IMLebanon

مَنْ يلعب على حبال الإستقرار من «العصائب» إلى عوكر؟

مَنْ يلعب على حبال الإستقرار من «العصائب» إلى عوكر؟

رفض رسمي لخروقات النأي بالنفس.. واقتراحات لبنانية جريئة في مؤتمر القاهرة  

من زيارة مسؤول «العصائب» إلى «تظاهرة عوكر» احتجاجاً على قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، التي تحوّلت في «لحظة ما» إلى اشتباك مع القوى الأمنية، عندما حاول شبان غاضبون اقتحام السفارة وعمدت قوى الأمن إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وخراطيم المياه لتفريق المجتمعين، بدا المشهد آخذ بالتحوّل من وتيرة المكرس للاستقرار، إلى تحركات تضع الاستقرار على الطاولة، في خضم تصاعد تداعيات الاعتراض العارم اسلامياً وعربياً واقليمياً ولبنانياً على القرار الأميركي، والتي تبلغ مستوى قوياً في تظاهرة اليوم في الضاحية الجنوبية في وقت أكّد فيه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في القاهرة ان لا عروبة بلا القدس، ولا سلام دون القدس، وان ما فعله ترامب ضد الإنسانية، مطالباً بالتوجه إلى مجلس الأمن.

وفيما يستأنف الرئيس سعد الحريري نشاطه الرسمي في السراي الكبير اليوم لتوقيع ما تراكم من ملفات، ولديه جدول اعمال حافل، كشفت أوساط قريبة من بعبدا ان موقف لبنان من قرار ترامب يبلغ قمته مع كلمة الرئيس ميشال عون في قمّة اسطنبول، والتي ستتضمن وفقاً للمصادر نفسها، اقتراحات عملية لحماية القدس من انعكاسات قرار ترامب والإجراءات الإسرائيلية لتهويدها.

وكشف مصدر وزاري لـ«اللواء» ان لبنان بقدر حرصه على مواجهة القرار الأميركي، سيبقى متمسكاً بالاستقرار العام في البلاد، ولن يفرط بالإجماع اللبناني والعربي والأوروبي والاممي حول ديمومة هذا الاستقرار.

وقال: ان التحضيرات الجارية لعقد جلسة لمجلس الوزراء، بما في ذلك اعداد جدول أعمال الجلسة، المرجح انعقادها الخميس المقبل، بعد عودة الرئيس عون من تركيا.

تظاهرة عوكر

وفي تقدير مصادر سياسية، ان ما حصل في تظاهرة عوكر، من أعمال شغب وتخريب واشتباك مع القوى الأمنية، كان في بعض جوانبه ايجابياً، على الرغم من وقوع نحو 70 إصابة، بينهم 19 عنصراً من قوى الأمن، وتوقيف عشرة أشخاص بتهمة القيام باعمال شغب، بينهم 4 لبنانيين و6 فلسطينيين، ذلك لأنه كان مطلوباً، سواء من قبل السلطة اللبنانية أو من المتظاهرين إيصال صوت لبنان الصاخب رفضاً للقرار الأميركي بشأن القدس، ومن أجل هذا الغرض، نظمت التظاهرة امام مقر السفارة الأميركية في عوكر، ولو على بعد نحو كيلومتر من مبناها، وبعلم المعنيين في وزارة الداخلية، والذين اتخذوا احتياطات وإجراءات أمنية احترازية لمنع المتظاهرين من الاقتراب من مبنى السفارة، بينها بوابة حديدية واسلاك شائكة، علماً انه لا يمكن العبور إلى السفارة الا من منفذ واحد من ساحة عوكر التي نظم فيها التجمع للحيلولة دون تجاوزها.

ولاحظت المصادر انه سبق تظاهرة الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية والفلسطينية، تظاهرة اتسمت بالهدوء للجماعة الإسلامية، في الساحة نفسها وللغاية ذاتها وهي رفض القرار الأميركي بشأن القدس، لكن القيمين عليها قرروا الانسحاب، لدى علمهم بقدوم التظاهرة اليسارية، قرابة الحادية عشرة قبل الظهر. وهنا كان لافتاً للانتباه التغطية الإعلامية الواسعة التي رافقت هذه التظاهرة ورافقتها من بدايتها وحتى انهائها، بما في ذلك الصدامات التي حصلت مع القوى الأمنية، والتي نقلت وقائعها على الهواء مباشرة.

اما تظاهرة «حزب الله» اليوم، فلا يتوقع ان تحصل فيها أعمال عنف، نظراً لأنها ستبقى محصورة في الضاحية الجنوبية، بعيداً عن السفارة الأميركية، حيث سيكون لعناصر الانضباط في الحزب الدور القوي والفاعل والمعروف بحسن التنظيم والانضباط، ومنع اندساس عناصر الشغب بين المتظاهرين.

وعلمت «اللواء» ان التظاهرة ستنطق في الساعة الثالثة من بعد الظهر، من امام مجمع سيّد الشهداء في حارة حريك، ومنه إلى اوتوستراد الشهيد هادي نصر الله وصولاً إلى تقاطع المريجة – الكفاءات، حيث تنتهي هناك، ويتوقع ان يطل الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله مباشرة على الجماهير لإلقاء كلمته.

وذكرت معلومات ان مدارس منطقة الضاحية الجنوبية قررت إنهاء الدوام في الساعة الواحدة بدلاً من الثانية تجنباً لزحمة السير واحتمال قطع بعض الطرقات المؤدية إلى مكان تجمع التظاهرة، ومنها قطع الطريق من جسر المشرفية حتى محلة الكفاءات على المسلكين، وتحويل السير إلى الطرقات الفرعية المجاورة، اعتباراً من الساعة 12 ظهراً، بحسب ما أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن، التي توقعت ان يكون الحضور غفيراً.

اجتماع القاهرة

ومهما كان من أمر تظاهرة عوكر أمس ومن ثم تظاهرة الضاحية الجنوبية اليوم، واللتين لا بدّ الا ان تندرجا في سياق الغضب الشعبي على القرار الأميركي، انسجاماً مع الدعوة إلى تحركات شعبية في مختلف العواصم العربية، فإن لبنان الرسمي حضر بقوة سياسية في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة مساء السبت واستمر حتى ساعة متأخرة من الليل للبحث في الموقف الواجب اتخاذه من القرار الأميركي، سواء من خلال كلمة وزير الخارجية جبران باسيل، التي كانت عالية السقف تجاه الموقف الأميركي والإجراءات المطلوبة للعودة عنه، كما كانت موضع اشادة وترحيب عربي ولبناني، أو من خلال التعديلات التي طرحها باسيل على البيان الختامي، وتبناها الوزراء العرب وهي في ثلاث نقاط:

الدعوة لعقد قمة عربية طارئة للبحث في موقف عربي موحد وقوي بوجه القرار الاميركي.

الدعوة الى تحركات شعبية في العواصم العربية رفضا للقرار.

البحث في فرض عقوبات عربية تجارية واقتصادية على الادارة الاميركية وعلى اي دولة اخرى توافق على الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان العدو، وذلك من باب الضغط لإلغاء القرار.

وذكرت مصادر الوفد الدبلوماسي اللبناني لـ«اللواء»، ان الوزراء العرب ايدوا هذه التعديلات لكنهم استمهلوا شهرا لعقد القمة العربية لحين اتضاح صورة الوضع ومسار الاتصالات الجارية مع الادارة الاميركية والضغوط السياسية والدبلوماسية العربية والدولية التي تمارس عليها للعودة عن القرار.

اما باسيل فوافق على البيان التزاما بالاجماع العربي ولعدم عرقلة صدور القرار، لكنه سجل تحفظا على ضعف البيان الختامي وعدم ملاءمته لخطورة الحدث ولعدم اتخاذ اجراءات حازمة، بحسب ما جاء في بيان الخارجية اللبنانية.

وكان باسيل قد دعا في كلمته امام الاجتماع الوزاري الى «المصالحة العربية – العربية سبيلا وحيدا لخلاص هذه الأمة ولإستعادة ذاتها»، والى «قمة عربية طارئة عنوانها القدس، لإستعادتها الى حضنها العربي لأنه من دونها لا عرب ولا عروبة»، وقال: «الويل لنا إذا خرجنا اليوم بتخاذل، إما الثورة وإما الموت لأمة نائمة».

كما دعا الى «إستعادة الذات بدل خسارتها، وإستعادة السياسة العربية الموحدة لإتخاذ إجراءات ردعية ردا على القرار الأميركي، وإستعادة العزة العربية والنفس العربي الثائر على الظلم، بإنتفاضة شعبية واحدة في كل بلداننا العربية».

مجلس الوزراء

إلى ذلك، تقرر مبدئياً، أن يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية يوم الخميس المقبل، رجحت مصادر أن تعقد في القصر الجمهوري في بعبدا، وهذا الأمر سيتقرر في الدعوة التي سيوجهها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري رسمياً له اليوم.

ومعلوم انه سيسبق الجلسة زيارة للرئيس ميشال عون إلى اسطنبول للمشاركة في قمّة زعماء الدول الإسلامية تلبية لدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للبحث في اتخاذ موقف إسلامي من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعلان القدس المحتلة عاصمة للكيان الاسرائيلي ونقل السفارة الأميركية إليها.

ومن المقرّر أن تستمر زيارة عون إلى اسطنبول ساعات عدّة يعود بعدها إلى بيروت مساء فور انتهاء القمة. وذكرت مصادر رسمية انه ستكون للرئيس عون كلمة في المؤتمر ما زال العمل جارياً على تحضيرها.

وتوقعت مصادر وزارية، ان يتصدر موضوع القدس جلسة الحكومة الخميس، في ضوء ما أعلنته الوزير باسيل أمام مؤمر القاهرة من انه «سيتقدم بطلب من مجلس الوزراء باتخاذ كل الإجراءات الثنائية والدولية للاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وبتكريس القدس عاصمة لها، بدءاً من الاجراءات الديبلوماسية ومروراً بالتدابير السياسية وصولاً الى العقوبات الاقتصادية والمالية، على غرار ما فعلته المملكة العربية السعودية والعراق في العام 1981 بوقف التعاملات النفطية مع الولايات المتحدة، وتدابير أخرى مما أجبرها فوراً على وقف إجراءات نقل سفارتها إلى القدس.

ومن ناحية ثانية، كشفت المصادر عن اتصالات رئاسية تجري لادراج موضوع استخراج النفط والغاز من المياه اللبنانية، على جدول أعمال جلسة الخميس، خصوصاً بعد انتهاء عملية التفاوض التي أجراها وزير الطاقة سيزار أبي خليل مع تونسوتيوم الشركات الثلاث الفرنسية والروسية والايطالية للتنقيب عن الغاز في البلوكين 4 و9 داخل المياه الإقليمية، بالنظر للاهتمام الرسمي بهذا الموضوع، والذي يتواكب مع اهتمام نيابي عبر عنه الرئيس نبيه برّي، الذي أكد بأن «الخطوة المقبلة لمجلس النواب سكون بالتركيز على القوانين المتعقلة باستخراج النفط من البحر والبر،» مشيراً بأن اللجان النيابية ستعاود غداً الثلاثاء درس سلسلة اقتراحات قوانين تقدمت بها كتلة التنمية والتحرير» وأبرزها: الموارد البترولية والصندوق السيادي اللبناني وشركة البترول الوطنية وإنشاء مديرية خاصة للموارد البترولية.

وقالت المصادر انه سواء عرض ملف النفط أمام اللجان الثلاثاء أو جلس الوزراء الخميس، فلا يتوقع ان يسلك طريقه إلى التنفيذ أو الاقرار نظراً للتجاذب القائم حوله داخل الحكومة أو بين الحكومة والمجلس النيابي.

ظهور الخزعلي

في هذا الوقت، بقي ظهور زعيم ميليشيا «عصائب أهل الحق في العراق»، قيس الخزعلي، عبر شريط نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يتجول بلباس عسكري برفقة عناصر من حزب الله عند «بوابة فاطمة» في بلدة كفركلا على الحدود مع فلسطين المحتلة، موضع متابعة رسمية وسياسية، خصوصا بعدما اعتبره المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري، بأنه «يشكل مخالفة موصوفة للقوانين اللبنانية، استدعت قيام الرئيس الحريري باتصالات مع القيادات العسكرية والأمنية المعنية لاجراء التحقيقات اللازمة واتخاذ الإجراءات التي تحول دون قيام أي جهة أو شخص بأية أنشطة ذات طابع عسكري على الأراضي اللبنانية، ودون حصول أعمال غير شرعية على صورة ما جاء في الفيديو ومنع الشخص المذكور من دخول لبنان».

ولم يشر بيان المكتب الإعلامي إلى طبيعة المخالفة الموصوفة للقوانين اللبنانية، لكن مصادر متابعة، لاحظت ان شريط الفيديو جرى تصويره قبل 6 أيام من بثه، وتحديداً بتاريخ الثالث من كانون الأوّل الجاري، وكأنه جاء بمثابة رسالة اعتراض على «اعلان باريس» الذي أكّد على ضرورة الالتزام بالقرارين 1701 و1559، خاصة وانه نشر في اليوم الثاني لمؤتمر مجموعة الدعم الدولية، وبعد ثلاثة أيام من قرار الحكومة اللبنانية بالنأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية في المنطقة.

وفي هذا السياق، أكّد مصدر عسكري لبناني ان دخول أي أجنبي إلى المنطقة الحدودية يتطلب الحصول إلى تصريح من الجيش اللبناني، بموجب القرار 1701، وهو ما لم يحصل، معتبرا بأنه ان صح دخول الخزعلي إلى الجنوب، فهو تمّ بطريقة غير شرعية.

ولاحقا، ردّ المكتب الإعلامي للخزعلي على بيان الحريري معتبرا انه يحمل «مغالطات»، مشيرا إلى ان زيارة الخزعلي جاءت بصفة أصولية وبجواز سفر عراقي، وأن اللباس العسكري الذي ارتداه فهو تعبير عن رسالة تضامن مع الشعبين اللبناني والفلسطيني ضد العدو المشترك للاسلام والانسانية المتمثل بالكيان الصهيوني».

ورد مصدر مسؤول في الحكومة اللبنانية مؤكدا «ان بيان الخزعلي مردود لصاحبه شكلا ومضمونا، وأن لبنان في غنى عن أي «عصائب» للدفاع عنه، وأن الدولة اللبنانية وحدها المعنية بمواجهة أي عدوان على أرضها وسيادتها، والعراضة التي ارادها صاحب البيان على الحدود الجنوبية مسألة تخالف أبسط مقتضيات الأخوة والتضامن، ورسالة مرفوضة تتجاوز القوانين، وتدخل غير مقبول في شؤون داخلية لبنانية هي من اختصاص اللبنانيين دون سواهم».

وفيما لوحظ ان حزب الله التزام الصمت ولم يصدر عنه أي بيان توضيحي، فان مصادر قيادية في الحزب استغربت الاعتراض على جولة الخزعلي، واكتفت بالتساؤل: هل ان النأي بالنفس يشمل قضية فلسطين؟».

وقالت لـ «اللواء»: «نحن في محور المقاومة لا ننأى بأنفسنا عن قضية فلسطين، والجولة حصلت وانتهت وعاد الخزعلي إلى بلده وانتهت القضية».

وفي السياق، انتشر فيلم جديد على الحدود اللبنانية الجنوبية يظهر مقاتلين عراقيين وافغان تابعين لسراي السلام (التابعة للتيار الصدري في العراق) بزي مقاتلين لحزب الله يتولون الحراسة مع عناصر الحزب، ويتحدثون عن مشاركتهم في مساندة الحزب في التصدّي لأي عدوان.

 

لكن رئيس بلدية كفرحمام، أبلغ تلفزيون «المستقبل» ان الفيديو قديم، ولا وجود مسلح غريب داخل البلدة.