IMLebanon

عود على بدء

 

وفقاً لما تؤشر إليه، الوقائع الظاهرة، يبدو أن شهر العسل بين الرئاستين الأولى والثانية الذي ولد بعد استقالة الرئيس سعد الحريري من الرياض على خلفية التريث في قبول هذه الاستقالة بانتظار عودة الرئيس الحريري إلى بيروت وتقديمها رسمياً وفق الأصول الدستورية والأعراف المتبعة، قد انتهى، أو انهاه تصرف رئيس الجمهورية باستثناء توقيع وزير المالية الشيعي على مرسوم إعطاء ضباط دورة عون في العام 1994، أقدمية سنة، والاكتفاء بتوقيعي رئيسي الجمهورية والحكومة، وتوقيع وزير الدفاع، وعادت البلاد إلى حالة شد الكباش التي كانت قائمة بين الرئاستين الأولى والثانية قبل استقالة الحريري، والتي لم تنجح جهود مسؤولي حزب الله في إزالة الفتور بين الرئاستين وبناء جسور من الثقة المتبادلة بينهما.

من شأن عودة التوتر في العلاقة بين الرئاستين الأولى والثانية أن ينعكس سلباً على مسيرة العهد الذي يعتبر أن كل الظروف باتت مهيأة له للانطلاقة التي وعد بها قبل ومنذ انتخابه رئيساً للجمهورية، ويعيد بالتالي خلط الأوراق الداخلية على مسافة قصيرة من الموعد المقرّر مبدئياً لإجراء الانتخابات النيابية العامة في السادس من شهر أيار المقبل أي بعد أكثر بقليل من ستة أشهر، والسؤال الذي يطرح نفسه بعد هذه الأزمة المفتعلة من قبل رئيس الجمهورية مع رئيس مجلس النواب هل يستمر التصعيد بينهما أم أن حليفهما حزب الله سيدخل بقوة على خط التسوية لإصلاح ذات البين قبل استفحالها وتحولها إلى حالة انقطاع تام.

لا جواب إيجابياً على هذا السؤال من حزب الله نفسه الذي يوافق ضمناً على انتفاضة الرئيس برّي في وجه الرئيس عون احتجاجاً علي تجاهله للطائفة الشيعية من خلال تجاوز توقيع وزير المالية الشيعي على مرسوم إعطاء أقدمية سنة لدورة عون الحربية عام 1994 بقدر ما تُشير الأجواء السائدة إلى ان الحزب متعاطف مع الرئاسة الثانية في هذا الأمر، ويعتبر أن الرئاسة الأولى قفزت على الميثاقية وعلى الدستور الذي جعل توقيع وزير المالية على المراسيم التي ترتب أعباء مالية على خزينة الدولة أمراً ملزماً وتجاهل رئيس الجمهورية لهذا الأمر أو القفز فوقه يُشكّل سابقة لا يمكن أن يقبل بها الحزب فضلاً عن أن دورة عون حملت تجاوزاً للتوزيع الطائفي بل وإخلالاً به بشكل فاضح وغير مقبول.

الرئاسة الثالثة حاولت تدارك الأمر للابقاء على شهر العسل بين الرئاستين الأولى والثانية بالايعاز من يلزم في رئاسة الحكومة لتجميد المرسوم وعدم نشره في الجريدة الرسمية، الا ان هذه المحاولة لا يبدو أنها ستنجح بعدما إنفخت الدف بين الرئاستين الأولى والثانية وعادت الأمور إلى ما كانت عليه خلال الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية وبعدها طيلة الأشهر التي سبقت استقالة الرئيس الحريري من الرياض وما تبعها من توافق بين الرئاستين الأولى والثانية ضد قبول هذه الاستقالة وقيام رهان على دوام شهر العسل بينهما.