IMLebanon

زخم حريريّ تجاه بعبدا ومعراب…والبحث يُركِّز على المخارج

ظاهرُ المواقف من التأليف الحكومي يعطي انطباعاً بأنّ ولادة الحكومة قد أوشكت، لكن في الباطن عُقدٌ بعضُها من نوع النكَد أو المناكدة السياسية في جانب، والمنافسة على الحصص من الحقائب الدسمة في جانب آخر. ويرى المراقبون أنّ الأمل بالولادة الحكومية قبَيل عيد الاستقلال ما زال محفوفاً بعُقدِ التأليف المتعدّدة، وإنْ كان ظاهرها يَدفع البعض إلى القول بأنّها قابلة للحلّ وأنّها ليست من النوع العصيّ على التذليل.

علمت «الجمهورية» أنّ الرئيس المكلّف سعد الحريري هو مَن بادرَ إلى اقتراح العودة إلى حكومة الـ 24 وزيراً، بعدما كان هناك توافقٌ على أن تكون الحكومة العتيدة ثلاثينية، وإنْ كان البعض يقول إنّه نسّقَ هذا الاقتراح مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

وقد بادر الحريري إلى إبلاغ اقتراحه هذا إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقائهما السبت الماضي، على قاعدة تقليص حجم المطالب «التوزيرية والحقائبية» المطروحة، مع مراعاة أن تلبّي حكومة الـ 24 مقتضى التمثيل وتكون حكومة وطنية جامعة، كان الحريري قد أعلنَ رغبتَه بتأليفها تماشياً مع خطاب القسَم الرئاسي.

وعُلم أنّ المطروح أنْ يسمّي رئيس الجمهورية وزيرَين، أحدُهما شيعي والآخر سنّي، ليكونا مِن ضِمن حصّته الوزارية، وأنّ برّي والحريري في المقابل يطلبان أن يسمّي كلّ منهما وزيراً مسيحياً من ضِمن حصّتيهما، على أن يكون تمثيل تيار «المردة» منفصلاً عن هذين الإسمين.

وفي المعلومات أنّ عون لا يمانع تمثيلَ «المردة» بحقيبة أساسية، وهو ما يؤيّده رئيس مجلس النواب والرئيس المكلّف.

لكنّ مصادر متابعة لطبخةِ التشكيلات الوزارية، تحدّثَت عن عملية خلطِ أوراق جارية، خصوصاً على مستوى توزيع الحقائب والمقاعد الوزارية المسيحية، حيث لم ترسُ بعد على صيغة، وهي تخضَع لتعديلات متواصلة.

أمّا في ما يتعلق بالحصّة الدرزية التي ستكون وزيرَين في حكومة الـ 24، فهناك معلومات تفيد أنّ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط يريد أن تكون إحداها لمن يمثّله، والثانية لرئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان.

في غضون ذلك، تحدّثَت قناة «أو تي في» في نشرتها الإخبارية مساء أمس عن صيغة حكومية «تنطلق من تركيبة حكومة تمّام سلام، وإجراء تعديلات عليها، وفقَ التطورات المستجدّة، بحيث تتمّ التبادلات بين المعنيّين: حقوق بعبدا تظلّ لبعبدا، كذلك حقوق السراي، مع تبديل حصَص المتبدّلين، وحفظ حقوق الآحاديات المذهبية المعروفة، وفوق كلّ تلك المعادلات، يظلّ هناك مقعد أو اثنان شاغران من التركيبة السابقة، يمكن استخدامهما للترضية أو تسيير الأمور».

الحريري في بعبدا

وكانت محرّكات التأليف قد شهدَت في الساعات الماضية دفعاً أكبر في اتّجاه استيلاد حكومة وفاقية، في ظلّ حِرص رسمي وسعيٍ لتأليفها قبَيل عيد الاستقلال. والبارز على خطّ التحرّكات أمس زيارة الحريري لعون، وهي الثانية له بعد التكليف، وقد حملَ إلى رئيس الجمهورية حصيلة الاتصالات التي أجراها خلال الأيام الماضية مع الأطراف السياسية، تمهيداً لإنجاز التشكيلة الوزارية وعرضِها على عون. وأشار الحريري إلى أنّه سيواصل اتصالاته مع المعنيين، خصوصاً وأنّ أجواء إيجابية توافرَت نتيجة هذه الاتصالات.

صيَغ وأسماء

وذكرَت مصادر تتابع عملية التأليف الحكومي لـ«الجمهورية» أنّ الحريري حملَ إلى قصر بعبدا صيغة أكثر من خيار لبعض الحقائب ولا يمكن اعتبارها تشكيلة كاملة ومنجَزة. واقترَح أسماء محدّدة لكلّ واحدة من الحقائب السيادية، فيما حمَّل حقائب أخرى أكثر من اسم (إثنين أو ثلاثة) لكلّ حقيبة، ولا سيّما منها الحقائب الخدماتية، مع مراعاته التمثيلَ الطائفي والمذهبي، تبعاً لأكثر من توزيعة للحقائب والحصَص.

ولفتَت المصادر إلى أنّ الحريري كان واضحاً عندما تحدّثَ عن مجموعة مِن العقد التي تمّ تفكيكها في اللقاء مع بري السبت الفائت، وتلك التي عالجَها المستشارون، كذلك حدّد أخرى مع الإشارة إلى طريقة تجاوزِها ببدائل ومخارج لا بدّ منها، مؤكّداً السعيَ إلى استكمال المشاورات التي مِن شأنها الوصول إلى صيغة متقدّمة في الأيام المقبلة.

وعلى رغم تأكيده الأجواءَ الإيجابية التي تلمّسَها في الأيام القليلة الماضية، لم يشَأ الحريري أن يلتزم أمام رئيس الجمهورية بأيّ موعد لولادة التشكيلة. وتبعاً للأجواء السائدة وحاجة البلد والناس إلى حكومة تقلِع في أسرع وقتٍ ممكن، جدّد الحريري الوعد بأنّه لن يوفر أيّ جهد لتجاوزِ العقبات التي تعترض التأليف. ولذلك، لم يحدّد أيّ مهلة زمنية لإنجاز التشكيلة الوزارية، لكنّه لم يستبعد إمكانَ التوصّل إليها قبل عيد الاستقلال لأنّ النيّات توحي بمِثل هذه المعطيات.

وأكّدت مصادر تتبَّعت لقاء بعبدا عن كثب لـ«الجمهورية» أن لا عُقد في التأليف، بل هناك مجموعة نقاط وأمور تحتاج إلى تعاون عون والحريري على حَلحلتها، ولفَتت إلى أنّ «كلّ شيء قيد الدرس والأمور تسير على السكّة الصحيحة». وجدّدت التأكيد أنّ رئيس الجمهورية «لا يضع فيتو على أيّ طرف أو يعارض تولّي أيّ فريق حقيبة معيّنة».

خوري ونادر في معراب

وفي إطار المشاورات المستمرّة حول تشكيل الحكومة، وحَلحلة ما تبقّى من عقَد أمام ولادتها، أوفَد الحريري مساء أمس مستشارَه الدكتور غطاس خوري ومدير مكتبه نادر الحريري، إلى معراب، حيث اجتمعا مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ووَضعاه في أجواء الاتصالات.

وعلمت «الجمهورية» أنّ الحريري يصرّ على تثميرِ الإيجابيات المحقّقة سريعاً لإنجاز التشكيلة الوزارية التي تبَلورت على مستويات عدة، ولم تعُد هناك عُقد أساسية، وأنّ البحث يتركّز على المخارج المطلوبة.

ولذلك، قالت مصادر متابعة، إنّ هذه الإيجابيات فرضَت على الحريري إجراءَ مشاورات واسعة على مستويات سياسية عدة، سواء مباشرةً أو عبر موفديه وأصدقاء مشتركين يلعبون أدواراً خَلف الكواليس لتسهيل الولادة الحكومية.

على صعيد آخر، كشفَت المصادر أنّ قضية إعطاء «القوات» حقائبَ أساسية بديلة من الحقيبة السيادية لم تعُد العقدة الوحيدة بعدما أضيفَت إليها عقدة أخرى تَجدّد البحث فيها، ما أدّى إلى إعادة البحث في الأسماء المرتبطة بالحقائب السيادية التي تخضع لإعادة بحث جدّية، مع الإشارة الى أنّ أسماء بديلة طرِحت أمس سيؤدي التفاهم عليها إلى إعلان الحكومة في أقرب وقت ممكن وفق ما تأمل أوساط «بيت الوسط» التي أكّدت ليلاً لـ«الجمهورية» أنّ «التشكيلة الوزارية باتت على نار حامية».

جنبلاط

ولكنّ تغريدة جديدة لجنبلاط عبر تويتر أوحَت بعكس ذلك، حيث قال: «يبدو أنّ الأمور تحتاج إلى مزيد من التشاور».

«الحزب»

وأعربَ «حزب الله» بلِسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، عن أمله في أن تكون الحكومة العتيدة «حكومة وحدة وطنية جامعة لا تقصي أحداً ولا تستثني أحداً، بل تفتح المجال لمشاركة الجميع من أجل تحقيق ثلاثة أولويات وهي: إستنهاض الوضع المعيشي، تعزيز الأمن والاستقرار، ومشروع قانون انتخابي يَسمح بأوسع وأشمل وأعدل تمثيل للناس في المجلس النيابي، بحيث لا يكون نواب في المجلس النيابي مجرّد ركّاب حافلة أو أعواد في رزمة يقودها شخص واحد». وأكّد «أنّنا نفضّل قانون انتخاب يعتمد النسبية الكاملة في لبنان دائرة واحدة، ومنفتحون على بعض الطروحات الأخرى».

الراعي

وفي سياق المواقف، دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى تشكيل سريع لمجلس الوزراء «بروح الميثاق والدستور، فيكون بوزرائه الكفوئين التكنوقراطيين، الممثّلين لمختلف شرائح المجتمع اللبناني، جامعاً لا إلغائياً، وصورة عن نهج العهد الجديد، وعن الحكومات التي ستليه».

وأكّد الراعي خلال افتتاح دورة مجلس البطاركة الكاثوليك أنّ «المطلوب مجلس يحقّق المصالحة الوطنية الكاملة والشاملة، ويبدأ بوضع قانون جديد للانتخابات النيابية يؤمّن صحة التمثيل وعدالته، ويعطي قيمةً لصوت الناخب بحيث يتمكّن من ممارسة حقّه في المساءلة والمحاسبة».