IMLebanon

اللواء: «إساءة الأسمر» تتقدّم على الموازنة.. وعين باسيل على رئاسة «الإتحاد العمالي»

 

وحتى الثانية من فجر اليوم لم يكن مجلس الوزراء قد افرج عن الضوء الاخضر لخروج الموازنة من طاولته الى المجلس النيابي، وفق ما كان أمل الرئيس سعد الحريري قبيل الجلسة، حيث بدا واضحاً ان اجواء الجلسة التي انعقدت قرابة العاشرة ليلاً، لم تكن مثلما توقع ان تكون بمثابة دفع باتجاه الانتهاء من المناقشات، واتخاذ القرارات، اذ غرق الوزراء مجدداً في نقاش ورقة الوزير جبران باسيل، على الرغم من ان وزير المال علي حسن خليل كان قد وزع على الوزراء منذ الجمعة الماضية مشروع الموازنة الجديدة بارقامها المستخلصة من مداولات الجلسات الاربعة عشرة، تمهيداً لبدء النقاش فيها، لكن الاصرار على الانتهاء من ورقة باسيل، حتم ارجاء موضوع الارقام الى اليوم، تحت وطأة وجهة نظر باسيل بأن المجلس لم ينجز سوى نصف النقاط المطروحة في ورقته وان النقاش توقف الجمعة عند موضوع الاتصالات نتيجة التباين الذي حصل مع الوزير محمد شقير، معتبرا ان مقترحاته يمكن ان تخفض العجز في الموازنة الى ما نسبته 7 في المائة، فيما يستبعد وزير المال ذلك، ويؤكد ان مشروع الموازنة الجديدة التي نقح كل ارقامها اوصلت نسبة العجز الى 8،5 في المائة، ويعتبر هذا الرقم مقبولاً.

وكان الوزير خليل اعلن في مقابلة مع «رويترز» اكتتاب لسندات الخزينة بالعملة اللبنانية بقيمة 11 الف مليار ليرة، اي ما يعادل 7،3 مليارات دولار بفائدة 1 في المائة، مشيرا الى ان اكتتاب المصارف بضمان مصرف لبنان سيوفر على الخزينة الف مليار ليرة، وهو الرقم الذي كان اقترحه باسيل لتخفيض خدمة الدين من قِبل المصارف.

واذا بقيت الاجواء هكذا وسط تشكيك بعجز مستحكم يحيط بانجازها قريباً، فإن مصادر مطلعة لا تتوقع ان تخرج الموازنة قبل الغد في طريقها الى القصر الجمهوري، وسيعود مجلس الوزراء الى استئناف التشريح في جلسة تعقد بعد ظهر اليوم، على ايقاع دعوات للتظاهر والاعتصام عند الساعة الثالثة من بعد الظهر في ساحة رياض الصلح، رفضاً للمس بحقوق المواطنين ومكتسباتهم وتعويضاتهم الشهرية، واللافت في الحراك انه سيكون بشكل موحد، حيث عمد الاساتذة المتعاقدون في التعليم الاساسي الى استبدال تحركهم في الزمان والمكان الى الثالثة بعد الظهر تعبيراً عن تكاتفهم مع الروابط والهيئات المنضوية ضمن هيئة التنسيق النقابية التي تعود للاجتماع اليوم بعد الاعتصام لتقرير الخطوات المقبلة.

وانضمت الى التحرك اليوم نقابة معلمي المدارس الخاصة التي اعلنت الاضراب عن التدريس رفضاً لما وصفوه فصل التشريع بين القطاعين العام والخاص.

الحريري في افطار «المستقبل»

وكان الرئيس الحريري، قد نفى في الكلمة التي القاها غروب امس في افطار تيار «المستقبل» ان يكون مجلس الوزراء تأخر في اقرار الموازنة، وان مناقشات الوزراء تكرر نفسها، لافتاً الانتباه الى ان العمل على موازنة العام 2019 ليس عملاً عادياً، مؤكداً «بأننا نعمل على وضع الاسس الكاملة لاصلاح مالي جدي للسنوات الخمس المقبلة، ووضع المبادئ التي يجب ان يتم اعتمادها في موازنات العامين 2020 و2021 ايضاً وما بعدهما».

واذ أمل بأن تعطي الجلسة المسائية التي عقدها مجلس الوزراء ليلاً دفعاً في اتجاه احالة مشروع الموازنة الى مجلس النواب، قال: «ان الامور باتت بحاجة الى قرار، وان مجلس الوزراء موجود ليأخذ قراراً، وليقول لكل اللبنانيين انه لدينا فرصة لن تضيع، ولدينا خارطة طريق لوقف الهدر وضبط الانفاق وتحقيق الاصلاحات».

وتطبيقاً للمثل الذي يقول: «وجع يوم ولا وجع كل يوم» اعتبر الحريري ان «ما نستطيع القيام به الآن يجب الا يتأجل»، مشيراً الى ان اقتصادنا دفع ثمن التأجيل والتردد والهروب من الاصلاحات على مدى سنين طويلة والآن وصلنا الى حائط لا مجال الا ان نكسره وندخل الى اصلاحات جدية وسياسات مالية واقتصادية تساهم في تخفيض العجز ومعالجة الدين ووقف الهدر، قائلاً: «هكذا نحمي الاقتصاد ونحمي ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى، والتي ينتمي اليها 90 في المائة من جمهور تيار «المستقبل».

وغمز الحريري من قناة «حزب الله» من دون ان يسميه، منتقداً التهجم على المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات، وقال: «الاهانة تجر اهانة والتهجم يجر تهجماً، واذا كان مطلوب من أحد ان يقدم فواتير لدولة خارجية (في اشارة الى ايران) فليقدمها من حساب هذه الدول وليس من حساب اللبنانيين، لافتا الى ان التوافق على مبدأ النأي بالنفس وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية كان هدفه حماية لبنان من صراعات المنطقة، والاصرار على خرق هذا المبدأ دعوة مباشرة لضرب مصالح لبنان واللبنانيين بالدول العربية، خاصة في ظل اجواء التوتر السائدة في المنطقة والاعتداءات التي تستهدف الامارات والسعودية.

وكان الحريري يشير بذلك، الى ما اعلنه سفير دولة الامارات في بيروت حمد الشامسي، خلال افتتاحه مسجداً في كفرحمام في العرقوب، من ان نصف الجالية اللبنانية في الامارات هم من اهل الجنوب، وان ما نسمعه من كلام مغرض حول موضوع الموقوفين اللبنانية الثمانية هو كلام غير صحيح، وان سفارة لبنان في ابوظبي لديها الحيثية الكاملة عن الموضوع، وان الامارات هي دولة القانون والسيادة.

استقالة الاسمر

وجاءت اشارة الرئيس الحريري، في ختام كلمته عن شعوره بالاهانة والخجل من كلام رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر في حق البطريرك الراحل نصر الله صفير بمثابة تأكيد على ان «زلة لسان» الاسمر اصبحت قضية رأي عام تجاوزت الابعاد الطائفية، مع انها مسألة طائفية باعتبارها مسّت رمزاً كبيراً من رموز الطائفة المارونية، ويبدو انه من هذه الزاوية تم توقيفه السبت من قبل النيابة العامة التمييزية بتهمة المس بالسلم الاهلي وتعريض البلاد لفتنة، رغم انه لا يوجد في هذه القضية نزاع طائفي كون الاسمر مارونياً.

وفي رأي مصادر قانونية ان كلام الاسمر في حق البطريرك صفير سقطة اخلاقية بامتياز، لكن توقيفه بتهمة المس بالسلم الاهلي نقطة خلافية على الصعيد القانوني، وتعتقد هذه المصادر ان تحريك القضاء جاء لمسايرة المزاج العام، وجاء توقيفه لتنفيس غضب الرأي العام، والذي عبّر عنه مارونياً البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي اعلن ان ابواب بكركي ستبقى مقفلة امام الاسمر الى حين تكفيره وتعويضه عن خطيئته بما يحفظ كرامة قدسية وفاة البطريرك صفير واللبنانيين، كما عبّر عنه اسلامياً الرئيس الحريري عندما قال انه شعر بالاهانة كاخوانه الموارنة وبالخجل بأن في بلدي اشخاصاً يفكرون بهذه الطريقة ويخرج منهم مثل هذا الكلام.

ووفق معلومات «اللواء» فإن مجلس الوزراء ناقش في مستهل جلسته المسائية مسألة مصير الاسمر ورئاسة الاتحاد العمالي، ولم يخل النقاش من مزايدات بين ممثلي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، فيما تدخل وزراء آخرون معتبرين ان مسألة خلافة الاسمر قضية نقابية لا علاقة بمجلس الوزراء فيها.

وتبلغ المجلس ان هيئة مكتب المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي ستعقد ظهر اليوم اجتماعاً طارئاً برئاسة نائب الرئيس حسن فقيه للبت بالاستقالة التي تقدم بها الاسمر  من مكان سجنه في قصر بعبدا، نزولاً عن رغبة اكثرية اعضاء هيئة المكتب المؤلفة من 12 عضواً التي تمنت على الاسمر بأن يقدم استقالته بملء ارادته ومن تلقاء نفسه كي نتجنب اقالته او عزله من منصبه، خصوصاً وان هناك اتجاهاً لدى القضاء لاطلاق سراحه اليوم، على ان يحاكم بعد ذلك وفق ما تقتضيه الاصول القانونية، على اعتبار ان تهمة القدح والذم لا تستوجب توقيفاً، بحسب وكيله.

وبحسب المعلومات فإن منصب الاسمر سيؤول الى نائبه فقيه في المرحلة الراهنة، وسيتم تشكيل لجنة طوارئ لمواجهة الظروف الاستثنائية التي يمر بها الاتحاد العمالي، وحتى اجراء انتخابات تؤدي الى انتخاب رئيس جديد وهيئة جديدة، مع العلم ان الصراع على رئاسة الاتحاد فتح قبل ان يتم عزل الاسمر، وهو ما تأكد بعد زيارة وفد «التيار الوطني الحر» برئاسة الوزير جبران باسيل الى بكركي امس، حيث اكد من هناك انه لن يعترف بهذا الموقع (رئاسة الاتحاد) وبالشكل الذي هو فيه الى حين تصحيح الوضع القائم، معلناً انه وبما يمثل يقاطع هذا الموقع حتى يقوم اصحابه، بالمراجعة اللازمة في حسن التمثيل من زاوية الميثاقية والشراكة»، والمقصود هنا بالطبع، الزاوية اياها التي اوصلت «التيار الحر» الى الرئاسة الاولى واعطته حصة وازنة في الحكومة والمجلس النيابي».

وفي تقدير مصادر سياسية ان طموح التيار للمطالبة برئاسة الاتحاد العمالي يطرح مسألة بالغة الخطورة يتعين على المكتب التنفيذي للاتحاد ان يعالجها بعد ان تتوضح سيرورة الموقف، مع العلم ان فريقاً من الاتحاد المعروف بقربه من حركة «امل» كان يميل الى دعوة القضاء ليقوم بعمله واعتبار اساءة الاسمر خطأ شخصياً لا علاقة للاتحاد به كمؤسسة مكونة من اتحادات ونقابات لمتابعة شؤون العمال والموظفين، وحتى لا يتعطل دور الاتحاد في هذه المرحلة التي تعمل فيها الحكومة على اقرار موازنة اصلاحية، بحسب رئيس اتحاد ونقابات النقل البري بسام طليس الذي اعتبر ان كلام الاسمر مسيء ومرفوض، داعياً لاستمرار العمل بمؤسسات الاتحاد العمالي الذي لا يختصر بشخص».

تجدر الاشارة الى ان اتحادات عمالية عديدة اعلنت تعليق عضويتها في الاتحاد رفضاً لكلام الاسمر، كما اعلن وزير الاقتصاد منصور بطيش انه سيفسخ اليوم عقد العمل مع الاسمر في اهراءات بيروت، بصفته طبيب اسنان.

جبق في جنيف

وبعيداً عن قضية الاسمر وتداعياتها، يعود اليوم الى بيروت مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد ساترفيلد حاملاً معه الجواب الاسرائيلي على الطرح اللبناني من مسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية، فيما توجه امس الى جنيف وزير الصحة جميل جبق لحضور اجتماعات الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية، معلناً انه تمكن من خلال حيازته على ثقة اللبنانيين والتزام الشفافية في عمل وزارة الصحة من تجاوز الهواجس الدولية والاميركية التي تحدثت لدى تسلمه منصبه عن امكان تحويل اموال الوزارة وما تحصل عليه من دعم لصالح «حزب الله».

وقال في مقابلة مع وكالة «الاسوشيتدبرس» الأميركية ان «حزب الله» عمد بدوره الى ضمان عدم تأثير العقوبات المفروضة عليه على وزارة الصحة من خلال الاتفاق مع رئيس الجمهورية على اختيار شخص حائز على ثقة الحزب انما غير حزبي ليتولى مهام الوزارة.

وفي السياق، اشار تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» الاميركية الى ان العقوبات التي فرضها الرئيس الاميركي دونالد ترامب على التجارة مع ايران العام الماضي اضعفت من قدرتها على تمويل حزب الله الذي يعتبر ابرز وكلاء طهران في المنطقة.

ونقلت الصحيفة عن عدد من مسؤولي الحزب واعضائه من دون تسمية احد، ان ايرادات الحزب هبطت بشكل غير مسبوق مما اجبره على اجراء تخفيض كبير على النفقات ومنها منح عدد من مسلحيه اجازات او تسريحهم من الخدمة او احالتهم الى الاحتياط، ووقف الامتيازات السابقة التي تمتعوا بها مثل الوجبات وقسائم الوقود والمواصلات، وكشفت كذلك ان الحزب بصدد اغلاق تلفزيون «المنار» وتسريح موظفيه، علاوة على ذلك تم سحب الكثير من مسلحي الحزب من سوريا، لكنه ابقى على مخصصات اسر قتلاه في سوريا او في المواجهات مع اسرائيل.