IMLebanon

الحقائب السياديّة تفتح شهيّة الكتل.. والتأليف يسابق الوقت

الحقائب السياديّة تفتح شهيّة الكتل.. والتأليف يسابق الوقت

الحريري الی بعبدا بعد انتهاء الإستشارات ونصر الله يفِّوض برّي ويطالب تكتُّل الإصلاح بالوفاء له

تنتهي استشارات التأليف غير الملزمة اليوم، للوقوف على مطالب الكتل النيابية، ليس حول شكل الحكومة التي سيشكلها الرئيس سعد الحريري بل حول الحقائب والمطالب المتعلقة بها، بعدما سال لعاب الكتل ورؤسائها والأحزاب التي تقف وراءها لالتهام ما يمكن التهامه مع تسليم هؤلاء بأن فترة السبعة أشهر لعمر حكومة الانتخابات لا تستأهل معارك على الحصص، وإن ادرجها البعض في إطار ربط نزاع لمرحلة ما بعد الانتخابات، بعدما برزت في الأفق معالم مرحلة سياسية محلية، ولبنانية – دولية، حيث يتأكد يوما بعد يوم، ان «الانفراجة السحرية» بانتخاب الرئيس وتأليف الحكومة، وتبدل المناخ السياسي في لبنان، بحيث حلت التهدئة محل التصعيد، وانضوى الجميع في بوتقة احياء المؤسسات وتحييد لبنان عن الأزمات المشتعلة في المنطقة، سواء في حلب أو الموصل أو مدن وجبهات اليمن، ثابتة وصلبة في مسيرة يتعاون فيها الاقوياء في الطوائف لمنع اهتزاز الصيغة، والحفاظ على مرتكزات دولة لبنان الكبير، في ظل تلاعب بالخرائط من المتوقع ان تتوضح معالمه بعد انتخابات الرئاسة الأميركية التي تبدأ الثلاثاء المقبل.

وتلخص مصادر نيابية واسعة الاطلاع اليوم الأوّل من استشارات الرئيس الحريري في مجلس النواب والروح العامة لها بأنها متعاونة ومتفائلة وعلى قناعة بأن مرحلة جديدة من الوفاق الذي أنتج الرئيس وأسهم في تكليف صاروخي للرئيس الحريري، انطلقت مع سقوط المحاذير والحواجز، وتقديم ما يلزم من تسهيلات بتسمية الرجل الذي لاقى حلف «حزب الله» – عون عند منتصف الطريق، وأوصل رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» إلى قصر بعبدا، وأعاد الرئيس الحريري إلى السراي الكبير، فيما عوم هذان الحدثان دور الرئيس نبيه برّي المحوري في عملية تأليف الحكومة والتفاوض بأسم «حزب الله» أيضاً على الحصة الشيعية في الحكومة العتيدة، علماً أن  محاولة «التيار الوطني الحر» لتنظيم الحشد الشعبي في «قصر الشعب» غداً الأحد توحي بخلاف ذلك، من خلال تصوير ان الشعب هو الذي فرض عون رئيساً.

وإذا كانت الأوساط المعنية بالتأليف أكدت ما نشرته «اللواء» عن الخطوط العريضة لحكومة الرئيس الحريري الثانية، فإنها حددت مهلة زمنية لولادة الحكومة تنطلق من أسبوعين، مرّ منهما أربعة أيام ولا تتجاوز الأربعة أسابيع.

ورأت هذه الأوساط ان تفاهما ما حصل بين الرئيسين ميشال عون والحريري على بذل الجهود القصوى لإصدار مراسيم الحكومة بين 20 و21 الجاري، أي خلال أسبوعين أو ثلاثة.

وكشف مصدر مطلع على الاتصالات الجارية لـ«اللواء» ان تفاهماً حصل أيضاً على عدم المس بالتوزيع الطائفي الحالي للحقائب السيادية، وتحرير الوزارات الخدماتية والعادية من هذا المعيار.

ورأى هذا المصدر ان الاهتمام الدولي والعربي بلبنان يُشكّل حافزاً لرئيس الجمهورية والحكومة للاحتفال بعيد الاستقلال، في ظل حكومة مؤلفة، وأن كان ليس من السهل ان تمثل امام مجلس النواب وتنال الثقة قبل العيد.

وفي السياق، نفت مصادر دبلوماسية روسية المعلومات التي تحدثت عن موفد روسي سيصل إلى بيروت خلال ساعات للتحضير لزيارة مسؤول روسي رفيع.

وكانت الخارجية الأميركية قالت في بيان لها بعد تكليف الرئيس الحريري ان «الولايات المتحدة الأميركية تدعم السلام والاستقرار في لبنان، وهي ستقدم ما يلزم من مساعدات تصب في هذا الاتجاه»، فيما توقف بيان الخارجية الفرنسية عند الحوار الجاري عبر فرنسا مع كل من بيروت والرياض لإحياء برنامج المساعدات السعودي لتسليح الجيش اللبناني بسلاح فرنسي.

وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية روسان نادال، أمس، ان «صفقة دوناس (وهو التعبير الفرنسي للمنحة السعودية لتسليح الجيش) تشكّل استجابة للاحتياجات الحالية للقوات المسلحة اللبنانية، مذكراً بالمخاطر التي على لبنان مواجهتها في إطار إقليمي غير مستقر».

وفي ما خص عمليات التأليف، لاحظ دبلوماسي غربي ان مهمة الرئيس الحريري بتأليف الحكومة ربما تستغرق وقتاً نظراً للتعقيدات والانقسامات السياسية في لبنان، مستبعداً ان تكون عملية التشكيل سهلة، بسبب شهية المستوزرين ورفع سقف المطالب، ومطالبة العهد والرئيس المكلف بتسديد فواتير الدعم والانتخاب.

اما وزير الخارجية الفرنسية جان – مارك ايرولت فشدد في تصريح له على العمل السريع من أجل حكومة جامعة في لبنان، معتبراً ان تشكيل مثل هذه الحكومة ضروري للخروج من الأزمة التي يمر بها لبنان، لكي يرد على التحديات التيتواجهه، ولكي تساعده الأسرة الدولية بشكل أفضل.

نصر الله

وبالتزامن مع اليوم الأول من الاستشارات قدّم الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله مراجعة ومطالعة «إرشادية» لما يمكن أن يستقر عليه الوضع الحكومي.

فبعد أن غمز من قناة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لجهة ما تداوله من مواقف من أن «حزب الله» كان يريد الفراغ ولا يريد انتخاب عون، كشف عن أن لا تفاهمات ولا اتفاقات مع الرئيس المنتخب، وكل ما في الأمر أن الثقة هي التي تحكم العلاقة مع عون الذي يسكن بعبدا اليوم، واصفاً إياه «بالجبل» وهو لا يستأثر إلا بما يراه مناسباً.

ولم ينسَ السيّد نصر الله أن يوجه التفاتة خاصة للنائب سليمان فرنجية الذي يؤتمن على المقاومة والوطن، واصفاً إياه «بالحليف الشريف».

وفي إطار الرسائل التي وصفت بأنها ذات دلالة، التنويه بأداء الرئيس تمام سلام والإشادة بدور الرئيس برّي في إدارة جلسة انتخاب عون، معتبراً أنه «ضمانة وطنية كبرى في الزمن الصعب».

وبعد أن أعلن كل الثقة بإدارة العماد عون للعهد بكفاءة عالية، توقف عند تأليف الحكومة، داعياً إلى انتظار ما سيعلنه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد بعد لقاء الرئيس الحريري، كاشفاً عن تسهيلات قدّمت لكي يحصل تكليف الرئيس الحريري، وذكّر «التيار الوطني الحر» بأن حركة «أمل» و«حزب الله» ربطا مشاركتهما في الحكومات السابقة عندما كانت تجري مفاوضات التأليف بمشاركة التيار، وقال «ما لم تُشارك حركة «أمل» فنحن لن نشارك في الحكومة».

وأكد أن «من حق الرئيس برّي على «التيار الوطني الحر» إذا لم تشارك حركة «أمل» في الحكومة أن لا يُشارك التيار الوطني بها»، معلناً أن المعني بالمفاوضات للتفاوض على الحكومة والحقائب الوزارية عن «حزب الله» وحركة «أمل» هو الرئيس برّي فقط، وأن «حزب الله» لن يفاوض على أي شيء في الحكومة».

وقال: «يمكن أن يقول أحد أن «حزب الله» و«أمل» وسوريا لا يريدون للرئيس الحريري أن يؤلف الحكومة، وهذا غير صحيح.

وأكد الأمين العام لحزب الله، في احتفال تكريم لأحد قيادييه مصطفى شحادة في زقاق البلاط، أن من سهّل التكليف حريص على أن يكون هناك تأليف بأسرع وقت.. ونحن نريد للحكومة أن تؤلّف وتنجح».

ولاحظ مصدر نيابي في 14 آذار أن رسالة السيّد نصر الله التي جاءت في توقيت مناسب لبنانياً، تؤكد أن حزب الله لن يفرّط بالعهد، ولا بالرئيس برّي، ولن يعرقل مهمة الرئيس الحريري.

مشاورات اليوم الأول

فكيف كانت حصيلة مشاورات اليوم الأول في ساحة النجمة؟

1- على صعيد الكتل المسيحية: حزب الكتائب أعلن أنه تلقى عرضاً للمشاركة في الحكومة وهو يدرس الموقف الذي يتوقع أن يكون إيجابياً، و«القوات» طالبت على لسان النائب جورج عدوان بحقائب ثلاث: سيادية وخدماتية وعادية، وفقاً لما أشارت «اللواء» أمس.

إلا أن النائب فرنجية الذي اعتبر أن استدعاء الرئيس عون له للمصارحة من شأنه أن يطوي صفحة الاستحقاق الرئاسي وما انتابها من مؤشرات سلبية، غمز من قناة عدم المشاركة في الحكومة إذا ما عُرضت عليه وزارة دولة، في وقت تحدثت أوساط قريبة منه من أنه يرغب بالحصول على إحدى الوزارتين العمل أو الشؤون الاجتماعية.

أما تكتل «الاصلاح والتغيير» الذي آلت رئاسته إلى الوزير جبران باسيل، فإنه ماضٍ في تكريس فصل حصة الرئيس عن حصة التيار، بمعنى انتزاع نصف الحصة المسيحية في الحكومة الثلاثينية.

2- وعلى صعيد الكتل الإسلامية، وحده النائب وليد جنبلاط بدا قنوعاً، فهو كشف أنه طلب الحد الأدنى من الرئيس الحريري، فيما المعروف أن الثنائي الشيعي يرغب في الحفاظ على الوزارات التي تكرّست عبر الحكومات السابقة، لا سيما وزارة المال، حيث أكدت مصادر مطلعة أن لا مشكلة في أن تبقى مع حركة «أمل»، في حين أشار الرئيس فؤاد السنيورة إلى ضرورة المداورة في الحقائب بحسب النظام الديمقراطي، بعدما تعذّرت بعدم إجراء الانتخابات النيابية.

وينتظر أن تتبلور المواقف أكثر اليوم مع انتهاء المشاورات مع كتلة «المستقبل» النيابية و«الوفاء للمقاومة» والنواب المستقلين، ثم يتوجّه الرئيس الحريري إلى بعبدا لإطلاع رئيس الجمهورية على نتائج مشاوراته.

قصر الشعب

وفي سياق استعادة «مشهدية قصر الشعب» التي دعا إليها «التيار الوطني الحر» أمس لتكون عنوان الحشد الذي ينظمه غداً في قصر الشعب، حيث ستكون كلمة للرئيس عون، متوجهاً إلى الحشد قائلاً: «يا شعب لبنان العظيم»، أكّد رئيس الجمهورية أمس، ان جميع مكونات الشعب اللبناني التقت على تبني خطاب القسم، والتزام تحقيق ما ورد فيه خلال ولايته الرئاسية، معتبراً ان جمع اللبنانيين حول سياسة داخلية وطنية سيليه جمعهم حول سياسة خارجية واحدة أيضاً بعد تذليل كل التعقيدات التي تعترض تحقيق ذلك حتى الآن، في إشارة إلى الانقسام حيال تورط «حزب الله» في الحرب السورية.

وشدّد عون خلال استقباله سفراء مجموعة الدعم الدولية، على ان تطبيق القوانين هو المعيار الوحيد الذي يرسم حركة الدولة ومؤسساتها، سواء كانت أمنية أو إدارية لإنهاء حالة التراخي، مشيراً إلى ان أولويات المرحلة المقبلة هي إنجاز قانون جديد للانتخابات النيابية التي سوف تجري في موعدها في شهر أيّار المقبل (راجع ص2).