IMLebanon

 مؤشرات إلى تهدئة إقليمية …وتطمينات رسمية وعسكرية: لا خوف على الأمن

 

أقفَل الأسبوع على دعوة مجلس الوزراء إلى جلسة في الأسبوع المقبل الذي سيكون مبتداه الاثنين حواريّاً في عين التينة، من خلال الجولتين الحواريتين الجديدتين؛ الأولى نهاراً بين قادة الكتَل النيابية، والثانية مساءً بين حزب الله وتيار «المستقبل»، على أمل أن يكون منتهاه بجلسة حكومية مثمرة سياسياً وإجرائياً، بما يكرّس انعقادَ مجلس الوزراء بلا تعطيلٍ ثبتَ أنّه لا يعطّل الاتّفاقَ على إنجاز الاستحقاق الرئاسي فقط، وإنّما يعطّل مؤسسات الدولة ومصالحَ اللبنانيين، بدليل فضيحة العجز عن إيجاد حلّ ناجع ودائم لملفّ النفايات.

في موازاة الحرائق المشتعلة في المنطقة مع استمرار الأزمة السعودية ـ الإيرانية في وتيرتها المتصاعدة، تسارعَت الاتصالات داخلياً لتحصين ساحة لبنان وإبقائها في منأى عن تداعيات العواصف الإقليمية المتلاحقة.

وقد عكسَت تصريحات كلّ من وزير الداخلية نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي اللذين زارا رئيس الحكومة تمام سلام مواقفَ مطَمئنة إلى مستقبل الأوضاع الأمنية. إذ قال المشنوق أنْ ليس لديه أيّ تخوّف على هذه الأوضاع، مؤكداً أنّه «عندما يكون هناك نزاع إقليمي ويَكبر، سيتراجع الغطاء الإقليمي بطبيعة الحال».

وقال: «هناك مؤشّرات، ولكنّها غير أكيدة، أنّ هناك تهدئة إقليمية آتية، ولكنْ إلى أن يتحقّق ذلك يبقى الوضع في لبنان تحت إشارة تراجُع الغطاء الإقليمي». فيما أكد قهوجي «أنّ الوضع الأمني في لبنان جيّد نظراً إلى ما يَجري حولنا».

وفي تعليق لبناني رسمي على التوتّر السعودي ـ الإيراني، أوضَح وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لدى استقباله وزيرَ خارجية الهجرة في النمسا سيباستيان كورتز، «أنّ الموقف الدائم في لبنان هو التقيّد بالشرائع الدولية وعلى رأسِها شرعة حقوق الإنسان، وبالاتفاقات الدولية وفي صدارتها إتفاقيتا فيينا للعلاقات الديبلوماسية والقنصلية، بمعنى أنّ لبنان يقوم على الديموقراطية والحرّيات العامّة ويشجّع عليهما وعلى حرّية التعبير، ولا يوافق إطلاقاً على أيّ قمعٍ لها.

فكيف الحال بقتلِ أو بإعدام أيّ معارض سياسي، إلّا أنّه في الوقت ذاته، لا يتدخّل في الشؤون الداخلية لأيّ دولة عملاً برغبته بعدم تدخّل أحد في شؤونه الداخلية، استناداً إلى ميثاق جامعة الدوَل العربية ومبدأ سيادة الدوَل وقوانينها على أرضها».

وشَدّد باسيل على أنّ «لبنان يدين ويَرفض الاعتداء على أيّ بعثة دبلوماسية أو قنصلية ويَستنكر التعرّض لطواقمها ويطالب باتخاذ الإجراءات في حقّ المخالفين، إلّا أنّه في الوقت نفسه، يَعتبر أنّ أموراً كهذه، إذا حصلت من خارج إرادة السلطات المعنية وتمّ اتّخاذ ما يلزم من قبَلها، فإنّه يمكن تخَطّي الأمر إلى اعتبارات كبرى، وهو ما يُذكّرنا بما حصل عام 2006 من اعتداء على السفارة النمساوية في لبنان، حيث تمّ تخَطّي المسألة من خلال التعاون بين الدولتين».

وأضاف باسيل: «في المحصّلة، فإنّ الاعتبارات الكبرى تبقى محارَبة الشر، أي الإرهاب، وبذل كلِّ الجهود لذلك، وخصوصاً تخفيف كلّ التوترات وعلى رأسها التوتّر السنّي – الشيعي والعمل على التهدئة، لِما لذلك من مصلحة وطنية وقومية وعربية وإسلامية ومسيحية كبرى، حيث إنّ المستفيدين من توتّركهذا هما إسرائيل و«داعش».

وسيَعمل لبنان، انطلاقاً من سياسة الحكومة ومن دوره الطبيعي المبدئي، على المساهمة في إرساء أجواء الحوار واعتماد الديبلوماسية بديلاً مِن العنف والتحريض المذهبي وغيره كوسيلةٍ لحلّ كلّ المشكلات، وذلك إحقاقاً لمصلحته الوطنية في تجنيب مكوّناته هكذا انقسامات وفي تجنيب المنطقة إفرازاتٍ كهذه».

مجلس وزراء الخميس

في هذه الأجواء، وكما أشارت «الجمهورية»، دعا رئيس الحكومة تمام سلام مجلسَ الوزراء إلى الانعقاد الخميسَ المقبل لمناقشة وإقرار جدول الأعمال الذي يضمّ 140 بنداً.

وتخوّفت مصادر مطلعة من تجدّد الاشتباك والشجار السياسي حول تفعيل الحكومة خلال جلسة مجلس الوزراء المقبلة بين فريق لا يرى موجباً لهذا التفعيل وأن الأفضل الذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وفريق آخر يعتبر أن التفعيل ضروري لتسيير شؤون البلاد إلى حين توافر التوافق على إنجاز الاستحقاق الرئاسي (راجع صفحة 4).

درباس

وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في حديث لـ»الجمهورية» إنّ جلسة الخميس ستكون جلسة اختبار لتسيير قضايا الناس، متوقّعاً أن يكون هذا الاختبار ناجحاً، وآملاً في مشاركة جميع الوزراء «ولا أعتقدُ أنّ أحداً سيَغيب عن الجلسة». وقال: «لن نصنعَ المعجزات، بل سنَعمل لتسيير شؤون المواطنين».

وأكّد درباس أن «لا تغيير في آليّة عمل جديدة، بل سيكون هناك تقدير لدى رئيس الحكومة».

دو فريج لـ«الجمهورية»

مِن جهته، قال وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج لـ«الجمهورية»: «مِن المبكر القول إنّ الحكومة عادت إليها الحياة، ويجب أن ننتظر مسار الأمور في جلسة الخميس والجلسة التي ستَليها، لأنّ مِن الواضح عَملياً اليوم أنّ فريق 8 آذار، ولا سيّما منه «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» «انحشرا» بموقف الرئيس سعد الحريري بعد اجتماع باريس، لأنّ بعد افتضاح مَن يرفض انتخاب رئيس الجمهورية، لم يعُد في إمكانهما تحمُّل تبِعة التعطيل، فباتا مضطرَّين إلى تليين موقفهما قليلاً إزاء الحكومة ولو في الشكل».

وأضاف: «إنّ جدول الأعمال يتضمّن بنوداً عادية، إلى قضايا اقتصادية ومالية يجب البتّ بها، ولكنّ العبرة تكمن في الجلسات المقبلة. لكنّنا نؤكّد مجدّداً أنّ حلّ كلّ الأزمات، ولا سيّما منها الاقتصادية والمالية والاجتماعية يكون بانتخاب رئيس جمهورية».

خليل

بدوره، لاحَظ وزير المال علي حسن خليل «أنّ القوى السياسية والكتَل البرلمانية تمارس اليوم نوعاً من الانتحار السياسي طالما هي مستمرّة في تعطيل عمل الدولة ومؤسّساتها التشريعية والتنفيذية التي عليها الاهتمام بقضايا الناس والإدارة العامة».

الحوار الثنائي

في غضون ذلك، تتّجه الأنظار إلى الجولة الحوارية الجديدة الاثنين المقبل بين «حزب الله» وتيار المستقبل». وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر لـ«الجمهورية» في هذا الصَدد: «نحن متمسّكون بالحوار مع «الحزب»، لكنّ قرار المشاركة في جلسة الاثنين لم يتبلوَر بعد وهو قيد الدرس، وإن شاءَ الله نتّخذ القرار الأسلم».

وأضاف: «نحن من دُعاة الحوار ولم نُدعَ إليه مرّة إلّا ولبَّينا، ولنَكن صريحين، إنّ طريقة التعاطي معنا ومستوى الخطاب السياسي في الفترة الأخيرة كان مؤسفاً جداً، والجزء الأهمّ كان كلام النائب محمد رعد الذي اعتبَر أنّ «المسألة ليست مسألة شخص نسَلّمه موقعاً في رئاسة الجمهورية، ثمّ لا يجد صلاحيات يستطيع أن يحكمَ بها البلاد، لأنّ كلّ الصلاحيات يصادرها الشخص الموكل بحفظِ سياسات هذه المملكة أو تلك الدولة». وكأنّ النائب رعد بهذا الكلام يريد تعديلَ النظام تحت عنوان صلاحيات الرئيس.

كذلك نرى أنّ النائب رعد يريد بهذا الكلام نسفَ الحوار، فمَن يريد تعطيله ماذا يقول أكثر بعد؟ إنّ هذا الكلام يستحقّ أن نتوقّف عنده وأن ندرسه بدقّة، وفي كلّ الحالات نحن ندرك خطورةَ الأوضاع، وإن شاءَ الله سنتّخذ القرار الأسلم».

واعتبَر الجسر «أنّ حزب الله حرّ في اتّخاذ المواقف التي يريد، لكن بالنسبة إلينا هناك مواقف نستطيع التغاضي عنها، ومواقف يستحيل ان نتغاضى عنها، الهجوم على السعودية ندرك آثارَه على اللبنانيين، خصوصاً أنّ المملكة وقفَت إلى جانب لبنان سياسياً وإنمائياً واقتصادياً، حتى بعد حرب 2006 وأبوابها مفتوحة أمام اللبنانيين الذين يساعدون لبنان وكأنّنا بهذا الهجوم المجاني نُعرّض هؤلاء جميعاً للضَرر. كذلك فإنّ آثارَه السلبية سترتدّ على لبنان. فعدا عن التجَنّي، ما الحكمة من هذا التهَجّم؟».

وعن الاستحقاق الرئاسي، قال الجسر: «نحن ندرك خطورةَ بقاء البلد بلا رأس، والمسألة ليست عندنا، بل عند الآخرين».

«حزب الله»

إلى ذلك، واصَل حزب الله حملتَه على السعودية وأكّد «أنّ لبنان نجَح في وأد الفتنة السنّية ـ الشيعية»، وقال نائب أمينِه العام الشيخ نعيم قاسم إنّ «السعودية تلعَب اليوم دور تخريب المنطقة وزعزعة استقرارها».

واتّهَم النظام السعودي «برعاية الإرهاب التكفيري فكرًا وسلوكًا ودعمًا ماليًا وسياسيًا وعسكريًا». واعتبَر أنّ إعدام الشيخ نمر باقر النمر «وصمة عار لا يمكن محوُها عن هذا النظام»، ناصحاً بـ«مدّ اليد لإيران»، قائلاً: «هذه مصلحة المنطقة كلّها وليس لإيران فقط، وإذا كان البعض يظنّ أنّه يمكنه تجاوز الحضور الإيراني النبيل والمؤثر والقوي في المنطقة فهو واهم، لا خيار لكم إلّا أن تتعاونوا مع إيران لتكونوا أقوى، وإذا لم تتعاونوا معها فأنتم الأضعف، والعالم يسير خلف إيران مستجدياً علاقةً معها وقوّةً منها وستكون هي الرابحة وأنتم الخاسرون».

الملف الرئاسي

وفي المواقف من الاستحقاق الرئاسي، أكّد وزير الداخلية أنّ الحريري مستمرّ في ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجيه، «ولكنّ عنوان هذا الترشيح هو التفاهم مع الآخرين وليس المواجهة معهم». واعتبَر «أنّ الحديث عن النعي هو حديث مبكِّر وغير دقيق، مع العِلم أنّ التطوّرات الإقليمية أخَّرَت إجراءَ هذه الانتخابات، بلا شكّ».

الراعي

وفي هذا السياق، قالت مصادر كنَسيّة لـ«الجمهوريّة» أنْ «لا جديد على خطّ بكركي على صعيد ملفّ رئاسة الجمهوريّة، فاتّصالات البطريركية المارونيّة مع الأحزاب المسيحيّة لم تتوقّف لكن لم يتّضِح حتّى الساعة إمكان عَقد لقاء للزعماء المسيحيين الأربعة، لكنّ بكركي تنتظر اللقاءَ المرتقَب بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، وتأمل في أن يخرجَ بنتائج إيجابية وبمبادرة أو حلّ رئاسي، فما يهمّ البطريركية انتخابُ رئيس، بغَضّ النظر عن الأسماء، لأنّها لا تفَضّل إسماً على آخر».

وفي غضون ذلك، بَرز موقف لافت للراعي في إطار المساعي التي يقوم بها بالتعاون مع الهيئات الشبابية واللجان التي شكّلتها بكركي من أجل عودة المسيحيين إلى مؤسسات الدولة. وفي هذا الإطار، طالبَ الراعي مكتبَ رعويّة الشبيبة ولجانَ العمل تنظيمَ «حملة بين الشبيبة للدخول إلى الجيش، لأنّ الجيش اللبناني في أمسّ الحاجة إلى الشبيبة. ونحن نؤَمّن كلَّ المعطيات اللازمة لكي يَعرفوا أنّ الدخول إلى الجيش له أبعاد وطنيّة ومادّية».