IMLebanon

السيد لطف الله وبهاء الحريري

 

بعض الناس لا يحلم الا بالسلطة. قد ينعِم الله عليهم بالكثير، مالٌ وبنون، عقارات وأموال، شقق وبنايات، فيضعون لوحة على مدخلها منقوش عليها: “هذا من فضل ربي”، واذا كان العقار بناية سكنية رفعوا لافتة رخامية توضح ان “المُلك للّه” قبل ان يضيفوا ضمناً “والإيجار لصاحب البناية”.

 

مع ذلك يريدون السلطة. فالسلطة خصوصاً في دولنا مدخلٌ لزيادة الثروة وفيها أيضاً تعويضٌ عن نقص، والراغبون فيها قد يلجأون الى أطباء النفس والعرافين ويستجدون الناس في زمن الانتخاب، أو يكتفون – في دولنا- بفوهة بندقية، فالسلطة حسب الرفيق ماو تنبع أيضاً من فوهة البندقية.

 

مرّت نماذج كثيرة على اللبنانيين من هواة الخدمة العامة التي لا يجيدونها الا عبر ركوب المقعد الأول. وخلال مواسم الانتخابات النيابية التي لم يمر عليها وقت طويل، تقدم متمولون جدد الى المقعد. في أيام “المبادرة السورية الكريمة” كان عليهم “إيداع” مبلغ من المال لدى ضابط المنطقة وآخر أكبر شأناً لدى الحاكم السوري العام في عنجر، ثم عليه أن يُرضي زعيم اللائحة “المحلي” بمساهمة حرزانة في تكاليف المعركة. ذلك الصنف من المرشحين، على كثرته، لم يكن فوزه بالمقعد مضموناً، لكن أمواله ستكون مكدسة في صناديق انتهازيي اللحظة.

 

وبهاء الحريري يأتي الى “الخدمة العامة” من باب طرقه كل هؤلاء. هو متمول رزقه سبحانه تعالى بالكثير، بعد ان ترك له الشهيد أكثر من الكثير. انه يستفيق بين الفينة والأخرى على وجوب خدمة “القوم” فيصدر بياناً، أو يُنصح بإصدار بيان، لتنشط التفسيرات عن استعداده لولوج منطقة الخدمة العامة في حالة الازدحام العام التي لا تبقي له -نظرياً – موقعاً او موطئ قدم.

 

لا يجادل احد في حق الرجل أو غيره بممارسة السياسة، شرط أن يمارسها. وربما في سياق هذه الممارسة يقدم نموذجاً جديداً مختلفاً عن ممارسات الآخرين، فيكسب انصاراً ومحازبين يأتونه طوعاً وقناعةً ويفرض نفسه واحداً من المؤهلين لتلك “الخدمة العامة” المُغرية. لكن أن يستفيق بين سنة وأخرى على بيان أو تصريح من دون موقف سياسي أو رؤية محددة فذلك لا يجمع له سوى راغبين في محاسبين طامعين بمصدر رزق.

 

كان السيد لطف الله أحد المتمولين اللبنانيين المقيمين في مصر مطلع عهد الانتداب الفرنسي عندما أقنعته شلة من المنتفعين بأنه الأصلح لقيادة لبنان الجديد…

 

في النهاية صرفوا أمواله بين بيروت وباريس… ومات الرجل فقيراً في القاهرة.