IMLebanon

أيّ أرنب يحمله عون في كمّه؟!

شبه مؤكد، انه منذ اليوم وحتى 15 أيار المقبل، سيبقى موضوع التوصل الى قانون انتخاب جديد، هو الموضوع اليومي الذي يشغل جميع اللبنانيين، وفي مقدمهم أهل الصحافة والاعلام، والسبب في ان هذا الموضوع يتقدّم على جميع المشاكل التي يعانيها الشعب اللبناني، ينحصر في المهل الزمنية القاتلة التي تفصل بين ذهاب لبنان الى المجهول، وبين الوصول الى قانون للانتخابات يعيد لبنان الى سكّة الأمان.

جميع مشاريع القوانين التي طرحت حتى الآن، ذهبت مع ريح المصالح الخاصة، والاهداف المضمرة، حتى ان بعض هذه المشاريع تنصّل منها اصحابها، عندما وجدوا انها قد تكون مقبولة من الغير، بما يعني ان هناك من يضيّع الوقت امّا بفبركة قوانين غير قابلة الحياة، وامّا بطرح قوانين لجسّ النبض ليس الاّ، لأنه يفضّل قوانين اخرى يصعب القبول بها، فرئيس مجلس النواب مثلا، سبق له وطرح مشروع قانون مختلط بين الأكثري والنسبي، 64 مقعداً على اساس الاكثري و64 على اساس النسبي، ولم يلق هذا المشروع رفضاً من اي فريق، بل أُخذ مقياساً لمشاريع شبيهة وقريبة منه، ولكن صاحب هذا الطرح، الرئيس نبيه برّي، الذي لا يخفي تمسّكه بقانون على اساس النسبية الكاملة، اعتبر ان طرحه القانون المختلط لم يعد وارداً، وان لا قانون، سوى قانون النسبية الكاملة، كما انه كان سبّاقاً في طرح مشروع التأهيل على صعيد أكثري والانتخاب على أساس النسبية الكاملة، وقد تلقّف هذا الطرح وزير الخارجية جبران باسيل ووضع مشروع قانون على هذا الأساس، لكنه على ما يظهر سوف يشطب من التداول، لأن الثنائي الشيعي وضع في طريقه عدداً من التعقيدات لا حلّ لها، وربما يعود الوزير باسيل الى اعادة احياء مشروعه القائم على المختلط، 69 مقعداً على الاكثري، و59 مقعداً على النسبي، وهذا المشروع قد يؤمّن للمسيحيين ما بين 54 و57 مقعداً من اصل 64 مقعداً للطوائف المسيحية، وهناك تفاهم عليه بين حزبي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، وليس بعيداً من طروحات تيار المستقبل والحزب الاشتراكي.

* * * *

في خلال هذا النزاع المرير، حول عشرات من مشاريع القوانين المطروحة للبحث والمناقشة، وتخوّف فريق من الفراغ بعد 15 أيار المقبل، وخوف فريق آخر من تمديد ثالث لولاية مجلس النواب، يحسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الجدل الحاصل، بتأكيد حاسم ان لا تمديد لمجلس النواب، ولا فراغ في مجلس النواب، ولا انتخابات وفق قانون الستين، ولا يحلم أحد بتحقيق واحد او اكثر من هذه الممنوعات الثلاثة.

هذا التأكيد من الرئيس عون، يعني في المفهوم السياسي ان عون، يستند الى أسس صلبة في الدستور، وانه في الوقت المناسب سيخرج من كمّه ارنباً، يفاجئ به الجميع، وينكبّ حالياً المعنيّون بالشأن السياسي وبالانتخابات النيابية، على محاولة اكتشاف ما ينوي القيام به الرئيس عون، وامامهم احتمالات عدة متفاوتة، ومنها ان الرئيس قد يستعمل المادتين 25 و55 من الدستور، ويحلّ مجلس النواب قبل ايام قليلة من انتهاء مدة ولايته، ويدعو الى انتخابات جديدة في مدّة لا تتجاوز ثلاثة اشهر، وبالتالي يسمح بفترة طويلة نسبياً للتوافق على قانون، كما يمكن ان يكون ارنب الرئيس، طرح موضوع النسبية الكاملة، ولكن في تقسيمات جديدة للدوائر، تسمح بحصول المسيحيين على مقاعد يتراوح عددها ما بين 55 و60 مقعداً.

المهمّ ان تأكيدات الرئيس عون تريح المواطن اللبناني، وتسحب التوتر السياسي والطائفي الذي بدأ يرخي بثقله، منذ ستة أيام، بعد استعداد الاحزاب والقيادات المسيحية للنزول الى الشارع اعتراضاً على دعوة مجلس النواب الى جلسة للتصويت على تمديد ثالث للمجلس لمدة سنة جديدة، والسؤال: هل يستمر هذا الجو التفاؤلي، او قد يحصل ما ليس في الحسبان، وتعود الغيوم السود لتستوطن الاجواء اللبنانية؟؟