IMLebanon

حرمان عون من التعطيل

 

قد يكون لمبادرة رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب تفسيرات عدة لكن التفسير الذي لدى معظم الفرقاء المعنيين، سواء كانت لها نتائج عملية أم لا، هو أن محيط الرئيس ميشال عون لم يكن مرتاحاً لمسعى البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي حين حث بعبدا والرئيس المكلف سعد الحريري على التفاهم، منذ زار عون مطلع الشهر الماضي، بعد أن التقى الحريري، فأنتجت جهوده في 9 الجاري تقديم الحريري لائحة الـ18 وزيراً التي رفضها رئيس الجمهورية. وقد يكون دياب وجد نافذة كي يبادر أو كي يضفي على رد الزيارة للحريري حين زار السراي الحكومي تضامناً مع رئاسة الحكومة بعد الادعاء عليه في إطار التحقيق بالمسؤولية عن انفجار مرفأ بيروت، مهمة التوسط بين عون وزعيم “المستقبل”.

 

تحوَّل عدم ارتياح محيط الرئاسة إلى امتعاض حيال إلحاح بكركي. وعلى رغم أن البطريرك تقصّد في عظاته توزيع المسؤولية عن تأخير إنجاز الحكومة بالتساوي بين الرئيسين، من باب تجنب إشعار عون بأنه ينحاز إلى الحريري، ومع أنه أبدى تفهماً لوجهة نظر جبران باسيل بأنه لا بد لرئيس الجمهورية أن يكون له رأيه بالوزراء ولا سيما المسيحيين، فإنه كان اطلع من الحريري على واقعة اختياره 4 وزراء ممن سماهم عون، إضافة إلى أحد من اختارهم هو من أصدقاء “التيار الحر”…

 

بينما كان محيط عون يعبر عن امتعاضه من موقف الراعي لأنه ضاغط عليه، بالخفاء، بات أكثر وضوحاً في تعبيره عن امتعاضه أمام بعض المعنيين، إثر عظة الراعي الأحد الماضي التي طالب فيها الرئيس عون بالمبادرة إلى الاتصال بالحريري لاستئناف البحث بالحكومة. فريق الرئاسة يقول إنه ينتظر من الحريري أن يجيب عون على مطلبه تسمية وزيري الداخلية والعدل إضافة للدفاع، فيما سائر المعنيين بجهود تسريع التأليف يعتقدون أن المبادرة يفترض أن تأتي من عون، بعد الإهانة التي تعرض لها الرئيس المكلف في الفيديو المسرب قبل 8 أيام، الذي وصف فيه رئيس الجمهورية الحريري بأنه “يكذب”.

 

في اختصار الطابة ليست عند الحريري. وتكريس هذا الانطباع من خلال المبادرات الحاصلة هو ما بات يزعج رجال القصر الرئاسي الذي ما زال على موقفه بالإصرار على تسمية الوزراء المسيحيين في الحكومة المقبلة، بعد إحباط مطلبه بإزاحة الحريري ودفعه إلى الاعتذار، الذي لم يماشِهِ فيه حليفه “حزب الله”. فالأخير لا يريد إضافة توتر شيعي سني إلى التوترات التي يحفل بها المسرح السياسي وتشمل توجيه أصابع الاتهام إليه بانه يعرقل تأليف الحكومة من ضمن حسابات إقليمية تخدم إيران.

 

لعل إدراك البطريرك الراعي أن عدم الاستجابة لتمنياته دفعته إلى التمني على رئيس البرلمان نبيه بري عبر أحد الموفدين، أن يشغل محركاته لعله يجد مخرجاً من الجمود القاتل. لكن السؤال يبقى هل بإمكان بري التسلح بتدخل من “حزب الله” لدى عون كي يخفض من مطالبه؟ وهل باستطاعة رئيس البرلمان إقناع عون أن تشكيل حكومة الاختصاصيين غير الحزبيين وبمهمة إصلاحية إنقاذية محددة، توجب عدم حصوله على الثلث المعطل فيها عبر تسمية المزيد من الوزراء، لأن المرحلة تقضي بحرمان أي فريق من القدرة على تعطيل الحكومة؟ وهل للحزب مع حرمان حليفه، هذه القدرة؟