IMLebanon

هيبة الدولة تلاشت أمام منطق الصلح وتبويس اللحى

 

البعلبكي يسأل عن أمنه بعد مقتل وضاح الرفاعي ومحمد بيان

 

 

داهمت الأزمات المعيشية والاقتصادية البقاعيين بالجملة، وبدأت تتوالى وراء بعضها بعد 15 أيار وكأنها في سباق مزايدة لمعرفة أي منها توجع أكثر وتؤثر بهم وتزيد معاناتهم وآلامهم.

 

زاد مستوى التدهور الأمني في بعلبك الهرمل طين الأزمة بلّة، وعادت حسابات خسارة الروح للحفاظ على سبيل العيش وباب الرزق تطغى على ما عداها، حيث أصبح الهم الأكبر هو البقاء على قيد الحياة، في ظل الغابة التي يسيطر فيها حكم من يحمل السلاح لا الأقوى، وأضحت مصالح الناس وأعمالهم عرضةً للخوة حيناً وإطلاق النار أحياناً، وبين هاتين المعضلتين يحتار المواطن ماذا يفعل؟ هل يلجأ الى حماية نفسه بالسلاح ويصبح خارجاً على القانون ويحمل في رقبته دماً، ويضع عائلته وأهله تحت وزر الأخذ بالثأر؟ أو ينصاع لمنطق القوة في ظل غياب المرجعيات السياسية والعشائرية ومعها هيبة الدولة التي تلاشت أمام منطق الصلح وتبويس اللحى من دون فرض القانون وأخذ كل ذي حقٍ حقه؟

 

إلتحق محمد بيان برفيقه وضاح الرفاعي بعد معاناة استمرت يومين صارع فيها للبقاء على قيد الحياة بعدما تعرضا لاطلاق نار على يد مسلحين من آل جعفر اثر خلاف على فرض تصليح سيارة بالقوة، وفيما رقد «الشهيدان» في مثواهما الأخير، يرقد باسم الرفاعي شقيق وضاح في المستشفى ولا يزال وضع قدميه غير مستقر صحياً جراء الرصاص الذي طالهما.

 

وبفقدان بعلبك شابين من خيرة شبابها، ومع مجريات الأحداث وأسباب الحادث، عاد الوضع الأمني لينعكس اقتصادياً على سوق بعلبك وحركتها، ومعه استعاد الناس التفكير في حماية أنفسهم وممتلكاتهم أو اقفالها الى أجل غير مسمى الى حين قدرة الأجهزة الأمنية والعسكرية على حمايتهم.

 

على مرمى حجر كاد الوضع الأمني أن يتفلت، وتذهب الأمور الى حيث لا أحد يستطيع أن يتكهن بخواتيمها، غير أن ضبط النفس الذي تحلّت به عائلتا الشهيدين، والمناشدات التي حصلت والاتصالات الرسمية أسهمت كلها في تخفيض مستوى الاحتقان، اضافة الى المبادرة بتسليم أحد المشاركين في الجريمة ومطلقي النار خلال الحادثة. وفي حين ينتظر البعلبكيون ما ستحمله الساعات والأيام المقبلة من حلحلة الملف وإحقاق الحق الذي طالب به أهالي الضحايا وعدم استقبالهم المعزين، يبقى السؤال عن مصير بعلبك أمنياً وإقتصادياً في ظل التدهور الحاصل.

 

سوق بعلبك أقفلت أمس احتجاجاً وحزناً على رحيل «الشهيد» الثاني محمد بيان، غير أن الحركة أصبحت شبه معدومة وغير قابلة للحياة في ظل الوضع الأمني وتفلت سعر صرف الدولار وارتفاع الأسعار، وكأنه لا يكفي الناس هنا الهم المعيشي الضاغط الذي عاد للظهور بعد الانتخابات النيابية، وعاد الناس الى مزاولة يومياتهم بما تحمله من ضغوط وخيبات، فالمحال شبه فارغة، والسيارات تمرّ من دون ان تتوقف او أن تشهد السوق زحمة سير. وقال علي ج. صاحب أحد المحال في السوق التجارية لـ» نداء الوطن» إن «الحركة خفيفة جداً ما قبل العيد وخلاله، فكيف بالحال اليوم في ظل ما حدث والحادثة التي ذهب ضحيتها شابان لا ذنب لهما سوى أنهما يقطنان في بعلبك؟ الناس واصحاب المحال باتوا يحسبون ألف حساب لتنقلاتهم ولمصالحهم التي تكون عرضة حيناً لإطلاق نار وترهيب، وحيناً آخر للتسكير او دفع خوة حتى يصار الى حمايتهم وعدم التعرض لهم، الوضع يزداد سوءاً ورغم كل ذلك الدولة والأحزاب المسيطرة مدعوة الى لملمة الأمور وإعادتها الى سكتها الصحيحة».

 

ضغوط الحياة وتأمين لقمة العيش بعد ارتفاع الأسعار تزامناً مع طيران الدولار، يشكل هاجساً أساسياً للكثير من أبناء بعلبك الهرمل، فربطة الخبز تباع بـ16 ألف ليرة، والخضروات يزداد ثمنها بين يوم وآخر، الأمر الذي يستدعي من نواب «نحمي ونبني» الوقوف الى جانب الناس والاهتمام بأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية بعد النتائج النيابية التي تحققت أخيراً.