IMLebanon

الجيش يُحاصر الجرود لحماية عرسال… ولا جلسة رئاسية للمرة الـ13

التطورات في اليمن استقطبت كل متابعة واهتمام، في محاولة لاستكشاف خلفيات هذا التطوّر وقراءة أبعاده وانعكاساته، خصوصاً أنه جاء بعد التسوية العراقية، وعشيّة اللقاء الودّي والإيجابي بين وزيرَي خارجية السعودية سعود الفيصل وإيران محمد جواد ظريف، وأوحى بوجود تفاهمات غير مرئية يمكن أن تشمل أكثر من بلد وملفّ. وإذا كان التفاهم حول سوريا ما زال مستبعَداً، فلا شيء يحول دون استكمال التقاطع حول لبنان بانتخاب رئيس جديد وضمان أمنه واستقراره. وفي الانتظار بقي ملف العسكريين المخطوفين متصدرا كل الملفات السياسية مع تصعيد الأهالي تحركاتهم في محاولة لتسريع وتيرة المفاوضات بغية تحريرهم تلافيا لأي محظور، فيما الجيش أعدّ العدة لمعركة ثانية وأخذ إحتياطاته ونقل أسلحة متطورة الى أرض المعركة، مؤكدا أن لا تراجع عن القرار العسكري الذي اتخذه بفصل عرسال عن جرودها فصلا محكما والاستمرار في ضرب المسلحين في الجرود وذلك لحماية عرسال وسكانها. وعلى خط آخر يستمر التحضير لعقد جلسة تشريعية على قدم وساق، وأما جلسة الانتخابات الرئاسية اليوم التي تحمل رقم 13 فلن تختلف عن سابقاتها.

إنكفأ الاهتمام بملف الاستحقاق الرئاسي والتمديد النيابي نسبياً لصالح تتبُّع المواجهة الدولية مع تنظيم «داعش» الذي دعا أمس الى قتل المدنيين من دوَل التحالف الدولي ضده، ومواجهة الحكومة اللبنانية خلف الجيش في معركته مع الإرهابيين.

فيما أكّد رئيس الحكومة تمام سلام قبيل سفره الى نيويورك امس السعيَ بكلّ جهد لإطلاق سراح العسكريين المخطوفين لدى الارهابيين، لكن لا يمكننا إعطاء ضمانات لأهالي العسكريين لأن لا ضمانة مع الإرهاب.

وتشخص الأنظار الى المواقف التي سيعلنها الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله في الثامنة والنصف مساء اليوم في كلمة متلفزة عبر قناة «المنار» والتي سيتناول فيها آخر التطورات السياسية والأمنية في لبنان والمنطقة.

وفي المعلومات أنّ الأمين العام سيتطرّق الى الوضع الداخلي عموماً والتطوّرات الميدانية في عرسال، وإلى قضية العسكريين المخطوفين، وموضوع دعم الجيش. كذلك سيردّ على اتهامات فريق 14 آذار للحزب. ولم تستبعد المصادر أن يحدّد موقف الحزب من التحالف الدولي ضد «داعش» وأن يتحدّث عن اجتماع جدّة. وقالت إنه سيكون له موقف واضح وصريح يضع خلاله النقاط على الحروف حول ما جرى في مجلس الوزراء أخيراً.

وعشية كلامه، قال نائبه الشيخ نعيم قاسم إنّ «داعش» عدوان طارئ، ولا نقلّل من خطره، ولكن علينا أن لا نهلع من إجرامه وإساءاته على كلّ المستويات. بإمكاننا مع شعوب المنطقة أن نهزم داعش، ولا ننتظر التحالف الغربي أو التوجيهات الأميركية، وسنعمل مع المخلصين في لبنان لتقليل تأثير خطر الإرهاب التكفيري».

مصدر أمني لـ«الجمهورية»

وكشفَ مصدر أمني رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «خلية الأزمة» اشترطت حصولها على تعهّد خطّي من «داعش» و«جبهة النصرة» بعدم التعرّض لأيّ عسكري آخر، وهذا هو سقف التفاوض. وقرّرت نقلَ عملية التفاوض من الابتزاز إلى التفاوض الجدّي.

كذلك كشفَ المصدر أنّ ليل الخميس-الجمعة ظلّت الاتصالات مع القطريين مفتوحة حتى الساعة الواحدة ليلاً من أجل وقف ذبح العسكري الذي هدّدت «داعش» بذبحه عند الساعة الخامسة عصر الخميس، وقد نجحت الاتصالات بوقف التنفيذ، وإذ أتت المفاجأة في اليوم التالي من «النصرة» وكأنّها بذلك شاءت المزايدة على داعش» في لعبة حسابات «قلمونية» في ما بينهما يريدون صرفَها من الجرود اللبنانية».

وأكّد المصدر الأمني «أنّ ما بعد قتل الجندي الشهيد محمد حمية ليس كما قبله، وأنّه لن يكون هناك تراجع لا في العمليات العسكرية ولا في شروط التفاوض الذي سيستمر على طريقتنا وبشروطنا». وأضاف: «هم خرقوا وعوداً شفهية أعطوها للقطريين بعدم المساس بأيّ عسكري، فإذ بهم يفاوضون بالدم وبالإعدام والذبح».

وأكّد المصدر «أنّ الدولة اللبنانية ليست ضعيفة، ولكن حرصاً على أرواح العسكريين المخطوفين فإنّها ستفاوض من دون ابتزاز».

ولفتَ المصدر الى أن لا صحة للمعلومات التي تحدّثت عن وقف عملية التفاوض، فهو مستمرّ من خلال الجانب القطري، وستشكّل عودة الموفد القطري الى لبنان إشارة إلى حصول تقدّم ينتظر ترجمة عملية، ولا موعد حتى الآن لعودته».

مصدر عسكري لـ«الجمهورية»

من جهته، قال مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» إنّ الجيش اللبناني وُضع بين سندان الذبح ومطرقة العبوات الناسفة، فاختار الهجوم، خصوصاً بعد العبوة التي استهدفت العسكريين يوم الجمعة بين المصيدة ووادي عطا والتي كان الهدف منها فتح طريق للمسلحين، ظنّاً منهم أنّ الجيش سينسحب من بعض النقاط تجنّباً لاستهدافه من خلال العبوات الناسفة، لكنّ قيادة الجيش قرّرت ردّ الضربات والهجوم، وبالفعل وجّهت لهم في اليوم نفسه ضربات موجعة جداً أوقعَت عشرات الإصابات في صفوف المسلحين بين قتيل وجريح، ومن بين هذه الضربات استهداف الوحدة الصحية لـ»جبهة النصرة» التي يعتمد عليها المسلحون لمعالجة جرحاهم، بعدما تعذّرَ وصولهم الى عرسال لنقل جرحاهم الى المشافي الميدانية في البلدة.

فردّت «النصرة» مساء الجمعة بإعدام الجندي حمية رمياً بالرصاص لإحداث بلبلة داخلية وإلهاء الجيش وتحوير أنظاره إلى الشوارع الداخلية التي توقّعت أن تشتعل بعد إعلانها الخبر، لكنّ حكمة أهل الشهيد آل حمية والبقاعيين عموماً أحبطت هذا المخطط واستمرّ الجيش في عملياته العسكرية لا بل وسَّعها، فكانت الضربات الأعنف ليل السبت ـ الأحد، حيث شنّت وحداته هجوماً واسعاً على نقاط تواجد المسلحين، استُعمِلت فيه أسلحة جديدة، وأدّت مدفعية الجيش دوراً بارزاً، حيث استطاعت أن تشلّ بالنار حركة تنقّل المسلحين ومحاولتهم اعتماد خطط عسكرية لصدّ الهجوم.

وأكّد المصدر أن لا تراجع عن القرار العسكري الذي اتّخذه الجيش اللبناني بفصل عرسال عن جرودها فصلاً محكماً، والاستمرار في ضرب المسلحين في الجرود وصولاً للدخول التدريجي الى العمق العرسالي لحماية الأهالي.

فعرسال ليست محاصرة، إنّما المطلوب محاصرة الإرهاب. ونفى المصدر جملةَ وتفصيلاً، ما تناقلته «بعض وسائل الإعلام عن قيام «داعش» بإعدام 5 جنود لبنانيين»، لافتاً إلى أنّ «قيادة الجيش أجرَت اتصالاتها وتبيّن أنّ المعلومات مغلوطة».

وأشار إلى أنّ «ما نقلته بعض الصحف عن أماكن تواجد العسكريين المخطوفين لا يعدو كونه تكهّنات، ومجرّد أخبار للزكزكة، فمن الممكن أن يكونوا في أحد المغاور بين عرسال والقلمون، لكن لا يمكن تحديد نقطة وجودهم بهذا الشكل الوصفي»، مشيراً إلى أنّ «التواصل مع الخاطفين يتمّ عبر الوسطاء المكلفين من قِبل الحكومة اللبنانية».

وأوضحَ أنّ «المسلحين الذين خطفوا المعاون الأوّل في الجيش كمال الحجيري في وادي حميد في عرسال في 17 أيلول لم يفصحوا عن مطالب

معيّنة، وقد ضمّوه إلى رفاقه العسكريين المخطوفين»، لافتاً إلى أنّ «نقطة مدينة الملاهي في جرود البلدة التي خُطف منها لا ينتشر فيها الجيش، وهو يتمركز بشكل أساسي في وادي الحصن وعلى المرتفعات والتلال».

وأكّد المصدر أنّ «معركة عرسال الأولى فُرِضت على الجيش، وأنّ الجيش يتحضّر لطحن الإرهابيين والقضاء عليهم إذا ما قرّروا فتحَ معركة ثانية»، مشيراً إلى أنّ «الجيش أعدّ العدّة لمعركة ثانية وأخذ احتياطاته ونقلَ أسلحة متطوّرة الى أرض المعركة، وهو يقوم بالرماية يومياً ويستهدف معاقلهم، ويوقع أعداداً كبيرة منهم بين قتيل وجريح».

جمود الوساطة التركية

وكانت مصادر مُطلعة كشفَت أنّ الجانب التركي لم يعُد متحمّساً للدخول بوساطة على خط ملف العسكريين، وانعكسَ ذلك صرفاً للنظر عن زيارة ثانية كان يُفترض أن يقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الى تركيا قبل سفره الى قطر مع سلام.

في غضون ذلك، كثّفت وحدات الجيش إجراءاتها العسكرية في عرسال ومحيطها وفي مناطق أخرى عدّة لمَنع القيام بأيّ عمليات يمكن أن تؤدّي إلى زعزعة الأمن في المناطق الحساسة، وبهدف الحؤول دون سعي الخاطفين الى إثارة الفتنة السنّية – الشيعية تزامُنا مع اتصالات تواصِلها قيادتا «أمل» و»حزب الله» لدى الجمهور الشيعي الهادف الى تهدئة الخواطر.

تصعيد الأهالي

في غضون ذلك، نفّذ أهالي العسكريين المخطوفين تهديداتهم، بعدما كانوا أعلنوا إنهاءَ الحراك السلمي، فقطعوا أمس طريق ضهر البيدر عند مفرق فالوغا بالسواتر الترابية والإطارات المشتعلة ثمّ فتحوها» حفاظاً على مصالح المواطنين».

وتحدّثوا عن خطوات تصعيدية مشيرين الى قطع طرقات في مدن لبنانية عدة ستشهده الايام المقبلة في حال لم يتمّ التعاطي بملف المخطوفين بجدّية وبالسرعة المطلوبة، وأمهَلوا الحكومة 12 ساعة للتحرّك وإلّا سيتمّ قطع طرق المحمرة ضهر البيدر وأوتوستراد القلمون اليوم من الرابعة بعد الظهر حتى السابعة مساء.

الاستحقاق والتشريع

وعلى خطّ الانتخابات الرئاسية، لم يظهر في الأفق ما يؤشّر إلى أنّ جلسة الانتخاب الـ 13 اليوم لن تلقى مصير سابقاتها. وقد ناشدَ السفير السعودي علي عواض عسيري أمس اللبنانيين أن يبذلوا «كلّ الجهود في سبيل حماية لبنان وتحصينه عبر تعزيز وحدتهم الوطنية وانتخاب رئيس جمهورية جديد يقود البلاد ويطلق الحوار، وقطعِ الطريق على الفتنة المذهبية وعدمِ تجييش الشارع وتغليب لغة العقل والحكمة والاعتدال».

وفيما تتواصل التحضيرات لانعقاد جلسة تشريعية، علمَت «الجمهورية» أنّ الاتصالات نشطت بين بيروت وباريس التي انتقل اليها الرئيس سعد الحريري منذ ايام للمشاركة في مناسبة عائلية جامعة، وذلك بشأن التحضير للجلسة النيابية والملفات العالقة، ولا سيّما ما يتصل منها بملف موارد سلسلة الرتب والرواتب والموازنة العامة وقطع الحساب على السنوات التي تلت العام 2005 إلى اليوم.

ومن المقرّر أن يلتقي في العاصمة الفرنسية حشدٌ من القيادات اللبنانية للمشاركة في حفل زفاف بهاء رفيق الحريري المقرّر نهاية الأسبوع الجاري في منتجع جنوبي فرنسا.