IMLebanon

.. وعبثاً يسعى المبادرون

من سريالية فسيفساء السياسة اللبنانية، والسريالية في اللغة كل ما هو خياليّ مُبرِز للأحوال اللاشعورية يدعو للدهشة، أن ترى تكتلاً يعترض على انتخاب أحد أقطابه رئيساً للجمهورية بداعي أنّ رئيس هذا التكتل هو الأحق بهذا الموقع أكثر من هذا القطب الشمالي ومن أي قطب من أقطاب المعمورة الوطنية. لماذا؟ لأنّه رئيس أكبر تكتل نيابي مسيحي يفوق في حجمه حجم سائر الكتل والمكونات البرلمانية المسيحية.

بالاستناد إلى ظاهر الأحجام، محق الجنرال ميشال عون في الاستناد إلى حجم تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأس لتبرير منطقية نظرية «صاحب الحظ الأوفر والتكتل الأكبر». أما في ظاهر الإحجام عن السير في ركب تسوية ترشيح النائب سليمان فرنجية، فمسألة فيها حسابات منطقية أخرى تُبرز بالورقة والقلم فارقاً واقعياً في الأحجام بعد إعادتها إلى طبيعتها وصورتها النيابية الأولى.

من المعلوم أنّ التكتل هو كناية عن ائتلاف كتل اختارت أن تنصهر في ما بينها لتضخيم حجمها النيابي، وهذا ما ينطبق على «التغيير والإصلاح» المكوَّن من «التيار الوطني الحر» و«تيار المردة» وحزب «الطاشناق» و«الحزب الديمقراطي اللبناني» بالإضافة إلى مستقلين يمثلون العائلات الكسروانية: فريد الخازن ونعمة الله أبي نصر ويوسف خليل وجيلبرت زوين فضلاً عن العضو المستقل في التكتل غسان مخيبر. 

من هذا المنطلق والمنطق، لا يبدو عون بالعين النيابية المجرّدة من أي تضخّم في الأوزان أو تضخيم في الأحجام سوى قطب رئيس لإحدى هذه الكتل تماماً كما هو فرنجية قطب رئيس لغيرها، وبالتالي لا يبدو الجنرال منطقياً في اعتراضه على انتخاب فرنجية طالما أنه من أقطاب «التغيير والإصلاح» يحق له ما يحق لعون وليس من أعضاء «التيار الوطني الحر» لا يحق له ما يحق لعون. فإن عاد كل من أعضاء التكتل إلى قواعده الحزبية والعائلية، تعود الأحجام إلى طبيعتها:

– عون رئيس تيار وفرنجية رئيس تيار.

– عون أحد الأقوياء الأربعة وفرنجية أحد الأقوياء الأربعة.

– عون ذو حيثية مسيحية وفرنجية ذو حيثية مسيحية.

– عون ماروني ممانع وفرنجية ماروني ممانع.

– عون قطب نيابي كسرواني وفرنجية قطب نيابي زغرتاوي.

– عون جنرال الرابية وفرنجية بك بنشعي.

«ما فضل موسى على ربه» إذاً؟ كيف يحق لعون ما لا يحق لفرنجية؟ أهي مجرد الزيادة في حجم الانتماء الشعبي المسيحي بين التيارين اللذين يرأسان؟ وهل الرئيس نبيه بري الأكثر تمثيلاً من «حزب الله» على الساحة الشعبية الشيعية؟ أم الرئيس تمام سلام الأكثر تمثيلاً من «تيار المستقبل» على الساحة الشعبية السنية؟

بيت القصيد كان ولا يزال في «اللا أحد».. فقد ثبت وبالوجه الرئاسي الشرعي من خلال واقعة ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة ورفض ميشال عون المضي قدماً بهذا الترشيح أنّ نظرية «أنا أو لا أحد» هي الآمرة الناهية في ذهن الرابية حيث لا يجرؤ الآخرون على مقارعة «الأنا» الرئاسية بغض النظر عما إذا كان هذا «الأحد» أقرب الحلفاء أو ألد الخصوم. 

هنا مربط فرس «الشغور» لا أكثر ولا أقل.. وعبثاً يسعى المبادرون.