IMLebanon

طليس يغضب في بيروت والحلاني يُطرب في الرياض

 

قطع المراسل حديث أحد السائقين المضربين عندما إنتقل بكلامه من المطالب المعيشية إلى إنتقاد هجوم «حزب الله» على السعودية. إنصرف عنه ببساطة والرجل لم يكد ينهي جملته.

 

ربما لم يعرف المراسل ومعه الرجل الذي ربط بين سياسات «حزب الله» وعجزه عن شراء ربطة خبز، أن السعودية التي تعرضت إلى الهجوم الإعلامي في مؤتمر إستضافته قاعة «مجمع الإمام المجتبى» في الضاحية الجنوبية لبيروت، استضافت بعد 24 ساعة، ليلة فنية في الرياض، أحياها النجمان عاصي الحلاني وملحم زين الطالعان من مسقط رأس النقابي بسام طليس الداعي إلى «خميس الغضب».

 

وربما لن يهتم حتى لو كان يعرف، فهو ينتمي إلى وسيلة إعلامية مدجنة، يمكنها أن تكشف نصف الحقائق، فقط. لذا سحب الكاميرا ليصوبها إلى الغاية المرجوة من الإضراب. وهي الاعتراض على التحليق الجنوني لسعر صرف الدولار الأميركي، وثمن صفيحة البنزين والإطارات وغيار الزيت.. وإلخ..إلخ، شرط البقاء ضمن هذه القائمة، وليس مناقشة أسباب ما يحصل، وأبعادها والنتائج المرجوة منها لمصلحة المنظومة ومن يديرها.

 

ولو أن المتظاهرين الذين أطلقوا إنتفاضة «17 تشرين الأول عام 2019» إلتزموا بهذه الغاية، لما كان سعر صرف الدولار قد ارتفع أساساً، ولما طارت الودائع في المصارف.. ولما عشنا كل هذا الإذلال، وصولاً إلى مراتب متقدمة من الجحيم الذي لا قعر له.

 

ذلك أن العلة في الإجتهاد غير المطلوب، منذ الإنتفاضة التي انصرف الإعلام المرئي عنها، بموجب أمر عمليات، بعدما حملت شعار «كلن يعني كلن» في سعيها لبحث الأسباب الأعمق لفساد المنظومة، إلى هذا الذي رأى أبعد من رغيف الخبز بحدسه.

 

لذا نشط المندسّون عندما كانت التحركات الشعبية تتجاوز الحدود إلى تهديد فعلي للمنظومة، ومن خلالهم كان فعل الشيطنة لهذه التحركات يمارَس بحرفية وقذارة.

 

ولذا تحول الحق بالتظاهر والتغطية الإعلامية ترفاً وحكراً على من يستطيعون التحكم به، كما أظهر «خميس الغضب» النموذجي.

 

ولذا يعرف المراسل الحافظ درسه قواعد الإلتزام بالممنوع والمسموح، فلا يتجاوزها.

 

ولذا ينهي الحديث مع الرجل الذي لم يحفظ درسه، وينقل الكاميرا بحثاً عن متظاهر آخر يليق به إلقاء الخطاب الرسمي المعد سلفاً بما يلائم «خميس الغضب» الطليسي.

 

كذلك يعرف «الحلفاء المتخاصمون» في فلك المحور، قواعد اللعبة فلا يتجاوزونها.

 

لكنهم لا يستطيعون تجاهل حقيقة غربة اللبنانيين عنهم.

 

حتى في أمنع قلاع البيئة الحاضنة يسود التململ وتهتز مقومات الحلال والحرام والفتاوى الشرعية.

 

ولعلهم في «بروفة» «خميس الغضب» الركيكة حاولوا تحصين ملعبهم. أو هم حاولوا الإيحاء بمشاركتهم عامة الشعب المعاناة اليومية.. و»نحن منكم ولكم»، لينفِّسوا الإحتقان الشعبي، ويتابعوا على خطوط أخرى شد العصب الطائفي وتجييش الغرائز من خلال إختلاق عدو خارجي كالمملكة العربية السعودية، التي تصر على عدم الإنجرار إلى ردود فعل يتوخاها من يصعِّد هجومه عليها، والتي تفتح أبوابها لأمان إقتصادي وإجتماعي لجميع المقيمين على أرضها.. وتفصل بين الشعب اللبناني والمنظومة المدجنة الراضية بمصادرة «حزب الله» سيادة البلاد والتحكم بسياساته الداخلية والخارجية تنفيذاً لأوامر إيران.

 

وبالطبع لا يعجب «الحزب» رفض السعودية أن تزِر وازرة وِزر أخرى.. كما لا يعجبها من يخرج عن طوعها وينتقد عدوانها المتصاعد على المملكة، متسائلاً عن جدواه.

 

وبالتأكيد، لا تعجب «الحزب» المتحكم بسياسات لبنان الداخلية والخارجية، هذه المقارنات بين «خميس الغضب» الطليسي و»خميس الطرب» الحلاني..