IMLebanon

أوباما: ندعم والخليج إنتقالاً بلا الأسد

فيما عُلِّقت مفاوضات السلام السورية في جنيف حتى إشعار آخر، وسط تحذير روسي للمعارضة من أنّ تعليق مشاركتها فيها «يعني تضامنَها مع الإرهابيين، وهو ما يهدّد باندلاع مواجهة شاملة في سوريا»، وبدأت في الكويت أمس مفاوضات السلام اليمنية برعاية الأمم المتحدة، تصدّرَت القمّة الأميركية ـ الخليجية الاهتمامات، حيث انعقدت في قصر الدرعية بالرياض برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ومشاركة الرئيس الأميركي باراك أوباما. وخلصَ بيانها الختامي إلى اتّهام إيران بـ«زعزعة» استقرار المنطقة ودعمِها لجماعات إرهابية، منها «حزب الله». واتّفقَ المشاركون في القمّة على «تنسيق الجهود لهزيمة الجماعات الإرهابية والقيام بمناورات عسكرية مشتركة في آذار 2017، وزيادة تبادل المعلومات في شأن الأخطار الإيرانية في المنطقة»، مشترطين لعودةِ العلاقات مع إيران «وقفَ ممارساتها وتدخّلاتها».

وفيما أكّد الملك سلمان «التزامَ دوَل الخليج بتطوير العلاقات التاريخية مع الولايات المتحدة»، أعلنَ أوباما في كلمته أنّه اتّفق مع زعماء دوَل مجلس التعاون الخليجي على استمرار العمل لتحقيق الاستقرار في المنطقة، قائلاً إنّ بلاده والشركاء الخليجيين تعهّدوا باستمرار التعاون في التصدّي لتنظيم «داعش» في سوريا والعراق، ووقف تصعيد نزاعات إقليمية أخرى مثل اليمن وليبيا.

وأوضَح أنّ الإدارة الأميركية ستزيد من تعاونها الأمني مع دول المجلس لتعزيز قدراتها الدفاعية. ولفتَ إلى أنّه «لا تزال هناك مخاوف في شأن إيران»، مؤكّداً «العمل على أن تحترم إيران تعهّداتها المتعلقة بالاتفاق النووي».

وشدّد على أنّ بلاده والدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي «تدعم تسوية الأزمة السورية بطريقة سلمية، لكنّها تعتقد أنّ عملية الانتقال السياسي ينبغي أن تجري من دون الأسد».

ولفتَ إلى «أنّ الأوضاع الراهنة في سوريا صعبة جداً، وأنّ إعادة إعمار ما دمّرَته الحرب سيحتاج إلى وقت طويل»، وأوضَح «أنّ الولايات المتحدة تناقش الخيارات المتاحة من أجل ضمان وقفِ الأعمال القتالية في سوريا دعماً للحلّ السياسي».

التشريع

وفي هذه الأثناء، انشغلَ اللبنانيون بمتابعة ظهور وباء انفلونزا الطيور في البقاع والذي استنفر الوزارات المعنية لاتخاذ إجراءات الوقاية والسيطرة، خيّمت المراوحة السياسية على البلاد، بعد اتخاذ رئيس مجلس النواب نبيه بري وضعية ترقّب ردود الكتل النيابية على مبادرته التشريعية قبل الدعوة الى جلسة تشريع، وسفر رئيس الحكومة تمام سلام الى نيويورك للمشاركة في توقيع اتفاق باريس لتغيّر المناخ، فيما واصَلت وزارة الداخلية تحضيراتها لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في مواعيدها، وأكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق أنّ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط لم يفاتحه في تأجيل هذه الانتخابات على الإطلاق.

وفي انتظار دعوة بري هيئة مكتب المجلس الى الاجتماع منتصف الأسبوع المقبل مبدئياً، قالت مصادر نيابية لـ»الجمهورية» إنّ إصرار رئيس المجلس على الدعوة الى جلسة تشريعية لم يعُد سرّاً، ومَن شاركَ في اجتماع هيئة الحوار الوطني أمس الاوّل لمسَ حجم إصراره على عقدِها قبل نهاية أيار المقبل، موعد انتهاء الدورة العادية للمجلس، في اعتبار انّ فتحَ دورة استثنائية يستلزم توقيع 24 وزيراً بمن فيهم رئيس الحكومة، وهو أمر مستحيل، على الأقلّ بسبب موقف وزراء حزب الكتائب الواضح والصريح لجهة الإصرار على عدم وجود أيّ حق للمجلس بممارسة سلطته التشريعية قبل انتخاب رئيس الجمهورية.

ونَقلت هذه المصادرعن قريبين من بري أنّه يتلمّس وجود أكثرية نيابية ستوافقه في النهاية على عقد الجلسة. فالحوار الذي يقوده شخصياً ومعاونَه السياسي الوزير علي حسن خليل يؤكّد احتمال خروج تيار «المستقبل» في المرحلة المقبلة عن تعهّده السابق حول أولوية بتّ قانون الانتخاب في اوّل جلسة تشريعية تلت الجلسة الأخيرة الماضية، بفعل الخلاف القائم على أكثر من مستوى بينه وبين «القوات اللبنانية» لأسباب عدة باتت معروفة، وليس أدلّ عليها الفتور بين الطرفين في مقاربة ملف الانتخابات البلدية والاختيارية وقضايا أُخرى بدأ الخلاف يتظهّر حولها على خلفية تبنّي رئيس حزب «القوات» سمير جعجع ترشيحَ رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» النائب ميشال عون ردّاً على تبنّي الرئيس سعد الحريري ترشيحَ رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية».

وأضافت المصادر «إنّ موافقة «المستقبل»، إلى جانب موافقة جنبلاط و»حزب الله» وبعض الكتل النيابية يمكن أن تشكّل الميثاقية المطلوبة بالحدّ الأدنى في ظلّ مشاركة نواب كتلة «لبنان الحر الموحّد» ونواب مسيحيين مستقلّين و«الطاشناق».

لكنّ كلّ هذا سيتبدّل في حال تمّت الصفقة مجدّداً كما حصل في الماضي مع ضمّ مشروع قانون استعادة الجنسية الى جدول أعمال الجلسة، مع «القوات» و«التيار الوطني الحر»، إذا ما تمّ التفاهم على تخريجة طرح قانون الانتخاب على الجلسة بعد ربط مصيره بالتراجع عن التوصية السابقة للمجلس بأن لا قانون جديد للانتخاب قبل انتخاب رئيس الجمهورية».

وأشارت المصادر إلى أنّ بري «سيطرح على هيئة مكتب المجلس لائحة بمشاريع واقتراحات قوانين موضوعة في أدراج المجلس بعدما بُتَّت في اللجان النيابية المشتركة، تضمّ 41 مشروعاً أبرزها ما يتصل بدفع كلفة بعض القروض وسندات الخزينة ونقلِ اعتمادات وسِلف خزينة لبعض المؤسسات العامة والوزارات والمشاريع الحيوية.

ولعلّ أبرز ما يقف عنده بري الإشارة الى أنّ الرواتب المحجوزة لموظفي القطاع العام والمتعاقدين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين ستتوقّف في نهاية حزيران المقبل وسيتعذّر على وزارة المال صرف مزيد منها في تموز قبل صدور القوانين المطلوبة عن مجلس النواب».

وأوضَحت المصادر النيابية المعارضة لجلسة تشريع الضرورة «أنّ إعادة استخدام رواتب موظفي القطاع العام والعسكريين والمتعاقدين والمتقاعدين ما هي إلّا مادة ابتزاز للمعترضين على الجلسة ولتكريس أعراف خارجة عن كلّ القوانين والأنظمة وما يقول به الدستور لجهة أولوية انتخاب الرئيس، خصوصاً في مادتَيه 74 و75 «.

وعلى جدول الأعمال اتّفاقية التعاون بين لبنان وفرنسا التي أثارها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في زيارته الأخيرة لبيروت، واتّفاق تعاون تجاري بين لبنان والكويت وثالث بين الصين ولبنان، فضلاً عن الاتفاق بين لبنان ومنظمة الإنتربول الدولية، واستملاك حوض الليطاني وغيره من المشاريع.

جنبلاط

وفي جديد المواقف السياسية، قال رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في حديث مع الزميل مرسيل غانم ضمن برنامج «كلام الناس» عبر «المؤسسة اللبنانية للإرسال»: «آخِر همّي السرايا و«عيش السرايا»، فأنا على باب الانسحاب، وحاسبوني عندما أُخطئ وانتهى الموضوع».

وتوقّع أن «تنفجر أزمة النفايات مجدّداً في حال لم يتمّ تلزيم حامي البحر في «الكوستا برافا» وبرج حمود»، مشيراً إلى «أنّنا لم نصل إلى حلّ حتى الآن لطريقة معالجة النفايات في إقليم الخرّوب».

وقال جنبلاط : «لا بدّ أن يكون قرار السِلم والحرب في يد الدولة، ولا أمانع في عودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة»، متمنّياً أن «تنعكس محادثات السعوديين مع الحوثيين إيجاباً على لبنان وملفّ «حزب الله». وأشار إلى «أنّنا نريد التسوية مع السيّد حسن نصرالله وفقَ الثوابت التي تريحه، ولا أمانع في لقائه بناءً على هذا الكلام».

واعتبر أنّ «زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للبنان إيجابية لأنّها ذكّرتنا بأهمّية الاستحقاق الرئاسي»، مشدّداً على أنّه «حتى اللحظة النائب هنري حلو لديه حظوظ للرئاسة» مشيراً إلى «أنّ المرشّح القوي تاريخياً خرّب لبنان والمسيحيين».

ورأى أنّ مشروع القانون الانتخابي الذي اتّفقَ عليه الحزب التقدمي الاشتراكي مع «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» «غير متكامل، لأنّنا لم نتّفق على تقسيم الدوائر بعد».

وأوضح جنبلاط أن «كتاب استقالتي من مجلس النواب جاهز، وأنتظر جلسة تشريع الضرورة من أجل تقديمه».

هاشم

وأكّد عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب قاسم هاشم لـ«الجمهورية» أنّ مبادرة بري التشريعية «عقلانية ضرورية ومصلحة وطنية لإنقاذ المؤسسات، حتى لا نستمر أكثر فأكثر في سياسة التعطيل والانهيار، فعقدُ جلسة تشريعية اليوم هو أكثر من ضرورة، والمواضيع واقتراحات المشاريع التي ستُطرح ستكون أكثرَ من ضرورة، لأنّ دولة الرئيس دائماً وأبداً كان يقول لنا ليس فقط مع الضرورة، مع تشريع الضرورة التي لا بدّ منها، أي أنّ هناك حاجة لمثل هذه الجلسة التشريعية لإقرار كثير من الاقتراحات ومشاريع القوانين التي أصبح هنالك ضرورة لإقرارها في المجلس النيابي».

وعن إمكان تجاوب الكتل المعارضة مع مبادرة بري، قال هاشم: «ما طرحه دولة الرئيس في هذا الصدد راعى فيه كلّ الآراء والأفكار والرؤى، لأنه انطلق من مصلحة وطنية وأكّد ضرورة التشريع، لأنه إذا كان البعض يتطلّع إلى قانون انتخابات فيجب أن لا ننسى أنّ هنالك توصية في المجلس بعدم إقرار هذا القانون قبل انتخاب رئيس الجمهورية، وقبل أن نذهب الى أيّ نقاش حول قانون الانتخابات في الهيئة العامة، علينا أن نقرّ هذا المبدأ: هل التمسّك بالتوصية سيستمر، أم سيتمّ التخلّي عنها؟ هذه النقطة الأساسية. دولة الرئيس كان مرناً إلى أقصى الحدود في مقاربة ضرورة الجلسة التشريعية».

وعن الخطوات التي يمكن بري اتّخاذها، قال هاشم: «البعض لم يعطِ موقفاً في جلسة الحوار، هنالك آراء معروفة بعدم حضور أيّ جلسة، أياً تكن، وهذا موقف حزب الكتائب، وبالتأكيد سينتظر بعض الوقت لإعطاء فرصة إضافية ليُبنى على الأمر مقتضاه، وستتمّ دعوة هيئة المجلس الى الاجتماع بالتأكيد، وليتحمّل الجميع مسؤولياتهم».

حوري

وسألت «الجمهورية» عضو كتلة «المستقبل» النائب عمّار حوري: هل إنّ البلاد تتّجه الى مواجهة تشريعية؟ فأجاب: «إنّ مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري محاولة لإيجاد خرقٍ في هذا الجدار، هو لم يطرح المواجهة، بل يقول إنّ القوى السياسية إذا كانت تودّ السير في المبادرة فأهلاً وسهلاً، وإذا لا، فالأزمة ستستمر».

وأضاف: «لا أعرف ما هي الخيارات التي يمكن الرئيس بري أن يقدِم عليها لكنّني أقول يا ليتنا ننتخب رئيس جمهورية اليوم قبل الغد، فتحلّ كلّ المشكلات.

لكن بما أنّ انتخاب الرئيس متعذّر وقانون الانتخاب مهمّ جدّاً وتشريع الضرورة أيضاً، وهناك توصية لمجلس النواب اتّخِذت بالإجماع بعدم إقرار قانون انتخاب قبل انتخاب رئيس الجمهورية نظراً لحقّه في ردّ القانون أو بإبداء ملاحظات عليه، ولكي يستطيع المجلس إقرار قانون انتخاب الآن عليه التراجع عن هذه التوصية، فإذا فعلَ توضَع عندئذ على جدول الأعمال ويحصل نقاش».

وشدّد حوري على «أنّ تيار «المستقبل» مستعدّ للتصويت على قانون الانتخاب الذي وقّعه مع «القوات اللبنانية» والحزب التقدّمي الاشتراكي والمستقلين. لكنّ الإشكالية هي أنّه لا بدّ من تفاهم سياسي حول أيّ قانون سيقرّ على جدول الأعمال من بين المشاريع واقتراحات القوانين الـ 17».

وعن مصير العمل التشريعي، قال حوري: «نستطيع الاستمرار في تعقيد الأمور أكثر، وإغلاق الأبواب على أنفسنا مع مزيد من الاهتراء وتراجع النمو، كذلك نستطيع أن نتساعد لإيجاد المخارج».

عودة «هيئة التنسيق»

في موازاة المراوحة السياسية، أطلّت هيئة التنسيق النقابية على الساحة مجدّداً، وستنفّذ إضراباً شاملاً الثلثاء المقبل يَشمل المدارس الخاصة وإدارات ومؤسسات الدولة كافّة. ويترافَق الإضراب مع برنامج تحرّكات واعتصامات، أمام: وزارة التربية، سرايا طرابلس، سرايا زحلة، سرايا بعلبك، سرايا صيدا، وسرايا النبطية.

وأكّدت الهيئة أنّ «إضراب الثلثاء محطة قبل اتّخاذ خطوات تصعيدية سيُعلَن عنها لاحقاً إذا ما أهمِلت أو أجّلت أو أسقِطت تلبية مطالبها».

وفي هذا السياق، نفى القيادي في هيئة التنسيق نعمة محفوض أن يكون الهدف من التصعيد هو الوصول إلى مقاطعة المداوَمة في الانتخابات البلدية لتطييرها. وقال لـ»الجمهورية»: «نحن آخِر مَن يمكن أن يساهم في إلغاء الانتخابات». (تفاصيل ص 12).