاء وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مع وزير البيئة محمد المشنوق على هامش القمة الاسلامية في جاكرتا، في اول اتصال لبناني ـ سعودي عقب اندلاع الازمة بين لبنان ودول الخليج عموماً والسعودية خصوصاً، وتأكيد الجبير أنّ الخطوات التي لجأت اليها بلاده لم تكن تستهدف حكومة لبنان، بل هناك تقدير لرئيسها تمام سلام ولمواقفه، حتى استمرّ التأزم بين الرياض و»حزب الله» الذي واصلَ حملته على السعودية فيما أعاد مجلس الوزراء السعودي التشديد على قرار دول مجلس التعاون الخليجي اعتبار الحزب، بقادته وفصائله والتنظيمات التابعة له والمنبثقة عنه «منظمة إرهابية، نظراً لاستمرار الأعمال العدائية التي تقوم بها عناصر تلك الميليشيات وما تشكّله من انتهاك صارخ لسيادة دول المجلس وأمنها واستقرارها، وممارسات في عدد من الدول العربية تتنافى مع القيَم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية والقوانين الدولية، وتشكّل تهديداً للأمن القومي العربي».

أشار رئيس الحكومة تمام سلام الى أنّ «العلاقات العريقة بيننا وبين دول الخليج دائمة ومستمرة ونعمل على تعزيزها». وقال في حديث الى قناة «العربية» ضمن برنامج «بانوراما»: «إنني أعوّل على ما للبنان من مكانة عند خادم الحرمين الشريفين وقادة دول الخليج»، وتوجَّه الى دول الخليج والسعودية في مقدمها بالقول «إنّ العلاقات التاريخية بيننا وبينهم قائمة ودائمة وقوية ونعمل على تثبيتها ولن نُقصّر في ذلك، ولا يمكن أن أقول إنّه وفّقنا بسياسة النأي بالنفس»، لافتاً إلى أنّ «حزب الله مكوّن سياسي أساسي في البلد، وله دور مقاوم أساسي في وجه إسرائيل،

وهو ذهب الى خارج لبنان وتدخّل في شؤون خارجية، وهذا ما أضرَّ لبنان، ونحن نُسائل حزب الله في ذلك، ونطلب منه العودة الى الوطن، لأنّ التجارب التاريخية أثبتت أنّ أيّ جنوح خارجي لأيّ تنظيم يجعل لبنان يدفع الثمن غالياً».

ودعا سلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى «عدم مهاجمة السعودية ودول الخليج، وأتمنى أن يأخذ دعوتي هذه في الاعتبار»، مؤكداً أنّ «الحكومة الإئتلافية غير قادرة على إلزام أيّ فريق بأيّ شيء، والتوافق يجب أن يكون سيّد الموقف»، لافتاً إلى أنّ «السلاح هو خيار ليس متوافراً، وعلينا السعي بكلّ الوسائل الأخرى لحلّ الأزمة».

واعتبر أنّ «الدولة في أوج ضعفها في ظلّ غياب رئيس الجمهورية، وكلّ عامل يأخذ بعداً إقليمياً لا قدرة للبنان على تحمّله، ووجود «حزب الله «خارج لبنان يؤثر سلباً ويعرّضنا لمزيد من المخاطر». وطلب من الجميع «ألّا يأخذوا لبنان الى ما لا طاقة له على تحمّله، وما يحصل من صراعات في المنطقة كبير جدّاً».

ورأى أنّه «لا يمكن فكّ العلاقة القائمة الآن داخل الحكومة، فذلك يعرّض لبنان للانهيار».

الحريري

وفي السياق، لفت الرئيس سعد الحريري «الى أننا نمرّ حالياً في مواجهة كبيرة بين دول الخليج العربي وإيران جرّاء التدخلات الإيرانية السلبية في شؤون عدد من الدول العربية». واعتبر انّ الإجراءات الأخيرة لدول مجلس التعاون الخليجي» ليست بسبب غضب هذه الدول من لبنان وإنما بسبب خوفها عليه».

وقال الحريري: «هم اتخذوا هذه الإجراءات بعد اكتشافهم عدداً من الخلايا التخريبية التابعة لـ»حزب الله» في البحرين والسعودية والكويت». ورأى انّ الحزب «يعتبر نفسه إمبراطورية، يحقّ له ما لا يحقّ لغيره».

واكد الحريري انّ «حزب الله» ليس بإمكانه تقرير مصير سلاحه بنفسه، لأنّ القرار بخصوصه ليس بيده، وإنما بيد النظام الإيراني، والتسوية على مصير سلاح الحزب إقليمية صرفة. ولذلك، فإنّ تغيير العقد أو النظام السياسي لن يغيّر في الواقع شيئاً وسيبقي الانقسام قائماً في البلد».

فرنسا

وفيما أوضح الجبير أنّ «السلاح الذي تمّ شراؤه من فرنسا بموجب الهبة السعودية سيبقى في عهدة الجيش السعودي»، قال الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسية رومان نادال عن تجميد عقد تسليح الجيش وقوى الأمن: «في ما يتعلّق بآليات تعاوننا العسكري مع لبنان، أدعوكم الى طرح السؤال على وزارة الدفاع. انّ فرنسا متمسّكة باستقرار لبنان الذي تساهم فيه القوات المسلحة اللبنانية، هذا هو هدف عقد التسليح».

وأوضح نادال أنّ زيارة وليّ العهد السعودي الامير محمد بن نايف لباريس كانت مناسبة للتطرّق إلى هذا الموضوع ومواصلة الحوار حول الوضع في لبنان واستقراره.

قهوجي يطمئن

وفي هذه الاجواء، طمأن قائد الجيش العماد جان قهوجي اللبنانيين «إلى أنّ الجيش هو قويّ اليوم أكثر من أي وقت مضى، وأنّ الأمن على الحدود وفي الداخل تحت السيطرة، ولا صحّة على الإطلاق للشائعات المغرضة التي تطفو على السطح بين الحين والآخر، حول احتمال اهتزاز الاستقرار في لبنان أو حصول فتنة طائفية ومذهبية تذهب بالوطن الى المجهول، فقرارنا حازم في منع تدحرج كرة النار الإقليمية إلى لبنان، وسنضرب بيد من حديد أي محاولة تهدف إلى إحياء مشاريع الفوضى والتفرقة والتقسيم، أو الإطاحة بصيغة العيش المشترك والوحدة الوطنية.

وسيبقى الجيش في أعلى جهوزيته على كلِّ جبهات المسؤوليات والواجب: من مكافحة الإرهاب على الحدود، إلى الدفاع في وجه إسرائيل ومخططاتها، إلى بسط الأمن والاستقرار في الداخل».

الشباب والرياضة

وفي أوّل خطوة تتصل بالإجراءات التي باشَرتها دول مجلس التعاون الخليجي بإقصاء لبنان عن النشاطات العربية والإقليمية المشاركة في الورش العربية التي تستضيفها، حجبت دولة الإمارات العربية المتحدة سِمات الدخول عن الوفد اللبناني المشارك في فعاليات برنامج ملتقى الشباب العربي الأول للمجموعات التطوعية في دبي، والذي شكّلته وزارة الشباب والرياضة لتمثيل لبنان في هذا المنتدى المقرّر عقده بقرار من مجلس الشباب والرياضة العرب في جامعة الدول العربية الذي عقد قبل فترة.

وذكرت الأنباء الواردة من الإمارات العربية انّ سمات الدخول حجبت ايضاً عن الوفدين التونسي والجزائري، ما يوحي بأنّ القرار شملَ ممثلي ووفود الدول التي اعترضت على تصنيف «حزب الله» بمنظمة ارهابية، وهو ما ألحقَ هذه الوفود بالوفود السورية التي أقصيَت عن مختلف النشاطات التابعة للمؤسسات والمنظمات الإقليمية التابعة للجامعة العربية منذ شطبها عن لائحة الدول في الجامعة العربية قبل ثلاثة اعوام.

حناوي

وأسف وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي للقرار الذي أعاق سفره الذي كان مقرراً في الساعات المقبلة الى دبي. وقال لـ«الجمهورية»:»كنت أتمنى إعطاء الوفد اللبناني سمات الدخول الى مثل هذه التظاهرة الشبابية العربية التي تجمع شبّاناً وشابّات من مختلف دول العالم العربي».

وأكد انه «كان من الأفضل التعاطي مع حدث من هذا النوع بروح رياضية لا سياسية».

حوار وحكومة ونفايات

سياسياً، تشخص الانظار مجدداً الى جلسة الحوار بين اقطاب الكتل النيابية والتي تنعقد غداً في عين التينة، في وقت لم يسجّل أي انفراج لا على خط الازمة الرئاسية ولا الحكومية على خلفية ملف النفايات.

وأمس، نشطت الحركة السياسية في البلاد فزار السفير السعودي علي عواض عسيري رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي استقبل وزير الصحة وائل ابو فاعور موفداً من رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط ، فيما حطّ المعاون السياسي لبري وزير المال علي حسن خليل في «بيت الوسط» وعرضَ مع الحريري آخر التطورات.

وشدد الحريري على أنّ «الحوار يخفّف الاحتقان، ويبقي الباب مفتوحاً لأيّ تسوية، وخصوصاً في مسألة انتخابات رئاسة الجهورية». وأضاف: «صحيح أننا نمرّ بمرحلة صعبة ودقيقة، لكننا نسعى الى انتخاب رئيس للجمهورية، لأنّ استمرار الفراغ هو خراب للبنان»، لافتاً إلى أنّ انتخاب رئيس أقرب ممّا نتصوّر».

جنبلاط الى باريس

وكان جنبلاط توجّه أمس الى باريس في زيارة رسمية يلتقي خلالها غداً الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الإليزيه للبحث معه في مختلف التطورات في المنطقة ولبنان، وتحديداً ما يتصِل بالمساعي الفرنسية المبذولة لإنجاز الإستحقاق الرئاسي في لبنان في ضوء الحراك الذي قادته فرنسا وما زالت لتوفير الأجواء المؤدية الى انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية.

وقالت مصادر الحزب التقدمي لـ«الجمهورية» انّ اللقاء مبرمج منذ زمن بعدما كان الطرفان اتفقا، خلال لقائهما مطلع العام الجديد والذي حضره ايضاً تيمور جنبلاط، على اللقاء مجدداً لتقويم التطورات المحيطة بانتخابات الرئاسة في لبنان وتطورات المنطقة».

تصعيد عوني مرتقب

الى ذلك، علمت «الجمهورية» انّ «التيار الوطني الحر»، وفي إطار مواصلة ضغطه لـ»عدم تخطّي الاجماع المسيحي الذي كرّس ترشيح رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية»، يدرس خطواته التصعيدية المفتوحة على كل الاحتمالات ومن بينها الانسحاب من الحكومة، والاستقالة من مجلس النواب وتصعيد في المؤسسات العامة يبلغ حدّ الشلل».

وفي هذا الإطار، تترقّب الاوساط المواقف التي سيعلنها عون في العشاء السنوي لـ«التيار الوطني الحر» في 14 آذار في أوتيل «الحبتور»، والتي يتوقع ان تكون عالية السقف رئاسياً وحكومياً، إذ من المقرر ان يُطلق مواقف سياسية في غاية الاهمية.

وقال مصدر بارز في التيار لـ«الجمهورية»: «انّ التصعيد المرتقب سببه وجود محاولات مستمرة لتخطي، ليس الجنرال عون و«التيار» فحسب، وإنما المكوّن المسيحي الذي هو أساسي ورئيسي في التركيبة اللبنانية عبر تجاوز انتخاب الجنرال رئيساً للجمهورية».

أزمة النفايات

ومع مراوحة عقدة النفايات مكانها، يستمر مصير الحكومة معلّقاً على حبال حلّ هذه الأزمة، ولا يزال رئيس الحكومة تمام سلام ينتظر جواب الاطراف السياسية لاكتمال الصورة امامه قبل ان يبني على الشيء مقتضاه. وهو يعوّل على جلسة الحوار غداً لإيجاد حل وإلّا فالاستقالة ماثلة أمامه.

بوصعب

وقال وزير التربية الياس بو صعب لـ«الجمهورية»: من الواضح انّ صبر الرئيس سلام قد نفد، وهو على حق، ونحن معه في أي قرار يمكن ان يتخذه ،لأنّ الحكومة اليوم تعاقب لأنها وقفت في وجه مافيا سوكلين ومَن وراءها».

وعقد مساء أمس اجتماع في «بيت الوسط» بين الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير البيئة أكرم شهيّب وأبو فاعور في حضور نادر الحريري، وجرى خلاله عرض للأوضاع.

وعلمت «الجمهورية» انّ اللقاء خصّص للبحث في ملفات عدة أبرزها العقد التي تواجه ملف النفايات بشكل خاص بعد تعثّر خطة شهيّب بشأن المطامر والموقف الرافض لأبناء الإقليم والذي تبنّاه جنبلاط، بحثاً عن صيغة مقبولة تنقذ الحكومة في المرحلة الراهنة بعدما ربط سلام مصيرها بملف النفايات، وهو أمر سيؤدي الى تجميد عمل الحكومة في المرحلة الراهنة ما لم تحلّ قضية مطمر إقليم الخروب.

وعلمت «الجمهورية» انّ اللقاء تداوَل في عدد من المخارج يمكن الوصول اليها بالتنسيق، وربما كان للقوى الأمنية دور في تكريس التفاهم على الأسس العلمية والبيئية التي تراعى في اختيار المطامر المحددة.

وفي جانب من اللقاء جرى البحث في قضايا أخرى ابرزها الإتصالات والمساعي الجارية لترتيب العلاقات بين لبنان والسعودية خصوصاً ودول مجلس التعاون الخليجي عموماً.

وكان جنبلاط قال في تغريدة له عبر «تويتر»، انه «على سبيل أخذ العلم والأخبار، ليس هناك ايّ مشروع لمطمر نفايات في إقليم الخروب، فكفى تقاذف اتهامات وشعارات».

واضاف: «لكنه من المحزن والمعيب ان يختزل شعار الشهيد الكبير جبران تويني بهذه الطريقة».