IMLebanon

بوحبيب… مِرسال بلا جواب

 

صعبٌ أن يرغب أيّ سياسي محترف الحلول مكان وزير خارجيتنا السبت في الكويت، إذ لا بدّ أن يبادره وزراء الخارجية العرب بالقول: “بَشِّر”. ولن يجد هو، بطبيعة الحال، بشائر يهديها لسائليه، اللَّهم الا التحيات العطرة لفخامته وأصحاب المعالي ودولة الرئيس.

 

أسوأ ما قد يحصل للبنان هو ذهاب عبدالله بو حبيب مبتسماً، واثقاً من موقف حكومته، ومحاولاً ترويج ما صاغته الأقلام الرمادية في مذكرة الرد على بنود أحمد ناصر الصباح. سيتأكد الوزراء العرب عندها أنّ وضعنا “فالج لا تعالج” وأن “الرهينة” المستسلمة في غرفة التعذيب مصرّة على الوقوع في غرام الخاطفين.

 

أفضل للوزير بو حبيب أن يحتفظ بجيبه بورقة الإجابات على مبادرة “الانذار الأخير” التي أتى بها وزير الخارجية الكويتي “باسم الكويت والخليج والعرب والمجتمع الدولي”. يعني لأنك شخص محترم ومثقف معاليك “ما تجرّصنا” باللعب على الكلام ولا تُدخل محاوريك بزواريب حكومتكم التعيسة ومنظومتكم المعلومة الأوصاف. فليس مَن تقابلهم هواة كبعض زملائك ولا ممثلين لمافيات وعصابات كتلك التي تمارس نفوذها على حكومة “معاً للانقاذ”. هؤلاء يمثلون دولاً مرسَّمة الحدود بلا معابر تهريب، بسلطةٍ مركزية واحدة، وجيشٍ بلا شريك، وسياسة خارجية بلا ولاءات خارجية ولا تدخّلات في شؤون الآخرين، وفيها خصوصاً قضاة يتولّون الملفات ولا يحول دون مهماتهم مجلس نواب وحصانات وطوائف تغطي متهمين بجنايات، ولا هم يخزِّنون نيترات ولا يصدِّرون رماناً أو شاياً بالكبتاغون.

 

لو لم يمثل الوزير بو حبيب سلطتنا المعروفة التوجّهات لاستهلّ ممثل لبنان الاجتماع العربي بالاعتذار عن الاساءات كلّها، وبصم بالعشرة على بنود الإنذار، معتبراً إيّاها خريطة طريق لخلاص لبنان واللبنانيين التواقين الى إنقاذهم من جهنم الانهيار. فلا سياسيّ يملك حساً وطنياً يرفض مطلب الاصلاحات والانتخابات وضبط المعابر وتفكيك منصة الاعتداءات العملانية واللفظية على دول ليست شقيقة فحسب، بل تشكل أيضاً مصدر رزق لمئات آلاف اللبنانيين، ناهيك عن كونها امتداداً طبيعياً ونصيراً دائماً في السراء والضراء.

 

يمكن للوزير بو حبيب أن يختار دور الموظف المثالي “المرسال” فيتحدث بدبلوماسية عن ايجابية السلطات اللبنانية، واستعدادها لتشكيل لجانٍ مشتركة مع الدول العربية، وهو أسلوبٌ معروف لكسب الوقت و”تمييع” المطالب وإفراغها من المضمون. وله أن يستشهد بفصاحة وزير الداخلية عن “تنفيذ القانون بحقّ أي كان”، و”إنجازات” السلطة بالتحقيقات في الهجمات على القوات الدولية في جنوب لبنان. بوسع الوزير كذلك إحالة المجتمعين الى دعوة رئيس الجمهورية القوى السياسية كلّها الى مائدة حوار لمناقشة “استراتيجية دفاعية” هي جوهر الخلاف المتمحور حول سلاح “حزب الله”، وكان يتوجّب على فخامته طرحها قبل سنواتٍ خمس لولا تفضيله دوراً “انغماسياً” في مشروع محور ايران.

 

يذهب بو حبيب في مهمّة مستحيلة. يعرف بلا شك بأنّ حكومته “المحكومة” أرسلته خالي الوفاض. ولعلّ لا أحد في الكويت كان أصلاً ينتظر الجواب.