IMLebanon

تعيين حاكم جديد يقطع آخر الخيوط التي لا تزال تربط المسيحيِّين بإتفاق الطائف!

 

بكركي والقوى السياسية على ارتيابها من الإصرار على التطبيع مع الفراغ الرئاسي

 

 

لا يمكن فصل بيان النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان، الأعضاء في المجلس المركزي، عن مجمل المسار الذي أعدّه بإتقان كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للاستمرار في حكم البلد بمعزل عن موقع رئاسة الجمهورية ووفقا لمصادر مسيحية. كما لا يمكن فصل البيان عن النية العارمة التي تجتاحهما لتعيين حاكم جديد للمصرف المركزي قبل نهاية تموز، بما يمكّنهما من فرض إيقاعهما على الحاكمية التي أدارت الإنهيار المالي على مدى 30 عاما ونيف، وتستعد بحاكمه الجديد المفترض لمرحلة إدارة التركة وما شابها من التباسات ومخالفات وتعاظم الدور والمصلحة.

حجة التعيين لدى الثنائي بري وميقاتي جاهزة: لا يجوز ترك البلد مشرّعا أمام الأزمات، ولا يجوز تعطيل المؤسستين التشريعية والتنفيذية كرمى لعيون الفراغ الرئاسي. الأمر نفسه ما فتئ يكرّره فريق ميقاتي الذي يردّد أن «رئيس الحكومة بات على قناعة بأن هناك من يريد ايصال البلد إلى الفراغ التام في المؤسسات مراهنا على أن هذا الأمر يحقق له مكاسب اضافية أو يعيد إليه صلاحيات وحقوقا مسلوبة من خلال إعادة تكوين السلطة».

حتى ما قبل بيان النواب الأربعة بساعات، سرى انطباع عام أقرب الى اليقين بأن النائب الأول وسيم منصوري العائد من واشنطن، سيتولى وكالة الحاكمية بمساعدة المجلس المركزي، لكن ليس بعيدا من ظل سلامة. غير أن شيئا ما، على الأرجح، استجد في اليومين الأخيرين فرض المعادلة الجديدة التي بوجهين: إما سلامة ونوابه الأربعة معا في المصرف، وإما الخمسة خارجه. وإما النواب الأربعة معا في المصرف مع حاكم جديد قبل 31 تموز، وإما هم مستقيلون حكماً من أي مهمّة، بما فيه الحد الأدنى من تصريف الأعمال في المصرف المركزي.

وكان لافتا أن هذا التطور غير المتوقع تلاه لقاء، جمع الثلاثاء، رئيس مجلس النواب بسفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا.

السائد راهنا أن بري وميقاتي يلعبان ورقة استقالة النواب الأربعة للحاكم والتلويح بفراغ قاتل في المصرف المركزي، رغبة في الضغط الأقصى لتمرير تعيين الحكومة حاكم جديد قبل نهاية تموز. ولا يُخفى أن هذا الضغط يطال البطريركية المارونية تماما كما يستهدف التيار الوطني الحر المعارض لأي إجراء تطبيعي مع الفراغ الرئاسي، وكذلك القوات اللبنانية التي انضمّت متأخرة إلى هذا الموقف المعارض. لكنه هذه المرة يطال أيضا حزب الله الذي جاهر أمينه العام السيد حسن نصر الله أكثر من مرة بأنه يرفض أن تقوم حكومة تصريف الأعمال بأي تعيينات سواء في الحاكمية أو في غيرها من مراكز الفئة الأولى. وهو بذلك يريد احتواء أي استفزاز إضافي للمسيحيين، لا سيما بعدما تخطى ميقاتي التزاما قدّمه في مجلس النواب، في خريف سنة 2022، وفيه تعهّد بأن يكون تسيير الأعمال بأضيق قدر ممكن، وبأن الحكومة لن تجتمع إلا في حالات الضرورة القصوى. فيما واقع الحال مغاير كليا بدليل جداول الأعمال المنفوخة والمترهّلة التي تقرّها الحكومة عند كل انعقاد، والتي يغيب عنها معظم الوقت أي بند يحمل صفة الطارئ والضروري.

تنظر البطريركية المارونية والقوى السياسية المسيحية بريبة ظاهرة إلى مجمل مسار التطبيع مع الفراغ الرئاسي. ما زادها اقتناعا بخطورة ما يعمل له الثنائي بري وميقاتي قول صريح قاله النائب علي حسن خليل أول من أمس بأن «إذا حصل توافق على تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي فلن نعترض ولن نكون حجر عثرة في ظل الإرباك الحاصل والفراغ القاتل».

 

انتظار مسيحي لأن يجدّد حزب الله موقعه الرافض لأية تعيينات

 

كما يُنتظر مسيحياً أن يُجدّد حزب الله موقفه الرافض لأي تعيينات، لأنه بمجرّد تغيّبه سيجعل مستحيلا على الحكومة أن تبادر في هذا الإتجاه: عدديا لفقدانها نصاب الإكتمال وتاليا الإنعقاد، وسياسيا لما لموقف الحزب من تأثير بائن ومباشر على ميقاتي نفسه، الذي بالتأكيد لن يُقدِم على ما يخالف إرادة الحزب أو قراره. وإلا يكون مجمل المنظومة قد شارك، تكافلا وتضامنا، في جريمة تأبيد الفراغ الرئاسي ووأد الميثاقية وهدم الشراكة، وآخر ما لا يزال يربط المسيحيين باتفاق الطائف!