IMLebanon

لا مبالاة

الرئيس نبيه برّي يشكو من التباطؤ في البدء بتنفيذ البنود الثلاثة والعشرين التي أقرها إجتماع بعبدا الموسع الذي ضم كل المسؤولين والمكونات السياسية في البلاد، وهو بطبيعة الحال لا يوجِّه أصابع الاتهام بالتقصير إلى الشعب اللبناني المغلوب على أمره والذي يعيش قرابة نصفه تحت خط الفقر إذا كانت المعلومات كلها صحيحة، بل يقصد المسؤولين المباشرين على التنفيذ وهم بالدرجة الأولى الحكومة التي شاركت بفعالية في هذا الاجتماع، وملأت الدنيا بالصراخ والعويل والتهويل بكبائر الأمور، فلم تسرع في التنفيذ أو على الأقل تباشر في وضع خارطة طريق للتنفيذ قبل فوات الأوان، وقبل أن تفقد الدولة كل مقومات البقاء والاستمرار وبالتالي القدرة على أن تقف مجدداً على رجليها، وتقي العباد والبلاد شرور ما ينتظرهما من ويلات ومصائب.
نعم الحكومة، سامحها أو لم يسامحها الله هي المسؤولة أولاً وآخراً عن هذا التلكؤ، فها قد مضى على إجتماع بعبدا أكثر من اسبوعين، وهي لم تحرك ساكناً على صعيد الإجراءات العملية لتنفيذ المقررات التي إتخذها ذلك الاجتماع الموسع الذي انعقد في بعبدا، وها هي ملتهية بأمور كثيرة ما عدا الأمر الملح الذي أملى عليها الدعوة إلى اجتماع بعبدا، فبدلاً من إعلان حالة طوارئ اقتصادية ومالية لتنفيذ تلك البنود أعلنت حالة طوارئ للتعيينات القضائية، على أساس المحاصصة، وتقاسم القضاة وفق ما تمليها عليها التسوية السياسية التي يبدو أنها ما زالت سارية المفعول لأن فيها منفعة للذين أبرموها، فأين هي حالة الطوارئ التي وعدت الحكومة بها، لا شيء من هذا ولا من ذاك ولا أحد من المواطنين المساكين، شعر حتى الآن بأن الحكومة معنية بالواقع المرّ الذي يمر به البلد وانها تعمل ليل نهار من أجل إنقاذ ما يمكن انقاده قبل فوات الأوان، فهي بدلاً من أن تبدأ في تنفيذ البنود التي أقرت في الاجتماع الموسع والتي تشكّل أساساً لإخراج البلد من هذه الأزمة الصعبة تتلهى بأمور أخرى لا تمت لا من قريب ولا من بعيد إلى بيت القصيد حتى موازنة العام 2020 التي وعدت بل وتعهدت بأن يُشكّل المدخل الأساسي إلى وقف نهب المال العام وإلى تمكين الدولة من أن تقف مجدداً على رجليها، ما زالت طي النسيان وكأن لا حاجة ملحة إليها، وحسناً فعل رئيس مجلس النواب عندما سأل عن الأسباب التي ما زالت حتى الآن تمنع الحكومة من المباشرة في درس الموازنة وفق المقررات التي اعتمدها اجتماع بعبدا الموسع والتي تفضي إلى وقف الهدر وتخفيض العجز وزيارة النمو وتحفيز الإنتاج، إلى أن نتخطى مأساة الاقتصاد الريعي الذي ما برح رئيس الجمهورية يتحدث في كل مناسبة عن مآسيه ويدعو إلى العمل الجاد لتحويله الى اقتصاد منتج .
حقاً، انها مأساة، ومن يراهن على الحكومة، وعلى جديتها في العمل للخروج من المأساة الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يتخبّط بها هذا البلد فهو مخطئ، وسيكتشف ذلك في الايام والأسابيع القليلة القادمة على أمل أن نسمع من رئيس سلطة الرقابة والتشريع بدلاً من الشكوى من الإهمال صوتاً راعداً يدعو إلى محاسبة هذه الحكومة ومعها كلها مسؤول على هذا التقصير، وهذه اللامبالاة.