تؤسّس لفتح آفاق الاستثمار بين البلدين ورفع الحظر عن مجيء السعوديين إلى بيروت
ما من شك أن اختيار رئيس الجمهورية جوزاف عون المملكة العربية السعودية لتكون محطته الأولى، بعد أن نالت الحكومة ثقة مجلس النواب، تؤكد بما لا يدعو الى الشك بأن العهد الجديد ، سيولي أهمية كبيرة لإعادة ترميم الجسور مع الدول العربية والتي كانت تعرّضت في السنوات الماضية الى بعض التشوّهات، وذلك باعتبار أن هذه العلاقات تشكّل أولوية استراتيجية من أجل استعادة لبنان عافيته الاقتصادية خصوصا وان المملكة كانت تحرص دائما على لسان المسؤولين فيها على إبداء الاستعداد الدائم لتقديم يد العون للبنان الذي له ميزة خاصة لدى القيادة السعودية منذ عقود.
صحيح أنه لم يظهر أية مفاعيل فورية عن هذه الزيارة التي أعدّ لها بعناية، غير أنها وضعت حجر الأساس لزيارة رسمية سيقوم بها الرئيس عون وكذلك رئيس الحكومة نواف سلام مع وزراء سيصار في هذه الزيارات الى توقيع رزمة من الاتفاقيات الثنائية التي تصب بالفائدة على لبنان الى أبعد الحدود، خاصة وأن المملكة ترى في وصول العماد عون الى سدة الرئاسة، إمكانية كبيرة في فتح آفاق واعدة من الإنجازات، وبدء عملية الإصلاحات الضرورية التي ينتظرها المجتمع الدولي بفارغ الصبر كونها تشكّل الممر الإلزامي لتقديم المساعدات ان بشكل مباشر أو عن طريق المؤتمرات الدولية، أو صندوق النقد الدولي الذي يقال انه سيعاود قريبا مواصلة عملية التفاوض مع الحكومة اللبنانية لمعرفة حاجياتها والعمل على تلبيتها، في إطار اتفاق يوقّع بين الجانبين.
وإذا كان من المبكر معرفة النتائج التي أفضت إليها الزيارة السريعة للرئيس عون، فإن مجرد حصولها شكل فاتحة خير للبنان الذي يريد أن تكون هناك أفضل العلاقات مع دول الخليج التي طالما وقفت الى جانبه في أحلك الظروف.
ومن المتوقع أن تؤسس هذه الزيارة على فتح آفاق الاستثمار السعودي في لبنان، ورفع الحظر عن مجيء السعوديين الى لبنان بعد انقطاع قسري عنه لسنوات، ناهيك عن إمكانية أن تقوم المملكة بتحديد حصة مالية تدفعها للمساعدة في إعادة الاعمار، وكذلك إمكانية أن تضع وديعة في مصرف لبنان وهناك أكثر من سابقة في هذا المجال لتعزيز الواقع النقدي والمساعدة في إنجاز المشاريع الحيوية.
وفي دلالة واضحة على ان المملكة لن تتخلى عن لبنان في هذا الظرف ما كان أعلنه وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، خلال زيارته الأخيرة الى لبنان عن استمرار دعم السعودية للبنان وشعبه، وتأكيده على ثقة السعودية بالقيادة الجديدة لتحقيق الإصلاحات والاستقرار، وتشديده على أن المملكة تنظر بتفاؤل إلى مستقبل لبنان، وتعتبر أن تطبيق الإصلاحات سيعزز ثقة العالم فيه، كل ذلك يعتبر إشارة واضحة بأن القيادة السعودية لن تبخل في تلبية ما يطلبه رئيس الجمهورية منها.
وفي تقدير أوساط سياسية متابعة أن هذه الزيارة جاءت لتؤكد ان المملكة العربية السعودية ليست فقط شريكا سياسيا بل هي نافذة اقتصاديه حيوية للبنان حيث يمثل سوق السعودي والخليجي بشكل عام شريانا رئيسياً للصادرات اللبنانية التي تعرضت لنكسات بعد وقف قرار الاستيراد بسبب عمليات التهريب غير المشروعة التي كانت تحصل من لبنان الى المملكة.
وعلى المستوى الاستثماري ترى هذه الأوساط في هذه الزيارة فرصة سانحة لتعزيز التعاون الاقتصادي وتمثل لحظة فارقة في تعزيز الاستثمارات المشتركة وتفتح آفاق جديدة في التعاون المشترك في القطاعات الاستثمارية لا سيما في القطاعات الواعدة مثل التكنولوجيا والطاقة بما يتماشى ورؤية السعودية 2030، حيث ان اللبنانيين يتطلعون للاستفادة من هذه الاستثمارات قدر الإمكان.
كما ان زيارة الرئيس عون بغض النظر عن قصر وقتها فانها أيضاً تكتسب أهمية متزايدة في ظل التحوّلات الاقتصادية العالمية، وتفتح المجال لمناقشات فرص التمويل والاستثمار بما يعزز استقرار البلدين. ولا بد هنا من الإشارة الى ان توقيت الزيارة كان بالغ الأهمية لتعزيز العلاقات والتعاون في مختلف المجالات، وتشجع أيضا على الاستثمارات وتعزز الثقة بين البلدين وهي تعكس حرص لبنان على توطيد أواصر التعاون مع المملكة في ظل التحديات الراهنة.
تبقى الإشارة الى أن السعودية كانت قد حثّت مواطنيها في العام 2016 على عدم السفر إلى لبنان والموجودين فيه على مغادرته، قبل أن ترفع الحظر لاحقا بعد ثلاث سنوات.
وعادت الرياض وفرضت في أيار من العام 2021 حظرا على سفر مواطنيها إلى لبنان لا يزال ساريا، الى الآن.
وأعلنت الرياض قبل ذلك في العام 2016، أنها أوقفت برنامجا بقيمة 3 مليارات دولار لإمدادات عسكرية إلى لبنان احتجاجا على مواقف حادّة أُطلقت من فريق لبناني ضدها.