IMLebanon

 برّي: إقتربنا من إنجاز الإستحقاق… وسلام يَصرف النظر عن جولته

فيما تواصلت المساعي والمحاولات لتطويق مضاعفات الإجراءات السعودية، دخلت هذه الإجراءات طوراً جديداً تَمثّل بقرار يقضي بإبعاد مجموعة من اللبنانيين العاملين في المملكة، وهو أمرٌ كانت نبّهَت إليه قيادات مؤيّدة للرياض منذ مدّة. وإزاء ما يثيره البعض من مخاوف على الأوضاع الأمنية والنقدية في هذه المرحلة، نقلت قيادات سياسية عن أعضاء في الوفد النيابي الذي يزور واشنطن حالياً أنّهم سمعوا من مسؤولين أميركيين التقوهم في العاصمة الأميركية للبحث في الإجراءات المالية المتخَذة في حقّ لبنان، أنّ الإدارة الأميركية تعتبر الأمن والنقد في لبنان خطّاً أحمر، لن يُسمح لأحد المسّ بهما على رغم كلّ ما تفرضه الأوضاع السائدة في المنطقة من تداعيات على الساحة اللبنانية.

لم يسجّل أمس أيّ تقدّم في المحاولات الجارية لإعادة تطبيع العلاقات مع الرياض، في الوقت الذي دعا رئيس الحكومة تمام سلام الوزراء إلى مراعاة الإجماع في موقفهم الذي تجلّى في جلسة مجلس الوزراء السابقة «لأنّ الوضع حساس ودقيق، وعلى الجميع العمل في الاتجاه المفيد، وإلّا فإنّ النتائج ستكون عكسية ومضِرّة»، مؤكّداً أنّه يَبذل جهداً كبيراً ويسعى في كلّ الاتجاهات لتجاوز الواقع الراهن للعلاقات مع السعودية وبقيّة دول مجلس التعاون الخليجي».

سلام ينتظر ردّاً

وقالت مصادر سلام لـ«الجمهورية» إنّه ما زال ينتظر الجواب على الرسالة التي وجّهها إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتحديد الخطوات اللاحقة، ولذلك فهو تجنّبَ الحديث عن الموضوع أمام الوزراء في مستهلّ جلسة مجلس الوزراء أمس، وفضّلَ التريّث الى أن يأتيه الجواب الرسمي، مؤكّداً أنّ الموقف الرسمي للحكومة لا يخرج عن مضمون بيان المجلس في جلسته الاستثنائية والذي صدر بالإجماع، وما عدا مضمونه يبقى ملكاً لأصحاب المواقف، وهم ليسوا في أي موقع للتحدّث باسم الحكومة.

ولفتت المصادر الى أنّ الحديث عن شكل الوفد الذي سيرافق سلام في حال قيامِه بأيّ زيارة إلى المملكة أو أيّ دولة خليجية مجرّد روايات غير صحيحة».

ومساءً، علمت «الجمهورية» أنّه تمّ صرفُ النظر عن الجولة الخليجية التي كان يَعتزم سلام القيام بها على رأس وفد وزاري، والاستعاضة عنها باتصالات يقوم بها سلام مباشرةً مع الدول عبر سفرائها.

برّي

في غضون ذلك، أعلنَ رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام السفراء العرب المعتمدين في بروكسل، أنه ما يزال يرى «أنّ مفتاح الحلّ في المنطقة هو الحوار السعودي ـ الإيراني الذي لا بدّ منه لأجل الأمّتين الإسلامية والعربية».

وشدّد على أنّ «التقارب والحوار بين طهران والرياض هو أكثر من ضروري. وهذا الاقتناع يجب أن يترجَم، لكن ويا للأسف الأحداث تتسارع وتُخربط كلّ المحاولات واللقاءات التمهيدية. مع ذلك لا أزال أرى أنّ مفتاح الحل هو هذا التقارب». ورأى أنّ «سايكس ـ بيكو انتهى وقد أصبح الخطر يطاول الجميع».

وإذ شدّد على السعي «إلى التضامن والوحدة من خلال الحوار»، قال: «لقد سارَعنا إلى إيجاد حوار حَمى لبنان من الفتنة، وأوجَدنا المظلّة له وهي الحوار الوطني لنحمي الحكومة أيضاً. وقد خرَجنا بنتيجة عكس ما حولنا. ففي لبنان الأمور اليوم معكوسة. لقد أوجَدنا الأمن، لكن في السياسة لا نزال بلا رئيس منذ نحو سنتين، والحكومة تمرّ أحياناً بإرباكات وهزّات وتكون شِبه معطّلة، ولبنان اليوم واحة أمنية بالنسبة إلى المنطقة».

وطمأنَ بري في لقائه مع أبناء الجالية اللبنانية في بلجيكا إلى «أنّنا أصبَحنا أقرب وأقرب من أيّ وقتٍ مضى من إنجاز الاستحقاق الرئاسي على قاعدة التوافق الوطني كالعادة «لا غالب ولا مغلوب»، لأنّ هذا الأمر يخدم متطلبات العيش المشترك».

خليل في «بيت الوسط»

وحضرت التطوّرات الراهنة في اجتماع عُقد عصر أمس في وزارة المال بين وزير المال علي حسن خليل والوزير روني عريجي ويوسف سعادة عن «المردة»، وعن «المستقبل» النائب السابق غطاس خوري ونادر الحريري، وعن الحزب التقدمي الاشتراكي الوزير وائل ابو فاعور. وتداولَ المجتمعون في التطورات والقضايا الراهنة.

وكان خليل أكد بعد جلسة مجلس الوزراء عدمَ صحّة ما قيل عن أنّ جلسة الحوار الثنائي التي انعقدت أمس الاوّل هي الجلسة الأخيرة، وكشفَ أنه تمّ تحديد الموعد المقبل للجلسة بعد 15 يوماً.

وعلمت «الجمهورية» أنّ بري الذي أصرّ على عقد الجلسة بعد اتصال تلقّاه من الرئيس سعد الحريري يطلب منه تأجيلها بسبب التطورات الحاصلة أوفد خليل إلى «بيت الوسط» لمناقشة الأمر مع الحريري، حيث أبلغه خليل أنّ عَقد الجلسة ولو بالشكل هو أمر مهم جداً نظراً لحساسية المرحلة، ولو أننا في ظروف مختلفة لكان التأجيل ليمرّ من دون أن يتنبّه له أحد، أمّا تأجيل الحوار في هذا الوضع فسيكون له أبعاد لا تَخدم الهدف الذي انعقد من أجله.

المشنوق

ومساءً، حذّر وزير الداخلية نهاد المشنوق في حديثه إلى برنامج «كلام الناس» من أنّ «الأزمة مع المملكة العربية السعودية أكبر بكثير ممّا يراها البعض»، معتبراً أنّه «يجب تعليق الحوار بين «حزب الله» و«المستقبل» في هذه المرحلة ريثما تتبدّل بعض الأمور الحالية، إذ نحن أردناه لتخفيف حدّة النقاش المذهبي، وتحقّق القليل القليل في هذا السياق». ولفت إلى أنّ «أهداف الحوار لم تتحقق، ولا سيّما في الملف الرئاسي والأمني – الطائفي». وسأل: «كيف يمكننا الجلوس والحوار وسطَ كلّ هذه الأدوار التي يلعبها «حزب الله»؟».

ورأى المشنوق «أنّنا ذاهبون إلى مواجهة عربية كبرى، ودوَل جديدة ستنضمّ إلى دول الخليج في مواجهة لبنان، وقد نذهب إلى قمّة عربية في هذا المجال».

وتوجَّه لـ«حزب الله» بالقول: «مَن أنت لكي تواجه الدوَل العربية؟ هل أنت دولة عظمى؟»، مضيفاً: «لا نَفهم كيف يقول «حزب الله» إنّه متحالف مع روسيا، إيران يمكنها قول ذلك، ولكن لا يمكن لأفرادٍ التحالفُ مع قوى عظمى، وهذا الأمر يُضيّع البلد». وعن الهبة، اعتبَر المشنوق «أنّها مسألة سياسية، ولكنّنا لسنا شحّادين، الجيش وقوى الأمن يستمرّان في تأدية مهامّهما بكلّ مناقبية».

وأكد أنّه «لا يمكن أن نكمل في الحكومة وسط هذا الجوّ المحتدم وكلام أحد وزراء «حزب الله» عن تفضيل إيران على الإجماع العربي»، موضحاً أنّ «الاستقالة ليست مسألة شخصية، وقراري منذ البداية التزامُ التيار السياسي الذي اختارَني في الحكومة، وأنا اقترحت الاستقالة والخروج من الحوار للمناقشة مع 6 أو 7 أشخاص في منزل الرئيس الحريري».

وأضاف: «من الطبيعي أن تلبّي الحكومة طلبَ الوزير ريفي الاستقالة، وهو بالتأكيد لم يكن «يتسلّى»، موضحاً: «لم ألتزِم مع ريفي أيَّ شيء، وأنا أفي بالتزاماتي إنْ قطعتُ وعداً، ولن أنزعج منه لأنه صديق».

مجلس وزراء

في هذا الوقت، لم يكن متوقّعاً أن يذهب مجلس الوزراء إلى ما لا قدرةَ لديه على احتماله. فبَعد جلسة «البيان السهل» في «الوقت الصعب»، مرّرَ جلسة عادية أمس بظروف استثنائية، حاصراً نقاشاته السياسية بمداخلة استهلالية لسلام طلبَ فيها من كل الأطراف أن تعي دقّة المرحلة وخطورتها، مؤكّداً أنّه يبذل قصارى جهده لمعالجة الأزمة مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.

وانتقد سلام وزير الخارجية جبران باسيل من دون أن يسمّيه، قائلاً: «طالما أصدرنا بياناً معقولاً بالإجماع فما داعي الكلام الذي صَدر بعده؟»، ولاحَظ بعض الوزراء أنّه أثناء كلمة سلام لم يَرفع باسيل نظرَه عن الطاولة.

وتحدّث سلام عن النفايات، مشيراً إلى بعض التقدّم الذي أحرزته اللجنة المختصة بسبب تعاون قوى سياسية، وقال: «إذا لم نستطع هذه المرّة إيجاد حلّ للأزمة فلا داعي لبقاء الحكومة».

حكيم

وفيما لفتَ غياب وزير الداخلية نهاد المشنوق عن الجلسة تميّزَ حزب الكتائب بمواقفِه قبل الجلسة، وأعلن الوزير آلان حكيم أنّنا «لم نخطِئ حتى نعتذر من أحد». وقال حكيم لـ«الجمهورية»: «إنّ أحداً لم يطلب الاعتذار، وإذا طلب نناقشه بوقته، لكن لن ننسى أننا نتحدث عن حكومة لبنانية».

قزّي عند الحريري

بدوره، قال وزير العمل سجعان قزي: «لا داعي لاعتذار الحكومة مجتمعةً مطلقاً، فلتأخذنا السعودية بحلمها قليلاً».

ومساءً زار قزي «بيت الوسط» ودعا بعد لقائه الرئيس سعد الحريري «حزب الله» إلى «أن يلتزم بعدم شنّ حملات إعلامية على السعودية، ليس حبّاً بالمملكة إنّما على الأقل حبّاً بأبناء جلدته اللبنانيين الذين يعيشون هنا، وأولئك الذين يعيشون هناك».

ملفّ سماحة

وفي ملف ميشال سماحة، طالبَ قزي والوزير ميشال فرعون بالبحث في بند إحالة هذا الملف إلى المجلس العدلي، معتبرين أنّ القضية ليست شخصية وتعني وزير العدل فقط، بل هي «قضيتنا أيضاً» ولا يمكن تجاهل هذا البند بغياب الوزير أشرف ريفي أياً كانت الظروف المحيطة به.

وردّاً على الطرح، قال سلام إنّ البحث في الملف له أوانه، ولا يمكننا تجاهل أيّ بند مدرَج على جدول الأعمال، والبحث فيه أفضل عندما يعود وزيرالعدل إلى الحكومة.

وفي مجال آخر طالبَ قزي وفرعون ومعهما وزير الخارجية جبران باسيل بضرورة البحث في ملف جهاز أمن الدولة، إذ إنّ الاستمرار في تجاهل المشكلة القائمة داخل هذا الجهاز وتوفير مقوّمات العمل أمرٌ خطير لا يمكن السكوت عنه إلى ما لا نهاية. وتلقّوا وعداً بالبحث فيه في وقتٍ قريب.

شبطيني

وقالت الوزيرة أليس شبطيني لـ«الجمهورية:» أنا وزيرة عدل بالوكالة، لكنّني لم أستلم المهام بعد». وأكدَت أنّ استقالة الحكومة حالياً غير واردة.

الحريري

إلى ذلك، اعتبَر الحريري أنّ «حزب الله» اليوم «فاتِح على حسابو» في كلّ الدوَل العربية»، ويتصرّف اليوم كدولة، ويقوم بما يقوم به من ممارسات وتدخّلات عسكرية وأمنية في أكثر من دولة عربية، وهذا أمرٌ جنونيّ ومرفوض، لأنه سيعرّض لبنان لأخطار هو بغِنى عنها».

وأكّد أننا «نرفض رفضاً قاطعاً ما يقوم به «حزب الله» في كلّ المنطقة العربية، وندعوه للعودة إلى لبنان لأنّ ما يقوم به هو عمل إرهابي وإجرامي بحق الآخرين». وشدّد على وجوب رفع الصوت عالياً والقول للحزب «كلّا» لأنّ ما تقوم به يشكّل تعدّياً على سيادة لبنان».

أضاف:» نَسمع دائماً اتّهامات بأنّ المملكة تصَدّر الإرهاب. ونريد دليلاً واحداً أو تسجيلاً واحداً يؤكد اتهاماتهم الباطلة. إنّما ما يقوم به «حزب الله» من ممارسات وارتكابات وقتل ضدّ الآخرين، هو موثّق، والأدلّة عليه لا تُحصى ولا تُعدّ، مِن سوريا إلى العراق والبحرين والكويت واليمن وسواها، هي ارتكابات يتمّ تداولها بالعلن وصارت في متناول الجميع، وهذا أمرٌ مرفوض، ليس في استطاعة لبنان أن يتحمّله، ولذلك، نحن سنرفع الصوت برَفض هذه الممارسات، ونؤكّد أنّها غير مقبولة إطلاقاً».