IMLebanon

النهار: البنك الدولي يلحّ على خفض عجز الموازنة

 

تنامت الدعوات الدولية الى الحكومة اللبنانية مستعجلة اقرار الاصلاحات الاقتصادية والمالية، موحية بخشية واضحة لمزيد من التأخير في تنفيذ لبنان التزاماته الاصلاحية لاطلاق مسيرة ترجمة مقررات مؤتمر “سيدر”، علماً ان هذا الملف سيشكل جوهر الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الفرنسي جان – إيف لودريان لبيروت في نيسان المقبل.

وبعدما فرض غياب رئيس الوزراء سعد الحريري عن البلاد في فترة نقاهة طبية في باريس منذ أيام إرجاء جلسة مجلس الوزراء الاسبوعية وجلسة مجلس النواب المخصصة لمناقشة عدد من الأسئلة النيابية، ينتظر ان تشكل عودته الى بيروت مساء أمس ايذاناً بتفعيل كثيف للعمل الحكومي سيبدأ كما علمت “النهار” باجتماع للجنة الوزارية المكلفة درس خطة الكهرباء مطلع الاسبوع وبتها تمهيداً لطرح النتائج على جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل. كما لا يستبعد ان يعقد الرئيس الحريري اجتماعات موازية مع وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة للبحث في ملفات الانفاق العام وأولوياته الملحة في ظل سريان قانون الصرف وفق القاعدة الاثنتي عشرية حتى نهاية أيار المقبل، علماً ان الملف الأكثر إثارة للتعقيدات والذي سيتخذ طابعاً مصيرياً في الاسابيع المقبلة هو ملف موازنة 2019. ويبدو ان ثمة اقتناعاً يحظى باجماع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس الحريري وجميع القوى المشاركة في الحكومة بخفض المستويات المرتفعة والمضخمة لموازنات الوزارات ولو ان ترجمة عملية الخفض ستحتاج الى جراحات حقيقية لترشيق الموازنة والوفاء بخفض معدلاتها الاجمالية بنسبة واحد في المئة على الأقل وفق الالتزامات التي حصلت في مؤتمر “سيدر”.

 

وعلمت “النهار” في هذا السياق انه لدى اتصال الرئيس بري برئيس الجمهورية لتهنئته بعوده سالماً من موسكو، تمنى عليه الاسراع في اقرار مشروع الموازنة واحالته على مجلس النواب. ورد الرئيس عون أنه يريد انجاز الموازنة اليوم قبل الغد، وهذا ما كرره أمام مجلس الوزراء في الجلستين الاخيرتين. طالب الوزراء بالاسراع في مراجعة موازنات وزاراتهم والتزام خفضها واحد في المئة وأكثر اذا أمكن.

 

كما علم في بعبدا، أن رئيس الجمهورية يسير بالاصلاحات المطلوبة في الموازنة ولكن من دون ضرائب جديدة ومن دون المسّ بالرواتب أو بمعاشات التقاعد، انما بإجراءات تقشفية تطاول السفر، وتقوم على تقنين ذاتي تمارسه الاجهزة الأمنية، بالاضافة الى تفعيل جباية مستحقات ورسوم لا تمسّ بالناس. أما خفض فاتورة الكهرباء فيجب ألا يكون بالتقنين الكهربائي لمصلحة المولدات الخاصة كما حصل أكثر من مرة.

البنك الدولي

وبرز في هذا الاطار، تحرك البنك الدولي أمس في بيروت من خلال جولة وفده الذي ضم نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط فريد بلحاج والمدير الاقليمي ساروج كومار على الرئيسين عون وبري واجتماعه أيضاً بعدد من رؤساء اللجان النيابية. وأفادت المعلومات عن تحرك الوفد انه عرض الخطوات الإصلاحية التي بدأ لبنان القيام بها تنفيذاً لمقررات مؤتمر “سيدر” وأكد ان هذه الإصلاحات اساسية للبنان وكذلك للبنك الدولي، مبدياً الإستعداد للمساعدة في عدد من المشاريع ولا سيما في مجال الكهرباء. واعتبر الوفد ان من شأن اقرار الموازنة اعادة الثقة بلبنان واطلاق المشاريع والتمويل التي ينوي البنك الدولي تنفيذها في لبنان بالتعاون مع الحكومة اللبنانية، وشدد على دعم لبنان في كل الإصلاحات التي ينفذها والاستعداد لإيصال هذه الرسالة في مؤتمره السنوي المقرر في شهر نيسان المقبل.

واجتمع الوفد مع رؤساء لجان المال والموازنة ابرهيم كنعان، الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط نعمة افرام، الشؤون الخارجية والمغتربين ياسين جابر، البيئة مروان حمادة، الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه نزيه نجم، شؤون المهجرين جان طالوزيان،الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية عاصم عراجي. وتركز البحث على اولويات البنك الدولي في لبنان والتي تتمحور على الكهرباء والموازنة واصلاحاتها ومؤتمر “سيدر” باستثماراته واصلاحاته، والمشاريع القائمة حالياً والتي تنفذ بقيمة مليار و300 مليون دولار، وأخرى تنتظر اقرارها في المؤسسات الدستورية بقيمة 900 مليون دولار. وعلمت “النهار” ان الوفد شدد على ضرورة خفض العجز وخصوصاً في اعتمادات بعض أبواب الموازنة تبعا للاصلاحات في موازنتي 2017 و2018 التي لو طبقت في حينه لأمنت وفراً بقيمة 1200 مليار ليرة. وعلم ان النائب كنعان سيقدم سؤالا الى الحكومة اليوم عن التأخير في اقرار الموازنة واحالتها مع الحسابات المالية على المجلس.

زيارة موسكو

الى ذلك، تحدثت أمس مصادر الوفد اللبناني المرافق للرئيس عون في زيارته لموسكو عن “نتائجها المهمة التي فتحت باباً عريضاً لتطوير العلاقة بإرادة مشتركة من الجانبين لا سيما في المجالات الاقتصادية والنفطية والسياحية، وبالتوافق على تعزيز حركة الاستيراد من لبنان ولا سيما للمنتجات الزراعية اللبنانية الى الأسواق الروسية كما الى الدول المجاورة. وقد أبدى رجال الاعمال الروس اهتماماً بالمشاركة في كل المشاريع التطويرية للبنان ضمن خطة النهوض الاقتصادي ومؤتمر “سيدر”. وقالت ان الرئيس الروسي أعطى توجيهاته، لاعادة رفع نسبة التبادل بعدما كان انخفض بنسبة 25% ونقلت تأكيداً روسياً للمشاركة في استخراج النفط والغاز، خصوصاً أن شركة “نوفاتيك” الروسية تشارك في كونسورسيوم التنقيب عن النفط مع شركتي “ايني” الايطالية و”توتال “الفرنسية”.

 

وأوضحت المصادر ان “الهدف الاستراتيجي الذي تركزت عليه المحادثات هو زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين عن ملياري دولار سنوياً. وفي ملف النفط والغاز عبر الجانب اللبناني عن ترحيب بالمشاركة الروسية في المناقصات على غرار مشاركة شركتي “نوفاتيك” و”روسنفت “التي تتولى منشآت النفط في الشمال، من خلال مشاريع انشاء محطات توزيع كهربائية والاستفادة من السدود. وفي التبادل السياحي اكد الرئيس عون ترحيب لبنان بالسياح الروس، على غرار اقبالهم على الدول المجاورة. كما شرح الجانب اللبناني اهمية جعل لبنان منصة لإعادة اعمار سوريا، انطلاقاً من حاجة الشركات التي ستشارك في هذه العملية الى اعتماده انطلاقاً من موقعه الجغرافي ومن مقوماته الانسانية لما يتمتع به من طاقات وقدرات وخبرات”.

 

وقالت إن الرئيس الروسي أبدى اهتماماً بالتجاوب مع ما يرغب فيه لبنان، وكان التوافق على اهمية الموقع الجغرافي للبنان. كما فهم ان أي قرار بإعادة اعمار سوريا يجب ان يحظى بموافقة روسيا.

 

وأضافت الى ان الوزيرين سيرغي لافروف وجبران باسيل اقترحا دعوة لبنان الى مؤتمر الاستانه في 29 و30 نيسان المقبل بصفة مراقب لمتابعة تطور الحل السلمي وعودة النازحين. وقد أبدى الرئيسان اللبناني والروسي موافقة على مشاركة لبنان في هذا المؤتمر. وفي ملف النازحين السوريين، وأوردت المصادر ان الرئيس بوتين ذكر بضرورة ازالة الاسباب التي تعرقل تنفيذ الاتفاقات السابقة، وكان تأكيد ان تفعيل عملية عودة النازحين يتم من خلال تسمية أعضاء الجانب الروسي في اللجنة المشتركة لهذا الملف وامكان نقل النازحين في ظروف آمنة والاهتمام بهم في المناطق السورية التي ينتقلون اليها، واستمرار عودة النازحين وفقاً للآلية اللبنانية المتبعة. وقد أبدى المسؤولين الروس ارتياحاً إلى عودة أكثر من 170 ألف نازح سوري مع تأكيدهم أهمية قيام نقاش ثلاثي لبناني – روسي – سوري تأميناً لانتظام العودة فضلاً عن ان سوريا تساعد في تذليل العقبات من أمام عودة النازحين.

 

بومبيو مجدداً

وسط هذه الأجواء، وزعت أوساط قريبة من زارة الخارجية وقصر بعبدا معلومات عن تقرير ورد الى بيروت يفيد أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، تحدث عقب زيارته للبنان أمام اللجنة الفرعية للمخصصات في مجلس النواب الأميركي عن موضوع تمويل المساعدات للنازحين السوريين وعودتهم، فقال: “في لبنان هناك 1.5 مليون لاجئ سوري مع كل العبء الذي يشكله ذلك على البلد من ناحية الكلفة والمخاطر التي يشكلها وجود اللاجئين على لبنان وديموقراطيته. وكانت وزارة الخارجية الاميركية تقود الحديث عن كيفية تحضير الظروف المناسبة على الأرض داخل سوريا وكيفية تأمين الولايات المتحدة وشركائها العرب الظروف المناسبة على الأرض في سوريا لكي يتمكن هؤلاء اللاجئون من العودة الى بيوتهم. وهذه هي المهمة المحددة التي يرغب فيها الشعب اللبناني. وانا أعتقد بصراحة ان عودة هؤلاء الأفراد هي الافضل لهم. وعلينا أن نتأكد من ان الشروط مناسبة لعودتهم وهو موضوع ستكون الخارجية الاميركية في الصفوف الامامية لتحقيقه”.