IMLebanon

الإنترنت: الكبار يتنصلون.. و«الحاكم العنكبوتي» بلا غطاء

الحريري يتبرّأ من انتقاد «كتلة المستقبل» لجنبلاط!

الإنترنت: الكبار يتنصلون.. و«الحاكم العنكبوتي» بلا غطاء

فوق الصفيح الساخن لفضائح الفساد المتدحرجة، اشتد السجال بين بعض أهل السلطة الذين راحوا يتبادلون الاتهامات حول التورط في الارتكابات او تغطيتها، لتتكشف في معرض الهجوم والدفاع وقائع إضافية تتصل بملفات كانت مستترة حتى الامس القريب، قبل ان يؤدي تضارب الحسابات، الى إماطة اللثام عنها.

واتسع أمس الاشتباك بين النائب وليد جنبلاط ووزير الداخلية نهاد المشنوق، عبر المنابر ومواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت الى منصات لكلام من العيار الثقيل. وما لبث هذا الاشتباك ان خرج من الاطار الشخصي الى الاطار السياسي الاشمل، بعدما انخرطت فيه «كتلة المستقبل» برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، والتي اعتبرت في أعقاب اجتماعها «ان الحملة المنظمة التي يتعرض لها المشنوق إنطلاقاً من بعض الحسابات الصغيرة والفئوية لا تخدم منطق الدولة».

وبعد وقت قصير من صدور البيان، كان أحد المقربين من جنبلاط يتواصل مع الرئيس سعد الحريري مستفسرا عن حقيقة الموقف، فأوحى الحريري للمتصل بان لا علاقة له مباشرة بالفقرة التي تهاجم ضمنا جنبلاط والوزير ابو فاعور.

ويبدو ان التمايز الآخذ في التمدد بين الحريري والسنيورة يمر أيضا في هيئة «أوجيرو»، مع ظهور المزيد من المؤشرات التي تفيد بان الحريري رفع الغطاء الى حد كبير عن رئيسها او «الحاكم العنكبوتي» عبد المنعم يوسف، بعدما أصبح يشكل عبئا على حساباته وتحالفاته، فيما يستمر السنيورة شخصيا بتغطيته.

وانعكس موقف السنيورة على بيان كتلة «المستقبل» التي دعت الجميع الى «ترك أمْر الكشف عن الوقائع الحقيقية إلى الأجهزة القضائية المختصة، بعيداً عن التدخل السياسي والمادي والإعلامي من أجل التعمية على حقيقة الارتكابات والمرتكبين، عن طريق محاولة النيل من الشرفاء من المسؤولين والموظفين وإلصاق التهم الملفقة بهم لأغراض لا تمت إلى محاربة الفساد، كمثل التطاول على رئيس هيئة «اوجيرو» عبد المنعم يوسف الذي حصل على أكثر من 120 براءة قضائية».

في المقابل، تُرجم تخلي الحريري عن يوسف بـ «لامبالاة» وصمت معظم نواب «المستقبل» الذين حضروا أمس اجتماع لجنة الاعلام والاتصالات النيابية حيال الهجوم العنيف الذي تعرض له يوسف من قبل الوزير وائل ابو فاعور والعديد من النواب، فيما كانت المفارقة ان رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله هو الذي انبرى للمحافظة على ماء وجه يوسف، متمسكا باعتماد الاصول والنظام الداخلي في التعاطي معه، ما دفع بعض نواب «14 آذار» الى الثناء على أدائه، بعد انتهاء الاجتماع.

ويؤكد خصوم يوسف ان الحصار يكاد يكتمل حوله، وانه لن يستطيع الصمود طويلا امام الاتهامات الموجهة اليه بالتورط في ملفات الفساد في قطاع الانترنت، برغم انه استطاع في الماضي التأثير على بعض القضاة والنجاة من الدعاوى التي رفعت ضده، فيما قال مصدر واسع الاطلاع لـ«السفير» انه يخشى من «صفقة ما» في هذه القضية، على قاعدة تقاطع مصالح بين بعض القوى النافذة عند تحويل يوسف الى كبش محرقة، للتمويه على الحقيقة الكاملة وحماية المرتكبين الكبار، بحيث لا يتجاوز ارتفاع سقف المحاسبة اسم يوسف، من دون الوصول الى الطوابق العليا للفضيحة، حيث تقيم أسماء وازنة.

ويشير المصدر الى ان مروحة الاعتراضات على يوسف باتت تشمل قوى متضاربة الاتجاهات، لكن «مصيبة يوسف» جمعتها، من الحريري الى جنبلاط مرورا بـ «التيار الوطني الحر» وجهات مسيحية تؤمن المظلة لاحدى المؤسسات التلفزيونية المتخصصة في مهاجمة يوسف.

وسعيا الى تضييق الخناق على رئيس «أوجيرو»، حضر ابو فاعور اجتماع لجنة الاعلام والاتصالات، طارحا إشكالية مشاركة يوسف في جلساتها، كونه متهما ومشتبها فيه، ومعتبرا انه لا يجوز ان يجتمع القاتل والقتيل على طاولة واحدة.

وعندما حاول وزير الاتصالات بطرس حرب الدفاع عن حق يوسف في الحضور، حصل تلاسن حاد بصوت مرتفع بينه وبين ابو فاعور الذي قال لزميله في الحكومة ان دفاعه عن يوسف مريب، وانه، اي حرب، سبق ان تبلغ كتابا من عماد حب الله حول الانترنت غير الشرعي «لكنك لم تتحرك»، فرفض حرب هذا الكلام، معتبرا ان مكان النقاش بينهما هو في مجلس الوزراء وليس في اللجنة النيابية.

وهنا، تدخل فضل الله لتبريد الاجواء المحمومة، قائلا: عندما ندعو أي وزير لحضور جلسات اللجنة، فان من حقه في المبدأ ان يصطحب معه من يشاء من الموظفين والمستشارين في وزارته، وحين استلم نقولا صحناوي وشربل نحاس على سبيل المثال وزارة الاتصالات ارتأيا الا يرافقهما يوسف الى اجتماعات اللجنة، فيما كان نواب من الصامتين الآن يصرون على حضوره. وأضاف فضل الله: في نهاية المطاف الوزير هو الذي يقرر، وأنا ملتزم بتطبيق النظام الداخلي لهذه الناحية، بمعزل عن عواطف وآراء كل منا، فالقضاء وحده هو الذي يتهم ويدين ولا نستطيع ان نأخذ مكانه.

ثم اعطى فضل الله الكلام ليوسف الذي نفى كل الاتهامات المصوبة نحوه، قائلا: كرامتي لا تقل شأنا عن كرامات الوزراء والنواب. أنا موظف نظيف، اسعى الى خدمة لبنان انطلاقا من موقعي، ولا علاقة لي بتوفيق حيسو ولم أخالف القانون في أي مجال، وجميع الدعاوى التي رفعت علي لدى القضاء ربحتها.

لكن ابو فاعور وعددا من النواب الحاضرين اصروا على ضرورة اخراج يوسف من الغرفة، فما كان من فضل الله إلا ان ابتكر صيغة تحمي كرامة يوسف وترضي المطالبين بمغادرته، في آن واحد، داعيا جميع الموظفين الموجودين في الاجتماع الى المغادرة، ليقتصر الحضور بعد ذلك على الوزراء والنواب والقضاة.

وابعد من التجاذب حول دور يوسف في الفضيحة، تبين من نقاشات اللجنة والتقارير التي عرضت خلالها، ان بعض التجهيزات والمعدات المستخدمة في تركيب المحطات المخالفة إنما جرى ادخالها عبر المعابر الشرعية ولكن ببيانات مزورة، ما يستدعي التدقيق مع الجمارك، حيث أبدت وزارة المالية كل تعاونها، فيما بدت ردود ممثلي قوى الأمن الداخلي ضبابية حول كيفية تركيب هذه التجهيزات، ولماذا لم ترصد ولماذا كانت الاجهزة الامنية المعنية غائبة، علما أنّ هناك استنابات وجهها القضاء الى فرع المعلومات للتحقيق في كيفية تركيبها.