IMLebanon

ترتيبات أوروبية لترسيم الإستقرار.. واستعجال فرنسي لتأليف الحكومة

 

تشكيلة الحريري تستبعد الكُتَّل الصغرى.. وصندوق النقد لإجراءات سريعة قبل أموال «سيدر»

أكدت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى لـ«اللواء» ان اجتماعاً عقد في العاصمة الفرنسية باريس بين الرئيس المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، بمتابعة فرنسية مباشرة، وبتكليف مباشر من الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون.

وكشفت المصادر ان الترتيبات الجارية، هي جزء واسع من ترتيبات أكبر في المنطقة، لتحصين الوضع المستقر في لبنان، بدءاً بخطوة فورية تتمثل بتأليف الحكومة الجديدة، من دون إبطاء، تمهيداً للشروع في إجراءات اقتصادية تقتضي ضبطاً مالياً فورياً وكبيراً، لتحسين القدرة على خدمة الدين العام الذي تجاوز 150٪ من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية 2017، وفقاً للبيان الصادر عن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي.

وجددت المصادر التأكيد على المعلومات التي نشرتها «اللواء» من ان الرئيس ماكرون سيزور بيروت غداة تشكيل الحكومة، على ان يكون البند الأوّل على جدول محادثاته ترسيم الحدود اللبنانية – السورية، والحدود اللبنانية – الإسرائيلية، في ضوء معلومات عن ان الجهود قطعت شوطاً على هذا الصعيد، بانتظار التفاصيل الأخيرة لمزارع شبعا.

وقالت المصادر ان زيارة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل إلى لبنان جاءت بتنسيق مباشر مع فرنسا، بهدف تأكيد الضمانات حول الاستقرار، وتقديم ما يلزم من مساعدة لتجاوز الأزمة المالية.

وتحدثت المصادر عن مروحة مصالحات عربية – عربية (قطر ودول الخليج) ومصرية – تركية في إطار الترتيبات المرتقبة في المنطقة، مشيرة إلى ان العقوبات ستستمر، على بعض القيادات لا سيما حزب الله، في إطار الدفع لمواكبة التحولات الجارية في المنطقة.

ساعات حاسمة

وفي تقدير مصادر سياسية مطلعة، بحسب ما أبلغت «اللواء»، ان الساعات الثماني والأربعين المقبلة قد تكون حاسمة لجهة اما تأليف الحكومة العتيدة، أو ان يتأخر ذلك إلى الأسبوعين المقبلين.

واستندت هذه المصادر في استنتاجها إلى الجو الإيجابي، ولكن الحذر، الذي تمخض عن لقاء الرئيسين ميشال عون والمكلف سعد الحريري في بعبدا، عصر أمس، حيث تمّ وضع نوع من «البرام» أي تُصوّر جديد لتوزيع الكتل في الحكومة، على ان تتم مراجعة هذه الكتل خلال الساعات المقبلة للوصول إلى نتائج قبل ان يتم الانتقال إلى مرحلة إسقاط الحقائب والأسماء، وهي مرحلة باتت معظم الكتل في اجوائها، وأصبحت تعلم من ستوزر لهذه الحقيبة أو تلك.

وأشارت المصادر إلى ان المشكلة تكمن اساساً في الاحجام، لكنها لاحظت انه في لقاء الرئيسين عون والحريري تمّ التوصّل إلى تُصوّر سيبلغ إلى الأطراف، ويتضمن توزيعاً لحصص الأفرقاء والكتل في الحكومة فيما بقيت مسألة تمثيل الكتل الصغيرة متوقفة على نتيجة التفاوض في توزيع الحصص.

وفهم ان حصة رئيس الجمهورية في التصور الذي جرى تداوله منفصلة عن حصة «التيار الوطني الحر»، وتردد انها تتضمن ثلاث حقائب (حقيبتان مسيحيتان مع حقيبة سنية)، فيما حصة التيار لحظت تمثيله بـ7 وزارات و«القوات اللبنانية» بأربع، لكن التيار يعارض ذلك ويطالب بأن تكون حصة «القوات» ثلاثة مقاعد وزارية، بحسب حجم مقاعدها النيابية، ولا مشكلة لديه إذا كان من بينها حقيبة سيادية، مثل وزارة العدل.

وبحسب المصادر فإن العقبتين الرئيسيتين في موضوع الحكومة، ما زالتا في نوعية التمثيل الدرزي، وكمية التمثيل المسيحي، مشيرة إلى ان الحزب الاشتراكي يتمسك بثلاثة وزراء في الحكومة، وسيجري التفاوض معه لأن يتمثل بوزيرين، ويعطى الثالث للتيار أو من حصة رئيس الجمهورية.

وأشارت إلى ان التصوّر يتضمن منح «المستقبل» وزير مسيحي، وخلا من أي تمثيل لوزراء سنة خارج سرب «المستقبل». ولم يلحظ أي تمثيل لكتلة الرئيس نجيب ميقاتي أو للطائفتين السريانية والعلوية، ولحظ وزيراً مسيحياً لتيار «المردة».

إلى ذلك، قالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«اللواء» انه يوافق على الفصل بين النيابة والوزارة في حال التزمت كل الأحزاب بالفصل، مشيرة إلى ان الساعات المقبلة في غاية الأهمية، وإذا اتسمت بالايجابية فقد تبصر الحكومة النور يوم الأحد، كاشفة بأن موضوع نيابة رئاسة الحكومة لم يحسم بعد.

وقالت محطة OTV الناطقة بلسان التيار انه تمّ تسجيل تقدّم في الملف الحكومي لكنه ليس حاسماً، وهناك قواعد لم تحترم بعد، في حين اشارت مصادر لمحطة «المنار» الناطقة بلسان «حزب الله» إلى ان الأجواء الإيجابية التي بثها الرئيس الحريري لا زالت «شعارات».

وأعربت المصادر المطلعة عن اعتقادها ان «توربو» الحريري اندفع نحو هدفه، وهو سيوظفه في الساعات المقبلة تمهيداً للخروج بنتيجة إيجابية قبل سفر الرئيس نبيه برّي إلى إيطاليا في إجازة، والمرتقبة الاثنين والثلاثاء بحسب نتائج الاتصالات، لكي يكون موجوداً قبل صدور مراسيم تشكيل الحكومة والتقاط الصورة التقليدية لها.

وحرص الرئيس الحريري بعد لقاء الرئيس عون والذي استمر ساعة على تأكيد استمراره في التفاؤل، مبدياً اعتقاده بأنه في الإمكان الوصول إلى تشكيلة في أسرع وقت ممكن، وفق المسار الذي يعمل عليه حالياً، مشيراً الى ان العمل يجري حالياً على «شكل الحكومة والحصص»، مؤكداً بأننا «اصبحنا قريبين جداً وفق المعادلة الأخيرة التي وصلنا إليها، ولم يتبق سوى اجراء بعض المشاورات»، رافضاً «الاسترسال في التوضيح» كي «لا تتم عرقلة التقدم الحاصل».

وإذا صحت تقديرات المصادر فإن التصور الجديد لا يختلف عن ذلك الذي عهد به الحريري للرئيس عون قبل عيد الفطر، حيث سيبقى الثلث المعطل في يد «التيار العوني» بـ10 وزارات مع 4 حقائب للقوات وحقيبة للمردة، ضمن الحصة المسيحية (15 وزيراً) في حين ستوزع الحصة الإسلامية (15 وزيراً) على 5 وزراء سنة «المستقبل» و6 وزراء شيعة مناصفة بين حركة «أمل» و«حزب الله»، وسني من حصة عون، وتبقى الحصة الدرزية (3 وزراء) موزعة بين حقيبتين للاشتراكي وحقيبة لطلال أرسلان.

وليلاً تحدثت معلومات عن ان الرئيس عون متمسك بتوزير الأمير أرسلان، على ان تكون حصة النائب جنبلاط 3 وزراء بينهم مسيحي.

وفي ما خص «القوات» كشف مصدر على خط الاتصالات لـ«اللواء» ان ما هو مطروح صيغة من اثنين: اما إسناد حقيبة الدفاع لمرشح تسميه «القوات» أو إعطاء هذا الفريق 5 وزراء، بدل أربعة، على ان تكون وزارة العدل واحدة منها.

واستبعدت مصادر نيابية تمثيل الكتل الصغرى، كتلة «القومي» والرئيس نجيب ميقاتي وكتلة الكتائب فضلاً عن النائب أرسلان وسنة 8 آذار على ان يكون للرئيس عون 3 وزراء (سني وكاثوليكي وارثوذكسي)، و7 وزراء لتكتل لبنان القوي، بما في ذلك حزب الطاشناق، وواحد للمردة، و4 وزراء للقوات، و3 للقاء الديمقراطي و6 وزراء للمستقبل (5 سنة وماروني واحد) و6 وزراء للثنائي الشيعي، وفقاً لما تردّد عن مسودة حملها الرئيس الحريري إلى بعبدا.

ميركل ومشكلة النازحين

في غضون ذلك، أنهت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل زيارتها للبنان التي استمرت يومين، بلقاءات منفردة عقدتها مع الرؤساء الثلاثة عون وبري والحريري، وجولة على المدارس الرسمية لتي تُعنى بتعليم أولاد النازحين السوريين، إذ أن أوضاع هؤلاء النازحين شكلت العنوان الرئيسي للزيارة ومحادثاتها مع المسؤولين للبنانيين.

ولاحظت مصادر ديلوماسية انه عندما تحدثت لامستشار الالمانية عن تفهم بلادها للموقف اللبناني عن ملف النزاع السوري والدعوة إلى عودة النازحين تدريجياً إلى المناطق الآمنة في سوريا.

فهذا يعني من وجهة النظر الدبلوماسية، ان ميركل أصفت بوضوح إلى وجهة النظر البنانية، على الرغم من التباين في المقاربة اللبنانية والأوروبية لهذا الملف، ولا سيما حيال نقطة ان العودة لا يُمكن ان تنتظر الحل السياسي في سوريا..

وفي المعلومات المتوافرة، ان المسؤولة المتوافرة، ان المسؤولة الالمانية سألت أسئلة محددة، واستوضحت، وتحدثت عن تفهم لما يؤكده لبنان الرسمي، لكن ذلك لا يعني انها تبنت وجهة  النظر اللبنانية.

وعلم ان الرئيس عون كان صريحاً وواضحاً في حديثه مع ميركل، لا سيما عندما قال لها: «نحن لا نريد ان نموت قبل ان نرى النازحين عائدين إلى سوريا».

وأوضحت المصادر ان زيارة ميركل كانت سياسية- اقتصادية، وقد أبدت المستشارة الالمانية رغبة شركات المانية في المساهمة بمشاريع نفطية وأخرى تتعلق بالطرق والبنى التحتية والنفايات، وهو ما شدّد عليه الرئيس الحريري في المحادثات مع ميركل، حيث ناقش معها الدور المساعد الذي يمكن ان تلعبه خصوصاً في مساعدة لبنان على تنفيذ الأولويات التي طرحتها الحكومة اللبنانية في مؤتمر بروكسل، والاصلاحات التي وردت في مؤتمر «سيدر»، مكرراً موقف الحكومة بأن الحل الدائم والوحيد للنازحين السوريين هو في عودتهم إلى سوريا بشكل أمن وكريم. (تفاصيل ص 2)

صندوق النقد

إقتصاداً، قال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي إن المديرين التنفيذيين اتفقوا مع فحوى تقييم للخبراء حث لبنان في شباط على التثبيت الفوري لأركان سياسته المالية عن طريق خطة ضبط تستهدف استقرار نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي ثم وضعها على مسار نزولي واضح. ونسبة ديون لبنان إلى ناتجه الإجمالي هي ثالث أكبر نسبة من نوعها في العالم.

وقال بيان المجلس التنفيذي للصندوق: «شدد المديرون على أن ضبطا ماليا فوريا وكبيرا يعد ضروريا لتحسين القدرة على خدمة الدين، وهو ما سيتطلب التزاما سياسيا قويا ومستداما».

وجدد تقديراته لنمو اقتصادي منخفض بين واحد و1.5 بالمئة في 2017 و2018. وقال «المحركات التقليدية للنمو في لبنان تقبع تحت ضغط في ظل الأداء الضعيف لقطاعي العقارات والإنشاءات ومن المستبعد أن يكون أي انتعاش قوي قريبا».

وقال مديرو الصندوق إن «استراتيجية مالية واضحة المعالم، تشمل مزيجا من إجراءات الدخل والإنفاق، بما يصل إلى حوالى خمس نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، تعد طموحا لكنها ضرورية» لتحقيق استقرار الدين العام ووضعه في مسار نزولي على المدى المتوسط.

وأوصوا بزيادة معدلات ضريبة القيمة المضافة وكبح أجور الوظائف العامة وخفض دعم الكهرباء تدريجيا. وفي العام الماضي أنفقت الحكومة 1.3 مليار دولار لدعم أسعار الكهرباء بما يعادل 13 بالمئة من النفقات الأولية.

وقالت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية يوم الجمعة، التي تمنح لبنان تصنيف B3 مع نظرة مستقبلية مستقرة، إن نسبة فوائد الديون إلى الإيرادات في لبنان هي الأعلى في العالم عند 42.9 بالمئة.

وقالت إليسا باريسي-كابوني المحللة لدى موديز في بيان: «يتضافر هذا مع متوسط أجل استحقاق بنحو خمس سنوات ليسلط الضوء على حساسية لبنان البالغة لزيادات أسعار الفائدة».

وبدت موديز أكثر تفاؤلا إزاء توقعات نمو لبنان عن صندوق النقد وقالت إن الاقتصاد نما حوالى 1.9 بالمئة في 2017 وإنها تتوقع نموه 2.5 بالمئة في 2018 وثلاثة بالمئة في 2019.

ترتكز هذه النظرة على توقعات لا بدّ من التنسيق في السياسة الاقتصادية، وانحسار الصراع في سوريا وبدء تدفق الأموال التي وعدها المانحون خلال مؤتمر باريس..