IMLebanon

 قانون الإنتخاب يراوح في «المختلط»… والحكومة ترفض التوطين

لم يكن ينقص لبنان الغارق في أزمات استحقاقاته الدستورية وما تثيره من مضاعفات على مؤسساته وفي ظلّ الفسَح من الأمل التي يتيحها النجاح في إنجاز جولات الانتخابات البلدية، حتى بَرزت أزمة النازحين السوريين التي صعَّدها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي يقترح توطينَهم وتجنيسَهم في لبنان وبقيّة الدول المضيفة، ما استدعى موقفاً رسمياً جامعاً يرفض هذا الاقتراح، عبَّر عنه مجلس الوزراء. على أنّ هذه التطوّرات لم تحجب استمرار القوى السياسية في درس مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري على وقع التحضير للجولة الثالثة من الانتخابات البلدية التي تشمل هذا الأحد محافظتي الجنوب والنبطية، وقد أكّد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لـ«الجمهورية» قائلاً: «لا خوف أبداً على الانتخابات البلدية في صيدا، وكلّ الإجراءات الأمنية واللوجستية مُتّخَذة على أعلى المستويات». علماً أنّ الأنظار تتّجه اليوم إلى الضاحية الجنوبية حيث سيكون للأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله مجموعة مواقف يعلنها في أسبوع القائد العسكري في الحزب مصطفى بدر الدين.

بعد جلسات متتالية شابَتها انتكاسات، شهدَ مجلس الوزراء أمس جلسة هادئة، وتمكّنَ في خطوة لم يتّخذها منذ زمن بعيد، من تسجيل إجماع على موقف موحّد، تمثّلَ في رفض مقترحات الامين العام للامم المتحدة بان كي مون لجهة رفض تجنيس النازحين.

وأكد «التمسك بالدستور والإجماع اللبناني على رفض التوطين، وأي سياسات تقوم على تشجيع استيعاب النازحين في أماكن وجودهم، في اعتبار أنّ الحلّ الوحيد لأزمة النزوح هو بعودة السوريين السريعة إلى وطنهم، وهو ما يتناقض مع مفاهيم العودة الطوعية والاندماج والتجنيس».

وفي ملف النازحين السوريين، أخذ مجلس الوزراء برأي وزير العمل سجعان قزي بأن يَصدر قرار موحّد عنه بتكليف وزير الخارجية جبران باسيل إجراءَ الاتصالات المناسبة للحصول على توضيحات حول موقف الامين العام للامم المتحدة. وسيلتقي باسيل اليوم ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، التي استدعاها لتوضيح ما ورد في تقرير الأمين العام حول مسألة تجنيس النازحين في الدول المضيفة.

وكان قزي قال قبَيل بدء الجلسة إنّه منذ العام 1948 «لم يتجرّأ مسؤول دولي على طرح موضوع توطين الفلسطينيين، فكيف للامين العام أن يذكر سبعَ مرّات كلمة تجنيس السوريين في تقرير من 26 صفحة، وهذا تحَدٍّ للسوريين وليس للّبنانيين فقط».

حكيم

وقال وزير الاقتصاد آلان حكيم لـ«الجمهورية»: «إنّ اجتماع مجلس الوزراء اليوم كان إيجابياً جداً، أوّلاً لأننا أنهينا جدول الاعمال إلّا بعض البنود التي احتاجت الى بعض الاتصالات، والأهم من ذلك أنّه كانت هناك وحدة المجلس على موضوع عدم توطين النازحين السوريين ورفض أيّ سياسة تؤدّي الى توطينهم، وهذا الأمر يُصرَف على صعيد الدولة ككل بمجلسَي وزرائها ونوابها».

وأضاف: «إنّ موقف السيّد بان واضح جداً، وهو يطلب اتّخاذ خطوات تؤدي إلى تجنيس السوريين، فلا أحد يهزأ منّا، فنحن لا نتحدّث عن شركة خاصة، نحن نتحدّث عن الامين العام للأمم المتحدة».

باسيل وحرب

وإثر الجلسة، شنَّ وزير الخارجية جبران باسيل خلال دردشة مع الصحافيين حملة على وزير الاتصالات بطرس حرب، وقال: «منذ أكثر من شهر ونحن نطلب إدراجَ موضوع وزارة الاتصالات على جدول الأعمال.

هناك مدير عام يحتلّ مركزَين بخلاف القانون. وفي ملفّ الإنترنت غير الشرعي بمعزل عن التحقيق القضائي، من الواضح أنّ لدى الدولة سعات إنترنت وهي قادرة على تأمين خدمة أوسع من الانترنت للمواطنين، ولذلك علينا مساءلة المدير العام عن هذه السعات».

وأشار إلى أنّ وزير الاتصالات وقّع عقداً مع «أوجيرو» خلافاً للقانون الذي ينص على أنّه يجب عرض العقد على مجلس الوزراء. وأكّد أنّ تجديد عقود تشغيل الخلوي يحتاج الى موافقة مجلس الوزراء، وليس صلاحية الوزير بمفرده لكي يجدّد هذه العقود شهراً بعد شهر.

وتحدّث باسيل أيضاً عن «مخالفات وزير الاتصالات للعقد الخلوي مع الشركات وقال: «يجب ان يطرح الملف على مجلس الوزراء، وأنا طلبتُ من رئيس الحكومة وذكّرته بالتزامه، ولكنّ الوزير حرب يصرّ على إرجاء الموضوع الى ما بعد الانتخابات البلدية، لنعاود طرح الموضوع على مجلس الوزراء.»

لا تعيينات

وقد أقرّ مجلس الوزراء جدول أعماله من دون أن يتناول بنود التعيينات المؤجّلة إلى ما بعد الانتخابات البلدية، علماً أنّه ناقش بند تعيين مجلس إدارة تلفزيون لبنان لكنّه قاربَه من نقطة اتّباع الآلية أو عدمها. وبنتيجة النقاش، تمّ الاتفاق على أن لا حاجة لاعتماد الآلية لأنّه يحق لوزير الإعلام تعين مدير عام للتلفزيون، أمّا أعضاء مجلس الادارة فلا يتبعون أصلاً للآلية كونهم غير متفرّغين.

ولم يتطرّق مجلس الوزراء الى ملف العقويات الاميركية ضد «حزب الله»، وذلك ترجمة لتفاهم على معالجته بهدوء بعيداً من الأضواء.

سَد جنّة

وأثار وزير البيئة محمد المشنوق في مستهلّ الجلسة موضوع استئناف أعمال قطعِ الأشجار في سَد جنّة، على رغم طلب وزارة البيئة وقفَ هذه الأعمال إلى حين صدور قرار عن مجلس الوزراء.

وكان المشنوق طلبَ مِن وزارة الطاقة وضعَ تقرير عن الأضرار البيئية المترتّبة عن أعمال هذا السد، فجاء الرد بنتيجة الدراسة التي أعدّتها شركة خاصة أنّ هذا المشروع لا يراعي المعايير البيئية والصحّية والجيولوجية.

وعلى رغم نفي وزير الزراعة أكرم شهيّب إصدارَه قرار يَسمح بالاستمرار في قطع الأشجار واجَهه وزير البيئة ومعه عدد من الوزراء بقرار صادر عن وزارة الزراعة يجيز قطعَها حتى نهاية حزيران المقبل. وتقرّر تأجيل البحث في هذا الموضوع الى الجلسة المقبلة وإدراجه في جدول الأعمال.

وأوكل الى وزير البيئة الطلبَ من محافظ المنطقة وقفَ أعمال قطعِ الأشجار الى حين اتّخاذ مجلس الوزراء قراراً في هذا الصدد. وعند سؤال شهيّب عن هذا الأمر في نهاية الجلسة، أجاب باستياء: «إسألوا وزيرَ البيئة».

وقرّر مجلس الوزراء صرفَ مبلغ 28 مليون دولار لتمويل تجهيزات المطار.

الإتحاد الأوروبي

وفي موقف رافقَ ردّ لبنان الرسمي عبر مجلس الوزراء أمس الذي رفضَ مضمون تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشأن تجنيس السوريين حيث يقيمون، قال رئيس لجنة الموازنات في البرلمان الأوروبي جان ارتيوس «إنّ الاتحاد الأوروبي لا يدعو أبداً إلى توطينهم، بل يدعو إلى تفادي أيّ تشنّج في العلاقات مع الدول المضيفة». وأضاف: «مِن أولويات الاتحاد تحفيز التنمية الاقتصادية لخفضِ البطالة وزيادة الاستثمارات وتسهيل التجارة من خلال المشاريع المدروسة».

وكان ارتيوس تحدّثَ في مؤتمر صحافي بعد ظهر أمس في مقر البعثة الأوروبية في بيروت عن أوضاع النازحين السوريين في لبنان والأردن «البلدين الاكثر تأثّراً بالأزمة السورية والأكثر استيعاباً لأعداد النازحين»، وقال: «هذا يحَمّل البلدين أعباء اقتصادية كبيرة تضاف إلى أزماتهما المالية الموجودة أصلاً».

وكشفَ ارتيوس عن أرقام جديدة وضَعت لبنان في لائحة أكثر الدول استيعاباً للنازحين، وقال: «يبلغ عددهم في الأردن 650 ألف نازح مسجّل لدى الدوائر الرسمية، غير الأعداد الموجودة بطريقة عشوائية، أمّا في لبنان فيبلغ عدد النازحين السوريين المسجّلين مليونين ومئة ألف نازح، إضافةً إلى إعداد كبيرة غير مسجّلة رسميا».

ولفتَ إلى أنّ «الاتحاد الأوروبي يَبذل جهداً كبيراً لدعم تلك البلدان في مسألة النازحين، وقد بلغَت مساعدة الاتحاد للبنان منذ بدء عام 2011 مليارين وتسعمئة مليون يورو».

قانون الانتخاب

في غضون ذلك، وفيما لا تزال الأطراف السياسية تدرس مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الأخيرة والقاضية بالتوافق على قانون انتخاب ويَليها انتخابات نيابية مبكرة ومِن ثمّ انتخابات رئاسية ولو بمن حضَر، وفي حال تعذّر التوافق على قانون، تُجرى الانتخابات وفق قانون الستين، عاد قانون الانتخاب الجديد مجدّداً إلى النقاش في اللجان النيابية المشتركة التي ستجتمع مجدداً في 26 أيار الحالي، بعدما اتّفق في جلستها أمس على حصر النقاش في اقتراح بري المختلط، وفي الاقتراح المشترك للمختلط الذي تقدّمت به «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» والمسيحيون المستقلون والحزب التقدّمي الاشتراكي.

مكاري

وأوضَح نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أنّ النقاش تمحوَر حول الدوائر الانتخابية والنظام الانتخابي، لافتاً إلى وجود وجهتَي نظر في مجلس النواب، وقال: «فريق مؤيّد للنظام النسبي الدائرة الواحدة ومشروع الحكومة بتقسيم الدوائر 13 أو 15 دائرة، وهناك قسمٌ من النواب يريد إجراء الانتخابات النيابية على أساس القانون الاكثري، وهذا ليس معناه قانون الستّين. من الممكن أن يكون على الدائرة الصغرى.

ولكن تبيّنَ مِن النقاش وبعد توضيح الصورة أن ليس في الإمكان اعتماد إحدى وجهتَي النظر. لذلك اتّفق الجميع على أن ينحصر النقاش بالقانون المختلط، وعلى رغم أنّ اعتقاد البعض أنّ الإنتاج غير كبير، فإنّنا توصّلنا في غضون اجتماعين أو ثلاثة إلى حصر النقاش في القانون المختلط».

باسيل

وإلى ذلك، حضَر اقتراع المغتربين في جلسة اللجان المشتركة، وتحدّث وزير الخارجية عن ضرورة تمثيل الانتشار، وقال: «إذا أردنا تمثيل المغتربين علينا أن نمثّلهم بنواب محدّدين، بمعزل عن أيّ أمر سياسي آخر متعلّق بقانون الانتخاب».

الجميّل

واعتبَر النائب سامي الجميّل «أنّ قانون الستين مجزرةٌ في حقّ التمثيل الصحيح». وقال: «نحن نريد أن نفعل كلّ شيء ليحصل تغيير لهذا القانون» وأضاف:»سنعمل وسنكون إيجابيين من أجل تعديله».

فتفت

وأكّد النائب أحمد فتفت عدمَ الاستعداد «في ظلّ الظروف الحالية لأن نقبل بقانون نسبي شامل»، مُشيراً إلى «أنّنا مع القانون المختلط، مع الاقتراح المشترك الذي وافقنا عليه مع «القوات اللبنانية» والحزب التقدّمي الاشتراكي على أساس 47 في المئة نسبي و53 في المئة أكثري».

فيّاض

وأسفَ عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فيّاض للهجوم على النظام الانتخابي النسبي وتصويره وكأنّه كارثة تصيب الواقع التمثيلي السياسي». وأضاف: «كلّ من يريد النسبية إنّما يريد أن يفتح باب الإصلاح السياسي في البلد لناحية تجديد الطبقة السياسية وتفعيل الحياة السياسية، ومَن يرفضها إنّما يقطع الطريق على أيّ إمكان للإصلاح السياسي». وقال: «إذا كنّا نفتّش عن تسوية حقيقية فلماذا لا تكون 64 نسبي و64 أكثري؟ لماذا علينا البدء بهذه البداية المنحازة غير المبرّرة وهي 60 و68؟

وإذ رأى النائب قاسم هاشم «أنّ النظام النسبي هو الأقرب إلى العدالة ويعبّر عن صحّة التمثيل»، أكّد النائب جورج عدوان «أنّ العودة إلى قانون الستين معناها إبقاء الأزمة اللبنانية في مكانها، لأنّ هذا القانون سيعيد إنتاج المجلس نفسه، وبالتالي لن نستطيع أن يكون لدينا نظام ديموقراطي صحيح أكثري وداخلي، وسنرجع إلى حكومة ما يسمّى وما يطبّق عليها حكومة اتّحاد وطني وليس فيها من الاتّحاد إلّا اسمها».

عون

واعتبَر النائب آلان عون «أنّ اللجان النيابية المشتركة دخلت في مرحلة مراوحة أو كسبِ وقتٍ أو انتظار إنضاج مسار طاولة الحوار حول مبادرة الرئيس برّي».

وشدّد على «أنّ مَن يريد أن يسهّل إنتاج تسوية حول قانون الانتخابات لا يزيدها تعقيداً ولا يعيد إنتاج قوانين تعيدنا 4 أعوام إلى الوراء». وقال: «نحن اليوم نريد انتخابات جديدة لأنّ معاودة إجرائها على أساس قانون الستّين تبشّر بأزمات مستمرّة. ولكن اذا لم يكن هناك من حلّ إلّا بانتخابات أو تمديد فسيكون بإجراء انتخابات على عللِها ووفق أيّ قانون كان، لأنّ ذلك أفضل من التمديد وسيئاته».

الأمن

على الصعيد الأمني، أشارت مصادر متابعة لقضية الاعتداء على الجيش اللبناني في عبرا إلى أنّ المحكمة العسكرية في ملاحقتها هذه القضية والمتّهمين بها وفي مقدّمهم أحمد الأسير لن ترضخ لأيّ ضغط أو تأثير، لا سيّما وأنّ هذه القضية تعني الرأي العام اللبناني كلّه.

وقالت هذه المصادر إنّ المحكمة العسكرية ترفض أيضاً أيّ استغلال لهذا الملف الذي ينقسم إلى قسمين يتوجّب الاهتمام بهما معاً ولكنْ بطريقة مختلفة.

ولفتَت المصادر في هذا الإطار إلى أنّ هناك من تلطّخت أيديهم بدماء الجيش اللبناني، وبالتالي فإنّ المحكمة العسكرية ستأخذ كلّ الوقت الضروري لمحاكمة هؤلاء وتوفير كلّ الأدلّة والشهود الذين يثبتون الجرائمَ التي اقترَفها هؤلاء.

أمّا بالنسبة إلى الذين تدخّلوا في هذه الأحداث فمسارُ محاكمتهم سيكون أسرع مِن الذين تلطّخَت أيديهم بالدماء، وخصوصاً أنّ هؤلاء هم على مستويات متعددة وقد قطعت المحاكمة في ما هم تورّطوا به شوطاً كبيراً.