IMLebanon

إلتزام عربي بصيغة لبنان وإستقرار يُبقي الأزمة في الإطار السياسي

إلتزام عربي بصيغة لبنان وإستقرار يُبقي الأزمة في الإطار السياسي
السفير السعودي في بيروت.. ونصر الله يمهِّد لمراجعة دور الحزب الإقليمي

بين الشرح والتحذير من الذهاب إلى مجلس الامن لمواجهة إيران، والتأكيد على الحرص العربي على استقرار لبنان وتفهم خصوصية تركيبته والقرار باحترامها، والرد اللبناني الذي تراوح بين رفض تحميل لبنان مسؤولية الخلافات العربية، أو الإقليمية أو نعت حكومته بالارهاب، في بعبدا، والعتب والاستياء الذي سمعه أمين عام الجامعة العربية احمد أبو الغيط في عين التينة أنهى الموفد العربي «مهمة دبلوماسية» شاقة، وإن كان أوضح انه حضر إلى لبنان للمشاركة في اجتماعات الجامعة مع اللجنة الاقتصادية – الاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة.
والاهم ان أبو الغيط كشف طبيعة الرسالة التي نقلها إلى كبار المسؤولين من ان «لا أحد يبغي الاضرار بلبنان، ولا يمكن القبول بأن يكون لبنان مجالاً لمثل هذا الوضع».
في مثل هذا الجو، وفي خضم التحضيرات لاحياء عيد الاستقلال الـ74، حيث يقام عرض عسكري يترأسه الرئيس ميشال عون ويشارك فيه الرئيسان نبيه برّي وسعد الحريري، الذي يصل إلى بيروت آتياً من مصر، حيث سيستقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عند الساعة السابعة من مساء اليوم ليشكره الرئيس الحريري على مواقفه، ودعمه للاستقرار اللبناني، والمرحلة التي ستلي قرار مجلس الجامعة العربية، واستقالة الرئيس الحريري.
وعلمت «اللواء» ان الاستقبال يقتصر على الرئيسين فقط.
وفي تطوّر داخلي، متصل بالبحث عن ترتيبات تسمح بتجاوز الأزمة الناجمة عن استقالة الرئيس الحريري، شكلت إطلالة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في معرض التعليق على التطورات، ومن ضمنها قرار المجلس الوزاري العربي، اعتبار حزب الله «تنظيماً ارهابياً» يدعم بالسلاح، ويتدخل في دعم الأعمال الإرهابية في الدول العربية، مناسبة لاطلاق سلسلة مواقف تصب في إطار البحث عن مخارج، ووصفت بأنها غير مسبوقة في أدبيات الحزب، وتهدف للحفاظ على صيغة التسوية والاستقرار.
فحزب الله نفى على لسان أمينه العام، وبصورة رسمية، ان يكون ارسل أسلحة إلى اليمن أو البحرين، معلناً عن الاستعداد لسحب قواته من العراق، بعد هزيمة «داعش» في هذا البلد، مشيراً إلى ان «لا علاقة لأي رجل من حزب الله بإطلاق الصاروخ الباليستي» على الرياض..
توضيحات ابو الغيط
وفي تقدير مصادر عربية مطلعة ان المحادثات التي أجراها أبو الغيط في بيروت، مع الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي، هدفت الى التخفيف من وطأة الصدمة التي احدثتها قرارات مجلس الجامعة بخصوص الانتهاكات الإيرانية وتدخلها في الشؤون العربية، ولا سيما البند التاسع الذي أوصى باتهام الحكومة اللبنانية بأنها شريكة في الأعمال الإرهابية لحزب الله، بعد الاعتراض الذي سجله مندوب لبنان لدى الجامعة السفير انطوان عزام.
ومع ان زيارة أبو الغيط إلى بيروت، كانت مقررة اساساً قبل اجتماع مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية العرب، بطلب من المملكة العربية السعودية، للمشاركة في اجتماعات الجامعة مع اللجنة الاقتصادية – الاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة «الاسكوا»، وحضور مؤتمر اتحاد المصارف العربية اليوم، فإنه رغب في ان ينقل للرئيسين عون وبري طبيعة المداولات التي جرت في اجتماعات وزراء الخارجية العرب والمواقف التي صدرت عن هذه الاجتماعات، مؤكداً حرص الدول العربية على سيادة لبنان واستقلاله ودوره وعلى التركيبة اللبنانية الفريدة، ورفض إلحاق الضرر به، لافتاً إلى ان «لا أحد يبغي أو يمكن ان يقبل أو يرغب في إلحاق الضرر بلبنان ذي التركيبة الخاصة والخصوصية المعينة»، مشيراً إلى انه «اذا كان القرار يتضمن بعض المواقف في ما يتعلق بطرف لبناني (حزب الله) فليس ذلك بالأمر الجديد، بل هو أمر موجود منذ أكثر من سنتين، ملاحظاً بأن الاشارة الى الحكومة اللبنانية أتت ضمن الإشارة الى المشاركة وليس المقصود بها لبنان ككل».
وأعطى أبو الغيط مزيداً من الايضاحات، حول فقرة «حزب الله» الشريك في الحكومة اللبنانية بالقيام باعمال إرهابية، عندما كشف بأنها «وسيلة ملتوية بشكل غير مباشر لمطالبة الدولة اللبنانية أو الحكومة اللبنانية بالتحدث إلى هذا الشريك واقناعه بضبط ادائه وايقاعه على الأرض العربية وبما لا يؤدي الى تحالف مع قوى غير عربية»، بحسب تعبير أبو الغيط الذي قال ان هذا هو المقصود.
غير ان هذه التوضحيات لم تؤد المطلوب منها على الصعيد اللبناني الرسمي على الأقل، إذ اعتبر الرئيس عون ان «لبنان لا يمكن ان يقبل الايحاء بأن الحكومة اللبنانية شريكة في أعمال إرهابية، وأن الموقف الذي اتخذه مندوب لبنان الدائم لدى الجامعة في القاهرة يعبر عن إرادة وطنية جامعة». وأكّد عون، بحسب مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، ان لبنان واجه الاعتداءات الإسرائيلية التي تعرض لها منذ العام 1978 وحتى العام 2006 واستطاع تحرير أرضه، فيما الاستهداف الإسرائيلي لا يزال مستمراً، ومن حق اللبنانيين ان يقاوموا ويحبطوا مخططاته بكل الوسائل المتاحة.
وقال ان لبنان «ليس مسؤولاً عن الصراعات العربية أو الإقليمية التي تشهدها بعض الدول العربية، وهو لم يعتد على أحد، ولا يجوز بالتالي تحميله ثمن هذه الصراعات من استقراره الأمني والسياسي، لا سيما وانه دعا دائماً إلى التضامن العربي ونبذ الخلافات وتوحيد الصف.
اما الرئيس برّي، فقد اسمع ضيفه أبو الغيط نفس المواقف تقريباً، مذكراً اياه بعشرات القرارات التي صدرت عن الجامعة العربية، على مستوى قمم أو وزراء والتي تؤكد حق المقاومة في التحرير وتدعم لبنان في مقاومته ضد إسرائيل أو أي اعتداء عليه، لافتاً نظره إلى ان القرار بعنوان الحكومة اللبنانية غير موفق على الإطلاق، ان لم اقل انه مسيء في ظرف التموج الحكومي الحاضر.
وكان برّي علق على مقررات اجتماع القاهرة، قبيل استقباله أبو الغيط بنحو ساعة، قائلاً عبر حسابه على «الفايسبوك»: «شكراً وعذراً، الشكر لله، وعذراً اننا في لبنان قاتلنا إسرائيل».
إلى ذلك، أوضحت مصادر مطلعة على لقاء عون – أبو الغيط، ان أمين عام الجامعة العربية كرّر ثلاث مرات على مسامع الرئيس عون ان القرار الذي صدر عن الاجتماع الوزاري ليس موجها ضد لبنان وشعبه إنما ضد الطرف المساقة بوجهه الاتهامات أي إيران.
وقالت المصادر إن ابو الغيط أكد أن جميع الأطراف تدرك أن للبنان وضعا داخليا صعبا نتيجة الصدام الحاصل وان الدول العربية ليست في وارد أقحامه في الصراع الإقليمي كما عبر عن تفهمه للموقف اللبناني الذي اتخذ في الاجتماع.
وأشار ابو الغيط إلى أنه سيصار إلى تكليف مجموعة من وزراء خارجية الدول العربية (المملكة العربية السعودية، مصر، البحرين والإمارات ) بزيارة نيويورك لاطلاع الأمم المتحدة على القرار الذي صدر. وفهم أن توجها برز في الاجتماع لتقديم شكوى مستعجلة ضد إيران في مجلس الأمن.
وذكرت المصادر أن الأطراف المشاركين ركزوا على أهمية المحافظة على الاستقرار في لبنان. وقالت إن الرئيس عون أشار أمام ضيفه إلى المناخات التي سادت في المنطقة وبروز حركة للمتطرفين منبها من خطورة هؤلاء.
وكشفت أن رئيس الجمهورية أكد أن لبنان لا يمكن أن يكون ساحة تنطلق منه أي فتنة طائفية وهذه مسألة التزم بها لبنان منذ العام 2005. وعلم أن الرئيس عون سأل أبو الغيط عن الحكمة من استهداف لبنان في هذا الظرف وهو الذي يستضيف مليوني نازح سوري ولاجئ يشكّلون ما يشكلونه من ضغط اقتصادي وتربوي وصناعي على بنية لبنان وشعبه ولبنان يتحمل العبء بمفرده من دون أي مساعدة.
وعلمت «اللواء» أن الكلمة التي سيتوجه بها الرئيس عون إلى اللبنانيين اليوم عشية ذكرى الاستقلال ستركز على معنى المناسبة وضرورة الاحتفال بها والتأكيد على رمزيتها. كما علم أن الرئيس عون سيتناول الظروف السياسية الراهنة وموضوع استقالة الرئيس الحريري وما رافقها من ملابسات والتركيز على الدعم الدولي الذي برز في الأزمة الأخيرة فضلا عن أزمة النازحين السوريين والوضع في الجنوب. كما سيتطرق الرئيس عون إلى مختلف الأوضاع العامة.
الحريري في بيروت
في هذه الاثناء، يتهيأ الرئيس سعد الحريري للعودة إلى بيروت مساء اليوم أو صباح غد الأربعاء، بعد زيارة قصيرة للقاهرة يلتقي خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لشكره على دور مصر في تخفيف التوتر الذي احاط بأزمة استقالته. ومن المؤكد ان يُشارك الرئيس الحريري غدا في العرض العسكري الذي سيقام في جادة شفيق الوزان في وسط بيروت، إلى جانب الرئيسين عون وبري، مثلما أعلن المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية، ومن ثم ينتقل الرؤساء الثلاثة إلى قصر بعبدا لاستقبال المهنئين بعيد الاستقلال مثلما جرت العادة كل سنة.
وبحسب المعلومات، فإنه سيجري عند الساعة الواحدة من بعد ظهر الأربعاء، تنظيم استقبال شعبي يتوقع ان يكون حاشدا للرئيس الحريري في باحة «بيت الوسط» من قبل تيّار «المستقبل» واتحاد جمعيات العائلات البيروتية التي وجه رئيسه محمّد عفيف يموت دعوات إلى أهل بيروت المحروسة إلى المشاركة الحاشدة والشاملة في استقبال الحريري وتجديد الثقة به والاعراب عن الوفاء لصاحب شعار «لبنان اولاً».
وليلا نظمت مجموعة تطلق على نفسها «الاوفياء للشيخ سعد» مسيرة سيّارة في شوارع الطريق الجديدة وصولا إلى بيت الوسط، ورفع المشاركون في المسيرة اعلام تيّار «المستقبل» وصور الحريري.
وذكرت معلومات العاصمة الفرنسية، ان الرئيس الحريري، انهى مساء أمس حركة المشاورات والاجتماعات التي عقدها على مدى يومين مع فريق عمله والمستشارين، بخصوص وضع الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة، والتي فهم انها ستتركز اساسا على التمسك باستقالة الحكومة، استنادا إلى الأسباب التي ذكرها في البيان الذي اذاعه من الرياض بعنوان «النأي بالنفس»، إضافة إلى البحث بظروف اجراء تسوية سياسية جديدة، يمكن من خلالها تشكيل حكومة جديدة برئاسة الحريري، في حال قبل «حزب الله» ان يكون خارجها، والا فإنه سيبقى مكلفا من دون تأليف الحكومة إلى حين اجراء الانتخابات النيابية، في المواعيد المحددة لها، بحسب ما أكّد مساء أمس وزير الخارجية جبران باسيل في خلال إعلان اقفال أبواب التسجيل للبنانيين المنتشرين في ديار الاغتراب، حيث تجاوزت التقديرات لارقام المسجلين الـ90 ألف مغترب.
وسجل مساء أمس خروج الرئيس الحريري للمرة الأولى من منزله الباريسي، لتناول العشاء في أحد مطاعم العاصمة الفرنسية، في حين علم ان عقيلته السيدة لارا غادرت باريس أمس عائدة إلى الرياض، وكذلك غادر نجله البكر حسام عائدا إلى لندن لمتابعة دروسه، وكذلك عاد إلى بيروت وزير الداخلية نهاد المشنوق، فيما نشر الوزير غطاس خوري عبر صفحته الخاصة على «تويتر» صورة تجمعه مع الحريري ارفقها بعبارة «الوفاء للاوفياء»، وفي إشارة واضحة إلى غدر يمكن ان يكون تعرض له الحريري ممن كان يعتبرهم بالاصدقاء، وهو التعبير الذي استعمله خوري قبل أيام في تغريدة طاولت «من كان يعتبره صديقا».
السفير السعودي الجديد
وسط هذه الأجواء، وفي مؤشر إلى العودة السعودية القوية إلى الساحة اللبنانية، وصل السفير السعودي الجديد في لبنان وليد اليعقوب إلى مطار بيروت بعد ظهر أمس، لتسلم مهامه رسميا في لبنان، واستقبله من الجانب اللبناني مدير المراسم بالتكليف في وزارة الخارجية السفير عساف ضوميط، فيما حضر إلى المطار عدد كبير من السفراء العرب الذين احاطوا بالسفير الجديد، الذي لم يشأ الإدلاء بأي تصريح.
ويترقب كثيرون اللقاء الذي سيجمعه إلى الرئيس عون أثناء تقديم أوراق اعتماده في وقت لم يُحدّد بعد.
عربيا ايضا، أجرى رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل محادثات أمس في قصر الحسينية في عمان مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، حيث تناول البحث مستجدات الازمتين اللبنانية في ضوء استقالة الرئيس الحريري والإقليمية الساخنة الذي عبر عنها بيان مجلس الجامعة العربية في القاهرة.
وأكّد الملك عبد الله وقوف الأردن إلى جانب لبنان في جهوده لتجاوز التحديات والحفاظ على وحدته الوطنية وسيادته وامنه واستقراره، فيما اعرب الجميل عن تقديره لمواقف الأردن بقيادة الملك عبدالله الداعمة لوحدة لبنان واستقراره، ومساعيه المتواصلة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، شاكرا الأردن على دعم الجيش اللبناني ومساعدته، ومؤكدا على ضرورة تعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين.
نصر الله
وفيما لوحظ ان أي تعليق لم يصدر أمس، على خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، الذي تناول فيه تطورات الاحداث في سوريا وبيان جامعة الدول العربية وأزمة اليمن، مؤكدا الانفتاح على كل حوار سيجري، رافضا الرد على اتهامه بخرق بنود التسوية، معلنا انه ينتظر عودة الرئيس الحريري «الذي هو بالنسبة لنا ليس مستقيلا إلى حين عودته»، قالت مصادر متابعة ان التطمينات التي وزعها السيّد نصرالله، بخصوص انه لم يرسل أي سلاح لليمن أو للبحرين أو للكويت أو العراق، باستثناء السلاح الذي ارسله إلى قطاع غزة مثل صواريخ «كورنيت» وانه ليس مسؤولا عن الصاروخ الذي أطلق من اليمن على الرياض، وأن لا علاقة لحزب الله، بإطلاق هذا الصاروخ أو أي صاروخ أطلق سابقا أو سيطلق لاحقا، قد تكون جزءاً من الضمانات المطلوبة فرنسياً على مستوى الرئاسة، لمعالجة الأزمة السياسية في لبنان، من خلال اجراء تعديل سياسي ما على صعيد التسوية السياسية، يكفل المجيء بحكومة جديدة، أو بقاء الحكومة الحالية.
وكانت مصادر فرنسية، أوضحت ان الدور الفرنسي في الملف اللبناني، لم ينته عند عودة الحريري من الرياض، ولا بدّ ان يتواصل عبر اتصالات يفترض ان يستكملها الرئيس ايمانويل ماكرون، خصوصا وانه كان يتخوف من حرب فعلية في المنطقة، وأن تحركه كان من أجل تجنيب المنطقة ويلات مثل هذه الحرب والنأي بلبنان عن أزمات المنطقة، ومن هنا، كان اتصاله بالرئيس الأميركي دونالد ترامب والاتصال الذي ينوي القيام به مع الرئيس الإيراني حسن روحاني.