IMLebanon

عون يسير حكومياً على توقيت بري

 

طالما لم تُبصر الحكومة النور، ولم تصدر مراسيم تأليفها مُوقّعة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، فعبثاً يجري الحديث عن جديد أو عن اتصالات في ملف التأليف، إذ إنّ الأشهر السبعة الأخيرة حفلت بتحرّكات على الخط الحكومي بلا أي نتيجة. وبالتالي، إنّ العبرة في الخواتيم، بحسب ما تقول مصادر مطّلعة على حراك التأليف.

 

الداخل والخارج يترقبان الآن مساعي رئيس مجلس النواب نبيه بري، وينتظرون التوافق على مبادرته الحكومية وتوليدها تشكيلة وزارية منبثقة من رحم المبادرة الفرنسية، وبالتالي تَوقّع المجتمع الدولي. لكن مساعي بري غير مفتوحة الى ما لا نهاية، فهو أكد أمس أنّ هذا الأسبوع سيكون حاسماً حكومياً. وفي غضون ذلك لا يزال الانتظار سيد الموقف حكومياً، والجميع ينتظر الجميع، فبري ينتظر إجابات من المعنيين، والحريري ينتظر أيضاً، كذلك يفعل رئيس «التيار الوطني الحر». وبالتالي هناك «انتظار متبادل»، ولا شيء عملي بعد. حتى الفرنسيين ينتظرون، إذ تقتصر اتصالاتهم بالمعنيين على التشاور والاستطلاع من دون طرح أي جديد أو اقتراح حلّ عملي.

 

أمّا العقبة الحكومية الأخيرة العالقة هي عدم التفاهم على آلية تسمية الوزيرين المسيحيين المتبقيين بعد توزيع تقسيمة الـ»8 – 8 – 8» في حكومة الـ24 المُقترحة من بري. فالحريري يريد تسمية هذين الوزيرين انطلاقاً من أنّه رئيس للحكومة ومن غير المعقول أن يكتفي بتسمية وزراء سُنّة فقط ولأنّ تسمية عون لهذين الوزيرين تعطيه أكثر من «الثلث المعطّل» في الحكومة، في المقابل يريد عون أن تكون هذه التسمية بالتوافق بينهما على اسمين من مجموعة أسماء تُطرح، لا أن يتفرّد الحريري بتسميتهما، وإذا أراد الحريري تسمية وزراء مسيحيين فعون يريد أيضاً تسمية وزراء مسلمين، ضمن توزيعة لا تُعطي الثلث المعطّل لأي طرف.

 

فلسفة موقف عون هذا، منطلقة، بحسب ما توضح مصادر قريبة منه، من أنّ الحريري سمّى 5 وزراء، والجهات الدرزية السياسية سمّت الوزيرين الدرزيين، كذلك «الثنائي الشيعي» سمّى الوزراء الشيعة الأربعة، فيما سمّى تيار «المرده» وزيرين والأرمن وزير، وبالتالي لماذا يُمنع على رئيس الجمهورية أن يُسمّي بقية الوزراء طالما أنّ كلّ فريق سمّى «جماعته»؟

 

وبالتالي، إذا كان هناك نية سليمة، لا شيء يؤخّر التأليف، بحسب المصادر القريبة من عون. لكن حتى الآن، «من الواضح أنّ الحريري لا يريد أن يؤلّف، وكلّ فترة «يخترع» حجّة للهروب من التأليف». هذا الاقتناع السائد في القصر الجمهوري مَردّه الى الإصرار طيلة الفترة الماضية على التسويق بأنّ عون متمسّك بـ»الثلث المعطّل» ما يُعرقل التأليف، فيما أنّ عون أكد رسمياً في 6 مناسبات أنّه لا يريد ثلثاً معطّلاً في الحكومة، أوّلها جاء على لسان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي أكد من على باب القصر الجمهوري، بعد زيارته عون في 18 – 12 – 2020 أنّه «لم يلمس على الإطلاق من رئيس الجمهورية أنّه متمسّك بالثلث المعطّل». وتوالى نفي دوائر القصر لتمسُّك عون بالثلث المعطّل طيلة أشهر تكليف الحريري، كالآتي: في 22 – 1 – 2021، في 1 – 2 – 2021، في 9 – 2 – 2021، في 15 – 3 – 2022 وفي 22 – 3 – 2021. وتقول المصادر القريبة من عون: «بعد أن انتهينا من قصة الثلث المعطّل، علقنا بمسألة «التلات تمانات»، وأنّ رئيس الحكومة يجب أن يسمّي وزراء مسيحيين فيما أنّ رئيس الجمهورية لا يحق له أن يسمّي وزراء مسلمين». وترى أنّ «هذه كلّها حجج واهية لكي لا يؤلّف الحريري حكومة». وتتخوّف من «أنّنا إذا خلصنا من «التلات تمانات»، ستُطرح بعدها إشكالية الأسماء. إذ لا دليل على تجاوب الحريري، وحتى الذين يعملون على خط التفاوض يشعرون كأنّ الحريري لا يريد التأليف». إقتناع عون هذا بدأ يلقى تفهّماً من أفرقاء عاملين على الخط الحكومي، خصوصاً من الراعي. لكن على رغم ذلك، لا يزال بري ينتظر التجاوب مع مبادرته، ولا يزال عون ينتظر نتيجة مساعي بري.

 

مساعي بري تفعّلت مجدداً ونشطت اتصالات التأليف، بعد الرسالة التي وجّهها عون الى مجلس النواب طالباً تحرُّك النواب على صعيد التأخير في التأليف، فكان موقف المجلس لجهة التمسّك بالحريري ودعوته الى تأليف الحكومة بالتوافق مع رئيس الجمهورية. وبعدها، تواصَل الراعي مع بري وفوّضَه التحرّك والسعي الى إنجاز التأليف، فيما لم يتواصل الراعي مع الحريري، تعبيراً عن رفضه وامتعاضه من حملة تيار «المستقبل» على رئيس الجمهورية والعبارات التي تضمنتها.

 

وبالتالي، ينتظر عون الآن بري، وسيعطي تحرُّك رئيس مجلس النواب أقصى ما يريد من الوقت، وإذا طلب تمديد مهلة تحرُّكه ومساعيه الحكومية فسيتجاوب عون مع ذلك، لكن ليس الى ما لا نهاية، بحسب ما تؤكد المصادر نفسها. وذلك لأنّ عون حريص على نجاح مبادرة بري، ولتسهيل مساعيه التزم القصر الجمهوري طَلب بري هدنة إعلامية بين القصر و»بيت الوسط». إلّا أنّ رئيس الجمهورية ينتظر الوقت المعقول، من دون أن يحدّد هذه المهلة المعقولة. لكن طالما أنّ بري لم ينعِ مبادرته، لن ينعيها عون وينتقل الى «الخطة ب». وطالما أنّ بري مستمرّ في مهمته سيدعم رئيس الجمهورية أي خطوة يتخذها في هذا الاتجاه، لكن ليس الى ما لا نهاية، علماً أنّ بري أساساً قال إنّ مبادرته ليست مفتوحة، بل حدّد مهلة لها، واعتبر أنّ هذا الأسبوع حاسم حكومياً. وفي هذا الإطار، وبعد انقطاع، عاد التواصل المباشر بين عون وبري أخيراً، وجرى أكثر من اتصال بينهما، وفق مصادر القصر الجمهوري، فيما أنّ «حزب الله» يتولّى التواصل والمسعى مع باسيل حكومياً.

 

وبالتالي، يُسيطر الانتظار الآن في القصر الجمهوري. أمّا بعد تخطّي المهلة المعقولة لهذا الانتظار، فسيبحث عون بالتنسيق مع الأطراف المعنية بالملف الحكومي، في مخارج لأزمة التأليف ضمن الأصول والقوانين المرعية الاجراء.