IMLebanon

 الحكومة تجاوزت 3 قطوعات… وبرّي: الإنتخابات آخر الدواء

نجحت الحكومة في جلستها أمس في تجاوز قطوعات مهمة تمثّلت بعدم توقيع المراسيم وعدم إنشاء مخيمات تجريبية للنازحين وفي توضيح الالتباس حول انضمام لبنان الى التحالف الدولي ضد «داعش». وأدّى رئيسها تمّام سلام دوراً اساسياً في إنقاذ الوضع الحكومي من الارتجاج، من خلال إدارته الدقيقة والمتوازنة لمَسار عمل مجلس الوزراء، ما يتيح له السفر في 22 الجاري الى نيويورك مطمئناً.

ففي قطوع «حرب توقيع المراسيم» التي دارت بين وزيري الاتصالات بطرس حرب والتربية والتعليم العالي الياس بو صعب، علمت «الجمهورية» انه خلال مداخلات الوزراء في هذا الصدد، أبدى مجلس الوزراء ارادة جامعة بإنهاء هذه الاشكالية، وكان ابرزها مداخلات الوزراء سجعان قزي ووائل ابو فاعور ومحمد فنيش وعلي حسن خليل.

وكان الوزير الياس بو صعب طلب الكلام في مستهلّ الجلسة، فأشار الى ضرورة حل مسألة توقيع المراسيم المعلقة منذ اسبوعين، واكد مجدداً ان التعديل الذي أدخله وزير الاتصالات بطرس حرب على المرسوم المتعلق بالانترنت بروفايدر هو ليس تعديلاً لخطأ مادي، بل هو تعديل جوهري له انعكاسات، منها التأثير على جودة الانترنت.

ودار نقاش بين جميع الوزراء في هذا الموضوع، انتهى الى تراجع حرب عن قراره بعدم توقيع المراسيم المتعلقة بوزارتي التربية والخارجية متعهداً طرح مرسوم جديد للاتصالات مجدداً على مجلس الوزراء يأخذ في الاعتبار هذه الملاحظات، على ان يبقى العمل بالمرسوم القائم الى حينه.

لا مخيمات للنازحين

امّا في ملف مخيمات النازحين السوريين، فبعدما كان مجلس الوزراء قرر إنشاءها في المنطقة الفاصلة على الحدود اللبنانية السورية، وأبدى بعض الوزراء وجهة نظره حول مخاطر هذا الملف. وتبيّن انّ هذه المخيمات تعترض عليها الأمم المتحدة من جهة، ووزراء «حزب الله» من جهة ثانية، خوفاً من ان تتحول بؤراً أمنية كتجمعات النازحين حول بلدة عرسال.

وأبدت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» تخوّفها من اعادة طرح إنشاء هذه المخيمات، وقالت ان مجلس الوزراء توقف عند معضلتين: إنّ إنشاء المخيمات على الحدود وفي المنطقة العازلة يتطلب نقاشاً مع الحكومة السورية وهذا الامر هو موضع انقسام داخلي، فيما المنظمات الدولية لم تبدِ رأياً واضحاً في شأنه، والمخيمات داخل الاراضي اللبنانية مرفوضة لدى بعض القوى السياسية تخوّفاً من تكرار تجربة المخيمات الفلسطينية ولاعتبارات اجتماعية وديموغرافية وأمنية. وخَلصَ النقاش الى صرف النظر عن موضوع انشاء المخيمات وسَحبه من التداول، وتقرر ان تعقد جلسة استثنائية تخصّص لملف النازحين السوريين فور عودة سلام من نيويورك.

وقال قزي انه «إذا كانت المخيمات مرفوضة، فنحن لا نستطيع القبول باستمرار تفشّي هذا النزوح السوري الذي بات له احياناً طابع مسلح في كل القرى والمناطق اللبنانية، ولن نقبل استمرار هذا الأمر عشوائياً، بدليل انّ الجيش يَدهم اماكن وجود النازحين ويضبط اسلحة. لذا، أقترح البدء في العمل على إعادتهم الى ديارهم لئلّا يبقوا هنا الى الأبد».

امّا القطوع الثالث فتمثّل في إثارة وزراء «حزب الله» انضمام لبنان الى التحالف الدولي ضد «داعش» طالبين توضيحات عن ماهيته.

وأبلغ وزراء الحزب الى المجلس أن لا ثقة في السياسة الاميركية ولا في المجتمع الدولي لأنّ مَن رعى الارهاب على غزّة كيف له أن يحارب إرهاب «داعش»؟ ورفضوا ان يكون لبنان مُستباحاً وان يتحمل ايّ كلفة او أعباء عسكرية او امنية، كفتح الحدود والاجواء او المطارات وغيرها من أيّ مطالب للتحالف الدولي بذريعة محاربة «داعش».

ووافق وزراء حركة «أمل» نظراءهم في «حزب الله» هذا الرأي. وكان تأكيد رسمي انّ لبنان ملتزم محاربة الارهاب وليس ملتزماً محوراً ضد آخر، وانه سيستفيد من الحرب على «داعش» من دون ان يتحمّل أيّ أعباء.

ملف المخطوفين

وفي ملف المخطوفين العسكريين لدى الارهابيين، رُفعت الجلسة على مشهد سوداوي ظهر واضحاً على وجوه الوزراء لدى خروجهم، حيث علمت «الجمهورية» انّ سلام طلب من الوزراء ان يكونوا مستعدين في حال نفذت داعش تهديدها وذبحت عسكرياً آخر. وطلب منهم ان يساهم كلّ من موقعه ومن موقع الجهة السياسية التي يمثّل ما أمكنه في تهدئة الشارع وضبط الامور. وعلم انّ ما أبلغه سلام الى المجلس جاء على خلفية معلومات نقلها له القطريون عبر اللواء عباس ابراهيم من انّ هناك صعوبة في إقناع داعش بالعودة عن قرارها.

لكنّ المفاوضات استمرت حتى ساعة متأخرة من ليل أمس من اجل المحافظة على ضمانة عدم المساس بأيّ عسكري، والتي سبق للقطريين أن انتزعوها من «النصرة» و«داعش». الّا انّ الاجواء ظلت متأرجحة ما بين تنفيذ التهديد أو تأجيله.

برّي والاستحقاق الرئاسي

وعلى صعيد ملف الاستحقاق الرئاسي، جدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوته الى جلسة انتخاب رئس الجمهورية المقررة في 23 الجاري. وقال أمام زوّاره مساء أمس انّ التحرك الذي يقوم به النائب وليد جنبلاط هو استئناف للتحرّك السابق الذي كان قد بدأه، وتوقف في الفترة الاخيرة على أثر حديث بعض السياسيين عن انه وبرّي والامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله يتصرفون بمفردهم بالاستحقاق الرئاسي، الأمر الذي تمّ نَفيه في حينه، وذلك إثر قول جنبلاط انه على تواصل مع بري والسيّد نصرالله.

وردّاً على سؤال عن موقف الرئيس سعد الحريري الداعي الى إجراء الانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات النيابية، قال بري: إني أتمسّك بإجراء الانتخابات النيابية، لكنّي في هذا الموقف لا أتعارض مع الحريري لجهة الاتفاق على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية، وانما الاختلاف بيننا هو على طريقة الوصول الى انتخاب الرئيس. فالحريري يريد الرئيس قبل الانتخابات، وأنا أريد الانتخابات في موعدها ثم انتخاب رئيس الجمهورية».

وشرح بري موقفه، فاعتبر انّ آخر الدواء الكَي، وإجراء الانتخابات النيابية هو آخر الدواء لأنها تَضع الجميع أمام مسؤولياتهم، فاذا انتخبنا مجلساً نيابياً سنكون مُلزمين، على الطريقة العراقية، بأن ننتخِب على الفور هيئة مكتب المجلس ورئيسه، ثم نَشرع في انتخاب رئيس الجمهورية، وفي هذه الحال نؤمّن أنّ العملية الدستورية قد انطلقت، بحيث يُسارع رئيس الجمهورية الى الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة ومن ثم تشكيل حكومة جديدة، فلا يعود هناك خوف من حصول فراغ في أيّ مؤسسة دستورية».

واكّد بري انّ «التمديد هو تمديد للفراغ»، وقال: «أرفض الكلام عن مقايضة او صفقات، فأنا أعمل في الضوء لا في العتمة، فالتمديد لمجلس نيابي لا يجتمع للتشريع او للانتخاب هو تمديد لهذا الواقع، وهذا لا يجوز، فلا قيمة لمجلس لا يعمل».

ورداً على سؤال عمّا اذا كان تلقّى ايّ إجابات من الفريق الآخر تتيح له الدعوة الى جلسة تشريعية في ضوء ما اتفق عليه مع عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان، أجاب بري انه لم يتلقَّ بعد أيّ اشارة، خصوصاً انّ عدوان وعدَ بالتشاور في الامر مع كتلة «المستقبل» وإبلاغه النتيجة.

وكرر بري القول انّ ايّ اجتماع جديد سيُعقد بينه وبين رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة سيبحث في الموضوع الرئاسي حصراً، «لأنه سبق لي أن بحثت مع «المستقبل» في بقية القضايا من تشريع ومشاريع قوانين ملحّة مُدرجة على جدول اعمال المجلس، وعلى رأسها موضوع سلسلة الرتب والرواتب».

ورداً على سؤال آخر، قال بري: «اذا وافقت الاكثرية النيابية على التمديد للمجلس سألتزم قرارها، لكني سأصوّت وكتلتي ضد هذا التمديد، لأني كنتُ وما زلت اعتبر انّ التمديد ليس الخيار الأمثل للخروج من الازمة، فسابقاً مَدّدنا على أساس ان نستغِلّ فترة التمديد لإقرار قانون انتخاب جديد، فمضَت هذه المدة ولم يحصل ايّ شيء.

وقد تبلغتُ من البعض انّ الاستاذ وليد جنبلاط يقترح التمديد للمجلس ستة اشهر أو سنة، ولكني لم أتبلّغ هذا الامر منه شخصياً. وهنا اسأل: ما هو الضمان في اننا سنتمكن خلال هذه المدة من إقرار قانون انتخاب أو حتى من الاتفاق على انتخاب رئيس جمهورية جديد، أو انعقاد المجلس في جلسات تشريعية. لذلك أعود وأكرّر انّ إجراء الانتخابات هو الخيار الذي يضع الجميع امام مسؤولياتهم».

من جهة ثانية، علمت «الجمهورية» انّ بري تلقّى في خلال اليومين الماضيين اتصالاً من رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون، أبلغ اليه رغبته الاجتماع به، فرحّب بري بذلك لكنه فضّل أن يتم التمهيد لهذا الاجتماع بلقاءات بين بعض قيادات الصف الثاني في حركة «أمل» و«التيار الوطني الحر».

ملف المخطوفين

وكان رئيس الحكومة تمّام سلام تابع مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم آخر تطورات قضية العسكريين المخطوفين، واجتمع بأهاليهم الذين اعتصموا في ساحة رياض الصلح، وأبلغ اليهم أنّ «المفاوضات جارية وأنّ المطالب التي تَلقّتها الحكومة تحتاج إلى وقت».

وعلمت «الجمهورية» انّ ابراهيم أطلع سلام على حصيلة لقاءاته الاخيرة في الدوحة مع الفريق التركي برئاسة مدير المخابرات الجنرال حقّان فيدان، والفريق القطري برئاسة مدير المخابرات غانم الكبيسي حيث تمّ استعراض حصيلة الاتصالات الأولية التي أجراها الوفدان الوسيطان. واطّلعا من ابراهيم على حدود السقوف اللبنانية التي رسمها مجلس الوزراء عندما كلّفه المهمة على المستويات الأمنية والسياسية والقضائية.

وأبلغ ابراهيم الى سلام أنّ الوفد القطري المفاوض سيزور بيروت في الساعات المقبلة ليستأنف مهمته على الأرض، ذلك انّ هناك عدداً من الاتصالات تجري بوسائل مختلفة، وهي تحتاج الى توسيع مروحتها لتشمل شخصيات وقوى في عواصم عدة.

المشنوق في موسكو

على صعيد آخر، بدأ وزير الداخلية نهاد المشنوق، أمس، زيارة رسمية لموسكو تستمر ثلاثة ايام يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين الروس ويبحث معهم في مسائل تَهمّ البلدين. وسيستهلّ لقاءاته باجتماع مع نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، ثم يلتقي المسؤول في وزارة الداخلية فلاديمير كولوكولتسيف وسكرتير مجلس الامن القومي نيكولاي بيتروشيف على أن يعقد مؤتمراً صحافياً يتحدث فيه عن أهداف الزيارة ونتائجها، ويلبّي دعوة سفير لبنان في موسكو شوقي ابو نصار الى عشاء مع الجالية اللبنانية.

وأفاد مراسل «الجمهورية» في موسكو عمر الصلح انّ زيارة المشنوق اللافتة من حيث التوقيت تصنّفها روسيا ضمن سياق تطوير التعاون على المستويات كافة، ولا سيما منها الأمنية، في اعتبار أنها تتضمن سلسلة لقاءات مهمة، أبرزها مع بيتروشيف، وهو الشخصية الأقرب الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إضافة الى رئيس جهاز الامن الفيدرالي الروسي نيكولاي بورتنيكوف، الذي يُعتبر من أكثر الشخصيات الامنية ثقة لدى الكرملين، كذلك هو من أكثر رجال الامن الروس خبرة في قضايا محاربة الارهاب على المستويين الداخلي والخارجي، إضافة الى لقاء آخر سيجمع المشنوق مع نظيره الروسي فلاديمير كولوكولتسيف.

وأشارت مصادر أمنية روسية إلى انّ ملف مكافحة الارهاب وسُبل حصول لبنان على مساعدات روسية في هذا المجال سيتصدّران الملفات التي سيناقشها المشنوق مع المسؤولين الامنيين الروس. ولم تستبعد ان يتطرّق الطرفان الى تسليح القوى الامنية اللبنانية وتطوير امكاناتها وقدراتها في مجال التصدي للإرهابيين، ودورها في عمليات مكافحة الارهاب في المنطقة عموماً.

كذلك، لن يغيب الشأن السياسي عن لقاءات المشنوق، حيث من المقرر ان يلتقي بوغدانوف، الأمر الذي ترى فيه أوساط الخارجية الروسية جرعة مهمة للدفع في اتجاه تحسين العلاقات الديبلوماسية بين البلدين وتطويرها.

وكان المشنوق أوضح، قبَيل سفره، أنّ هناك سببين رئيسيين لزيارته موسكو. الأوّل محاولة استكشاف إمكانية شراء أسلحة ومعدات روسية لقوى الأمن الداخلي والأمن العام كجزء من الهِبة السعودية التي خصّص منها مبلغ 475 مليون دولار لهاتين المؤسستين.

وأضاف انّ البحث سيتناول الهِبة الروسية التي سبق لموسكو أن تقدمت بها ايام حكومة الرئيس سعد الحريري وجمّدت منذ ذلك الحين، وهي مخصصة للجيش اللبناني «وسنحاول ايضاً الحصول على هِبة لقوى الأمن الداخلي والأمن العام من الدولة الروسية».

وأوضح أنّ «السبب الثاني للزيارة هو انّ المنطقة، ولبنان تحديداً، يمران في ظروف صعبة جداً بسبب الوضع الاقليمي والتطورات في العراق وسوريا، وهذا يحتّم على لبنان ان يكون على مزيد من الانفتاح».