IMLebanon

نصرالله: لا 7 أيّار ولا إستقالة… وضاهر مديراً للمخابرات

تدخُل البلاد مرحلة جديدة من التهدئة الأمنية، بعد تأكيد الرئيس سعد الحريري والأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله ضرورةَ ضبط الشارع ومنعِ الانفجار الأمني، فيما برز إصرار الرَجلين على استكمال الحوار الثنائي والحِرص على بقاء الحكومة. وفي حين سَلك ملفّ الشارع طريقَه نحو الحلّ، يبقى ملفّ رئاسة الجمهوريّة معلّقاً، في انتظار وصول «كلمة السرّ» أو حدوث صدمة داخلية تستعجل الحلّ وسط دعوات بكركي وفريق «14 آذار» المرشّحَين، رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجيّة، للنزول إلى الجلسة والانتخاب ديموقراطياً. وقد بَرز أمس تعيين مدير مكتب قائد الجيش، العميد الركن كميل ضاهر مديراً لمخابرات الجيش، ممّا يدلّ على ثبات المؤسسة العسكريّة واستعدادها وجهوزيتها لمواجهة التحديات.

يستمرّ الاستحقاق الرئاسي رهينة المراوحة الفعلية، إذ إنّ كلّ المساعي لإقناع المرشّحين بالنزول إلى جلسة اليوم فشلت، فيما يبدو أنّ الأفق مسدود، وسط غياب أيّ مؤشّر يدلّ إلى قرب انتخاب الرئيس العتيد.

وتتوزّع الاهتمامات اليوم بين المجلس النيابي الذي تسجّل روزنامته الجلسة 36 بلا رئيس، والاتصالات السياسية، خصوصاً بعدما أكّد تكتّل «التغيير والإصلاح» أنّ هناك كلاماً آخر بعد الجلسة، وبكركي التي يترَأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اجتماع مجلس المطارنة الموارنة، الذي يتزامن مع جلسة الانتخاب، وعيد البطريرك الأوّل للموارنة مار يوحنا مارون في 2 آذار.

الحريري وفرنجيّة

وعلى خطّ الترشيحات، أوضَح الرئيس الحريري بعد زيارته رئيس الحكومة تمام سلام، أنّ «النائب سليمان فرنجية قد لا يشارك في جلسة انتخاب الرئيس، وهذا شأنه، لكنّني أفضّل أن يكون موجوداً، لأننا سننزل إلى البرلمان من أجله». وأكّد «أنّنا سنكمل الحوار مع «حزب الله».

ولم يتأخّر ردّ فرنجيّة، إذ قال مساءً، «الرئيس سعد الحريري في القلب، لكن لن أنزل غداً (اليوم) إلى جلسة مجلس النواب المخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية». واعتبَر أنّ «العماد عون والدكتور جعجع اتّفقا في الـ 1988 واختلفا في الـ 1989 وهما لا يمثّلان كلّ المسيحيين».

كرم

وفي حين تعثّرَت محاولات إقناع كتلتَي «المردة» و»التغيير والإصلاح» بالنزول الى جلسة الانتخاب، أكّد عضو كتلة «المرده» النائب سليم كرم لـ»الجمهوريّة» أنّ الكتلة «لن تشارك في جلسة انتخاب الرئيس اليوم، لأنّ فرنجيّة قال إنّه لن ينزل الى الجلسة من دون «حزب الله»، وعندما يأخذ قراراً يلتزم به، لأنّه وفيٌّ لحلفائه».

وأوضَح كرم أنّ «مبادرة الرئيس سعد الحريري القاضية بترشيح فرنجيّة مهمّة، لكنّها تحتاج إلى متابعة، وقد سبّبت ردّات فعل عند الكثيرين، ولعلّ أبرزها إقدام رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على ترشيح عون»، موضحاً أنّ «فرنجية لن يقبل أن يُنتخب رئيساً حتى لو استطاع تأمين النصاب من دون توافُق الجميع، لأنه لن يكون رئيس تحَدّ لأحد»، لافتاً إلى أن «الحريري لم يقدِم على ترشيح فرنجية لو لم يكن يحظى بدعم سعودي وأميركي». وقال إنّ «الاتصالات واللقاءات مع «التيار الوطني الحر» مستمرّة».

وأشار إلى أنّ «ملفّ الرئاسة لم يعُد مرتبطاً بالداخل، وقد دخلت عليه عوامل إقليمية عدة، ويحتاج الى توافق دولي وإقليمي، وأهمّها حصول تفاهم بين الرياض وطهران».

«التغيير والإصلاح»

وعشية الجلسة، رأى تكتّل «التغيير والإصلاح» أنّ «المناوارات كافّةً انتهَت إلى الفشل، والمقصود طبعاً هو عدم تحقيق أيّ خَرق من الذين لا يَرغبون في رئيسٍ قويّ وفقاً للمعايير الديموقراطيّة والميثاقيّة».

وقال بعد اجتماعه برئاسة العماد عون: «لنا كلامٌ آخر بعد جلسة الغد (اليوم)، في حين يُسجَّل إخفاق تلوَ الإخفاق بهدف سَلقِ هذا الاستحقاق المحوري والمفصلي والميثاقي بامتياز، الذي يَعنينا جميعاً.

إنّ الكلام المُباح في مواقيته عند العماد ميشال عون، الصابر على الصفة، والقدرة، والميثاق والمقارنات التي لا تصحّ في كلّ المعايير. لا تجوز المساومات في الحقوق الميثاقيّة والدستورية والقانونية ولن تمرّ، لن يبقى تعطيل الميثاق من دون ردّ».

بكركي

وفيما تشهد الساحة المسيحية حركة مشاورات لم تؤدّ حتّى الساعة إلى جمعِ الأقطاب المسيحيين الأربعة، أو نجاح الوساطات لعقد لقاء أو حوار بين عون وفرنجيّة، أكّدَت أوساط قريبة من بكركي لـ«الجمهورية» أنّ «الوضع الذي وصَلت إليه البلاد سيّئ جدّاً، خصوصاً مع ذهاب كلّ وعود القوى السياسية بقرب انتخاب الرئيس أدراج الرياح».

وسألت: «هناك مرشّحان من فريق واحد، فلماذا لا ينزلان إلى المجلس ويُنتخَب الرئيس بشكل ديموقراطي». وأوضَحت أنّ «الراعي يكثّف اتصالاته مع الخارج، لكنّ الخارج لا يفكّر بلبنان ولا يُدخله في سلّم أولوياته، فهل علينا أن ننتظر أكثر لتغرقَ البلاد بالفوضى والأزمات والنفايات؟».

صيّاح

من جهته، أشار النائب البطريركي العام المطران بولس صيّاح لـ«الجمهوريّة» أنّ «اجتماع مجلس المطارنة يتناول معظم القضايا المسيحيّة والوطنيّة»، واصفاً البيان الذي سيخرج به المطارنة بـ«المهمّ، نتيجة الملفات التي سيَطرحها».

وأوضَح صيّاح أنّ «محاولات الراعي واتصالاته لإيجاد حلّ لأزمة الرئاسة مستمرّة مع الداخل والخارج، خصوصاً في مجال محاولة الجمع بين الزعماء الموارنة عموماً وبين العماد عون والنائب فرنجية خصوصاً».

شمعون: الزعامات الحاليّة «ما إلها عازِي»

وفي المواقف النيابية عشيّة الجلسة، دعا رئيس حزب «الوطنيين الأحرار» النائب دوري شمعون «المرشّحين إلى رئاسة الجمهوريّة للنزول إلى الجلسة.

وقال لـ«الجمهورية»: «على المرشّح أن يكون لديه الهمّة لينزل إلى المجلس للإدلاء بصوته، ولا نفهَم كيف أنّ شخصاً يطرَح نفسه مرشحاً رئاسياً ويقاطع». وأضاف: «كلّ ما يحصل لا «أقبضُه جدّ»، وكلّ الترشيحات والحركة الرئاسيّة لن تؤدي إلى نتيجة لأنها غير صادقة، والنيّات لم تصفُ بَعد».

وأشار الى أنه «لو كان الرئيس كميل شمعون موجوداً لَما حصَل كلّ هذا الاستهزاء والاستخفاف بالرئاسة، لكنّ الزمن تغيَّر، والدوَل والعلاقات الخارجية تبدّلت ولم تعُد تنفَع كلمة لو»، مبدِياً أسفَه «لِما وصلت إليه الزعامات المارونية»، معتبراً أنّ «الزعامات الحاليّة ما إلها عازي».

وتمنّى شمعون أن «يَجترح مار مارون أعجوبة، ويَنزل النواب الموارنة أوّلاً إلى الجلسة وجميع نواب لبنان من أجل انتخاب رئيس للجمهورية». 

نصرالله

وفي ملف العلاقات اللبنانية السعوديّة وموقف «حزب الله» من التطورات، رأى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله أننا دخلنا مرحلة جديدة من الصراع السياسي والإعلامي في لبنان بسبب الحملة السعودية ضدّنا»، معتبراً أنّ «السعودية تذرّعت باعتبارات أمنية لدعوة رعاياها إلى المغادرة، في وقتٍ كانت حجّتها سياسية في البداية». واعتبَر أنّ «الهبة السعودية المقدّمة إلى الجيش اللبناني أوقِفت منذ وفاة الملك عبد الله، ولم تتوقّف بسبب مواقفنا من السعودية».

ورأى أنّ «السعودية تتصرّف مع لبنان بطريقة مهينة، فالسعودي يحاول الضغط على اللبنانيين لإسكاتنا، ونحن لم نسكت ولن نسكت، ووصَلنا الى محلّ لا يسَعنا السكوت. وسأل: «هل يحقّ للسعودية أن تعاقب لبنان والدولة والجيش والمقيمين اللبنانيين في الخليج لأنّ هناك حزباً لبنانياً يأخذ موقفاً ويَرفع الصوت»؟

وأكّد نصرالله «حِرص «حزب الله» على الأمن والهدوء والاستقرار في لبنان»، مشيراً إلى أن «لا مشكلة أمنية في لبنان، ولسنا على حافة حرب أهلية، وما يتردد عن «7 أيار» و «قمصان سود» غير صحيح أبداً».

وقال نصر الله إنّ «هناك مصلحة وطنية في استمرار الحوار الثنائي مع «المستقبل»، ومَن يستطع أن يقلبَ الطاولة على «حزب الله» فليَفعل، أمّا نحن فنريد أن نبقى حول الطاولة للحوار، ولا أحد يقدر أن يمنّ علينا أنّه يتحاور معنا»، معتبراً أنّ «بقاء الحكومة مصلحة وطنية ولا نَنوي الاستقالة منها».

ورأى أنه «لا حاجة للنزول إلى الشارع، ومهما حصل يجب أن نفتش عن ردود حضارية تَخدم أهدافنا»، معتبراً أنّه «مِن غير المناسب قطعُ الطرق، وردُّ الفعل يجب أن يكون مناسباً ومدروسا».

حمادة

واكتفى النائب مروان حمادة بالقول لـ«الجمهورية»، تعليقاً على خطاب نصر الله: «خطاب ألقيَ في لبنان وهو ضدّ لبنان، لقد طمأنَ اللبنانيين في رُبع الساعة الأوّل ثمّ قال لهم: الأمر لي في دفعِكم إلى كلّ المغامرات والحروب الممكنة».

التحرّك الدولي

وفي هذه الأثناء، استكمل السفراء حركة لقاءاتهم ومشاوراتهم، وزارت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ أمس رئيس مجلس النواب نبيه برّي والرئيس سعد الحريري، مؤكّدةً دعمَ جهود الحوار وضرورةَ إنجاز الانتخابات الرئاسية.

وأكدت كاغ «أهمّية حلّ مسألة الانتخابات الرئاسية، خصوصاً أنّنا نرى التآكل المستمر لأداء مؤسسات الدولة وأنّ الطريقة الوحيدة لمقاربتها هي من خلال التوصّل إلى نهجٍ توافقي وإلى حلّ هذه المسألة».

وفي السياق، واصَل السفير البريطاني هيوغو شورتر حركته المكّوكية، وعرضَ مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب، للأوضاع السياسية العامّة في لبنان والمنطقة.

ضاهر مديراً للمخابرات

وفي ملف التعينات العسكرية، تمّ تعيين العميد الركن كميل ضاهر مديراً لمخابرات الجيش خَلفاً للعميد الركن إدمون فاضل.

وضاهر هو من مواليد بلدة عندقت عكّار عام 1960، دخلَ المدرسة الحربية عام 1983 وتخرّج عام 1985، خدمَ في اللواء العاشر (الكتبة 103)، وفي المجوقل، وفرع مخابرات بيروت، وأفواج تدخّل خاصة. وقد أصيبَ مرّتين خلال أداء مهامّه.

عُيّن عام 2008 مدير مكتب قائد الجيش، وهو حائز على وسام الجرحى ووسام الاستحقاق ووسام فجر الجنوب، ووسام الوحدة، وغيرها من الأوسمة والتنويهات.

إدّعاء على سوكلين

أمّا في ملف النفايات، فقد علمت «الجمهورية» أنّ «النيابة العامة المالية ادّعَت منذ أسبوع على شركة سوكلين ومستشاريها بتهمة هدر المال العام»، وأنّ «اللجنة الوزارية المختصة بمعالجة ملف النفايات إذا لم تتوصّل إلى نتيجة في اجتماعها المقرر اليوم كما يصِرّ رئيس الحكومة لكي يقدّم الخطة النهائية في مجلس الوزراء غداً الخميس، فلا يُستبعَد أن يعطي سلام مهلةً جديدة لا تتعدّى أياماً قليلة قبل أن يتّخذ موقفَه حيال الحكومة، لأنه غير مستعدّ لأن يتحمّل أكثر ممّا تحمّل في استمرار مراوحة ملفّ النفايات. ويبدو أنّ رئيس الحكومة لن يتّخذ موقفاً يقضي بتعليق عمل مجلس الوزراء لأنّ هذا الأمر لا يكفي، إنّما قد يذهب أبعد من ذلك في الأيام اللاحقة.

وفد البنك الدولي

وبرزت أمس زيارة وفد المديرين في البنك الدولي إلى بيروت، واللقاءات التي أجراها مع سلام، ووزير المالية علي حسن خليل. وقد عكسَت تصريحات الناطق باسم الوفد المدير التنفيذي للبنك الدولي في كندا اليستر سميث، اهتمامَ البنك الدولي، والدوَل التي يمثّلها، في تشجيع لبنان للإبقاء على النازحين السوريين حيث هم، وتقديم المساعدات لهم لتخفيف اندفاعتهم نحو الهرَب في اتّجاه الغرب.

لكن في المقابل، ورغم الكلام المعسول والامتِنان الذي أظهرَه الوفد لحكومة لبنان على ما تتحمّله من أعباء لإيواء النازحين، إلّا أنّ سميث اعترف بأنّ «التحدّيات لا زالت قائمة والحلول غير جاهزة بعد، لكنّنا نأمل في أن يكون المجتمع الدولي داعماً لتقدّم لبنان».

إلى ذلك، طمأنَ وزير المال علي حسن خليل، على هامش اللقاء مع وفد البنك الدولي، إلى «أنّ هناك استقراراً مالياً واقتصادياً في البلد، ولا مخاطر حقيقية على وضعنا المالي ولا على استقرار الليرة اللبنانية».

من ناحية أخرى، قالت مصادر الوفد النيابي إلى واشنطن لـ«الجمهورية» إنّ «انطباعات الوفد كانت إيجابية لناحية التزام الولايات المتحدة استقرارَ لبنان واستمرار دعمِها له من خلال دعم متواصل لجيشه وتقديم مساعدات له لمؤازرته في تحمّل أعباء النازحين جرّاء الأزمة السورية.

كما أبدت السلطات الأميركية حِرصها على الدولة اللبنانية ومؤسساتها واقتصادها ونظامها المصرفي، وهي مدركة ضرورةَ تجنيبها أيّ عواقب أو أضرار غير مباشرة جرّاء أيّ تدبير أو قرار أخَذته أو قد تأخذه مستقبلاً في إطار ضغوطاتها على حزب الله».